![]() |
إنجيل يوحنا بين اللاهوت والتاريخ
https://upload.chjoy.com/uploads/168485779683651.jpg إنجيل يوحنا بين اللاهوت والتاريخ بلا شك أن إنجيل يوحنا له طابع متميز عن بقية الأناجيل، فإن كانت الأخيرة قد سجلها الوحي الإلهي بغرض تاريخي مع اهتمام كل إنجيل بالكشف عن أحد جوانب السيد المسيح، فإن هذا الإنجيل يغلب عليه الطابع اللاهوتي، وإن كان في عرض تاريخي أيضًا. في إنجيل مرقس يذكر رحلة واحدة من الجليل إلى أورشليم (مر 1:10)، أما في يوحنا فيذكر ثلاث رحلات (يو 13:2؛ 1:5؛ 10:7). في إنجيل مرقس يأتي تطهير الهيكل في أواخر السفر (مر 15:11)، أما في يوحنا فيأتي في قرب بدايته (يو 13:2 إلخ.). لقد ركز الإنجيلي يوحنا على شخص السيد المسيح ليعلن أنه كلمة اللَّه الذي فوق الزمنوقد خضع للزمن، وصار له موضع في تاريخ البشرية. حقًا لم يُقصد بالإنجيل أن يستعرض تاريخ حياة السيد، بل أبرز حقيقته بكونه اللوغس "الكلمة الإلهي"، النور، الحق، الحياة، القيامة إلخ. وكأن هذا السفر أراد تأكيد أن التمتع بملكوت اللَّه الداخلي إنما هو تعرُف على شخص المسيا المخلص، وإدراك أسراره عاملة فينا. من أجل هذا خضع للزمن، إذ "صار الكلمة جسدًا" (يو 14:1). إن كنا نحن كبشرٍ نحمل جسدًايخضع للزمن، فبخضوع السيد المسيح بإرادته للزمن واقتحامه تاريخنا خلال تجسده لم يحطم الزمن بل أعطاه قدسية خاصة. ولعله لهذا السبب نجد الرسول يوحنا يهتم بالتدقيق في الحديث عن الأزمنة والأوقات، إذ يقول: "وكان نحو الساعة العاشرة" (يو 39:1)؛ "كان نحو السادسة" (يو 6:4؛ 14:19)؛ "في ست وأربعين سنة بُني هذا الهيكل" (يو 20:2)؛ "وكان شتاء" (يو 23:10)؛ "وكان ليلًا" (يو 30:13)؛ ولعل اهتمام الرسول بتحديد الأزمنة تأكيد أن السيد المسيح قد حمل جسدًا حقيقيًا، ودخل في التاريخ البشري، ولم يكن جسده خيالًا كما ادعى البعض مثل الدوناتست. إذ يسبح القديس يوحنا في اللاهوتيات، بكونه اللاهوتي الأول، يشرح لنا قصد اللَّه و"تدبيره” (باليونانية eikos ecomomia، eikos: οἰκονομία - οἶκος أي بيت؛ وnomos: νόμος أي قانون أو ناموس): "الحكمة بنت لها بيتًا" (أم 1:9). فالحكمة هي المسيح، وأول بيت لها هو العذراء مريم التي بتجسده منها جاء المسيح إلى العالم. والعذراء صورة الكنيسة التي هي أيضًا بيت اللَّه (1 كو 9:3-17)(51). |
| الساعة الآن 12:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025