
21 - 05 - 2020, 08:45 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
ولنفهم كلمات القديس بولس الرسول على ضوء النبوات التي تشرح سرّ عمل الله في قلوبنا بناموس روح الحياة في المسيح يسوع:
+ هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل سيقولون بعد هذه الكلمة في أرض يهوذا وفي مدنها عندما أرد سبيهم يباركك الرب يا مسكن البرّ يا أيها الجبل المقدس.. لأني أرويتُ النفس المُعيية وملأت كل نفس ذائبة.. ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب. بل هذا هو العهد الذي أقطعهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً. ولا يُعلِّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين: اعرفوا الرب، لأنهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب. لأني أصفح عن أثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد (وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابته فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلِّمكم أحد، بل كما تُعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق وليست كذباً. كما علمتكم تثبتون فيه). [7]
+ وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلباً جديداً واجعل روحي في داخلكم (لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع، قد أعتقني من ناموس الخطية والموت) وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها.. وتكونون لي شعباً وأنا أكون لكم إلهاً. وأخلصكم من كل نجاساتكم. [8]
+ هكذا قال السيد الرب: هانذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل [وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع – أفسس 2: 6) ]. فتعلمون إني أنا الرب عند فتحي قبوركم وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي. واجعل روحي فيكم فتحيون، وأجعلكم في أرضكم فتعلمون أني أنا الرب تكلمت وأفعل، يقول الرب. [9]
ومن خلال هذه النبوات وكلمات القديس بولس يتضح لنا أنه إذا تجدد الإنسان داخلياً بسرّ عمل الله في المسيح يسوع وتحوَّل بروح الله الذي يرسله الآب لنا باسم يسوع ليسكن ويحل فينا "واجعل روحي فيكم فتحيون - وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم [10]" يستطيع بسهولة ومحبة أن يطيع مشيئة الله، فهي لم تعد إكراها وغصباً، لأنها لا تُفرض عليه من الخارج – من ناحية الجسد – لتنفيذها غصباً وقسراً، بل صارت الشريعة، شريعة روح الحياة، مكتوبة بالحفر على القلب من الداخل بنور الله، لتُناسب الحياة الجديدة التي أخذناها بولادتنا الجديدة من فوق، لأننا صرنا نتشكل بها على صورة الابن الوحيد.
فالمسيح يسوع اتخذ على وجه تام مصير وضعنا الخاطئ، بدون أن يكون هو خاطئ لأنه بار (في المُطلق)، وببره يبرر الكثيرين: [لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن برّ الله فيه [11]؛ الذي حَمَلَ هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرّ. الذي بجلدته شُفيتم [12]؛ وتعلمون أن ذاك أُظهر لكي يرفع خطايانا ] [13]
[المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا. لأنه مكتوب: "ملعون كل من عُلق على خشبة "، لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع. لننال بالإيمان موعد الروح] [14]
فقد صار الرب يسوع نفسه وبشخصه ذبيحة كفارة فريدة من نوعها، وهنا تحقق كمال فعل الذبيحة القديمة (الرمزية) في المسيح يسوع، فأُبطلت كل الذبائح وانتهت تماماً لأن المسيح نفسه وبذاته أي بشخصه الإلهي هو الذبيحة الحقيقية الكاملة التامة الأبدية، والذي بموته دان الخطية في الجسد وقضى على فعلها تماماً، وأفرغها من سلطانها، وأبطل الموت الذي كان نتيجة طبيعية ملازمة لها، لأنه ثمرتها الخاصة.
ففي ذبيحة الخطية في العهد القديم، يكشف موت الضحية الحيوانية المقدمة عوض الخاطئ، عن الحكم المُلازم للخطية حسب طبيعتها الخاصة، لأن الخطية خاطئة جداً ومن يفعلها يموت بالضرورة، تلقائياً، لأن نتاجها الموت لأنها تحمله في باطنها طبيعياً، أما في المسيح يسوع، يتم إماتة الخطية في الجسد مرة واحدة، ليُميت الجسد التي تعمل فيه الخطية كمجال خصب لعملها، وبالتالي يفرغها من سلطانها إذ يصنع بحياته إنساناً جديداً سماوياً، أي إنسان نوراني لا يتعامل مع الظُلمة، فلا يعود للخطية أي سلطان عليه لأنها ميتة، فالإنسان المؤمن في المسيح الخطية ميتة بالنسبة له، فلا يتعامل معها مرة أخرى لأن لا سلطان لها عليه بسبب قوة الله التي تُساكنه، حتى لو تعثر وسقط، فأنه يقوم فوراً لأن الموت أُبتُلع لحياة، ومن المستحيل أن يسود موت على حياة، ولا الحياة نفسها تستطيع أن تحيا في الموت، لذلك من دخل في سرّ حرية المسيح الرب فأنه ينفك من سلطان الخطية ويستطيع أن يغلبها دون عناء، لأنه حُرّ منها وغير مقيد، بسبب إيمانه بكفارة المسيح التامة الأبدية، لأنه صار حُر المسيح [وتعرفون الحق والحق يُحرركم؛ فَإِنْ حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً][15]
وتتوسع الرسالة إلى العبرانيين في معنى الفداء: [لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين، يُقدس إلى طهارة الجسد (الطهارة الطقسية المطلوبة للاشتراك في العبادة القديمة)، فكم بالحري (بالأولى) يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدَّم نفسه (قرباناً وذبيحة) لله بلا عيب، يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [16]
+ وطبعاً بلا عيب في هذه الآية: تضع ذبيحة ربنا يسوع المسيح من جهة الأفضلية عن كل الذبائح الحيوانية التي لم تقوى على طهارة النفس والضمير من الداخل، لأنها ذبيحة تحمل حياة الله وقوته فيها، ومن ذلك تأتي فاعليتها لتطهير الضمير واتحاد الإنسان بالله بالسرّ في المسيح يسوع، لأنها قُدِّمت ليست بحسب برّ الناموس، بل بحسب برّ ابن الله الشخصي.
والرسالة للعبرانيين توضح أن كل ذبائح العهد القديم ما هي إلا مُجرد رمز لذبيحة العهد الجديد ولا تساويها في قيمتها الجوهرية، بكونها صارت بدم حي مُحيي يُعطي شفاء داخلي واقعي حقيقي لأنها ذبيحة حية إلى الأبد قادرة على التطهير العميق الكامل والشامل للعالم كله، لأن الدم هنا صار غير منتسب للجسد الطبيعي بل لجسد ابن الله الحي، فصار الدم المسفوك هو دم ابن الله الحقيقي الآتي في الجسد حسب التدبير.
[لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع (يُزيل) الخطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم (المسيح) يقول: ذبيحة وقرباناً لم تَرد، ولكن هيأت لي جسداً، بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرّ، ثم قلت: هنذا أَجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله، إذ يقول آنفاً (أولاً) إنك ذبيحة وقرباناً ومحرقات وذبائح للخطية لم تُرد، ولا سُررت بها، التي تُقَدَم حسب (بموجب أو بحسب) الناموس، ثم قال: هنذا أَجيء لأفعل مشيئتك يا الله، ينزع الأول (العبادة الأولى بكل طقسها) لكي يُثبت الثاني (تتميم الوعد وتحقيق الرمز في كماله حسب قصد الله وإعلان مشيئته)، فبهذه المشيئة نحن مُقدسون بتقديم (بالقربان الذي قُدمَ فيه) جسد يسوع المسيح مرة واحدة] [17]
|