لم تكــن قصـــة الميلاد العظيم لرب المجد يسوع المسيح هي التي جاءت بالعهد الجديد فقط لكنها وردت في دقة أيضا في العهد القديم ، فالكتاب المقدس يحمل بين دفتيه العهد القديم والعهد الجديد + ومن النبوات التي سجلهـا لنا العهد القديـم عن الميلاد يحدثنا سفر التكويــن "واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (تك 3 : 15)
+ ويتواصل تفسير هذه النبوة في غلاطية (4 : 4)" حيث مكتوب "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة" وعندما نتناول ما جاء بسفر التكوين عن العداوة مع نسل المرأة نجد أن هذا النص يتحدث بداية عن هذه العداوة لأن الحية عرفت عند البشر بأنها مخلوق سام ومكروه من الإنسان
+ وعندما تسحق الحية عقب الإنسان يعني تلسعه في رجليه ولكون الحية زاحفة والإنسان مرتفعا في قامته لذلك فهو يسحق رأسها، وحينما يفعل ذلك هو يقضي عليها مانعا أجيالا من نسلها .
+ وفي رحلة الانتصار يخاطبنا السيد المسيح في لوقا (10 : 19) ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء" وفي ترابط جميل يتناغم الوحي المقدس حينما يتحقق هذا الوعد في السيد المسيح وحده لأنه استطاع دون نسل المرأة أن يسحق رأس الحية القديمة المدعو إبليس الشيطان "رؤيا 12: 911" ولإيضاح أكثر فقد تجسد المسيح من امرأة غلاطية "4:4"
+ أن السيد المسيح ولد من نسل المرأة بدون زرع بشر أي من السيدة العذراء حواء الثانية فالأولي أخطأت وتفرد المسيح بهذا الميلاد.
+ السيد المسيح هو وحده أيضا الذي سحق رأس الحية لأن الله أعطي الإنسان سلطانا بصفته خليفته الغالية علي جميع المخلوقات إلا أن الحية اتخذت لها مركزا مساويا للإنسان من خلال النصح والإرشاد لدي غوايتها لحواء.
+ إن الشيطان كان حاضرا في الحية كما جاء عنها في سفر الرؤيا 19: 9 التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس، ويستمر السيد المسيح في سحقه للشيطان تحت أقدام الكنيسة، ويأتي السحق النهائي حينما يطرح الشيطان في بحيرة النار كما جاء في سفر الرؤيا 10: 20 وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب.
ومن العهد القديم يحدثنا النبي أشعياء بروح الوحي لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا +
وتكون الرياسة علي كتفه ويدعي اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبديا رئيس السلام لنمو رياسته والسلام لا نهاية علي كرسي داود وعلي مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلي الأبد ... غيرة رب الجنود تصنع هذا أشعياء 9: 6-7 .
+ ويخاطبنا إنجيل لوقا البشير "2: 11" ولد اليوم لكم مخلص نعم بميلاد المسيح ولد المخلص وتحقق الخلاص لأنه لا خلاص للإنسان بدون فداء وقد جاء الفداء بالتجسد لهذا كان الميلاد لأنه لا تجسد دون ميلاد وقد يعترض قارئ ليقول ممكن أن يحدث تجسد دون ميلاد.
+ وعندما نعود لظهور الله في العهد القديم نجده ظهر في أوضاع حسية مرة في صورة إنسان ومرة في صورة ملاك وأخري في صورة نار العليقة لموسي النبي.
+ والإجابة أن المشكلة ليست مشكلة التجسد بل مشكلة تأنس أي صار إنسانا والفرق شاسع بين التجسد والتأنس، فالتجسد هو الظهور بصورة أو أسلوب محسوس قد يكون مرئيا أو مسموعا، أما التأنس فهو اتحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة الإنسانية بصورة متكاملة من جسد ونفس وروح لكن دون التلوث بفساد الخطية لذلك لما تأنس السيد المسيح هو الوحيد الذي لم يخطئ ولم يعرف الخطية وليس في فمه غش.
+ لذلك لم يكن إنسانا عاديا في ميلاده وفي قيامته وصعوده إلي السماء جسديا لم يبل جسده كسائر المخلوقات لكنه صعد إلي السماء في مجد ونور ورهبة ... ويحدثنا سفر التكوين في البدء خلق الله السماوات والأرض تك 1:1 ويخاطبنا يوحنا البشير في 1:1 في البدء كان الكلمة وهنا مع الميلاد لابد أن نفرق بين الآية الواردة في العهد القديم والواردة في العهد الجديد.
+ ففي الآية الأولي نجد أن الخلق له بداية زمنية إذ لكل مخلوق بداية زمنية في الخليقة. أما في البدء كان الكلمة فواضح أن المعني هو كينونة الكلمة "اللوغوس" الحكمة الإلهية وبما أن الله أزلي فحكمته كذلك أزلية فلم يحدث أبدا إن كان هناك وقت ظلت فيه الذات بدون حكمه حاشا أن يحدث ذلك لأن الذات الإلهية والحياة الإلهية والحكمة الإلهية كلها أزلية لأن الله أزلي أبدي.
+ ليتضح لنا المعني أكثر في البدء أي قبل كل الدهور لا يحدها زمن قبل كل مخلوق قبل كل موجود منذ الأزل.
+ حقا أن رحلة الميلاد كانت للخلاص، وفي هذه الأيام التي يحتفل فيها عالمنا بعيد الميلاد نصلي من أجل خلاص عالمنا من آلامه ومتاعبه ومشكلاته التي أرقت قلوبنا وأدمت مشاعرنا