هذا وإن الله يخلق لنفسه أبناء عبر صلبنا: “يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم” (غلا4: 19)، ومن خلال هذا المخاض يحقق المسيح ذاته في الكنيسة “التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أفسس1: 23). “أفرح في آلامي لأجلكم وأكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة” (كو1: 24). الكاهن في خدمته هو إذن في نضال ونزاع. يريد أن يعطي أكثر مما ينتظره الناس منه: ليس آيات وعجائب بل أبوة روحية. خدمة الكاهن هي أن يلد أبناء لله. إنه يتألم لأجل أبنائه وبسببهم كما يتألم معهم في نموهم كأولاد لله.
وهو أيضاً راعٍ لرعيته يستمد خدمته هذه من الراعي الوحيد الرب يسوع المسيح. وهو كراعٍ يسير مع قطيعه أينما رحل ومهما حلّ به ويشاركه ظروف حياته. إنه في آن واحد الرفيق والقائد الذي بدونه تتشتت الرعية. أما إذا تشتت “فسيُضرب (بضم الياء) كثيراً” (لو12: 48).
ولذا علينا أن نعطي حياتنا في كل شيء نقوم به. خدمة الكاهن للكنيسة أن يعطي حياته للكنيسة. إنه لا يستطيع أن يلد حياة دون أن يبذل حياته. ولكن الأمر العجيب البديع هو أنه لا يبذل حياته هو، بل إن حياة المسيح هي التي تبذل وتنسكب من خلاله. وبقدر ما نبذل أنفسنا حباً بالمسيح تكون الغلبة لحياة المسيح التي تعمل في أولاد الله وتحييهم ونحن معهم لحياة أبدية.
رهبنة دير مار جرجس الحرف