ظل دانيال في خلوة مع اللَّه ستة أيام يأكل من الطعام الذي أرسله له اللَّه بيد حبقوق والأسود حوله في هدوء كحيوانات أليفة، وفي اليوم السابع جاء الملك داريوس ونادى على دانيال، فوجده صحيحاً لم تمسه الأسود بأذى، فأعلن الملك أن إله دانيال ليس مثله في الآلهة، ثم أمر بإصعاد دانيال وإلقاء من اشتكوا عليه فافترستهم الأسود فور سقوطهم في الجب، وأمر الملك أن يتَّقي كل الشعب إله دانيال (دا 14: 37-42).
تظهر دقة دانيال في كتابة هذا السفر جزءاً باللغة الآرامية ـ التي كانت لغة بلاد مادي وفارس ـ وذلك في أحاديثه مع الملوك ورجالهم، وجزءاً باللغة العبرية في أحاديثه مع اليهود، والجزء الثالث كتبه باللغة اليونانية، التي كانت قد بدأت تنتشر في العالم، تمهيداً لظهور الإمبراطورية اليونانية التي ستأتي بعد مملكة مادي وفارس.
وهكذا تظهر في حياة دانيال فضائل كثيرة ميَّزته عن كل من حوله، فظهر إيمانه وتمسكه بعبادة اللَّه حتى نهاية حياته. وكان رجل صلاة متمسكاً بالصلوات في مواعيدها وفي اتجاهها السليم، أي نحو أورشليم، وكذلك كان شجاعاً طوال حياته، حتى بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، بالإضافة إلى حكمته وذكائه الفائق. فأعطاه اللَّه مكانة عظيمة ونعمة في أعين كل الملوك وأهمهم نبوخذنصر، وحتى الشاب بيلشاصر المستهتر الخليع خافه وكذلك ملوك مادي وفارس وقَّروه جداً.