البابا شنودة الثالث
50- شريعة العقد في القانون
وهذه نقطة ثالثة أساسية فى كل تشريع، فكل عقد تم بين اثنين فى ظل تشريع معين، يخضع لأحكام هذا التشريع الذى ارتضى به الاثنان عند إبرام العقد بينما. وهو مبدأ مقرر فى كل تشريع تحت السماء، وهى قاعدة قانونية معروفة معمول بها فى كل مكان، وهى كالبديهيات والقضايا البينة بذاتها والتي لا تحتاج إلى برهان أو دليل.
وبناء عليه يجب أن ينص فى تشريع الأحوال الشخصية على احترام شريعة العقد التي تم عقد الزواج في ظلها ما دام الزوجان عند الزواج قد ارتضياها، ويكون قانونها هو الحكم بينهما فى حالة الخصومة أو الخلاف.
وبهذا يوضع حد لتحايل آخر يلجإ إليه الزوج عادة للحصول على الطلاق من زوجته التي ارتبط معها بعقد زواج مسيحي تم في ظل شريعة مسيحية لا تبيح الطلاق.
وباطلاً يزعم بعض الناس بأنه لا قدرة لهم على معرفة نوايا الشخص والتحقق من أنه غيَّر ديانته لقصد الحصول على الطلاق، أو محبة منه للدين الجديد الذى اعتنقه وإيمانا بعقائده. فمن الواضح ان هذا التغيير قد تم بعد نشوب الخلاف بين الزوجين، ولنية فصم العلاقة الزوجية القائمة. وإذا كان القضاء الجنائي لا يغفل ركن القصد الجنائي بل يحاول استقصاء نية المتهم، أفليس حرياً بالأولى بقاضى الأحوال الشخصية أن يتقصى السبب الذى يحدو بأحد الزوجين إلى تغيير دينه ليهرب من أحكام شريعة العقد إلى شريعة أخرى يبيح له نظامها الخلاص من الرابطة الزوجية؟!
إن القانون يجب ألا يحمى أمثال هؤلاء المتحايلين، كما يجب ألا يغض الطرف عن نية الخداع والغش الواضحة عند هؤلاء الناس (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). على العكس فإن القانون إذا نصَّ على احترام شريعة العقد عند حدوث أي خلاف بين الزوجين، فإنه يشكم بذلك كل أسباب التحايل وفنون التدليس والغش والخداع التى يلجأ اليها أصحاب الأغراض الفاسدة.
بهذا، وبهذا وحده يكون التشريع منصفاً وعادلاً، ومحققاً الخير والحق والعدل لجميع المواطنين من دونما تحيز أو تشيع لفريق على حساب الفريق الآخر.
ولسنا في هذا نطلب مِنّة أو وضعاً شاذاً. وإنما نطلب حقاً مشروعاً يقره كل عقل وكل منطق في كل مجتمع راق متحضر.
القمص
باخوم المحرقي
(نيافه الأنبا غريغوريوس المتنيح)
الكلية الاكليريكية في 15 ابريل 1967
برمودة 1683