أمّا قولي "تجاهلوا" فلا شكّ لديّ في أنّ منهم مَن تنبّه إلى وجود اختلاف في المعنى ما بين مقولة دلّت على الموت وبين أخرى نفت الموت، لكنّ المتنبّه لم يستطع الإفصاح عن رأيه صراحة، لأنّ سيف الإسلام مسلَّط على رقبته وعلى رقبة كلّ مخالف، لاتّهامه بالكفر أو الزندقة أو الإلحاد أو محاربة الله ورسوله... إلخ. والأمثلة على رصد المسلم المخالف واغتياله كثيرة منذ صدر الإسلام إلى اليوم.
وإليك أيضًا ما اقتطفت من تفسير الرازي المائدة: 117 [فلمّا توفَّيتَني: والمراد منه وفاة الرفع إلى السماء، من قوله: (إني متوفّيك ورافعك إليّ)- آل عمران:55] انتهى.
فتعليقي- على خلاف تأويل الرازي: لقد ناقض مؤلِّف القرآن نفسه بنفسه هنا أيضًا؛ إذ لم يقُلْ "فلمّا توفّيتَني ورفعتني" في المائدة مثلما قال "إني متوفّيك ورافعُك إليّ" ممّا في آل عمران:55 فمعنى الوفاة إذًا في آل عمران:55 وفاة الموت بينما المعنى في المائدة:117 وفاة الرَّفع، كما فسَّر الرازي، لأنّ معنى "متوفّيك ورافعك" مختلف عن معنى "متوفّيك" فقط.
وفي القرآن، عن نفي موت المسيح- حسب تفسير الطبري النساء:159 [عن قتادة: "وإِنْ مِن أهل الكتاب إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ به قبل موته ويَومَ القِيَامَة يَكُونُ عَلَيهِمْ شَهِيدا" قال: قبل موت عيسى، إذا نزل آمنت به الأديان كلّها..." وعن الحسن: "إلا ليؤمنن به قبل موته" قال عيسى، ولم يمُتْ بَعدُ"] انتهى.