2 – الوصف العام لآسيا الصغرى:
هناك اقليمان متميزان في شبه جزيرة الأناضول، من ثم لهما تاريخان منفصلان، هما الأقليم الساحلى واقليم الهضبة الوسطى التي تحدها سلاسل الجبال من الغرب والشرق والشمال. وتنحدر الهضبة الوسطى المرتفعة نحو الشمال والغرب حيث أن سلاسل الجبال في هذين الجانبين ليست من الأرتفاع مثل جبال طوروس في الجنوب والجنوب الشرقي، فجبال طوروس – فيما عدا في طرفها الجنوبي الشرقي – ترتفع ارتفاعا حادا مباشرا من الساحل الجنوبي حتى إنها هي التي تشكل تعاريجه. أما في الشمال فإن جبال بنطس – التي هي امتداد لسلسلة جبال أرمينية – تعطى للساحل الشمالى شكله أيضا. ولا توجد ميناء صالحة على هذا الساحل الشمالى سوي ميناء سينوب، حيث لا يوجد سهل ساحلى بالمرة . أما الساحل الجنوبي، فتوجد السهول الخصبة في بمفيلية وكيليكية، كما توجد ميناء مكرى وميناء مارياريكى وجليجا أداليا والإسكندرونة. أما في الغرب فإن الهضبة ترتفع تدريجيا من الساحل، وتوجد مسافة أكثر من مائة ميل تفصل ما بين جبال فريجية التي تبدأ منها الهضبة الشرقية وبين الساحل الغربي بخلجانه الصغيرة ومدنه التجارية، وتتكون هذه المائة من الأميال من وديان الأنهار التي تفصل بينها سلاسل الجبال.
وهذه الوديان هي قنوات الأتصال ما بين الداخل وساحل البحر ومع أن هاتين المنطقتين هما جزءان من اقليم واحد، إلا أنه من الواضح – فيما يتعلق بمميزات كل اقليم من نبات وحيوان ومناخ وظروف الحياة والتاريخ – أن المنطقتين مختلفتان تماما، فالهضبة ترتبط طبيعيا بالشرق، فنباتاتها ومناخها وتغيرات درجات الحرارة فيها، وتربتها الجافة وهواؤها الجاف، مشابهة تماما للمنطقة الممتدة شرقا حتى أسيا الوسطى.
أما المنطقة الساحلية فشبيهة في مناظرها وطبيعتها العامة ببلاد اليونان وجزرها، فهى تطل على بحر إيجه، وقد أثرت وتأثرت بسكان الشاطئ المقابل من بحر إيجه، ففى سميرنا كان يمكن للسائح أن يرى صورة للحياة النشطة المتألقة لجنوبي أوربا، كما يرى في أيقونية هدوء الحياة الشرقية الجامدة. ولقد كانت أسيا الصغرى في تركيبها الجغرافي وفي سكانها – على مدى التاريخ – ملتقى حضارات الشرق والغرب مع اختلافها الكبير، سواء عن طريق الأختلاط السلمى أو الالتحام في الحروب