عرض مشاركة واحدة
قديم 02 - 12 - 2021, 07:34 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ما هي صفات الذبائح المقبولة؟


ما هي أهم الذبائح الشخصية؟ وكيف تشير كل ذبيحة منها إلى ذبيحة الصليب؟


ج: دعنا يا صديقي نستعرض معًا الذبائح الشخصية لنرى في كل ذبيحة إشارة إلى جانب من جوانب الصليب، ففي ذبيحة المحرقة نرى طاعة الابن الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، وفي ذبيحة السلامة نرى عودة الشركة بين الإنسان واللَّه بدم الصليب، وفي ذبيحتي الخطية والإثم نرى دينونة اللَّه ضد الخطية، وفي تقدمة الدقيق نرى الابن الحبيب يُقدِم ذاته قربانًا عنا:

ذبيحة المحرقة

تقدمة الدقيق

ذبيحة السلامة

ذبيحة الخطية

ذبيحة الإثم


1ـ ذبيحة المحرقة (لا 1، 6: 8 – 13):
تعتبر أول الذبائح حتى أن مذبح النحاس الذي تُقدّم عليه كل الذبائح دُعيَ بمذبح المحرقة، وهذه تختص بإرضاء اللَّه: "إنه مُحْرَقَةٌ، وقُودُ رائحة سَرور للرب" (لا 1: 13) ومن الطبيعي أن يأتي الجانب الخاص باللَّه أولًا ثم الجانب الخاص بالإنسان، فمثلًا في الوصايا العشر نجد الوصايا التي تخصّ اللَّه أولًا ثم الخاصة بالإنسان، وكذلك في الصلاة الربانية تأتي الطلبات الخاصة باللَّه ثم الخاصة بالإنسان، وهكذا جاءت ذبيحة الخطية والإثم اللذان يعبران عن رفع عقاب خطية الإنسان. إذًا ذبيحة المحرقة لا تشير إلى ربنا يسوع من حيث أنه حمل خطايانا، ولكنها تشير إليه من حيث أنه تمَّم مشيئة الآب وأرضاه: "أسلَم نفسَهُ لأجلنا، قربانًا وذبيحَةً للَّه رائحةً طيبةً" (أف 5: 2) وهكذا تترجم ثيؤطوكية الأحد هذه المشاعر فتقول: "هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليـب عن خلاص جنسنا. فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجلة".

فذبيحة المحرقة تشير إلى سرور وفرح الآب السماوي بابنه الحبيب الكريم الذي قدَّم ذاته فاديًا عن البشرية.. حقًا لقد كان منظر السيد المسيح على الصليب باهرًا، ودمه يتساقط من أجل إنقاذ البشرية الهالكة، ولا أحد يستطيع أن يدرك القيمة الحقيقية لموت ربنا يسوع المسيح إلاَّ اللَّه الآب وحده الكائن فيه، فاللَّه الآب تمجَّد في موت ابنه، ولهذا قال ربنا يسوع عقب خروج يهوذا ليُسلّمه: "الآن تمجَّد ابن الإنسان وتمجَّد اللَّه فيه. إن كان اللَّه قد تمجَّد فيه، فإن اللَّه سيُمَجِّده في ذاته، ويمجِّده سريعًا" (يو 13: 31، 32) وذبيحة المحرقة كانت تُسلخ وتقطَّع (لا 1: 6) وتغسل الأحشاء والأكارع بالماء (لا 1: 9) وتوضع على المذبح فتظهر كل أعماقها أنها بلا عيب، وفي هذا إشارة إلى كمال السيد المسيح وأنه بلا عيب، وعندما تتحوَّل الذبيحة إلى رماد لا يُلقى في أي مكان. إنما كان له طقس خاص إذ يلبس الكاهن ثوب من كتان وسراويل من كتان ويرفع الرماد ويضعه بجوار المذبح: "ثم يَخْلَع ثيابَهُ ويلبس ثيابًا أُخرى، ويُخرِج الرَّماد إلى خَارج المحلَّة إلى مكان طاهر" (لا 6: 11) وفي هذا إشارة إلى دفن جسد المسيح في قبر جديد خارج المحلة.




