وبهذا المعنى فأن الكتاب المقدس وحدة واحدة متكاملة،
مستتر فيها قصد الله وتدبيره الأزلي، مُعلن بالتدريج في الزمن للإنسان حسب قامته ونموه، لذلك اختار الله أُناس عينهم وساقهم بروحه ونطق على أفواههم بإلهام عالي خاص ليُعلن قصده للإنسان ليحيا به على المستوى العملي، لكي يتم قصده وتدبيره في الإنسان على مر العصور ليوم إعلان مجيئه في ملء مجده ومجد أبيه والروح القدس، لذلك الكتاب المقدس لا ينبغي أن نتعامل معه على مستوى الكلمات منحصرين في الحرف أو الرمز أو التاريخ والفكر أو حتى الألفاظ والتعبيرات، لأنه بطبيعته حي بكونه ينبض بروح الحياة ذاته، أي الروح القدس روح الإلهام كما رأينا معاً في الآيات السابقة؛ فالله حي لأنه في ذاته الحياة، ولأنه حي أعطى حياه لكل من يأتي إليه ويقبله ويقبل إلهام الروح ويدخل في سرّ كلمته التي تعبر عن حياته، والرب نفسه أعلن هذا بفمه قائلاً: [بعد قليل لا يراني العالم أيضاً وأما أنتم فترونني، إني أنا حي فأنتم ستحيون] (يوحنا14: 19)