ولكى تصوموا , ينبغى أن تعرفوا طقس الصوم , أى نظامه وترتيبه فى الكنسية .
لذلك من جوانب طقس الصوم الكبير فى الكنيسة :
1 - مكانة الصوم الكبير بين الأصوام :
للصوم الكبير مكانة كبيرة , فى كنيستنا القبطية , بين الأصوام فى المسيحية . نظراً لأن الرب صامه , ولأنه ينتهى بأسبوع الآلام والصليب , الذى به الرب تمم الخلاص للعالم , وقام من بين الأموات بسلطان لاهوتة .
كما أن مكانة هذا الصوم لها سبب آخر , وترجع للفائدة الروحية التى يستفيدها الإنسان الروحى منه , والكنيسة أيضاً فى نفس الوقت . كل هذه أسباب , تثبت مكانة الصوم الكبير , فى كنيستنا .
أما عن جوانب هذه المكانة , فهى تتضح من خلال :
أن الصوم يعد من أصوام الدرجة الأولى , التى فيها نصوم ساعات إنقطاع طويلة عن الأكل والشراب , وبنسك شديد , ولا نأكل السمك , المسموح به , فى أصوام الدرجة الثانية .
ونصلى قبل القداس , صلوات السواعى من الساعة الثالثة حتى النوم , وينتهى القداس متأخراً .
ومن جوانب مكانة هذا الصوم , له قراءات خاصة , والحان ونغمات خاصة , وأيضاً قسمة خاصة .
ويلى هذا الجانب :
2 - مـدة الصـــوم :
ومدته خمسة وخمسون يوماً , منها أربعون يوماً , صامها السيد المسيح نفسه ( مت 4 : 2 ) .
ومنها الأسبوع الأخير , وهو أسبوع الآلام , والذى تصومه الكنيسة قبل عيد القيامة .
أما عن الأسبوع الأول من الصوم , فهو يصام عوضاً عن سبوت الأربعين المقدسة , التى يفطر فيها صباحاً , ولا يجوز فيها الانقطاع لأنها يوم الراحة القديم , الذى كان رمزاً للأحد , وبذلك تكون الكنيسة قد احتفظت بكرامة السبت , دون أن تكسر الصوم الكبير .
إذن الأسبوع الأول من الصوم , هو أسبوع من الأربعين المقدسة , فمن لا يصوم يعد أنه كسر الصوم , ولم يصم الأربعين المقدسة كاملة .
أما عن يوم الأحد , لا يجوز فيه الصوم الإنقطاعى , لأنه يوم الرب , الذى قام فيه بسلطان لاهوته من بين الأموات .
3 - فترة الانقطاع الأساسية :
يصام فى الصوم الكبير , من الساعة الثانية عشر أى من منتصف الليل , إلى الساعة الحادية عشر , أى الغروب . وأقل شئ , يصوم الإنسان إلى الساعة التاسعة من النهار , أى الساعة الثالثة عصراً .
أما إذا كانت هناك أسباب , تمنع الصوم الانقطاعى , أو الصوم كلياً , فيجب أن تكون بتفاهم مع أب الاعتراف , وحـّل فى نفس الوقت .
وفى مقدمة التكلم عن طقس الصوم الكبير , يجب أن نشير إلى :
4 - طقس رفاع الصوم :
يصلى قداس أحد الرفاع بالطقس السنوى , ولكن الذى يختلف فيه , هو مرد الإنجيل : أى جى بينيوت , ولا تقال القسمة السنوية , بل تقال قسمة الصوم الكبير , مع مراعاة التوزيع , على أن يكون بطريقة الصوم لا السنوية .
ولا ننسى أن نشير , إلى إنجيل هذا القداس أنه يتكلم عن الصوم , وفى نفس الوقت يجب أن تكون عظة القداس , أو الرسالة الرعوية , عن الصوم .
والهدف من كل هذه الجوانب , هو المناداة بالصوم , لتذكار الناس به , والحث عليه , وللاستفادة بالبركات التى فيه .
أما بعد ذلك , ننقل إلى :
5- صلاة العشيات :
تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ- أيام الإنقطــاع :
لا توجد فى الصوم الكبير , عشيات لأيام الثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعه والسبت .
لأن فى هذه الأيام يجب أن يكون الصوم إنقطاعى , ولأن صلوات المزامير , أوصلوات السواعى , تصلى من الساعة الثالثة حتى صلاة النوم .
والقداسات تنتهى متأخرة , أى تقريباً فى تمام الساعة الثالثة عصراً . وفى نفس الوقت , لا توجد فى القطمارس , قراءات لعشيات هذه الأيام .
ب- عشية يوم الأحــد :
توجد ليوم الأحد , عشية .
