+ ماذا تعني تلك الكلمات؟ ما هي النتائج المترتبة عليها؟ كثيرة. لأن ما يقوله هو نوع من هذا: مادام نهار حيث يمكن للشعب أن يؤمن بي، مادامت هذه الحياة لازالت قائمة يلزمني أن أعمل. يأتي ليل، بمعنى أنه في المستقبل حيث لا يقدر أحد أن يعمل. لم يقل: "أنا لا أقدر أن أعمل"، بل "لا يقدر أحد أن يعمل"، بمعنى انه لا يعود يوجد إيمان ولا أعمال ولا توبة.
+ لماذا دعا بولس هذه الحياة "ليلاً"؟ (رو ١٣: ١٢) وهنا دعاها السيد "نهارًا""؟ إنه لا يتحدث بما يعارض المسيح، إنما يقول نفس الشيء، وإن كان ليس في الكلمات لكن في المعنى. إنه يقول: "قد تناهى الليل وتقارب النهار". دعا الوقت الحاضر ليلاً، لأنه يقرنه بالنهار المقبل. دعا المسيح المستقبل "ليلاً" لأنه لا يوجد مكان لأعمال التوبة والإيمان والطاعة في العالم المقبل إن أُهملت خطية ما هنا. أما بولس فيدعو الحياة الحاضرة ليلاً لأن من يستمر في شره وعدم إيمانه فهو في ظلمة. فإذ يوجه الحديث إلى المؤمنين قال: "قد تناهى الليل وتقارب النهار"، إذ يلزمهم أن يتمتعوا بذاك النور؛ إنه يدعو الحياة القديمة ليلاً. "فلنخلع أعمال الظلمة، ونلبس أسلحة النور".
القديس يوحنا الذهبي الفم