عصيان النبي يونان
اتّصف يونان بالعنصرية البغيضة كأغلب قومه، ولذلك عصى أمر اللّه تعالى ولم يشأ أن يذهب إلى نينوى وينادي عليها بالتوبة، لئلا تتوب إلى اللّه فيعفو اللّه عنها، ويونان يتمنّى إبادتها لأن سكّانها كانوا أعداء شعبه. لذلك هرب من أمام وجه اللّه، ونزل إلى يافا، وأخذ سفينة كانت متّجهة إلى ترشيش. ولكن اللّه كان له بالمرصاد فهيّج البحر، وكادت السفينة التي تقلّه أن تغرق، أما هو فنزل إلى قاعها واضطجع ونام نوماً ثقيلاً، ممثلاً الخاطئ الذي يصرّ على الخطيئة فيموت ضميره ولا يشعر بتأنيب، فأيقظه ملاحو السفينة وركّابها ليصلي إلى إلهه كما صلّوا هم إلى آلهتهم، لعلّهم يُرحمون ويهدأ البحر فيخلصون. ثم اقترعوا ليعلموا بسبب مَنْ حلّت بهم تلك البلية، فوقعت القرعة على يونان، فاعترف يونان بذنبه وقال لهم: «خذوني وألقوني في البحر فيسكن البحر عنكم فإني عالم أن هذه الزوبعة إنّما حلّت بكم بسببي» ولسان حاله يقول لربه: «إلى أين أهرب من وجهك، وإلى أين أذهب من روحك، إن صعدت إلى السماء فأنت هناك وإن اتّخذت لي أجنحة وأقمتها لأسكن في أواخر البحر فإن يدك تهديني ويمينك تمسكني». وكان ربان السفينة وركّابها من الوثنيين الذي لم يعرفوا الإله الحقيقي ومع هذا عرفوا قيمة الإنسان، ولم يشاؤوا أن يهلكوا يونان، بعكس يونان الذي عرف الإله الحقيقي ولكنه هرب من أمام وجهه ولم يشأ أن يذهب إلى نينوى وينادي عليها بالتوبة لئلا تنجح خدمته فيخلص أهل نينوى من الهلاك وهو يريد لهم الهلاك. فتأمّل!... وألقى الملاحون الأمتعة إلى البحر لعلّهم يخلصون السفينة من الغرق ولكن بدون جدوى لأن البحر كان هائجاً جداً والعاصفة هوجاء، وكادت السفينة تتحطّم. فاضطروا أخيراً إلى أن يلقوا يونان في البحر حسب طلبه فهدأ هيجان العاصفة حالاً.