ثالثًا: الزواج المحرم:
ونجد ذلك مشروحًا في الإصحاح الثامن عشر من سفر اللاويين، كما نجده بإيجاز في اللاويين (20: 17- 21) والتثنية (27: 20-23). ونري أن ذلك ينطبق علي الزواج الثاني في حالة وجود الزوجة الأولي أو بعد موتها، باستثناء الزواج من أخت الزوجة، لأن الأمر صريح: "لا تأخذ امرأة علي أختها للضر" (لا 18: 18)، وهذا يعني ضمنًا أنه يستطيع أن يتزوج بأخت الزوجة متي توفيت الزوجة.
وقد تزوج إبراهيم أخته غير الشقيقة (تك 20: 21). كما تزوج يعقوب أختين في وقت واحد (تك 29: 21- 30). وقد حدث ذلك قبل أن تنص الشريعة علي تحريم مثل هذه الحالات.
ويظن البعض أن ما حدث في كورنثوس (1 كو 5: 1) كان بعد وفاة الأب، ولكن حيث أن النص يقول: "حتي أن تكون للإنسان امرأة أبيه" (وليس "أرملة أبيه")، فالأرجح أنها كانت علاقة غير مشروعة مع الزوجة الثانية الشابة.
رابعًا: شريعة الزواج بزوجة الأخ المتوفي:
وتنص الشريعة علي أنه "إذا سكن إخوة معًا ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تصر امرأة الميت إلي خارج إلي رجل أجنبي. أخو الزوج يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة ويقوم لها بواجب أخي الزوج. والبكر الذي تلده يقوم باسم أخيه الميت لئلا يمحي اسمه من إسرائيل" (تث 25: 5 و6). وواضح أنها عادة قديمة سابقة للشريعة. فقد حدث هذا في قصة "أونان" بن يهوذا، الذي دخل علي امرأة أخيه "عير" بعد موته، ولكنه إذ علم أن النسل لن يكون له، لم يشأ أن يلد منها، "فقبح في عيني الرب ما فعله، فأماته أيضًا" (تك 38: 6- 10). وهذا أمر لا علاقة له بموضوع تنظيم الأسرة.
ونري من سفر راعوث أن العادة كانت تسري علي الأقرباء، وليس علي أخي الزوج فقط، فإنه عندما رفض الولي الأقرب- الذي لا يذكر أسمه- أن يقوم بهذا الواجب، انتقل إلي بوعز فتزوج من راعوث. كما نجد أن بوعز تزوج من راعوث وليس من نعمي، ولعل ذلك حدث لأن نعمي كانت قد تقدمت في الأيام ولم تعد قادرة علي الإنجاب. ولما ولدت راعوث ابنًا "سمته الجارات اسمًا قائلات قد ولد ابن لنعمي" (راعوث 4: 17).
ولم تكن هذه الشريعة تنطبق في حالة ولادة بنات، كما يبدو من حالة بنات صلفحاد (عد 27: 1- 11). وإن كان البعض يردون علي ذلك، بأنه لابد أن زوجة صلفحاد كانت قد ماتت قبله، إذ لم يرد لها ذكر، أو أن أخا الزوج أو الولي القريب رفض الزواج منها لأنها كانت قد شاخت، أو إنها لم تنجب حتي بعد أن تزوجها أخو الزوج أو الولي القريب.
وقد نهت الشريعة عن الزواج بامرأة الأخ (لا 18: 16، 20: 21). وفي ضوء ما جاء في شريعة الزواج من زوجة الأخ المتوفي دون أن يعقب نسلًا (تث 25: 5- 10)، يتض لنا أن الشريعة تنهي عن الزواج بزوجة الأخ حتي وإن كان الأخ قد طلقها في حياته. وقد وبخ يوحنا المعمدان الملك هيرودس لزواجه من هيروديا زوجة أخيه، بينما كان أخوه ما زال علي قيد الحياة (مت 14: 3 و4).
وقد افترض الصدوقيون حالة غريبة من حالات هذه الشريعة وقدموها للرب يسوع اعتراضًا علي موضوع القيامة (مت 22: 23- 33).