عرض مشاركة واحدة
قديم 11 - 01 - 2022, 04:24 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: النعمـــــــه فى الأناجيل الأربعه

لا بُد أن نفرق بين نوعين من النعمة:

1. نعمة أخذناها دون عمل منا ودون استحقاق منا مثل (خلقنا بل خلقنا على صورة الله/ كل عطايا الله لنا مادية وروحية/ الفداء/ الروح القدس الذي حل فينا/ المجد المعد لنا/ القيامة من الموت/ التبني). ولكن لا يحصل على كل هذه النعم إلا كل من يؤمن ويعتمد (مر16: 16) وقطعًا يحيا حياة التوبة ليثبت في المسيح.

2. النعمة بمفهوم القوة التي تعمل فينا فتغير طبيعتنا فنصير خليقة جديدة، وهذه تستلزم الجهاد.. فحتى نمتلئ نعمة يجب أن نمتلئ من الروح القدس، وهذا يستلزم الصلاة بلجاجة وعدم مقاومة الروح القدس الذي يبكتنا لو أخطأنا بل نقدم توبة تاركين الخطية. أما من يصر على خطيته ينطفئ في داخله صوت الروح القدس، إذ أن الروح يحزن من عناد الإنسان. ومثل هذا الإنسان لا يعود يشعر بعمل النعمة داخله.

أ) وإذا فهمنا أن النعمة هي القوة التي يعطينا إياها الروح القدس، سنفهم معنى أن المسيح مملوء من النعمة. فالروح القدس يملأ الإنسانية التي في المسيح (يملأ جسده) لأن "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو2: 9). والمسيح لأنه انتصر في التجربة على الجبل "رجع بقوة الروح" (لو4: 14). هذه القوة التي ملأته جسديًا هي التي يقال عنها أن المسيح مملوءًا نعمة. وبنفس المفهوم نفهم كيف أن المسيح كان يتقدم في النعمة (لو2: 52). فهذا يعني أن الروح القدس كان يملأه قوة ونعمة فوق نعمة. نتكلم من ناحية الجسد، فمن ناحية اللاهوت فالثلاثة أقانيم هم إله واحد. وعندما نثبت فيه نستمد نحن القوة من هذه القوة أو النعمة التي تملأه = "وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ" (يو1: 16). ويقول بولس الرسول ونحن مملوؤون فيه (كو2: 10).

ب) ولأن هذه القوة التي ملأت المسيح كانت لحسابنا فنستطيع نحن أن نغلب، قيل عنه بعد أن حلَّ عليه الروح القدس بعد المعمودية "وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ ٱلرُّوحُ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ" (مر1: 12) وأيضًا "ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ مِنَ ٱلرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ" (مت4: 1). أي أن الروح القدس دفعه ليُجَرَّب من إبليس. وبعد أن غلب الشيطان في تجربة الجبل قيل أنه "وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ ٱلرُّوحِ إِلَى ٱلْجَلِيل" (لو4: 1). فلأنه غلب الشيطان رجع بقوة أكثر. والمسيح غلب الشيطان بجسده فلا معنى للقول أنه غلبه بلاهوته. وكان لابد أن المسيح يغلب بجسده لنغلب نحن أيضًا فيه. فكل ما كان للمسيح بجسده صار لنا.

ج) وعندما نثبت فيه نستمد نحن القوة، من هذه القوة أو النعمة التي تملأه. لذلك يقول الرب يسوع أن نيره هين وحمله خفيف (مت11: 30) فهو حقيقة الذي يحمل، ونحن نعمل بقوته. والرب يسوع يقول "بدوني لا تستطيعوا أن تفعلوا شيئًا" (يو15: 5). وتقول عروس النشيد "اجعلني كخاتم على ساعدك" (نش8: 6) فهي تعمل ولكن بقوة عريسها. نحن الفرس الأبيض والمسيح هو الفارس "الذي خرج غالبًا ولكي يغلب" (رؤ6: 2).

د) ولنرى خطوات إمتلاء المسيح من النعمة: أ) المعمودية وحلول الروح القدس عليه. ب) الصوم 40 يومًا. ج) الانتصار في التجربة. وهنا إمتلأ من القوة. ونفهم الآن كيف نمتلئ: نحن معمدين وحلَّ علينا الروح القدس في سر الميرون. إذًا كل المطلوب منا أن نثبت فيه، لذلك قال لنا "إثبتوا فيَّ" (يو15: 4). فنستمد منه القوة وهذا بالتناول (يو6: 56)، وبالصلاة ليكون لنا علاقة ثابتة فيه، وبالصوم ورفض الخطية، لأن هذا الجنس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم (مت17: 21).

