عرض مشاركة واحدة
قديم 10 - 01 - 2017, 05:04 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,327,891

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة‎ ‎‏(+373م)‏

لم يردّه عن قول الحق ضيق ولا أسكتته عن الشهادة قوّة. تمثّل الأرثوذكسية قولاً وعملاً. قريباً من الشعب كان لا أرستقراطياً. أسقفاً للمقاومة، بتعبير عصري. حريصاً على إتمام رعايته وتقدّم سامعيه في سبل الحياة الإنجيلية. لا يتسّم لاهوته بالتأملية الفلسفية بل بالصلابة العقدية. لاهوته تأكيد للحق الإلهي لا تفكّر نظري فيه. لاهوته حي. حتى البلاغة عنده مظهر من مظاهر الالتزام بعمل الله الخلاصي.
كان أثناسيوس كلّياً في قولته وتصميمه. اتهموه بالتصلّب وقلّة المداراة. والحق إنه كان صلباً لا متصلّباً. أحدياً في توجّهه على نحو حاد واضح، لا يراوغ ولا يناور ولا يداور. الشعب المؤمن والرهبان أدركوا أنه يقول الحق. لم ‏يؤخذوا بفتنته. أخذوا بشهوة الحق لديه. أقنعهم لا بمنطقه، بل لأنهم وثقوا به. هذا كان سر بلاغته النفّاذة.
‏صنع أثناسيوس الكثير. ترك على الفكر اللاهوتي عبر العصور بصمات لا تمّحى. ولعلّ أبرز ما تركه أنه حال دون تحوّل المسيحية عن خطّها الخلاصي ‏التأليهي إلى فلسفة. كما حرّر الكنيسة من ربقة القوى السياسية، لاسيما وقد اعتاد الأباطرة الرومان، إلى زمانه، الاستبداد بشؤون العبادة كما بشؤون العباد. كذلك ربط اللاهوت بالتأله وبالنسك، وقدّم في شأنه أنطونيوس ‏المغبوط نموذجاً للإنسان الجديد، فكان أثناسيوس مفصلاّ بين الكنيسة كما آلت إليه بكل التحديات التي نزلت بها، والكنيسة كما استودعها سيّدها حقّه ونفسه لمئات السنين، بعدما انفتح بابها للدنيا على مصراعيه، حتى إلى يومنا هذا.
  رد مع اقتباس