لأن فى يوم السبت , لا يجوز الصوم الأنقطاعى . بالتالى تكون القداسات صباحية , وصلوات السواعى , فيها تصلى صلاة الساعة الثالثة والسادسة فقط .
فمن هنا فى عشية يوم الأحد , تصلى صلوات السواعى , من الساعة التاسعة , حتى الساعة الثانية عشر ( أى النوم ) . ويرفع بخور العشية , ويقرأ المزمور والأنجيل , كما هو مدون بالقطمارس .
جـ- عشية الأعياد السيدية :
كذلك فى الأعياد السيدية , التى قد يأتى البعض منها فى الصوم الكبير مثال : عيد دخول المسيح الهيكل , فى اليوم الأربعينى من ولادته بالجسد . وعيد الصليب , يوم 10 برمهات . وعيد البشارة يوم 29 من نفس الشهر . وعيد دخول المسيح أورشليم , أى أحد الشعانين . توجد لها عشيات , سواء جاء تذكارها فى أيام الأصوام الأنقطاعى , أو يومى السبت والأحد , اللذان عير مسموح فيهما بالصوم الأنقطاعى .
لأنها أعياد سيدية , ولها أهميتها ودورها فى العقائد المسيحية . ولها قراءتها فى القطمارس , وطقوسها فى الصلوات الكنسية .
بالإضافة إلى ذلك , لا يحتفل فى الصوم الكبير بتذكار 29 من الشهر القبطى , الخاص بتذكارات ( الميلاد – البشارة – القيامة ) , فى شهرى طوبه وأمشير فقط .
والسبب يرجع إنهما يرمزا للناموس والأنبياء . وأن هذين الشهرين هما : الشهران السابقان للبشارة واللاحقان بالميلاد , ولم تكن العذراء مريم حبلى بالطفل الإلهى , فى مثل هذين الشهرين .
كما أن يوم 29 من كل شهر قبطى , هو تذكار للثلاثة أعياد , وبل ويتكرر تذكارهم كل شهر , ولم يكن هو العيد الرسمى لهذه الأعياد , لأن هذه الأعياد لها أوقاتها الخاصة , بكل منها على حده .
فمن هنا لا توجد عشية لتذكار 29 من الشهر القبطى , فى الصوم الكبير .
ويلى هذه العشيات :
6- مردات القــداس :
يأتى فى الصوم الكبير , عدة تذكارات منها :
أ- الصــوم نفسه :
وبقية الأصوام , تكون فيها المردات : (( أتيت )) .
ب- الأعياد السيدية :
مثال عيد دخول المسيح الهيكل فى اليوم الأربعين , وعيد البشارة يوم 29 برمهات , تكون فيها المردات : (( الذى تجسد من العذراء )) .
أما عن عيد الصليب , الذى يأتى تذكاره يوم 10 برمهات , من الصوم الكبير تكون فيه المردات : (( صلبت )) .
وعيد دخول المسيح أورشليم , أى أحد الشعانين , يقال فيه : (( يسوع المسيح أبن الله دخل أورشليم , بتواضع عظيم )) .
7- طقوس الصلاة الكنسية :
يصلى فى الصوم الكبير , بعدة طقوس مختلفة :
أ- الطقس الصيامى :
يصلى بهذا الطقس , فى الصوم الكبير , ويسبقه صوم نينوى .
ب- الطقس الفريحى :
ويصلى بهذا الطقس , فى عيد دخول المسيح الهيكل , فى اليوم الأربعينى لميلاده بالجسد . وفى عيد البشارة أيضاً , الذى يأتى تذكاره يوم 29 برمهات . إلى جوار ذلك يصلى بهذا الطقس , فى بقية الأعياد السيدية الكبرى والصغرى .
جـ- الطقس الشعانينى :
يأتى فى هذا الصوم , تذكار عيد الصليب يوم 10 برمهات . وعيد دخول المسيح أورشليم , أى أحد الشعانين . ويصلى فيهما بالطقس الشعانينى . إلى جوار ذلك , يصلى بنفس الطقس , فى عيد الصليب أيضاً الذى يأتى تذكاره , يوم 17 توت .
ومن المعروف أن لكل طقس من هذه الطقوس وأمثالها , له ألحانه ونغمته , التى تختلف عن ألحان ونغمة الطقس الآخر .
بالتالى لكل طقس له تعبيره من خلال الألحان والنغمة الخاصة بالمناسبة . ويترك كل طقس تأثير داخل الإنسان , يختلف عن تأثير الطقس الآخر , سواء كان بالفرح أو الحزن .
8- صلوات السواعى :
تمر الكنيسة فى الصوم الكبير , بعدة مناسبات , ولكل مناسبة أسباب فى زيادة , أو نقص صلوات السواعى , من وقت لآخر , منها :
أ- أيام الصوم الأنقطاعى :
وهى أيام الأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة . وفى هذه الأيام , تصلى صلوات السواعى من الساعة الثالثة , حتى صلاة الثانية عشر أو النوم , ويرفع بعدها الحمل مباشرة .
