منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم المواضيع المسيحية المتنوعة (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=154)
-   -   لمستهُ فشفاها (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=655600)

walaa farouk 01 - 12 - 2019 08:36 PM

لمستهُ فشفاها
 
https://upload.chjoy.com/uploads/157523245614911.jpg

يصوّر البشير لوقا في انجيله، بصفته طبيب، قصصاً عن الشفاء من أمراض،
ولقد استوقفتني ‏واحدة من تلك القصص‎ ‎لما فيها من دروس
، تأملات وعبر. إنها قصة نازفة الدم، فهي لم تنزف ‏دماً فقط،
إنما استنزفت طاقتها الجسدية والنفسية، مواردها المادية،
علاقاتها الاجتماعية ‏والتزاماتها الدينية. إنسانة ضعيفة، محطمة ومرفوضة
، لأنها نجسة بحسب الشريعة، والأسوأ من هذا كله أنها ‏أنفقت كل معيشتها على الأطباء،
وفي زيارتها لكل واحدٍ منهم، كان هنالك بصيصاً من الأمل ‏في شفائها على يده،
لكن كل المحاولات باءت بالفشل، فهذا المرض خطير ٌجداً،
هو مرض ‏عُضال جسدي خبيث، ونزفُ دمٍ بشكلٍ مستمر،
هذا المرض يقود الى الاكتئاب النفسي، وشدة ‏اليأس.
وليس ذلك فقط، بل يؤدي الى المرض الروحي:

إذ تُصبح محرومة دينياً وطقسياً، ‏ومحرومة اجتماعيا من الزيارات والالتقاء بالناس
. حقاً كانت يائسة بكل معنى الكلمة! لكن لم تستمر حالتها هكذا،
فذات يوم انقلبت رأساً على عقب، إذ كان يسوع مجتازاً في ‏بلدتها،
ذاهباً في مهمة، وهي إقامة ابنة يايرس، محاطاً بحشدٍ من الجموع
، لكن لم يوقفها ‏ويهبط عزيمتها أي عائق، ففي أعماق نفسها كانت تدرك نجاستها،
لكن أدركت أيضاً أن هذا ‏الشخص العجيب لا يتنجس من لمسة، بل لمسته تُقدّس وتحرر.
لربما سمعت عن يسوع ‏ومعجزاته من قبل، لذلك عرفته،

وأدركت قوته وسلطانه، فقالت:" لو مسست هدب توبه ‏شفيت"
. وهذه المرأة لم يكن لها قوة على المشي
، بل كانت تزحف بين الجموع، وربما كانوا ‏يدوسونها ويتعثرون بها،
لكنها بقيت مستمرة بالزحف، وكانت تردد كل الوقت في نفسها: "
‏لو مسستُ هدبَ ثوبه فقط شفيت"! رددتها أكثر من مرة،
حتى تغلغلت في أعماقها وولدت ‏إيماناً عظيماً.

لقد أضحى كل شيء يائساً أمامها ولا تملك إلا هذه العبارة لأنها ها أصبحت ‏أملها الوحيد
. دخلت وهي ضعيفة ومُخاطرة في حياتها، لأنه إذا لاحظ الناس،
وبالأخص الفريسيين، ‏وجودها فستقع في ورطةٍ كبيرة وستحاكم.
وكما ذكرتُ في البداية، فإنَّ يسوع كان ذاهباً ‏ليشفي ابنة يايرس،
وكان الجمعُ محتشداً حوله من كل جانب،
وفجأة تقاطعه هذه المرأة ‏وتتجرأ وتلمسه، فنراه يلتفت ويسأل :"من لمسني"؟
قد نستغرب للوهلة الأولى من هذا ‏السؤال، فيسوع يعرف كل شيء
، لكنه قصد من ذلك أن يرفع ان يرفع هذه المرأة ويعلن ‏شفاءها أمام الجميع.
لكن جواب بطرس كان : "الجميع لمسك"!

في الحقيقة توجد لمسة تختلف عن الأخرى، نعم فالناس قد تقترب من يسوع وتلمسه
، من ‏باب المعرفة والفضول، وآخرين يلمسونه تأثراً وانبهاراً بعظمته،
لكن لمسة هذه المرأة ‏اختلفت عنهم كلهم، إذ هي لمسة الإيمان واليقين،
أنه وحده هو الشافي والمعين. والشيء المميز أن يسوع وقف وسألها،
ليس فقط ليشفيها بل ليرفعها أيضاً،
كذلك أن يهنئها ‏ويشجعها لتنال الخلاص الروحي بالإضافة الى شفاءها الجسدي.
وليؤكد لها وللآخرين أن ‏شفاءها لم يكن اغتصاباً بل اختيارا،
وأيضا ليظهر للتلاميذ وللجمع بأن قوة خرجت منه،
فلم ‏تجعل أي لمسة من لمسات الناس المحتشدة القوة تخرج من يسوع،
إلا لمسة هذه المرأة، ‏لأنها لمسة حقيقية، تُعَبّر عن الايمان.
أتت هذه المرأة وهي مرتعدة ،ساجدة ،عابدة، وخرَّت له.
فقال لها: " ثقي يا ابنة". لقد ‏منحها بركة البنوة، وحررها من الخوف.
لقد شفاها جسدياً، عقلياً، نفسياً وروحياً أيضاً. ‏وهذا برهانٌ على سلطانه وتوقيته أيضا.
كان يسير بعزم وثبات، ذاهباً ليشفي ابنة يايرس،
‏فهو لم يتحرك مُقيّداً بالظروف المحيطة به، ولم يستعجل، لأنه يتدخل في التوقيت المناسب ‏دائماً،
وهكذا يرجع له كل المجد، وتكون المعجزة أشد تأثيراً.
وفجأة يأتي أناس من بيت يايرس ويخبروه بأن لا يتعب المعلم.
حقاً قد نقول نحن أيضاً هذه ‏العباره، أو قد نسمعها من الآخرين عندما نصل الى طريق مسدود،
أو وضعٍ يائس والرجاء ‏والأمل منه مفقود. لكن يسوع ذهب معه وأقام ابنته،
فانتعشت روح هذا الأب الحزين ‏والكئيب على موت ابنته الغاليه،
وتحولت الجنازة إلى موكب فرح!
لربما تحتاجين إلى لمسة قوية من يسوع،
لمسة للشفاء، للتحرير، للإقامة من ‏وضع بائس ومائت
، لربما تعبتِ من المحاولات، وصرت مثل نازفة الدم، إلى حال أردأ
، ‏واستنزفت كل قوتك، بهجتك، معنوياتك.
أشجعك اليوم أن تقتربي من يسوع، وتختبري لمسته ‏القوية، العظيمة، الشافية والمحرّرة،
حتى لو أتيت زاحفة، خائفة، أو وصل بك الحال الى ‏طريق مسدود،
ثقي به فهو دائماً موجود، موجود دائماً لأجلك،
لن يرفضك ويرذلك، بل ‏سيلمسك ويشفيكِ، ويرد كرامتك،
فترجعي ورأسك مرفوع، وتعطي المجد وتشهدي عن ‏عظمة إلهك يسوع



الساعة الآن 05:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025