عرض مشاركة واحدة
قديم 01 - 12 - 2021, 11:39 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ما هي أهمية سر التوبة والاعتراف؟



* الاعتراف:

يقول الكتاب المقدس: "امتحنوا كل شيء تمسكوا بالحسن" (1 تس 5: 21). ولذلك فإنك كشاب مسيحي محب لله وغيور على كنيسته ينبغي عليك أن تتأكد من كل فكر أو رأي يقدم لك بأن تقرأ وتبحث، تسأل وتناقش من أجل أن تبني حياتك على الإيمان المستقيم.

وحينما تؤسس حياتك على صخر الإيمان ربنا يسوع المسيح، وتعاليم الكتاب المقدس العظيم، وتعود إلى كتابات الآباء الأولين فإنك ستشعر حتما بالثقة والطمأنينة والفخر حينما ترى كنيستك وهي تعيش الإيمان المسلم من الرب ذاته للرسل الأطهار.

وليكن هدفنا من التعلم أن نمارس ما نتعلمه في حياتنا لكي نستفيد بكل حسن من أجل نمو حياتنا في الإيمان، وانتصارنا على الحية القديمة المدعو إبليس، متطلعين إلى الحياة الأبدية حينما نحيا في حضرة إلهنا، نتمتع به ونتذوق حلاوته.

وفي هذه الكلمات نجيب على سؤال هام هو:

"تمارس الكنيسة سر الاعتراف، فهل توجد أدلة كتابية وتاريخية وآبائية تدل على ضرورة أن يكون الاعتراف أمام الكاهن؟ وهل الاعتراف لله غير كافيًا".

وللإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعلم حقيقتين هامتين أولهما: أن الوحيد القادر على غفران الخطايا هو الله عن طريق دم المسيح المسفوك على عود الصليب. والثانية: عن حياتنا المسيحية، فكل مسيحي هو عضو في جسد المسيح الحي الذي هو كنيسته المجيدة، ورأس هذا الجسد هو المسيح له كل المجد (أف 1: 22).

ومن أجل بنيان هذا الجسد أعطى الله المواهب الروحية المتكاملة فقد "أعطي البعض أن يكونوا رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح" (أف 4: 11 , 12). ولذلك ينبغي عليك أن لا تحزن إذا وجدت نفسك بحاجة إلى آخر لكي يعمل معك ومن أجلك فبالتأكيد أن الله أعطاك موهبة روحية ولكنه لم يعطك كل المواهب والوظائف اللازمة لتسير في طريق الكمال.

وأعلم أيضًا أنك حينما تخطئ فإنك لا تسئ إلى نفسك فقط وإنما تسئ أيضًا إلى الجسد الذي تنتمي إليه (الكنيسة), كما أنك تسئ أيضًا إلى الله القدوس البار. ولذا فإن الإنسان حينما يخطئ يطالب بأن يندم على خطيئته ويكرهها، ثم يقر بها أمام الكنيسة وحينها يقوم الله بغفران هذه الخطايا. وهذا ما فهمه المسيحيين الأوائل، وهذا ما نراه في سفر الأعمال حينما يقول: "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18). وقد أعطيت الكنيسة ممثلة في الرسل ومن خلفهم من الأساقفة (اع 20: 28) هذا السلطان من الرب يسوع حينما قال: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السموات" (مت 16: 19).

وقال أيضًا في سلطة الكنيسة: "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار، الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 17، 18).

وبعد قيامته قال لتلاميذه بعدما نفخ في وجوههم : "اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر لهن ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22، 23). (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) ولكن، قد يقول قائل أن هذا سلطان عام للجميع وليس للرسل والكهنة فقط فأنا أستطيع أن أحل وأربط كالرسل تمامًا!!

وللإجابة نقول لا فإن الخطاب الموجه في الآيات السابقة كان موجها لقادة الكنيسة ممثلة في الرسل، كما أن أهل كورنثوس لم يستطيعوا ممارسة هذا السلطان إلا حينما مارسه الرسول بولس مع زاني كورنثوس الشهير (1كو 5: 1- 5).

ولا تنسى أن مواهب الروح قد قسمت على الجميع وكما يقول الرسول "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي آن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان" (رو 12: 3).

وهذا ما فهمه جميع الآباء في القرون الأولى ومارسوه بكل قوة وتكلموا عنه وكتبوه في كتاباتهم التي مازالت باقية حتى اليوم ولا يستطيع أحد التشكيك فيها، ولا أظن أن شخصًا منصفًا محبا لله ومهتمًا بخلاص نفسه ينكر آيات الكتاب وتفاسيرها ومن مارسوها ليقدم بدعة لا سند لها من الكتاب أو التاريخ أو أقوال الآباء. وهل يستطيع أحد أن بخرج لنا آية من العهد الجديد تقول: لا تعترفوا على يد الكهنة ؟!!