أ ـ الطاعة والرضى: لم يقل الكتاب عن ذبيحة المحرقة أنها للتكفير عن الخطية بل قال أنها للرضى (لا 1: 3) أي أن مُقدّم الذبيحة يقدمها برضاه وكامل حريته بغية استرضاء اللَّه، فهي رمز لذبيحة الصليب التي قدّمها ربنا يسوع برضاه وكامل حريته، فذبيحة المحرقة تكشف عن طاعة الابن الكاملة للآب السماوي، فقال لهم يسوع: "طعامي أن أعمَلَ مشيئة الذي أرسلني وأتمّم عَمَلَهُ" (يو 4: 34).. "لأني قد نزلتُ من السماء، ليس لأعمَل مشيئتي، بل مشيئةَ الذي أرسلني" (يو 6: 38) وارتضى أن يشرب كأس الغضب الإلهي: "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟" (يو 18: 11) وكملت فيه نبوّة داود النبي: "حينئذٍ قُلت: هأنذا جئتُ. بدَرْج الكتاب مكتوبٌ عني: أن أفعَـل مشيئَتَكَ يا إلهي سُررتُ، وشريعَتُك وسط أحشائي" (مز 40: 7، 8) وعندما ربط بولس الرسول بين ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة الصليب أشار إلى نفس النبوّة السابقة (عب 10: 7) وكانت طاعة السيد المسيح موضع سرور الآب: "لهـذا يُحبُّني الآب، لأني أضَعُ نفسي لآخُذَها أيضًا" (يو 10: 17).

وعندما ربط بولس الرسول بين ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة الصليب ذكر نفس النبوة السابقة "ثم قُلْتُ هأنذا أجيءُ. في دَرْج الكتاب مكتوبٌ عني لأفعل مشيئتك يا اللَّه" (عب 10: 7).. وكانت طاعة ربنا يسوع موضع سرور الآب لذلك قال: "لهذا يحبُّني الآب، لأني أضَعُ نفس لآخُذَها أيضًا" (يو 10: 17).

ب ـ السرور والفرح: قال الكتاب عن ذبيحة المحرقة أنها: "مُحرَقَة وقُود رائحة سرور للرب" (لا 1: 13).. هكذا كان ربنا يسوع على الصليب رائحة سرور للَّه الآب كقول الإنجيل: "أسلَم نفسَهُ لأجلنا، قُربانًا وذبيحَةً للَّه رائحةً طيِّبة" (أف 5: 2).

ج ـ إيفاء العدل الإلهي: هذه الذبيحة تُعبّر عن إيفاء العدل الإلهي حقه لذلك كانت تُحرَق بالكامل فلا يأكل منها أحد، واشتعال النار في الذبيحة حتى تتحوَّل إلى رماد إشارة لعدل اللَّه الذي يستوفي حقه حتى النهاية، واستسلام الذبيحة للنيران إشارة للرب يسوع الذي "أطَاع حتى المَوت مَوتَ الصليب" (في 2: 8).

د ـ بلا عيب: هذه الذبيحة كانت تُقدّم بلا عيب وصحيحة في الظاهر وفي الداخل ولذلك كانت تُسلَخ بعد الذبح لئلا يكون بها عيبًا داخليًا فتُرفض، هكذا ربنا يسوع الذي بلا عيب وحده قد أرضى الآب السماوي وأطاع حتى المنتهى ليس في الظاهر فقط بل وفي الداخل أيضًا، وكان كاملًا في عمله وفي أقواله وفي سلوكه وفي خدمته وفي جميع جوانب حياته على الأرض، وتحقَّقت فيه نبوّة إشعياء: "لم يَعْمَل ظُلمًا، ولم يَكُن في فَمِهِ غش" (إش 53: 9) وشهد بيلاطس البنطي ببراءته "فقال لهم ثالثة فأي شرٍ عمل هذا؟ إنَي لم أجد فيه عِلّةً للموت" (لو 23: 22).. وقال عنه بطرس الرسول: "لم يَفْعَل خطيَّة، ولا وُجِد في فَمِهِ مَكْرٌ" (1بط 2: 22).. وقال عنه معلمنا بولس الرسول: "مُجرَّب في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب 4: 15). كما إن سلخ ذبيحة المحرقة هو إشارة للعري الذي تعرّض له ربنا يسوع لكيما يغطي ويكسي عري آدم ونسله، وأيضًا ذبيحة المحرقة كانت تُقطَّع قطعًا إشارة لربنا يسوع الذي تنبأ عنه إشعياء النبي "أنّه قُطِع من أرض الأحياء" (إش 53: 8).

هـ ـ الاستمرارية: كان هناك نوعان من ذبيحة المحرقة، عامة وخاصة، ففي الذبيحة العامة كان يُقدَّم خروفًا حوليًا في الصباح وآخَر في المساء، فخروف الصباح تظل النار مشتعلة فيه حتى المساء، وخروف المساء تظل النار مشتعلة فيه حتى الصباح، والأب الكاهن لا يكفّ عن تقديم الوقود المستمر حتى لا تطفأ النار ليلًا ونهارًا، فذبيحة المحرقة مستمرة بلا انقطاع، وهنا إشارة واضحة لاستمرارية وفاعلية ذبيحة الصليب.

