وكانت له في مدينة القسطنطينية لقاءات والقديس ايرونيموس وأوليمبيا الشماسة المعروفة التي التصق اسمها باسم القديس يوحنا الذهبي الفم. كما قيل إن إقامته في المدينة المتملكة لم تدم طويلاً. نمط الحياة فيها كان يغيظه. الصراعات اللاهوتية الكلامية فيها حتى الابتذال أخرجته منها غير آسف. الخلافات العقائدية في المدينة كانت موضوع تندّر. فلو سألت الخبّاز عن ثمن الرغيف لأجابك إن الابن هو دون الآب السماوي ولو سألت متى يكون الحمّام جاهزاً لأجابوك أن الابن مصنوع من العدم.جرى تكليف القديس غريغوريوس بعدد من المهام منها الاطلاع على وضع الكنيسة في العربية وبابل. وقد عرّج على أورشليم فخيّبت آماله، لا سيما لجحافل الحجّاج إليها. كانوا قذرين وعاداتهم في الفنادق أحدثت له صدمة. وجد أورشليم شديدة القذارة، زانية وليس في الإمبراطورية مدينة أكثر ميلاً إلى الجريمة منها. فلفظ حكمه عليها بقوله: "لا يمكنني أن أتصوّر السيد عائشاً في الجسد اليوم فيها، أو أن ثمة فيضاً من الروح القدس في المكان". لم ينصح بزيارتها أو الحجّ إليها. الخلود إلى سكون النفس خير منها.