وقال أيضاً: إن سألك شيخٌ عن أفكارِك فاكشفها له بصراحةٍ متى تأكدتَ أن له أمانةً ويحفظُ كلامَك. ولا تنظر إلى كبر السن بل اعتمد على من له علمٌ وعملٌ وتجربةٌ ومعرفةٌ روحانية، لئلا يُزيدك سِقماً بدلاً من أن يهبك شفاءً. إذا تحدث أناسٌ بأفكارٍ لم تبلغها بعد ولم تُحارَب بها فامتنع من سماعِ كلامِهم هذا لئلا تجلب على نفسِك ذلك القتال. ألزِم نفسَك كلَّ يومٍ بأن تصلي في نصفِ الليل صلواتٍ كثيرةً لأن الصلاةَ هي ضوءُ النفس. راجع نفسَك كلَّ يومٍ عما صنعته فيه من الخطايا وصلِّ إلى الله من أجلِها فيغفرها لك. إن سمعتَ أخاً يدين آخر فلا تستحِ منه أو توافقه لئلا يغضب الله. بل قل باتضاعٍ: «اغفر لي يا أخي فإني شقيٌ وهذه الأمور التي تذكرها أنا منغمسٌ فيها ولستُ أحتمل ذكرها». إن أساء إليك أخٌ وجاء آخر وعاب فيه عندك فاحفظ قلبَك لئلا يتجدد فيه ذكرُ الشرِ الذي أساء به إليك ذلك الإنسان. إذا مضيْت إلى ضيعةٍ مع إخوةٍ لا تعرفهم فأعطهم التقدم في كل شيءٍ ولو كانوا أصغر منك. وإن نزلتَ عند صديقٍ لك فليكونوا هم المتقدمين عليك في كلِّ شيء على المائدة وغيرها. لا تظن في نفسِك أنه بسببِك يكرمهم صديقُك، بل قل لهم: «إنه بسببِكم يصنع بي الرحمةَ». إن مررتَ في طريقٍ مع أخٍ وحدث أن قابلتَ صديقاً لك وأردتَ أن تسأله في أمرٍ ما واستأذنت الأخَ قائلاً: «استرح قليلاً حتى آتي إليك»؛ فإن دعاك صديقُك أن تدخلَ لتأكلَ عنده، فإياك أن تلبي دعوتَه دون أن تُشرك الأخَ الذي معك. إذا دخلتَ قلايةَ أخٍ ليس لك به سابق معرفة فحيثما أجلسك اجلس ولا تتحرك من الموضع الذي أجلسك فيه إلا بدعوةٍ منه. إن كنتَ ساكناً في قلايةٍ فإياك أن يكون لديك إناءٌ يمنعك من حفظ وصيةِ ربك، وإن سألك أخٌ أن تعيره إناءَك فأعطه إياه، رغم حاجتك إليه ورغم عدم وجود غيره عندك، وإياك أن تجلس بعد ذلك متضايقاً مرتبكاً، فخير لك أن يهلك أحدُ أعضائِك من أن يذهب جسُدك كلُّه إلى جهنم. الذين فارقتَهم حباً في الله لا تُكثر ذكرَهم في قلبك لئلا ينشغل عقلُك بهم، بل اذكر الموتَ والدينونة وكيف أنه لا يستطيع أحدٌ منهم أن يعينك في ذلك اليوم. إذا كنتَ في قلايتك وتذكرتَ أن إنساناً أساء إليك وأحزنك، فقم في الحال وصلِّ من أجلهِ من كلِّ قلبِك أن يغفرَ الله له، وبذلك تنطفئ عنك محبة مكافأة الشرِّ بالشرِّ. إذا أنت ذهبتَ لتتناول جسدَ المسيح ودمَه الأقدسين فإياك أن يكون في قلبك حقدٌ أو غيظٌ على إنسانٍ، فإن علمتَ أن في قلب إنسانٍ عليك شيئاً فاذهب واستغفر منه أولاً لئلا تأخذ دينونةً لنفسِك وهلاكاً. إن قوتلت بزنى في أحلامِ الليل، فاحفظ فكرَك من تذكُّرها بالنهار ولا تذكر أيضاً تلك الأجساد التي أبصرتَها في أثناء نومِك لئلا تتدنس بلذتِها وتجلب على نفسِك حزناً، ولكن ألقِ ضعفك أمام الله وهو يعينك لأنه رحومٌ يرثي لضعف الإنسان. فإذا ألزمت نفسَك بصومٍ كثيرٍ وصلاة مستمرة فلا تثق بأنك ستخلص بعد ذلك، ولكن قل في فكرِك: «إني أرجو من الله بصلاة قديسيه أن يصنع مع ضعفي رحمةً من أجل الشقاء الذي شقي به جسدي». إن شتمك إنسانٌ فلا تُجبه حتى يسكت. وفتش نفسَك بخوف الله فإنك سوف تجد أن ما قد سمعتَه كائنٌ فيك وأن العلةَ هي منك. فاصنع له مطانية مثل إنسانٍ يعرفُ بالحقيقةِ أنه هو الذي أخطأ.