هـ) إذًا الله قدم نعمة مجانًا لكن حتى نستفيد منها علينا أن [1] نؤمن [2] نعتمد [3] نجاهد. ولاحظ أن الرب قال "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا "(يو15: 5) فهو لم يقل أنا سأعمل بل أنتم تعملون وبي تقدرون أن ينجح عملكم . وبنفس المفهوم "قوتي في الضعف تُكْمَل" (2كو12: 9).

والنعمة بهذا تكون هي عمل الروح القدس في المؤمن بالمسيح وفدائه. وطالما هي عمل الروح القدس، فنحن نعلم أن الروح القدس يُعطى لمن يسألونه (مت11:7+ لو13:11), ومن هاتين الآيتين نفهم أن الروح القدس هو عطايا الله الصالحة التي أعطاها لنا نحن المؤمنين، ولكنه يُعطى لنا أي يملأنا قوة تعمل فينا حينما نسأله بلجاجة، أي حينما نشعر بضعفنا وباحتياجنا له فنصرخ طالبين الامتلاء بالروح. وهذا هو معنى كلام السيد المسيح في (يو37:7-39) فالذي تجري من بطنه أنهار الماء الحي، أي الذي يمتلئ ويفيض من الروح القدس هو من يشعر بالاحتياج. وهذا يتفق مع قول السيد المسيح طوبى للجياع والعطاش للبر لأنهم يشبعون (مت6:5). فكلما جاهد المؤمن في حياته، يمتلئ من الروح القدس، أي يمتلئ من النعمة ولذلك يطلب منا الرسول بولس قائلًا: "امتلئوا بالروح" (أف18:5). وكلما جاهدنا كلما امتلأنا نعمة فوق نعمة.


وبولس الرسول حينما قال إمتلئوا بالروح هنا، لم يقل هذا وسكت. فالامتلاء بالروح هو نعمة أي عطية إلهية. لكن لا توجد نعمة دون جهاد، لذلك أكمل بولس الرسول شارحا ما هو الجهاد المطلوب ووضع لنا المنهج وقال (سبحوا/ اشكروا/ اخضعوا..) وكلما فعلنا امتلأنا نعمة فوق نعمة.

إذًا قول القديس يوحنا "ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا ونعمة فوق نعمة يعني أن الروح القدس حلَّ بملئه على المسيح ونحن بثباتنا في المسيح الرأس صار لنا أن نحصل على الروح القدس ليسكن فينا، ونحن لا نمتلئ من الروح القدس كما امتلأ المسيح، وإلا صرنا آلهة، لكن نحن نأخذ قدر احتمالنا وكلما جاهدنا نمتلئ أكثر ولكن في حدود محدودية بشريتنا، نمتلئ نعمة فوق نعمة، لنصل لصورة المسيح (غل19:4).

وجهادنا لكي نمتلئ من الروح أو من النعمة ينقسم إلى:

1- جهاد إيجابي: وهذا يعني جهادنا في الصلاة والأصوام.. إلخ.

2- جهاد سلبي: وهذا يعني أن نعتبر أنفسنا أموات أمام الخطية.

والجهاد الإيجابي أو السلبي لهما معنى التغصب، أي أن أغصب نفسي على عمل الشيء المطلوب، وبالتغصب نحصل على ملكوت السموات (مت12:11). فيجب علينا أن نغصب أنفسنا على الصلاة ونغصب أنفسنا على الصوم.. وهكذا. وأيضًا من جهة الجهاد السلبي يجب أن نغصب أنفسنا ونمتنع عن الخطايا المحبوبة (فمن عينه تجول لتشتهي العالم عليه أن يسير واضعًا عينه في التراب، ناظرًا للأرض ويقول في نفسه.. أنا ميت فلماذا أشتهي. ومن يُعْثرَهُ مكان معين عليه ألا يذهب إليه غاصبًا نفسه ضد إرادته المنحرفة).

ومن يجاهد غاصبًا نفسه يمتلئ نعمة، وهذه النعمة تكون معينًا له وتسنده، فمن يغصب نفسه على الصلاة تعطيه النعمة أن يتذوق حلاوة الصلاة، ومن يغصب نفسه أن يمتنع عن خطية معينة تعطيه النعمة معونة، ويصبح له طبيعة جديدة (2كو17:5) خليقة كارهة للخطية، فينظر ولا يشتهي، بل يصبح لا يريد الخطية وهذا معنى قول بولس الرسول فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة (رو14:6) وهذه النعمة هي عمل الروح القدس في المؤمن المجاهد حتى يتحول لخليقة جديدة بها يخلص (غل15:6).
  رد مع اقتباس