فالكنيسة اعترفت “بمسكونية” المجامع التي لها سلطة دامغة. إنها اعترفت بها فور وبعد زمن لا لأهليتها القانونية، بل لطابعها المواهبي، إذ شهدت بالروح القدس للحقيقة الموجودة في الكتاب المقدس كما سُلم في التقليد الرسولي . لا مجال هنا لبحث “نظرية الاستلام”، لأن هذه النظرية لم تكن موجودة. فهناك رؤية إيمانية فقط. إن هانس كونغ (Hans Küng) في كتابه (Sturkturen der Kirche) “بنية الكنيسة” اقترح طريقة تساعد في فهم هذه المسألة. ورغم أن هذا المؤلف ليس مؤرخاً فإن المؤرخين يقدرون أن يطبقوا مخططه اللاهوتي على نحو مثمر. فاقترح كونغ أن يُنظر إلى الكنيسة “كمجمع” يدعوه الله نفسه إلى الانعقاد (“بدعوة إلهية”Aus göttlicher Berufung)، وإلى المجامع التاريخية أي المسكونية والعامة كمجامع يدعوها الإنسان للانعقاد (“بدعوة إنسانية”Aus monschlicher Berufung)، لأنها تمثل الكنيسة بشكل حقيقي، لكنها لا تكون أكثر من ممثلة . وتجدر الاشارة إلى أن المؤرخ الروسي بولوتوف (V.V.Bolotov) أورد منذ سنوات مفهوماً مشابها في “محاضراته عن تاريخ الكنيسة القديمة”، فقال إن الكنيسة اجتماع (ecclesia) لا ينفض أبداً . والسلطان السامي ومقدرة تمييز حقيقة الإيمان أودعا في الكنيسة التي هي “مؤسسة إلهية” بالمعنى الصحيح والدقيق للكلمة.