[walaa farouk]

كيف لنا أن نبتعد عن العالم نحن، الّذين نسكن في العالم؟

ثمَّة ابتعادٌ عن العالم بالجَّسد-ذلك هو الذَّهاب إلى البِرِّيَّة
. ولكن ثمَّة أيضاً وابتعادٌ عن العالم دون أن نخرج منه بوساطة طريقة حياتنا.

الابتعاد الأوَّلُ ليس ممكناً على الجَّميعِ وليس في طاقة الجَّميع،
بينما الابتعاد الثَّاني فهو واجبٌ على الجَّميعِ وينبغي أن يُتَمَّمَ من قبل الجَّميعِ.
هوذا هذا ما يدعونا إليهِ القِدِّيس أندراوُسُ في قانونه،
حينما ينصحنا بأن نبتعد في البِرَّة بوساطة حُسنِ النَّاموسِ. وهكذا،
فارفض عادات العالم، وتمِّم كلَّ عملٍ هكذا، كما يوصي النَّاموس الإنجيليُّ الصَّالح
وإنَّكَ ستحيا في العالم كما لو في البِرِّيَّة.
بينك وبين العالم سوف يكون النَّاموس الصَّالح كحائطٍ لن تُبصِرَ العالم من خلفهِ.
إنَّه سيكون أمام عينَيْكَ، ولكن لن يكون له وجودٌ بالنِّسبة إليكَ.

والعالم بدوره سيتغيَّر، وأنتَ ستكون لديكَ رتبةٌ ونظامٌ خاصَّين بكَ. إنَّه سيرتاد المسرح،
وأنتَ إلى الكنيسة؛ إنَّه سيرقص، وأنتَ ستصنع المطَّانيَّات؛ إنَّه سيخرج في نزهةٍ،
وأنتَ ستكون في بيتكَ في توحُّدٍ؛ إنَّه سيسلم ذاته إلى الكلام البطَّال والضَّحك
، وأنتَ فستثبتُ في الصَّمتِ وتمجيد الله؛ إنَّه سيكون في تعزيَّاتٍ،
وأنتَ في أتعابٍ؛ إنَّه سيقرأ الرِّوايَّات الباطلة،
وأنتَ ستقرأ كلمة الله والكتابات الآبائيَّة؛ إنَّه سيقضي وقته في الحفلات،
وأنتَ فستتحدَّث مع أخٍ لكَ معه وحدة التَّفكير أو مع أبيكَ الرُّوحيِّ
؛ إنَّه سيقوم بحسابات المصلحة، وأنتَ ستُضحِّي بنفسِكَ؛
إنَّه سيُسلم نفسه إلى أحلام الهوى، وأنتَ فإلى فكرِ الله.

وهكذا فارسم قواعد خاصَّةً بكَ من أجل كلِّ شي
ءٍ وأقِم لنفسِكَ منهجاً في الحياة مناقضاً للأنظمة الّتي في العالم
وستكون في العالم وأنتَ خارجه، وكأنَّك في بِرِّيَّةٍ.
فلا أنتَ سيكون لك وجودٌ في العالم، ولا للعالمِ وجودٌ فيكَ. ستكون ناسكاً.


+ القِدِّيس ثيوفانيس الحبيس +