عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 09 - 2012, 09:09 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: خميس العهد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي

المسيح فصحنا


كلمة فصح أو بصخة عبرانية Pesach وبالآرامية واليونانية بصخة وهي تعني عبور Passover . وتشير إلى عبور الملاك المهلك وقتل أبكار المصريين، وكان اليهود يصنعون الفصح تذكارا لنجاتهم من الموت في ذلك اليوم.



"كلم الرب موسى و هرون في أرض مصر قائلا، هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور، هو لكم أول شهور السنة. كلما كل جماعة إسرائيل قائلين في العاشر من هذا الشهر يأخذون لهم كل واحد شاة بحسب بيوت الآباء شاة للبيت... تكون لكم شاة صحيحة ذكرا ابن سنة. . . ويكون عندكم تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية التي يأكلون فيها، ويأكلون اللحم في تلك الليلة مشويا بالنار مع فطير، على أعشاب مرَّه... هو فصح للرب... ويكون لكم الدم علامة.. . فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة الهلاك.. ." (خر 12، لا 23: 5-6).



وكان هناك عيد آخر يسمى عيد الفطير و سمي كذلك لأنهم لا يأكلون في مدة أيام العيد سوى فطير، فكانوا يخرجون كل مختمر من البيت، وعيد الفصح وعيد الفطير عيدان مرتبطان ببعضهما فالفصح يقع في 14 نيسان والفطير يبدأ في 15 نيسان أي اليوم التالي للفصح ويستمر سبعة أيام، وبسبب ارتباطاهما صار يحتفل بهما مؤخرا كعيد واحد سمي عيد الفصح والفطير ( لو 22: 1)


وهو أهم أعياد اليهود إذ هو مرتبط بذلك الحدث العظيم الذي يقوم عليه كل تاريخ إسرائيل، ففيه نجاتهم و بداءة وجودهم كأمة وشعب، والاحتفال يكون في شهر نيسان وقت الربيع والطبيعة المتجددة إشارة لبداءة ميلاد إسرائيل القومي، وكانوا يرنمون كلمات سفر النشيد " لأن الشتاء قد مضى والمطر مر و زال، والزهور ظهرت في الأرض... " (نش 2: 11-13).



ويحمل الفصح في العهد الجديد مفهوما خاصا إذ يرمز للفصح الحقيقي يسوع المسيح وكنيسته التي افتداها بدمه الذي سفك على الصليب " ويكون لكم الدم علامة، فأرى الدم وأعبر فلا يكون عليكم ضربة للهلاك " .

فالفصح كان رمزا للصليب وخروف الفصح بكل طقوسه و مشتملاته يصور لنا ذبيحة الصليب وهو يظهر في:


أ. من جهة أوجه التشابه فهو فريضة أبدية.
ب. وحمل بلا عيب.
ج ـ . وعظم لا يكسر.
د. ويكون تحت الحفظ أربعة أيام قبل ذبحه في عشية اليوم الرابع عشر من نيسان وهو شهر أبيب المصري والذي سمي فيما بعد نيسان (أس 3: 7، نح 2: 10) وهو بداية شهور السنة المقدسة العبرية ويقابل الشهر السابع في السنة المدنية ورقم 7 مقدس،

وتفاصيل الطقوس اليهودية وصلوات الشكر كانت تعبَّر بصدق شديد عن ذبيحة سر الشكر، وتمم السيد المسيح الفصح اليهودي أولا حتى لا يعطي فرصة لمسلمه اتهامه بحجه كسر الناموس، كما أن المسيح امتد بشعائر الفصح الناموسي واستبدله بذبيحة نفسه، الذبيحة الإلهية، ذبيحة الكفارة الوحيدة.


وفي اليوم الرابع عشر من نيسان صنع المخلص الفصح لأنه لم يكن ممكنا أن يقدم في الهيكل إلا في هذا اليوم، ففي اليوم العاشر من نيسان كان يشتري اليهود الحمل ويبقى تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر ويفسر علماء اليهود هذه الأيام التي تسبق ذبحه إلى الأربعة الأجيال التي مرت بعد نزول إسرائيل إلى مصر (تك 15: 13)، وهذا ما تحقق في المسيح حمل الفصح الحقيقي حيث دخل أورشليم للمرة الأخيرة في أحد الشعانين وظل بها حتى تكمل له أربعة أيام يكون فيها تحت الحفظ (لو 21: 37).

وكانت الشريعة تنص على ذبح خروف الفصح بين العشاءين ( لا 23: 5، عد 9: 3) أي بين الغروب الواقعي والظلمة التامة وهي الفترة بين انحدار الشمس واختفائها تماما حوالي من بين السادسة و السابعة بعد الظهر وهي فترة كافية لذبح الحملان الكثيرة التي كانت تتم بواسطة مئات الكهنة و اللاويين من خدام الهيكل وكان الوقت يتوافق تماما مع الذبيحة المسائية اليومية.

