" أَنتَ الصخرة وعلى هذهِ الصخرةِ أَبني كنيستي"
ولكي نعلم ماذا قصد يسوع بهذهِ الكلمة والكنية التي لقبَ بها سمعان بن يونا, علينا أَنْ نتذكر ما يفعلهُ الملوك والروؤساء عندما يضعونَ أساساتِ بناءِ مشروعِ ما, فهم يضعونَ بإِحتفالِ مهيب حجر الاساس الاول, وهذا ما قصدَهُ المسيح بهذهِ الكنية التي أطلقها على سمعان بن يونا أيضاَ, فجعلهُ هو حجر الاساس الاول في مشروعِهِ العظيم لبناءِ كنيسَتِهِ اي هيكل الله على الارض. وهي ليست هيكلاََ مبنياََ من مواد بناء عادية, بل هيكلاَ مبنياَ من حجارة حية, كل مؤمن فيها يكُونْ لبنة بناء في جدرانها وكيانها. وإِذا قرأنا في الرؤيا عن أساسات أُورشليم السماوية نجدها مسمات بإسماء تلاميذ المسيح الاثني عشر, وبطرس (أي كيبا, أي الحجر) لم يكن سوى أولهم (أي حجر الاساس الاول).
ولعِلم المسيح المُسبق بألأحداث الاتية راح فوراَ يُكلِمَ تلاميذهُ عن فدائهِ وموتِهِ, ثُمَ عن ما ستُعانيهِ كنيسَتُهُ على الارض فراح يُذَكِر تلاميذَهُ بهذهِ المعاناة فقال:" من أرادَ أن يتبعني لابدَ لهُ أن يحمل صليبهُ ويتبعني, ومن أراد أن يُخلص نفسهُ يخسرها, ومن خسِرَ نفسَهُ لأجليِ يجدها".
وعند هذهِ النقطة, إنتقلَ الربُ بهم من فترةِ المعانات إلى لحظةِ الانتصار الاخير ومجيئهُ الثاني في مجدِ أَبيهِ مع ملائِكَتِهِ كديان للعالمين, فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِد, ثُمَ قال:
" إِنَّ بَعْضاً مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا الْمَوْتَ، قَبْلَ أَنْ يَرَوْا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ"
وهنا قد يفهم السامع "بأَنَّ بعضاَ من القائمين آنذاك مع المسيح من التلاميذ سوف يروا مجيئَهُ ألثاني في مجدِهِ ثُم يذوقوا الموت" ولأنَّ جميع تلاميذ المسيح إستشهدوا او ماتوا بعدهُ, فذهب معظم المفسرين يتكلمون عن تجليهِ على الجبل امام ثلاثة من تلاميذهِ كما في:
متى(17-1): وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. (2) وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (3) وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ.... (5) وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا".
فقد تجلى الربُ أمام بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا, لكن هذا لا تفي بشروط الآية (27), فالمسيح لم يأتي في ملكوته وهو على الجبل مع تلاميذهِ!! فالآية تقول:
" سَوْفَ يَعُودُ إِبنُ ألإنسان فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ "
أي تتظمن الآية ثلاثة أشياء وهي: " أولاَ: عودة الرب يسوع المسيح في مجدهِ , ثانياَ: يكون الرب بمعية ملائكتِهِ, ثالثاَ: يأتي كديان ليُدين كل البشر".
وأيضاَ قد قال بعض المفسرين بأن المقصود بعودة المسيح في مجدهِ, هو قيامة السيد المسيح، لأن ظهر بمجده بعد القيامة وبدأ الملكوت بقيامته. وبالتالي كان المسيح يقصد من تكلم معهم حرفياً, وهنا نعود لنقول:
إِنَّ ظهور الرب بعد قيامتهِ وترائيه لتلاميذهِ, لا يُطابق متطلبات الآية 27, فالرب لم يأتي في حينه بمعية ملائكتهِ , ولم يأتي كديان للعالمين فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ, وكذلك إِنَّ قيامة الرب ذاتها كانت من ضمن أحداث مجيء المسيح الاول ألتي سبقت صعود الرب, وليس كما سيحصل في مجيء الرب الثاني وعودتِهِ في مجدهِ ومجد أبيه ومع ملائكته ليُدين ألعالمين.
اعمال(1-10): و فِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، (11) وَقَالاَ: "أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ".
فعن من تكلم المسيح؟ ومن أخصَ من الواقفين في تلك البقعة بهذِهِ الجملة الاخيرة من الحديث؟
فقد أنتقل سلام ونعمة من ربنا يسوع المسيح بالتلاميذ من لحظة كلامهِ معهم إلى اللحظات المستقبلية حينَ ينفخ الملاك السابع في البوق السابع والاخير: كما في:
تسالونيكي الاولى(4 ـ 14): فـإنا إن كنا نؤمن إن يـسوع قـد مات ثُم قام فكذلك سَيُحضِر الله الراقـدين بيسوع مع. (15) فـنقول لكم بكـلمةِ الـرب إِنا نحنُ الاحياء الباقين الى مجيء الـرب لا نـسـبُـقَ الـراقـدين.( 16) لان الـرب نفسـه عنـدَ الهِتاف عـنـدَ صوتِ رئيـس الملائكة وبوق اللـه سَـيَـنـزِل مـن السـماء ويـقومَ الاموات في المسـيح أولاَ. (17) ثُـمَ نحـنُ الاحيـاء البـاقيـن نُختَطَف جميعاَ معهم لنُلاقي المسيح في الجـو. وهكذا نكونَ مَعَ الرب دائـماَ.
كورنتس الاولى (15-51): وهـا إني أكشفُ لكم سِـراَ, إنا سنقوم كلنا ولكن لا نتغير كلنا (52) في لحظة وطُرفَـة عـين عـنـدَ الـبـوق الاخـيـر فإنه سـيُهتف فيقـوم الاموات عادمي الفساد ونحنُ نتغيـر. (53) لانه لابـد لهـذا الفـاسد أن يـلبسَ عدمَ الفساد, ولهذا المائت أن يلبس عـدم الموت. (54) ومتى لبِسَ هذا الفاسـد عدمَ الفـساد ولبسَ هذا المائت عدم الموت, حيـنـئـذِِ يـتـمَ الـقـول الذي كـتـب أن قـد أُبـتُـلِـعَ الموت في الغـلـبـة.