وقد كان البطريرك يطوف مع شمّاسه وقوّاسه يجمع المطروحين في الأزقة الى الدار البطريركية والمدرسة التي تقابلها ويعنى بإعالتهم. وكثيراً ما كان يطعمهم بيده.
وقد قيل انه لما تفشّى وباء الكوليرا وغريغوريوس مطران على طرابلس، لم يهرب من المدينة بل شرع يزور المرضى ويعزّي المنكوبين ويعطف على الفقراء. ولمّا ألحّ عليه أصدقاؤه بالمغادرة أجاب: “ليست حياتي أفضل من الذين لا يستطيعون الفرار من الوباء!”.
بلغه يوما نفاذ الدقيق من البطريركية الا كيساً عزم الخدّام على خبزه وتوزيعه على الأرثوذكسيين دون غيرهم. فجمعهم وأخذ رغيفاً بيديه وقلّبه ثم نظر اليهم قائلاً: “لم أجد كتابة ما على الرغيف تقول إنه للروم دون سواهم!” وللحال أمرهم بتوزيع الخبز على الفقراء كافة دونما تفرقة.
سأل متسوّل البطريرك يوماً حسنة فقال له أحد الإكليريكيين المرافقين له: ما طائفتك؟ فانتهره البطريرك قائلاً: هل تمنع عنه الصدقة اذا كان من طائفة غير طائفتك؟ ألا يكفيه ذلاً انه مدّ يده ليستعطي لتذله بسؤالك عن عقيدته؟! ولما قال هذا أخرج نقوداً من جيبه وأعطاه إيّاها فانصرف مسروراً مجبور الخاطر.