وقد تجمع نحو اثنان ونصف مليون من اليهود حسب ما سجله المؤرخ اليهودي يوسيفوس، لأنه كان على كل يهودي أن يحضر هذا العيد في أورشليم والاشتراك في العيد، و كانت أفواج الحجاج الآتين من أنحاء الإقليم يسيرون في جماعات وكانوا يدخلون أورشليم وهم يرنمون ترانيم المصاعد حاملين معهم تقدمات ومحرقات سلامة، و كانت هذه الجموع الغفيرة تقيم مدة العيد في خيام خارج أسوار أورشليم، وكانت بيت عنيا وبيت فاجي القريبتان من أورشليم حسب ما ذكر عنهم التلمود اليهودي لهما شهرتهما في ضيافة الغرباء ( مر 14: 1)،


أما من حصلوا على إقامة داخل المدينة فكانوا يقيمون إقامة مجانية مقابل أن يتركوا لمضيفهم جلود الحملان والأدوات التي كانوا يستعملونها في الخدمات المقدسة، واستضاف يسوع وتلاميذه في هذه الليلة في بيته بأورشليم القديس مرقس الرسول، ففي أول أيام العيد سأله تلاميذه أين يأكل الفصح لأن يسوع جعله سرا حتى هذا الوقت لكي يخفي عن يهوذا الأسخريوطي الأمر حتى يتمم الفصح قبل التسليم (مت 26: 17). " فأرسل يسوع اثنين من تلاميذه وقال لهما: أذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء أتبعاه حيث يدخل وحيثما يدخل فقولا لرب البيت إن المعلم يقول أين المنزل حيث أكل الفصح مع تلاميذي فهو يريكما عليه كبيرة مفروشة معدة فهناك أعدا لنا " (مر 14: 13-15).

كان ذبح الحمل يتم في الهيكل وسط طقوس وشعائر في غاية الجلال والخشوع، كما يصف التلمود أن الفصح كان يذبح بين العشاءين ويقدم قبل حرق البخور وإشعال السرج، فكانوا يدخلون بالذبائح في رواق الكهنة وكل قسم لا يقل عن ثلاثين شخصا ولعل في ذلك رمزا (3 ×10) ورقم الثلاثة رقم رمزي للإله أما العشرة فرقم رمزي للكمال، أما الأبواب الضخمة للهيكل فكانت تغلق وراءهم وعندئذ يضرب الكهنة بالأبواق الفضية ثلاثا


وهنا يذبح الفصح، وكان الكهنة يقفون في صفين على طول الرواق حتى مذبح المحرقة، صفا منهم يمسك بطاسات ذهبية والآخر بطاسات فضية يتلقون فيها دم الذبائح لتنقل من واحد إلى آخر حتى تصل لآخر كاهن بجوار المذبح حيث يسكبها في مجرى داخل المذبح، ووسط هذا المشهد المؤثر في النفوس، كان اللاويون يرددون ترنيمة الشكر من (مزامير 113-116) أما مقدموا الذبائح من الشعب فكانوا يجاوبون قائلين: (هلليلويا)، وإن كانت هذه الصورة في الهيكل عن ذبح الفصح فهي صورة باهتة عن الفصح الحقيقي، ففصحنا الحمل المذبوح (رؤ 5: 6)، المسيح فصحنا والكنيسة ترنم بتسبيح الشكر للحمل المذبوح من أجل أن خلصها وافتداها بدمه (رؤ 19: 1-6).

وإذا عدنا إلى مسيرة أفواج الحجاج وهم يسرعون الخطى نحو المدينة نجد أن الجماعة الصغيرة كانت تسير معها حين أرسل السيد المسيح تلميذيه لعمل الترتيبات الخاصة بالفصح أما هو فكان مازال خارج أسوار أورشليم، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي يشاهد فيها أورشليم حتى قيامته من الأموات، لقد رثاها وبكى عليها تلك التي لم تعرف زمان افتقادها (لو 19: 14)، وتنبأ عن نفسه "ينبغي أن أسير اليوم وغدا وما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم" (لو 13: 33).

إنها الأربعة وعشرون الساعة الأخيرة في حياة المخلص على الأرض قبل صلبه فقد بدأ الوقت يقترب من تسليم المخلص فقد حان الوقت أن يتم ما سبق أن تنبأ به في تسليمه وموته، ولكن تلاميذه لم يكونوا حتى هذا الوقت يفهمون كلامه لأنه أُخفى عنهم ( لو 18: 31-34) ولكنهم حيثما اقتربوا من أبواب المدينة كانوا مشغولين بأفكار كثيرة لأنهم يعلمون يقينا أن حوادث مخيفة كانت تنتظرهم بسبب حنق الرؤساء على المعلم والمصادمات الكثيرة التي وقعت معهم و لاسيما في الأحد السابق حين دخل المدينة في موكبه الظافر وطهر الهيكل وهو يبكتهم ( لو 19: 45-48).



كانت الجماعة تسير متجهة نحو المدينة وحمل الفصح الحقيقي يدخل وسط الحملان ليقدم نفسه حملا بلا عيب يحمل خطية العالم (يو 1: 29).

وحين وصلت الجماعة إلى أورشليم كانت شوارع المدينة مزدحمة بالحجاج الذين تعلو وجوههم سعادة غامرة لحضورهم العيد فكان صورة الجمهور تملأ المكان بالبهجة وتشيع السعادة وهم نازلون من جبل الهيكل كل منهم يحمل على منكبيه حمل الذبيحة ليستعد لعشاء الفصح، أما يسوع وتلاميذه فكانت العلية قد أعدت إذ سبق بطرس ويوحنا بترتيب الاحتفال وإحضار كل ما يستلزمه، ولعل في فرش الكاهن للمذبح وترتيبه قبل صلاة القداس الإلهي إشارة لإعداد التلميذين للعلية التي أكل فيها المخلص الفصح مع تلاميذه.
  رد مع اقتباس