عرض مشاركة واحدة
قديم 06 - 11 - 2021, 07:38 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: البابا بطرس (خاتم الشهداء) من الأول - الى السابع




أهم الأحداث في عهده:

حدث أن اشتكى إليه أقباط بلدته الجاولي من قسوة بعض العائلات المسلمة معهم في التعامل، فلكي يحل هذه المشكلة في محبة، استدعى إليه أكابرهم وكلفهم بانتقاء، مائتي فدان من أفضل أراضيهم وإهدائها لشريف باشا، وكان يرمى من وراء ذلك أن يعين لها الباشا متى دخلت حوزته مندوبا من قبله ليرعاها ويشرف أيضًا على شئون البلدة وبذلك يحسم هذا الحاكم الموقف بين الطرفين مع إعطاء الأقباط حقوقهم، وكان أن أشار البابا على شريف باشا بتعيين هذا المندوب وهو قبطي اسمه المعلم بشاي من أسيوط، فوافق شريف باشا على ذلك وأعطى المعلم بشاي 36 فدانا ليعيش فيها من هذه الأرض مقابل عمله، وبهذا استطاع الأقباط أن يعيشوا في سلام. وفي عهده أجرى الله على يدين كثيرا من المعجزات بين الناس وبين الحكام، منها أن قل فيضان النيل في سنه 1525 ش وجعل كل المصريين يصلون من مسلمين ويهود وأقباط، إلا أنه أقام قداسًا وألقى بمياه غسل الأواني المقدسة في النيل فارتفعت مياهه.


إلا أن عدو الخير لم يترك البابا في علاقته الطيبة مع محمد علي إلى المنتهى، وإنما دفع بعض الأشرار ليشوا به لدى إبراهيم باشا ابن محمد علي وكان قائدًا فذًا في طريقه لفتح بلاد الشام فقالوا له أن ما يدعيه المسيحيون من ظهور النور على قبر السيد المسيح في القدس هو زور وبهتان، فصدق إبراهيم باشا هذه الوشاية، وزادوه شكا أن هذا النور لا يظهر إلا على أيدي بطاركة الروم الأرثوذكس، ولما كانت ثقة إبراهيم باشا وأبيه بالبابا بطرس كبيرة، استدعاه إليه من مصر وكان حينئذ في القدس، فسار البابا إليه، فاستقبله إبراهيم بات وحاشيته معه، وافهمه بالأمر وطلب منه أن يصلى ليخرج النور على يديه، وهو يريد بذلك عدم الإيقاع ويحضر هو معهما فرافقهما، وكانت الكنيسة مكتظة بالمصلين فأمر إبراهيم باشا بإخراج جميع الفقراء والزوار إلى الخارج.

وكان البابا واقفا يصلى وهو مقدر سوء العاقبة أن لم يظهر النور، وهو أمر ليس في يده، وكان قد قضى ثلاثة أيام صائما مصليا مع مطران الروم، وانطلقت أصواتهما بالصلاة كالمعتاد، وفي الوقت المعتاد انبثق النور فضجوا (النور النور) بصوت كل الجماهير فذهل إبراهيم باشا وكاد يسقط على الأرض قائلًا: "آمان بابا آمان"، وزاد تكريمه للبابا.



البابا والعلاقات الخارجية:

لما كان محمد علي موفقًا في فتوحات شرقًا وغربًا خشيت الدول الأجنبية من هذا، ومنها روسيا التي قدرت سوء الموقف لو استمر في فتوحاته، ففكرت أن تستعين بالأمة القبطية في الوصول إلى أهدافها ضد محمد علي باعتبار مسيحيتها، فأرسلت أميرًا روسيًا يعرض على البطريرك قبول حماية قيصر الروس لشعبه.

فذهب هذا المندوب الروسي إلى الدار البطريركية ظنا منه أنه سيرى رئيس أكبر أمة مسيحية في أفريقية بحالة تدل على عظمة، وكانت أخبار هذه الزيارة قد وردت إلى البابا من قبل ولكنه لم يأبه، ولما وصله المندوب الروسي رأى إنسانًا بسيطا يحمل الكتاب المقدس بين يديه يقرا فيه وهو يرتدى زعبوطًا خشنًا جالسًا على دكة خشبية وحوله مقاعد مبعثرة، ولم يبال به فسأله في شك: "هل أنت البطريرك"؟!

