قداسة البابا تواضروس الثاني
      مائة درس وعظة ( 6 ) 
العبادة الشكلية
« یا معلم ، نعلم أنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ، ولا تبـالـي بأحـد ، لأنك لا تنظر إلى وجـوه الناس " ( مت ١٦:٢٢ ) .
مظاهر العبادة الشكلية
١- الصلاة غير الفاعلة : هي الصلاة الظاهرة من الشفتين أو من اللسان ولا تتعدى ذلك الأعماق كما هي لا تتغير .
۲- المعرفة العقلانية  : فنجد شخصا ما موسوعة ، ولكن ليست موسوعة اتضاع بل موسوعة كبرياء يفتخر  بذاته وبما يحصله من مـعـارف ، وأحيانا تكون معرفة في الكتاب المقدس وأقوال  الآباء وأحيانا يعطيه الله ملكة الحفظ ولكن كل هذا حـديث الـعـقـل وليس في  القلب وليس في الكيـان وليس بالروح . ونقرأ في (متی ۱۳:۲۳ ) « ويل لكم  أيهـا الكـتـبـة والفريسيون المراؤون ! » وكانت طائفة الكتبة والفريسيين من  أعلى طوائف اليهود ، فكلمة « فریسی » معناها « مفرز » وهم أشخاص متميزون  جدا ( الكتبة هم الناسخون ) .
٣- الحرفية :  الحياة المسيحية تعتمد على الحياة القلبية ، وتعتمد على الروح ولا تعتمد  على الحرف ، ومن يحيا بالحرف يتـأخـر ، ومن يعش بالناموس وفكر الناموس  الجـاف دون روحه يكن متأخرا كثيرا ، لذلك قال ربنا يسوع المسيح : « ما جئت  لأنقض بل لأكمل » ( مت 17 : 5 ) ، فما جاء السيد المسيح لينقض العهد القديم  ، فتقرأ العهد القديم بروح الـعـهـد الجـديد ، مـثـل مـا تقـرأ رسالة  العبرانيين ، فهي رسالة في العهد الجديد ، ولكنها تحكي كيف نفهم العهد  القديم بروح العهد الجديد ، أما الإنسان المراثي ( بحرفيته أو بنامـوسيته )  فليس له روح العهد الجديد ، لأن الله في العهد الجديد أعطانا الحرية من  خلال عمل الروح القدس .. والذي يضبطنا هو روح الحق .
4- التقرب الشكلي إلى الله :  يتظاهر بقربه من الله « يسرون بالـتـقـرب إلى الله ( إش ٢ : ٥٨ ) من خلال  تأدية طقوس وممارسات معينة دون أن يدخل جوهرها . تصـور إنسانا يقضى يومه  صائما ويمارس ممارسات الصيام المعتادة ، ويبدأ بعد فترة الصـوم ( في نفس  يوم الصـوم ) غضبـه يظهر أو سلوكه ينحـرف !! فهذا تقـرب شكلي .. فـالصـوم  هو ممارسة ووسيلة لتساعد الإنسان في نموه الروحي وليس هدفا في حد ذاته .
حياة الصوم
أولا : الصوم غير المقبول :-
۱- صوم بلا ضبط : هو صـوم يسـر صـاحـبـه ولا يسر الله .
۲- صـوم بلا صمت :  الصـوم لا يكون عن الطعام فقط بل أيضا عن الكلام ، فأنت في فترة الصـوم  عليك أن تضبط كل صغيرة وكبيرة وكل كلمة وتختار الصمت وتنشغل بداخلك .
۳- صـوم بلا تذلل : كأى شكل بلا جـوهـر مـجـرد منظر خارجی.
ثانياً :. بركات الصوم :
۱- صلوات مستجابة :  لأنك عندمـا تـحـيـا جـو الـصـوم تشـعـر بالانسحاق والخشوع وتخرج من داخلك  صلوات عميقة وتدخل فيها روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقى.
٢- التلذذ بالرب : فأنت تصوم عن الطعام لكي تتـحـول لذة الطعام في داخلك إلى لذة للرب ويكون المسيح هو لذتك .
٣- الشعور بالسمو :  كما يقول داود النبی : « لیت لی جناحا كـالحـمـامـة فأطير وأستريح ! » (  مزه 6 : 5 ) ، يرتفع فوق الماديات وحتى فوق احتياجات الجسد ، ويشعر أن  رباطات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح .
٤- الصحة الجسدية : تقريباً ثلث سكان العام نباتيون ، والطعام النباتي يمنح الإنسان شكلاً من الطاقة الهادئة .
ه- الاستنارة :  ليست للعين الجسدية بل للعين القلبية . لذلك أدعوك فـي فـتـرة الـصـوم  القـادم أن تقـرأ ( أصحاح 58 من سفر إشعياء النبي ) وقس نفسك علیه کتدریب  روحی .
ثالثاً :. كيف نصوم ؟
الكنيسـة تقـدم لنا في فترة الصـوم المقـدس ثلاثة أنواع من الغذاء
1- الغذاء الروحي :  الذي تقدمه الكنيسة هو كل شكل للعبادة وممارسة الأسرار . جـمـيـل أن  تتقابل مع أب اعـتـرافك قـبـل الصـوم وتضع خطة للصوم .الغذاء الروحي يتجلى  في القداسات المتأخرة ، ويمكن خلال فترة الصـوم أن يكون حضورك للقداس يوميا  ، إن كانت ظروفك تسمح .فترة غذاء روحي جيد تصحبها توبة وصلوات وألحان  وميطانيات . يجب ألا تنشغل بشيء ولا تنشغل بإنسان ، وأن تكون لك فترات خاصة  بك .
۲- الغذاء الذهني :  يعتمد أساسا على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم  المقدس أن نقرأ النبوات .يجب أن نقرأ يومياً وليست قراءة فقط بل ادرس وافهم  وعش . قراءة النبوات مفيدة جدا وتكشف مقاصد الله في حياتك . أيضا قراءة  الكتب الروحية تساعدك في الحياة النسكية ، القراءة تساعدك ألا تنشغل بشيء  آخر .
٣- الغذاء النسكي :  الصوم الانقطاعي شيء مهم لتقوية الإرادة . الطعام النباتي هو طعـام هادئ  الطاقـة وصـحى ومفيد للإنسان . الميطانيات ( سجدات التوبة ) من القلب وليس  بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات .. فيها الصلاة القصيرة « ياربي يسوع المسيح  ابن الله ارحمني أنا الخاطئ » ، وأنت تسجد وترشم نفسك بعلامة الصليب ..  ممكن تبدأ باثنتي عشرة ميطانية في أول يوم ، وتزداد واحدة كل يوم مع الصـوم  ، وتقدمها بروح الصلاة وتقدمها في بدء النهار أو في آخر الليل ، وتقدم  الميطانيات كوسيلة مساعدة لتركيز الذهن وفيها تعب ، وهذا التعب يذكرك  بأتعاب المسيح من أجلك ومن أجل كل البشر قضاء فترات اعتكاف تستفيد منها  كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح الزهد أيضا في الملبس وفي الكلام  والطعام . حاول أن تعيش بفكر روحي خلال فترة الصوم .