فحقد عيسو على يعقوب وعزم على قتل يعقوب أخيه حالما يموت إسحق أبوه, ونما هذا الأمر إلى رفقة، فنصحت يعقوب بالهرب إلى خاله لابان في حاران. وكان عيسو قد تزوج -وهو في الأربعين من عمره- "من يهوديت ابنه بيرى الحثي، وبسمةْ ابنة أيلون الحثى، فكانتا مرارة نفس لإسحق ورفقة" (تك 26: 34 و35). "فقالت رفقة لإسحق: مللت حياتي من أجل بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث مثل هؤلاء من بنات الأرض، فلماذا لي حياة؟" (تك 27: 46). وهكذا حصلت بسهولة على موافقة إسحق على رحيل يعقوب إلى فدان أرام ليأخذ لنفسه زوجة من بنات خاله لا بان، "فدعا إسحق يعقوب "وباركه" وصرفه إلى فدان أرام (تك 28: 1-5).
ولما رأي عيسو ذلك، وأدرك أن " بنات كنعان شريرات في عيني إسحق أبيه" ذهب و"أخذ مجلة بنت اسماعيل بن إبراهيم زوجة له على نسائه" (تك 28: 6-9).
وعند عودة يعقوب من حاران، بعد نحو عشرين سنة (تك 31: 38)، كان مازال يخشى انتقام عيسو أخيه، فأرسل قدامه رسلًا إلى عيسو أخيه، إلى أرض سعير بلاد أدوم، ومعهم هدايا كثيرة من الغنم والبقر والحمير، ليسترضى أخاه، وصلى إلى الله قائلًا: "نجني من يد أخي، من يد عيسو لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين"، إذ سمع أن عيسو قادم ومعه أربع مئه رجل (تك 32: 1-21). ولكن عيسو حالما رأي أخاه " ركض للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله وبكيا" (تك 33: 1-4).
ومع أن عيسو استقبل أخاه يعقوب بهذا الترحاب الصادق بلا أدنى حقد أو ضغينة، بل بصفح كامل، ولم يقبل أن يأخذ الهدية إلا بعد إلحاح شديد من يعقوب فإن يعقوب لم يستطع أن يتخلص من شكوكه، فلم يشأ أن يرافقه عيسو في الطريق، بل وأبى أن يترك معه عيسو بعضًا من رجاله لحراسته. وهكذا انفصلا، ورجع عيسو إلى سعير. بينما سار يعقوب إلى سكوت ومنها إلى شكيم (تك 33: 5-18).
لقد كان عيسو في صباه مندفعًا قليل البصيرة، ولكن عندما تقدمت به الأيام، بدا متحليًا بأخلاق كريمة فصفح عن فعله أخيه، وقابله بحب وترحاب. وتقابلا بعد ذلك عند موت أبيهما إسحق حيث اشتركا في دفنه (تك 35: 29). ولا نعرف شيئًا بعد ذلك عن عيسو.
وإذا كنا قد رأينا العداء القديم يتلاشى عند مقابلة الأخوين، وعند اشتركهما معًا في دفن أبيهما، إلا أنه سرعان ما ظهر بقوة بين نسيلهما، فتوارثا العداء جيلًا بعد جيل، فكان تاريخ نسليهما سلسلة متواصلة من الصراعات والحروب. لقد كان أعداء إسرائيل يظهرون ويختفون كأمواج البحر، أما الأدوميون فكانوا لبني إسرائيل أعداء ألداء على الدوام، فقد ظل الشعبان في عداء مستحكم لم يكن له مثيل بين أي شعبين أخرىن متجاورين وابناء عمومة واحدة0 فمنذ أيام شاول الملك (1 صم 14: 47-أي منذ نحو سنة 1000 ق0م0) إلى نحو سنة 120 ق.م. في أيام الحشمونيين، ظلت الحرب سجالًا بين بني إسرائيل.