فلما عرف منه طلب إليه أن يجلس بجواره، فجعل المندوب يتفرس فيه وهو لا يصدق أنه يجالس البطريرك وبدأ المندوب يسأله لماذا يعيش بهذه البساطة ولا يهتم بمركزة في العالم المسيحي فأجابه البابا (ليس الخادم أفضل من سيده، فأنا عبد يسوع المسيح الذي أتى إلى العالم وعاش مع الفقراء ولأجلهم، وكان يجالس الخطاة ولم يكن له ابن يسند رأسه، أما أنا فلي مكان أقيم فيه واحتمى فيه من حر الصيف وبرد الشتاء، لم يكن للمسيح ارض ولو أنه ملك السماء والأرض ولم يكن له مخزن فيه موؤنة، وها أنا آكل وأتمتع فهل هناك أفضل من هذا؟ فبعد تعجب من المندوب، بدأ يعرض على البابا في بساطة: وهل ملككم يحيا إلى الأبد؟ قال له: لا يا سيدي البابا بل هو إنسان يموت كما يموت سائر البشر. فأجابه: "إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت وأما نحن تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله". حينئذ لم يسع المندوب الروسي إلا أن ينطرح تحت قدميه واخذ يقبلها وتركه وهو يشعر بعظمة هذا الرجل البسيط وقال " لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب بقدر ما هزني ما رأيته في هذا البطريرك القبطي. ولما وصل نبأ هذه المقابلة إلى مسامع محمد علي سر جدا وذهب إليه ليهنئه على موقفة وما أبداه من الوطنية الحقة، فقاله له البابا (لا تشكر من قام بواجب عليه نحو بلاده) فقال له محمد علي والدموع في عينية (لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك فليكن لك مقام محمد علي في مصر، ولتكن مركبة معدة لركبك كمركبته).

+ حصل خلاف بين الأنبا سلامة مطران الحبشة وبين ملكها بسبب أنه لما فتح محمد علي السودان سنه 1820 طلب النجاشي من البابا بطرس رسم الكهنة على الحدود للحبشة، فَلِبُعد المسافات كلف الأنبا سلامة باختيار الكهنة، فرسم الأنبا سلامة من العلمانيين الأقباط العدد المطلوب على الطقس القبطي، فلم يرض بهم الكهنة الأحباش الذين معه ونصحهم ليعودا إلى معتقدهم الصحيح فرفضوا، فهددهم بتطبيق شريعة الكنيسة وعقوباتها، فحاولوا شكايته لدى البابا فشجعه البابا على موقفه.

فدار الأحباش من ناحية أخرى ليلعبوا بمسألة دير السلطان بالقدس، مستغلين شقاقًا وقع بين الأحباش والرهبان في الدير، حتى وصلت إلى الشجار بالأيدي، فأخرج الرهبان الأقباط الأحباش خارج الدير وأغلقوا الباب، فحاول الأحباش الدخول عنوه، فذهبوا إلى القنصل الإنجليزي ليشكوا الأقباط، وكانت بريطانيا تكره محمد علي والأقباط والمصريين جميعا فناصرهم القنصل الإنجليزي لدرجة أنهم ادعوا ملكية الدير وأن الذي أسسه هو ملك الجيش، وأوعز القنصل للجيش بأن يرفعوا تظلماتهم إلى السلطان العثماني، وكان السلطان في تلك الفترة يكره المصريين فسار منهم مجموعة إلى القسطنطينية وأراد البابا أن يحتوى الموقف فأرسل مندوبًا عنه إلى ملك الحبشة، لأنه أراد أن يذهب هو بنفسه ولكنه كان شيخًا لم يستطيع السفر فأرسل بدلًا عنه القس داود (كيرلس الرابع فيما بعد) على أساس أنه إذا نجح في مسعاه يرسمه مطرانا هناك.

إلا أنه ما أن وصل إلى هناك حتى مرض البابا بطرس وأوشك على الموت ونصح بأن داود هو الذي سيخلفه، فأرسلوا إليه يستحضروه من الحبشة فحضر بعد وفاته بأكثر من شهرين.

وتنيَّح البابا بطرس الجاولي في سنة 1852 م.

  رد مع اقتباس