[walaa farouk]

حملت في رأسي دائمًا، صورة ذهنية بائسة عن وجودي، شعورًا بالضعة والخزي دون أي مبررات منطقية
، هكذا هي الصور الذهنية، تتشكل في أذهاننا بمعزل عن الواقع تمامًا.
أتذكر أول مرة، ركبت فيها القطار، في طريقي إلى الجامعة، وكان يغص بالطلبة والطالبات
، أخذت أنظر إلى البنات وأنا أضغط نفسي في الكرسي، محاولة إخفاء بعضي ببعضي
، حتى لا يرى أحد الفرق بيني وبينهن، هكذا كنت أتصور لوقت طويل،
حتى بعد أن تزوجت، حتى بعد أن أتيت بابنتي إلى الحياة،
كنت أقول لها وهي في الثالثة من عمرها: أمك شكلها وحش
، فتضربني بكفيها الصغيرتين وتقول: لأ، ماما حلوة.
دمعت عينا خالتي، يوم خطوبتي، لأن جمالي لا يتناسب مع هذا البائس الذي يجلس بجانبي،
هكذا قالت، وعذبني أبي برفضه لهذه الزيجة في البداية،
لأنني جميلة وينبغي أن أنتظر فرصة زواج أفضل، هكذا قال أيضًا، لكنني لم أصدقهما،
ولم أصدق أحدًا قال لي هذا بعد ذلك، إلا عندما كبرت ابنتي،
وصارت فتاة جميلة وأشار الناس إليها: إنها صورة طبق الأصل من أمها.
أستطيع أن أفهم الآن، لماذا تحملت كل تلك المهانة مع هذا الزوج؟
لقد كنت أحتاج للاعتراف، أحتاجه من ذلك الشخص بالتحديد، ذلك الذي صارحني بحبه وبالرغبة في الزواج مني وسط كل ذلك البؤس والنكران الوجودي الذي أعيشه، فالصورة الذهنية البائسة، تفرغ الكينونة من كينونتها. الصورة الذهنية البائسة التي يحملها شخص عن نفسه، تجعل وجوده فقيرًا جائعًا، فيظل يلهث طوال عمره لينال الاعتراف، حتى من الأفاعي والجرذان، ومن الممكن أن يفقد حياته من أجل هذا أيضًا.