عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 03 - 2017, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,330,183

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح وتفسير المزمور الأول - طوبى - الجزء الأول من الشرح

تابع شرح وتفسير المزمور الأول - وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ - الجزء الثالث

شرح وتفسير المزمور الأول - طوبى - الجزء الأول من الشرح

تابع شرح وتفسير المزمور الأول
(
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ)
*** الجزء الثالث من الشرح 3-3-2017 ***



+ طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَاراً وَلَيْلاً
وبعد أن شرحنا معنى طوبى للرجل الذي لم يتبع مشورة الأشرار، لا بُد من أن نفهم أنه طبيعياً، بسبب عدم السلوك في هذه المشورة أو قبولها شكلاً أو موضوعاً لن يتم الوقوف في طريق الخطاة ولا مجالسة المستهزئين، لأن الباب المؤدي لطريق الأشرار ومجلس المستهزئين هو البحث وقبول المشورة منذ البداية والسلوك فيها، لكن طالما هذا الباب مغلق من الأساس فبالتالي لن يؤدي إلى فعل الدخول للطريق البائد ولا للمجلس الباطل.

لكن يلزمنا أن نفهم بدقة معنى الخُطاة في الآية هُنا ومجلس المستهزئين، لكي نعي ونفهم القصد من المزمور لنحيا بتدقيق فاهمين واعين من أين يأتي تيه النفس وسقوطها، لذلك يلزمنا أن نعود لأصل الكلمات لكي نفهم ونعي القصد تماماً:
طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي لاَ يَتْبَعُ مَشُورَةَ الأَشْرَارِ، ولاَ يَقِفُ فِي طَرِيقِ الْخَاطِئِينَ (آثم؛ فاسق؛ شرير؛ مُخزي؛ مُذنب)، وَلاَ يُجَالِسُ الْمُسْتَهْزِئِينَ (مُتَهَكِّم؛ مُحْتَقِر؛ مُزْدَرٍ؛ هازِئ)
فهنا في المزمور لا يتكلم عن أي خُطاة، بل حدد المعنى بدقة ووضح القصد المباشر للكلام، لأن الرب يسوع نفسه كان يجلس مع العشارين وَالْخُطَاةِ ويأكل معهم:
وَفِيمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِهِ كَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَتَّكِئُونَ مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ لأَنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ وَتَبِعُوهُ، وَأَمَّا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟»؛ وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ (مرقس 2: 15، 16؛ لوقا 15: 1)
إذاً المزمور يتكلم عن الخُطاة الفسقة المستهزئين الذين يحيون في الخزي العظيم ويحملون الذنب ويحبون هذه الحياة متمسكين بطريقهم المعوج للنهاية بلا أدنى تراجع، أي الغير تائبين المستهترين الذين لا يريدون النجاة ولا الحياة، بل يسيرون في طريق الفساد عن قصد وإصرار ويورطون غيرهم في الشرّ معهم ويخترعون شروراً وهم طبيعتهم نمامين محتقرين الآخرين الذين لا يُسايرونهم ويسخفون طريق التقوى لأنه محل استهزائهم وسخريتهم، وهؤلاء يختلفون كُلياً عن الذين يعرفون أنفسهم ويبحثون ويفتشون عن الحياة الجديدة ويسعون للتوبة لأن عندهم ميل داخلي خفي مستتر نحو خالقهم الحبيب، فهؤلاء هم الأشراف الذين يعرفون أنفسهم ويفتشون عن طبيب النفس ليُعالج نفوسهم ويُنجيهم من الموت، وهؤلاء هم الذين اقتربوا من شخص ربنا يسوع ليسمعوا منه كلمة الحياة الخارجة من فمه لينالوا منه الحياة ولذلك تبعوه والتصقوا به وحبوه، ولذلك الرسول وضح في رومية من هم الأشرار الفاسدين وهو توضيح بليغ يشرح لنا معنى الخطاة هنا في المزمور إذ يقول:
لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ. لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ... لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ ... وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَزِنا، وَشَرٍّ، وَطَمَعٍ، وَخُبْثٍ، مَشْحُونِينَ حَسَداً، وَقَتْلاً، وَخِصَاماً، وَمَكْراً، وَسُوءاً. نَمَّامِينَ، مُفْتَرِينَ، مُبْغِضِينَ لِلَّهِ، ثَالِبِينَ، مُتَعَظِّمِينَ، مُدَّعِينَ، مُبْتَدِعِينَ شُرُوراً، غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ. بِلاَ فَهْمٍ، وَلاَ عَهْدٍ، وَلاَ حُنُوٍّ، وَلاَ رِضىً، وَلاَ رَحْمَةٍ. الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ. (رومية 1: 18 – 32)
إذاً هنا واضح أن مسرة الخطاة في الذين يعملون أعمالهم ويشتركون معهم في الإثم، لأن الإنسان حينما يُصادق آخر فهو يدخل في شركة معهُ، فيتورط طبيعياً في أعماله، لذلك المزمور هنا لا يتكلم عن وجودنا وسط الأشرار والخُطاة والمنعزلين داخلياً عن الله، لأن وجودنا في العالم شيء طبيعي أن نحتك بهم ونوجد في وسطهم سواء في العمل أو الأسرة.. الخ، بل يتكلم عن حالة مُحددة وهي الشركة، لأن الكلام القصد منه قطع أي علاقة تؤدي للشركة لأنها ستقود تلقائياً لأعمال الظُلمة:
شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي اهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ؛ إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ، وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ (كولوسي 1: 12؛ 1يوحنا 1: 6، 7)
وبناء على الآيات السابقة نستطيع أن نفهم قول الرسول: لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ (2كورنثوس 6: 14)
وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا (يوحنا 3: 19؛ أفسس 5: 11)

