عرض مشاركة واحدة
قديم 27 - 10 - 2021, 10:49 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: شخصيات أخطأت وتابت


إذا عرفنا أن داود في وقت ما، قد زنى وقتل. فليس معنى هذا أن حياته كلها كانت زنى وقتلا وليس معنى هذا أن يتطاول بعض الوعاظ على هذا القديس العظيم، ولا يتحدثون إلا عن خطيئته بلون من الاستصغار!! وينسون أنه رجل الصلاة والتسبيح والمزامير، رجل المزمار والقيثار والعشرة الأوتار، رجل الإيمان والوداعة، الذي قال عنه الرب بنفسه "فحصت قلب داود، فوجدته حسب قلبي".

إن الشر لم يكن طبيعة في هذا البار، الذي حل عليه روح الرب، والذي هزم جليات، واحتمل شاول وغفر لشمعي بن جيرا، وسبح للرب تسابيح جديدة.. إنما هي صفات طارئة، سمح بها الرب ليعطى قديسه انسحاقًا ودموعًا، ويصيره درسًا في التوبة، كما كان درسًا في الصلاة، وفى الوداعة، وفي الشجاعة.

وبنفس الوضع حينما نذكر خوف أبينا إبراهيم، وقوله عن امرأته سارة إنها أخته.. لا ننسى أبدًا إيمان الرجل، ونسكه وشجاعته، وكرمه، وطاعته للرب حتى رفع السكين ليقدم وحيده المحبوب محرقة.. ولا ننسى تَرْكَهُ لأهله وعشيرته وسعيه وراء الرب.

* كذلك في حديثنا عن قديسي الكتاب، ليس المهم نقطة البدء في حياتهم، فربما بدأ البعض منهم كأشخاص عاديين . إنما المهم هو ما انتهوا إليه..

لقد كانت حياة هؤلاء القديسين، مجرد مجال عمل فيه الله. نحن نهتم بهذه النقطة بالذات في حياة قديسي الكتاب.. يهمنا جدًا دور الله في حياتهم. كيف كانت معاملة الله لقديسيه، وكيف كانت معاملته للأشرار؟ ومعاملته للساقطين والتائبين وللقائمين..

إن الكتاب هو سِجِل جميل لمعاملة الله مع الناس..

ومن واقع هذه المعاملة نأخذ فكره عن صفات الله الجميلة، وعن حبه وطول أناته، وحكمته وصلاحه، وقوته وقدرته.. ونأخذ من كل هذا درسًا لأنفسنا ومجالًا لتأملاتنا.

* وفي سير قديسي الكتاب، لا نريد أن ندرس تاريخًا، إنما أن نمتص حياة..

فالكتاب المقدس لم يقصد به أن يكون كتاب تاريخ، إنما هو كتاب إيمان، وكتاب حياة. وهذا هو الفرق بين دراستنا للكتاب، ودراستنا لكتب التاريخ. التاريخ يذكر أحداثاُ، ولكننا هنا لا نفحص الأحداث، بقدر ما نفحص حالة القلب.

إننا من خلال الأحداث، ندرس النفس البشرية، في كل مشاعرها وأحاسيسها وتصرفاتها. ندخل إلى أعماق النفس، وندرس حروبها الروحية، وندرس علاقاتها مع الله ومع الناس ومع ذاتها. ومن كل ذلك نتعلم..

والكتاب المقدس صريح جدًا في كشف النفس البشرية.

ونحن نريد أن نتناول هذه النفوس، لكي نحللها، ونفهمها، ونرى فيها صورتنا نحن، وما ينبغي أن نفعل. وفيما ندرس هذه الشخصيات، ندرسها لكي نحيا نحن..

نحيا من خلال حياة هؤلاء، ونستفيد من تجاربهم، ومن خبراتهم، ونستفيد من سقوطهم أيضًا ومن قيامهم. وإن تعرضنا لأخطائهم، فنحن لا ندينهم عليها. إنهم آباؤنا ومعلمونا، بل هم أيضًا مثلنا العليا. وهم أحباء الله الذين نرجو شفاعتهم وبركتهم..

والأخطاء التي نكشفها، إنما تكشف لنا ضعف طبيعتنا، وليس ضعفًا لأولئك القديسين الذين لا نستحق أن نقبل التراب الذي داسوه بأقدامهم الطاهرة..

بركة هؤلاء جميعًا، فلتكن معنا، آمين..
  رد مع اقتباس