(ج) معموديته وتجربته :
عندما بلغ يسوع سن الثلاثين من العمر حوالي عام 27 الميلادي (لو 3: 23) ، ترك الناصرة واعتمد من يوحنا المعمدان . وبعمله هذا أعلن جهارًا أنه قد تقبل عمله المجيد كالمسيا وكابن الله الوحيد والمخلص الذي مع أنه بلا خطيئة تمامًا إلا أنه حمل خطيئة البشر .
وقد أعلن الله الآب رضاه عن عمل ابنه هذا في كونه صار شبيهًا بأخوته البشر الخطاة ، في نزول الروح القدس عليه في هيئة جسمية ملموسة كحمامة ، وبمجيء الصوت إليه معلنًا : "أنت ابني الحبيب بك سررت" (لو 3: 22) . وهذه الكلمات تجمع بين (مز 22: 7 وأش 42: 1) . وهذه الكلمات تعلن أن هذا هو المسيا الذي تتحقق فيه النبوات بأنه عبد الله المطيع لإرادته المتألم لأنه يحمل خطيئة الكثيرين.
وبهذا اليقين في قلبه اقتيد يسوع إلى برية اليهودية لكي يجربه إبليس (مت 4: 1) حتى يثبت كفايته كمخلص البشر وأهليته لهذا العمل العظيم . فكان عليه أن يبرهن أولًا على طاعته المطلقة من غير قيد ولا شرط للآب السماوي ويدلل على قدرته في الانتصار على المجرب . وقد رأى بعض المفسرين في ذكر التجربة في بدء خدمة المسيح الجهارية مقابلة بينها وبين قصة السقوط في تكوين ص 3 وكيف أن آدم الأول سقط وهو في أحسن الظروف المواتية للانتصار وكيف أن آدم الثاني الرب يسوع انتصر على المجرب وهزمه بالرغم من الظروف القاسية التي وجد فيها . وخرج من التجربة ظافرًا غالبًا معلنًا للعالم بأنه يليق لأن يكون ابن الله الوحيد ومخلص العالم بغير منازع (مت 4: 1-11 ومر1: 12و13 ولو4: 1-13).