ولنلاحظ في الآية الأخيرة لا يتكلم عن توبيخ الناس بل أعمال الظلمة، لأن القصد هنا هو كشف وفضح أعمال الظلمة وليس الناس كما يظن البعض، لأن الإنسان المسيحي الأصيل يضع كل شيء في وضعه السليم والصحيح، فأعمال الظلمة شرّ وفساد لا يتوافق مع الحق الإلهي المُعلن في الوصية، لذلك نرفضها ولا نغير مسمياتها لكي نُرضي الناس بل الشرّ واضح أمام أعيُننا ونحن نضعه تحت مسماه الصحيح، لأننا في هذه الأيام الصعبة نجد أن بعضاً من الناس وضعت بعض الخطايا والشرور تحت مسميات أُخرى لتخفيف وطأتها ولكي لا يقولوا أنها خطية، بل صوروها على أنها طبيعية والإنسان ولد بها وفي كيانه ولا ينبغي أن نقول عنها خطية أو شر أو فساد، وبذلك توافق الكثيرين مع الشرّ وتركوا وصية الله عن قصد ونية مُبيته في شكل مُجمل لخداع النفس التي لن يصير لها عذر فيما تصنع، لأنها أحبت الظلمة أكثر من النور ولذلك دينونتها باقية لأنها حكمت على نفسها بنفسها، لأن المريض الذي يغير معنى مرضه لكي لا يقول أحد أنه مرض بل يفتخر به ويتجمل، فأن مرضه لن يرحمه بل سيتفاقم ليصير له سبب موت مُحقق؛ وهكذا المريض بالخطية فأنها لا تتركه في النهاية إلا حِطاماً، لأنها مُدمرة للنفس وقاتلة لأنها وباء شديد الخطورة، لأنها متى ملكت فأنها تملك بالموت، وهي مثل من ذهب لمكان موبوء ظناً منه أنه لن يتأثر ليحصل على لذة لقاء مع من يحبهم ساعة، ولكنه عاد مملوء من كل وباء ينتشر ويتفشى في جسده كله ويزداد مع الوقت حتى يقضي عليه تماماً في النهاية، وهذه هي نتيجة الشركة مع رافضي التوبة والذين يسرون بالإثم، لأنه سيحدث توافق معهم ويتم التقليل من خطورة الشر والفساد، لذلك علينا أن نحذر جداً لأنه لا ينبغي أن يخدعنا أحد بكلام باطل لأن بسببه سندخل تحت سلطان الموت الذي يعمل في أبناء المعصية.

عموماً الجزء الأول من الآية والتي شرحناه يتكلم عن الجانب السلبي، وهو تمهيد لناحية إيجابية فاعلة، لأن الابتعاد عن الشيء هو جانب سلبي يدعمه جانب إيجابي قوي ذات سلطان يحمي ويحرس القلب والفكر في حالة من النور الذي يبغض الظلمة ويبددها دون جهد أو عناء من الإنسان، لذلك فأن الجانب السلبي وحده لا يكفي على الإطلاق لكي يحفظ الإنسان قلبه وحياته في طريق البرّ والتقوى، لأنه مهما ما هرب سيطوله الظلام بدون وجود الجانب الإيجابي، لذلك استدرك الكلام وقال: لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَاراً وَلَيْلاً.
فالذي تكون مسرته في ناموس الرب وهو لهجه وتلاوته وعشق قلبه، كيف يستطيع أن يقف في طريق الخُطاة وفي وسط المستهزئين يجلس، بل ستصير له محل نفور طبيعي، لأن من يرى النور لا يستطيع ان يرتاح في الظلمة أو يسعى إليها قط، لأن ناموس الرب مسرته وهو صار حياته والدائرة المتسعة التي يحيا فيها ويحبها، لأن حيث قلب الإنسان يكون كنزه، فلو هناك حب صادق لوصية الله تكون هي كنزه الغالي الذي يحيا به ويعيشه، وهي الحارس الأمين لفكره وقلبه ولا يمسه الشرير أو تندو منه ضربة ظلمة تغشى فكره وتفسد قلبه وتملك عليه.

_____ يتبـــــع _____