إنه لم يتقدم للعمل لإبراز قدرته على صنع عجائب، وإنما ليمارس أعمال أبيه الذي أرسله. لم يقل أمارس الأعمال التي أمرني بها أبي، وإنما يمارس ذات أعمال أبيه. ويلاحظ هنا الآتي:
أولاً: جاء إلى العالم لمهمة عمل، يحقق إرادة أبيه في طاعة كاملة كابن الإنسان، وهي ذات إرادة الابن. لهذا فمن يطيع، إنما يشارك مسيحنا طبيعة الطاعة.
ثانيًا: يمارس ذات عمل الآب، وهذا ما يؤكده السيد المسيح في إنجيل يوحنا في وحدة العمل الإلهي، كما سنرى في عبارات قادمة واضحة.
ثالثًا: بروح الحب للبشرية والطاعة والوحدة مع الآب يجد مسرة في تحقيق هذا العمل، بل والتزام محبة، إذ يقول: "ينبغي أن أعمل".
رابعًا: يعمل مادام نهار قبل أن يتحرك اليهود بالحقد والكراهية لقتل السيد المسيح. فترة خدمته هي فرص للعمل الظاهر حتى وإن كان الوقت سبتًا. هذه دعوة لنا للتحرك بالعمل، وانتهاز كل ساعات عمرنا لئلا ينتهي نهار عمرنا ولا نحقق رسالتنا. لقد وهبنا الله النهار للعمل (مز ١٠٤: ٢٢-٢٣)، لذا يليق بنا ألا نلهو في نهار عمرنا ولا نفسده، بل نجاهد في طاعة لله أبينا حتى متى حل المساء صار لراحتنا.
خامسًا: يدعونا نحن أيضًا أن نعمل به ومعه، وكما يقول الرسول: "العاملان مع الله" (١ كو ٣: ם). ففي العمل معه راحة وكرامة ومجد، نشترك معه في العمل مادمنا في الحياة قبل أن يحل الليل.