ب- يومى السبت والأحد :
لا يكون فيهما الصوم إنقطاعى , بل صوماً عادياً . بالتالى تكون القداسات صباحية , وتصلى صلاة الساعة الثالثة والسادسة فقط .
لذلك توجد عشية ليوم الأحد , وتصلى المزامير قبلها , من الساعة التاسعة حتى النوم .
جـ- الأعياد السيدية :
يأتى فى الصوم الكبير , أكثر من عيد سيدى , أو ما يشابها , ويعامل نفس المعاملة مثال :
عيد دخول المسيح الهيكل , فى اليوم الأربعينى لميلاده من العذراء . وعيد الصليب , يوم 10 برمهات . وعيد البشارة , يوم 29 من نفس الشهر . بالإضافة إلى ذلك , عيد دخول المسيح أورشليم , أى أحد الشعانين .
وكل من هذه الأعياد , تكون فيها القداسات صباحية , وتصلى فيها صلاة الساعة الثالثة والسادسة فقط .
9- الأعياد السيدية فى الصوم الكبير :
وهى مثال : عيد دخول المسيح الهيكل , وعيد الصليب , وكذلك عيد البشارة , وعيد دخول المسيح أورشليم .
كل منها لها عشية خاصة به , ولا يكون فيها صوم إنقطاعى ولا مطانيات , وتكون القداسات صباحية , وتصلى مزامير الساعة الثالثة والسادسة فقط .
ولها طقس خاص بكل منها , فرايحى أو شعانينى , ومردات وقسمة فى نفس الوقت .
ملحوظة حول عيد البشارة : إذا وقع هذا العيد , فى الفترة من جمعة ختام الصوم , إلى ثانى يوم عيد القيامة المجيد , فأنه يلغى ولا يتم الإحتفال به .
لأن فى هذه الفترة , مناسبات أهم مثال القنديل العام , وأحد الشعانين , وأسبوع الآلام , والصلب والموت والقيامة .
والسبب الآخر فى عدم الأحتفال به , هو أن يوم 29 من كل شهر قبطى , هو تكرار لتذكار أعياد ( الميلاد – البشارة – القيامة ) . أما هذه المناسبات ,السابق ذكرها التى فى تلك الفترة , لا تذكر سوى مرة واحدة فى السنة , وفى هذه الفترة بالتحديد .
10 - التناول فى الصوم :
فى كل الأوقات التى نتقدم فيها للتناول من الأسرار المقدسة , سواء كانت أوقات فطار , أو أصوام , يجب أن نكون صائمين , مدة لا تقل عن تسع ساعات .
فبالحرى التناول فى أوقات الصوم , يجب على كل إنسان أن يكون صائماً كل الصوم , لا صوم الاحتراس فقط لأجل التناول , وبعد ذلك يرجع للجانب الفطارى .
إنما يجب أن تذكروا , ما قلته لكم مرات عديدة , بخصوص التناول فى الصوم , وهو : التناول فى الصوم مرتبط بالصوم .
فمن منكم , كان غير صائماً , ولا توجد لديه موانع تمنعه من الصوم , مثال عامل السن , أو الظروف الصحية ... الخ , وبدون مشورة أب الاعتراف أو حّـل , فلا يجب أن يتقدم للتناول .
أما إذا كان أحد منكم غير الصائم , ولديه موانع تمنعه , مع وجود مشورة أب الاعتراف والحّـل , فمن حقه أن يتقدم للتناول من الأسرار , دون إعتراض أو خطية .
11- الخطوبات والأكاليل فى الأصوام :
لا يتناسب مع أيام الأصوام , الخطوبات والأكاليل , لأن الصوم له ألحانه ونغماته الخاصة , التى تختلف عن ألحان الأفراح ونغماتها الخاصة .
الصوم يناسبه النسك والتذلل , أما الأفراح يناسبها الولائم والسرور .
الصوم يناسبه البعد عن الأمور الجسدية المحللة , التى بين الرجل وامرأته , كما يزكر يوئيل النبى ( يؤ2: 15 – 18 ) , وبولس الرسول ( 1كو 7 : 2- 5 ) . أما الأفراح فيناسبها ممارسة هذه الأمور بصورة طبيعية .
فلأجل كل هذه الأمور وأمثالها , لا توافق الكنيسة على تتميم مراسيم خطوبات أو أكاليل , فى الأصوام عموماً .
أرجو من الله أن يقبل أصوامنا وصلواتنا فى هذه الأيام المقدسة , ويفتقدنا بمراحمه الكثيرة , ويغفر لنا خطايانا , ويبعد عن كنيسته كل شر وشبه شر