عرض مشاركة واحدة
قديم 30 - 06 - 2016, 04:48 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,481

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الاعلان والتفسير

تاريخ ومنهج:
يجب أن نقبل مباشرة كون الكتاب المقدس صعباً ومختوماً بسبعة أختام. وكلَّما مرَّ الزمان أصبح أكثر صعوبة. ولكنَّ صعوبته لا ترجع إلى أنه مدوَّن “بلغة مجهولة” أو إلى احتوائه “كلمات سرِّية لا يُسمح لنا بتلاوتها”. فبساطته التامة هي حجر عثار لنا، لأن أسرار الله موضوعة في قوالب الحياة اليومية عند الإنسان العادي، حتى إن التاريخ كلّه يظهر بشرياً مثلما كان الرب المتجسد.
الكتاب “موحى به” من الله، فهو كلمته. لكنَّ بحث ماهية الوحي بدقة أمر مستحيل، لأنه محاط بسر، بسر مواجهة الله للإنسان. إننا لا نستطيع أن نفهم الطريقة التي سمع بها “قديسو الله” كلمة سيدهم، ولا كيفية تعبيرهم اللغوي عمَّا أوحى به الله إليهم. وحتى في عملية تعبيرهم الإنسان كان صوت الله معهم. هذه هي معجزة الكتاب وأسراريته: إنه ظهور كلمة الله مدوَّنة في لغة بشرية. ومهما كانت الطريقة التي نفهم بها الوحي الإلهي فعلينا ألاَّ تغفل عاملاً أساسياً وهو أن الكتاب ينقل إلينا كلمة الله في لغة بشرية. فالله كلَّم الإنسان بالفعل، وهذا يفترض وجود من يسمع الكلمة ويعيها. ولذلك ترتبط “التشبيهية” (anthropomorphism خلع الصفات الإنسانية على الله) بهذا الأمر، لأنه لا مجال هنا لانزلاق نحو الضعف البشري، لأن اللسان البشري لا يفقد خصائصه الطبيعية عندما يصير عربة للإعلان الإلهي. فإذا ما أردنا أن تكون كلمة الله مدوِّية، فلساننا يجب أن يبقى لساناً بشرياً. إن الإلهام الإلهي لا يمحو العنصر البشري، بل يغيِّر وجهه فقط. فكل “ما يفوق الطبيعة” لا يهدم “ما هو طبيعي”: “ما هو فوق الطبيعة” (hyper physin) لا يعني “ما هو بخلاف الطبيعة” (para physin). واللغة الإنسانية لا تخون الإعلان الإلهي ولا تقلِّل من شأنه أو تقيِّد قوة كلمة الله. وما دام الإنسان مخلوقاً على صورة الله ومثاله فهو يقدر أن يعبِّر عن كلمة الله بكلماته البشرية بشكل كافٍ وصحيح، لأن كلمة الله لا تخفت عندما ينطق بها لسان بشري. أمَّا قبول الله مخاطبة الإنسان فقد أكسب الكلمة البشرية قوة وعمقاً جديدين، وأعطاها شكلاً مختلفاً.
  رد مع اقتباس