الكاهن هو الشخص المعين للقيام بالخدمات الدينية وبخاصة تقديم الذبائح على المذبح والعمل وسيطًا بين الناس والله. والكلمة التي تعبر عن هذه الخدمة في العبرية هي "كَهَنَ" كما في العربية.
(1) خدمة الكاهن:
كان الكهنوت العبري يشكل أحد المعالم البارزة في الديانة العبرانية في العهد القديم. ويبدو هذا واضحًا ليس فقط من الإشارات الكثيرة إليه، ولكن من محتوى العبادة في العهد القديم وطبقة الكهنة الذين كانوا يمثلون الشعب، وأهمية خدماتهم وعلاقتهم بكل جوانب الحياة.
لقد كانت النظرة العبرانية للعالم وللحياة في العالم، تسيطر عليها الغيبية، فضرورة توفر علاقات مقبولة مع الله، جعلت لوجود الكهنة وخدمتهم أولوية قصوى. فكان وجود الكهنة أمرًا جوهريًا لحفظ علاقة مستمرة لإسرائيل مع الله، فكان الإسرائيلي يرتبط بالله بعهد قومي فريد، وكان هذا العهد يستلزم وجود الكهنوت لأهمية خدمته الشفاعية، وكممثلين للشعب أمام الله، فعمل الكهنة وسطاء بين الله والشعب لحفظ علاقة العهد.
وكان نجاح هذه الخدمة الكهنوتية، يتوقف بشدة على معنى وروح القيام بها، وبخاصة من جانب الشعب. فالخدمة الكهنوتية بالنسبة لطبيعتها في تمثيل الشعب يمكن أن تنزلق لتصبح مجرد طقوس عقيمة بلا معنى مما يلغي أي دور حقيقي للشعب نفسه، وتتحول الأهمية إلى الطقس ذاته، ويتلاشى المضمون. وهذا ما آل إليه فعلًا –إلى حد بعيد- الكهنوت العبراني. وكثيرًا ما رفع الأنبياء –في العهد القديم- أصواتهم ضد ابتعاد الشعب عن الله الذي تكلم إليهم من خلال موسى. وفي زمن العهد الجديد، حدث التعارض الشديد بين تمسك الفريسي الشديد بالطقوس كما كان يراها، والرب يسوع المسيح بتأكيده على المعنى الباطني والتفسير الروحي لكل جوانب الحياة.
والمضامين الجوهرية للإنجيل، والتي فيها تمت كل رموز العهد القديم في عمل المسيح الفدائي، نجدها ممثلة في الكهنوت اللاوي. فهذا الكهنوت الذي كان بالغ الأهمية في عصور العهد القديم باعتباره وسيلة لإقامة وضمان علاقة وشركة مقبولة مع الله، أصبح في العهد الجديد أساس فهمنا لخدمة الرب يسوع الكفارية والشفاعية.