المرض الذي أصاب قدّيس الله، بورفيريوس، كان تصلّب الكبد. وقد عانى من ارتفاع حرارة البدن بصورة متواترة. ومع أن المرض شمله ووخز أحشاءه دونما هوادة وأخذ يُذيب جسده، فإنه لم يتوان يوماً عن التطواف على الأماكن المقدّسة تبرّكاً. وقد أحنت العلّة هامته و أوهنته فصار يتكئ على عصا. في ذلك الوقت تعرّف إليه تلميذه مرقص الذي كان خبيراً في فن النسخ والكتابة. وقد أُخذ بقوة نفس بورفيريوس بعدما لاحظ حالة الوهن التي كان عليها وإصراره، بصورة متواترة، على التجوال في الأماكن المقدّسة. وذات يوم رآه يهمّ بصعود سلّم مبنى الشهادة الذي تأسّس في زمن قسطنطين الملك، ولكن قواه، كما بدا، خانته، فأسرع مرقص الخطى ومدّ لبورفيريوس يد المعونة فأبى الاتكاء عليها قائلاً: "ليس مناسباً لي أنا الذي أجول سائلاً غفران خطاياي أن أستند إلى يد إنسان، عسى الله ينظر إلى تعبي، أيها الأخ، ويُشفق عليّ برأفته التي لا يُنطق بها!" على هذا النحو انصرف بورفيريوس في سبيله ليسمع الأقوال الإلهية ويشترك في المائدة السرّية ثم يقفل عائداً إلى مقرّه. كان واضحاً أنه احتقر مرضه ولم يُنؤ تحت وطأته بل سلك بإزائه وكان مرضه يصيب جسد إنسان آخر. رجاؤه بالله خفّف ثقل حمله عليه.