وـ الإنابة: لقد فشلت البشرية في إرضاء اللَّه الآب، فجاء ربنا يسوع نائبًا عن هذه البشرية المسكينة وقدّم ذاته ذبيحة محرقة حيَّة وأرضى اللَّه الآب، فصار الآب السماوي ينظر للبشرية في استحقاقات دم ابنه يسوع المسيح فيرضى عنها ويسرُّ بها. أي إن الآب ينظر للإنسان من خلال دم الابن الوحيد الجنس فيرضى عنه، وصار الإنسان المفدي بدم المسيح ذو رائحة مقبولة ولذيذة ليس بأعماله الصالحة بل بإيمانه بدم المسيح، ثم تأتي الأعمال الحسنة كشهادة حيَّة على صحة إيماننا بالإله المصلوب، وهذا يمنح الإنسان سلامًا ورجاءً، فمهما كانت خطاياه فإن اللَّه لن يشمئز منه ولن يتخلى عنه ولن يرفضه إن كان يتوب عنها.. اللَّه يقبلنا في استحقاقات دم المسيح.


2ـ تقدمة الدقيق (لا 2، 6: 14 – 18):
رغم إن تقدمة الدقيق ليس بها سفك دم ولكن الكتاب يدعوها "قُدس أقدَاس" (لا 6: 17) ويضعها بعد ذبيحة المحرقة مباشرة وقبل الذبائح الأخرى.. لماذا؟ لأن كل من ذبيحة المحرقة وتقدمة الدقيق يُقدَّم رائحة سرور للرب (لا 1: 13، 6: 15). وتقدمة الدقيق عبارة عن دقيق أبيض نقي وزيت ولبان، فيأخذ الكاهن بقبضته من دقيق التقدمة وزيتها وكل اللبان ويضعه على المذبح فتختلط التقدمة بدم الذبائح وتكون لها فاعلية الدم الفادي فيشتمها اللَّه رائحة سرور، والأب الكاهن عندما يُقدِّم اللبان كله للَّه فذلك لأن اللبان يشير للصلاة والعبادة (مز 141: 2، رؤ 5: 8) وهذه يجب أن تُقدَّم بالكامل للَّه، وهذه التقدمة خالية من الخمير والعسل ولكن يوضع عليها ملح، وهنا نجد الإشارات واضحة إلى شخص السيد المسيح من عدَّة جوانب:

اسم التقدمة - رائحة سرور للرب - خالية من الخمير والعسل - يُضاف إليها ملح - من دقيق الحنطة - ملتوتة ومدهونة بالزيت - نار الآلام



أ ـ اسم التقدمة: اسم التقدمة "تقدمة القربان"، وكلمة "قربان" تعني هدية أو منحة أو عطية أو هبة، والسيد المسيح هو عطية اللَّه للبشرية.

ب ـ رائحة سرور للرب: هذه التقدمة رائحة سرور للرب، والسيد المسيح هو رائحة سرور للَّه الآب لأنه عاش حياة طاهرة خالية بالكمال من كل شر أو شبه شر كما أنه قدَّم نفسه ذبيحة محرقة وأوفى العدل الإلهي. أي إن ربنا يسوع مجَّد اسم اللَّه من خلال حياته التي بلا عيب وهذا ما تشير إليه تقدمة الدقيق، وأيضًا مجَّد اسم اللَّه من خلال موته المحيي وهذا ما تشير إليه ذبيحة المحرقة.

ج ـ خالية من الخمير والعسل: الخمير دائمًا يرمز للخطية كقول ربنا يسوع للتلاميذ "تحرَّزوا لأنفُسِكُم من خمير الفرِّيسيِّين الذي هو الرِّياء" (لو 12: 1) والعسل رمز للملذات الأرضية، وحياة السيد المسيح خلت من هذه ومن تلك.

د ـ يُضاف إليها ملح: الملح هو الذي يحفظ الطعام من الفساد والسيد المسيح هو ملح العالم وهو مصدر الصلاح في حياة البشر، لذلك أمر اللَّه بإضافة الملح لهذه التقدمة "وكـل قُربان مـن تَقَادِمِكَ بالمِلْح تُمَلِّحه، ولا تُخْل تقدمَتَك من مِلْح عَهْدِ إلهك. على جميع قرابينك تُقَرِّبُ مِلْحًا" (لا 2: 13).
  رد مع اقتباس