ولن نورد اليوم أقوال الرسل أو شهادة آباء الكنيسة من الأجيال المختلفة أو شهادة التاريخ أو الكتب الطقسية والتي تحتوي على الكثير عن الاعتراف على يد الكهنة - ويمكن الرجوع إليها في العديد من الكتب والمراجع المتوفرة بمكتبات الكنيسة- ولكننا سنتحدث عن شهادة المحتجين (البروتستانت) أنفسهم لسر الاعتراف.

1. مارتن لوثر (1483 – 1546م): (ألماني، وهو قائد حركة الاحتجاج protests - ويسميها المحتجون بحركة الإصلاح - حينما احتج على بابا روما ليو العاشر سنة 1517 بسبب صكوك الغفران).

يقول في كتاب تعليم الدين المسيحي المختصر (ويعتبر من أهم كتاباته وهو عن طريق السؤال والجواب) في الفصل الخامس عن الاعتراف:

عنوان: ماذا يجب أن يُعلَم الشخص المبتدئ عن الاعتراف؟

سؤال: ما هو الاعتراف؟

الإجابة: للاعتراف جزءان أولهما أن يقر الشخص بخطاياه وثانيهما أن يتلقى المعترف الحل من المعرف confessor (الشخص الذي يتلقى الاعتراف) كما من الله نفسه بدون شك في ذلك وباعتقاد راسخ أن الله قد غفر خطاياه من خلال المعرف.

سؤال: ما هي الخطايا التي يجب أن يعترف بها الناس؟

الإجابة: حينما نتحدث مع الله يجب أن نذكر مع الشعور بالخزي والذنب جميع خطايانا، حتى التي لا نعلم عنها شيئًا تمامًا كما نفعل في "يا أبانا"،ولكن حينما نجلس مع المعرف (أب الاعتراف) نذكر الخطايا التي فعلناها بإرادتنا والتي نشعر بها في قلوبنا.


ويقول لوثر أيضا: " إني أعتبر الاعتراف الشخصي شيئًا ثمينا جدًا ونافعًا للصحة الروحية، آه. في الحقيقة من المؤلم جدًا لكل المسيحيين إذا لم يكن هناك اعتراف خاص ويجب أن يشكروا الله بكل قلوبهم أن الاعتراف مسموح ومتاح لهم"

(تاريخ الكنيسة، الدكتور القس جون لوريمر، ترجمة عزرا مرجان، الجزء الرابع، دار الثقافة، 1990، صفحة 136)

ويقول أيضًا: " من الممكن أن يكون للتوبة صفة سر من الأسرار المقدسة لكنني أبكي على انتهاك الكنيسة (المقصود الكنيسة الكاثوليكية حينما باعت مغفرة الخطايا بصكوك للغفران، وأفشت بعض أسرار المعترفين ) لهذا السر (لاحظ إقراره بأن التوبة سر)" (المرجع السابق صفحة 124، 125).

2.جون كلفن (1509 –1564م): (من مواليد فرنسا، عاش في سويسرا، وقاد هناك أحد تيارات الاحتجاج)

يقول عن الأسرار: بماذا نعرف أننا أعضاء في جسد المسيح؟ بالاعتراف جهارًا بالإيمان والحياة المستقيمة والشركة في الأسرار المقدسة التي توحدنا في معرفة الله والمسيح.




يقول أيضًا: " يكون الاعتراف خاصًا لله وحده، أو لرعاة الكنيسة اختياريا بهدف الراحة والشعور بتأنيب الضمير، أو عامًا أمام الكنيسة كلها" (المرجع السابق، الكتاب الثالث، فقرة 48)

3. وفي مقال عن العقيدة البروتستانتية:


"وهذا أيضًا (كان يتحدث في الفقرة السابقة عن سر المعمودية) حقيقي بالنسبة للاعتراف والغفران، والتي نحفظها كوسيلة فعالة للراحة حسب الإنجيل ولمغفرة الخطايا والتي لا يجب أن يمارسها إلا المؤمنين".

ولدينا العشرات من كتابات البروتستانت وقوانينهم التي تستحسن سر الاعتراف وتوافق على الاعتراف السري على يد الراعي بشرط عدم إفشاء أسرار المعترفين أو استغلالها أو أن تكون في مقابل مادي. (وكنيستنا الأرثوذكسية تعلم بعدم إفشاء أسرار المعترفين أو استغلالها).

وقول القديس كبريانوس (200-258 م.): "فليعترف كل منكم أيها الأخوة الأحباء بإثمه مادام من إثم في هذا العالم وما دام ممكنًا قبول اعترافه وما دامت المغفرة بواسطة الكهنة مقبولة عند الله".

وننهي حديثنا يقول العلامة ترتليان (160-240 م.): "إن كثيرين ينتبهون إلى الخجل أكثر من الخلاص فيهربون من الاعتراف سترة لهم ويؤخرونه من يوم إلى يوم كمن أصابه مرض في الأعضاء المستحى منها فأخفى عن الأطباء مرضه فيباد بخجله.. فإذا أخفينا نفوسنا عن معرفة الناس هل تخفى عن الله، وهل الأولى لنا أن نهلك وذنوبنا مخفية من أن نحل وهي مكشوفة في التوبة".
  رد مع اقتباس