منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   شخصيات الكتاب المقدس (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   فِي أَيَّامِ شَمْجَرَ بْنِ عَنَاةَ (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=1124614)

Mary Naeem 06 - 07 - 2025 06:14 PM

فِي أَيَّامِ شَمْجَرَ بْنِ عَنَاةَ
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


الله قائد شعبه:

3 اِسْمَعُوا أَيُّهَا الْمُلُوكُ وَاصْغَوْا أَيُّهَا الْعُظَمَاءُ. أَنَا، أَنَا لِلرَّبِّ أَتَرَنَّمُ. أُزَمِّرُ لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. 4 يَا رَبُّ بِخُرُوجِكَ مِنْ سِعِيرَ، بِصُعُودِكَ مِنْ صَحْرَاءِ أَدُومَ، الأَرْضُ ارْتَعَدَتِ. السَّمَاوَاتُ أَيْضًا قَطَرَتْ. كَذلِكَ السُّحُبُ قَطَرَتْ مَاءً. 5 تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. 6 «فِي أَيَّامِ شَمْجَرَ بْنِ عَنَاةَ، فِي أَيَّامِ يَاعِيلَ، اسْتَرَاحَتِ الطُّرُقُ، وَعَابِرُو السُّبُلِ سَارُوا فِي مَسَالِكَ مُعْوَجَّةٍ. 7 خُذِلَ الْحُكَّامُ فِي إِسْرَائِيلَ. خُذِلُوا حَتَّى قُمْتُ أَنَا دَبُورَةُ. قُمْتُ أُمًّا فِي إِسْرَائِيلَ. 8 اِخْتَارَ آلِهَةً حَدِيثَةً. حِينَئِذٍ حَرْبُ الأَبْوَابِ. هَلْ كَانَ يُرَى مِجَنٌّ أَوْ رُمْحٌ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ إِسْرَائِيلَ؟ 9 قَلْبِي نَحْوَ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ الْمُنْتَدِبِينَ فِي الشَّعْبِ. بَارِكُوا الرَّبَّ. 10 أَيُّهَا الرَّاكِبُونَ الأُتُنَ الصُّحْرَ، الْجَالِسُونَ عَلَى طَنَافِسَ، وَالسَّالِكُونَ فِي الطَّرِيقِ، سَبِّحُوا! 11 مِنْ صَوْتِ الْمُحَاصِّينَ بَيْنَ الأَحْوَاضِ هُنَاكَ يُثْنُونَ عَلَى حَقِّ الرَّبِّ، حَقِّ حُكَّامِهِ فِي إِسْرَائِيلَ. حِينَئِذٍ نَزَلَ شَعْبُ الرَّبِّ إِلَى الأَبْوَابِ.

يبدأ صُلب التسبحة بالعبارة: "اسمعوا أيها الملوك واصغوا أيها العظماء، أنا أنا للرب أترنم، إزمر للرب إله إسرائيل" [3]. إذ لم يكن لإسرائيل ملوك حتى ذلك الحين فالدعوة هنا موجهة لملوك الأمم الوثنية والتي كانت متعاطفة أو متحالفة مع يابين ملك كنعان لكي تتأمل أعمال الله الحيّ، فترجع عن الآلهة الكاذبة وتخشى الرب الحقيقي.
تؤكد "أنا أنا للرب أترنم"، وكأنها تقول: "أنا دبورة المرأة الضعيفة، أنا هي التي تفتح فمها لترنم لله مخلصها". فإن كنتم ملوكًا وعظماء، لكني وأنا الضعيفة أدعوكم لتدارك الأمر وتفهم أعمال الله معنا. وربما تكرار كلمة "أنا" مرتين يشير إلى الكنيسة، التي ترنمت للرب في العهد القديم خلال الناموس، وتزمر له في العهد الجديد خلال النعمة. إنها الكنيسة الواحدة، لكن كلها أعضاء من رجال العهد القديم وأعضاء أُخر من العهد الجديد.


يرى القديس أغسطينوس
أن رقم 2 يشير إلى "الحب" إذ يجعل الاثنين واحدًا، فتكرار كلمة "أنا" مرتين يشير إلى سمة دبورة الحقيقية أي الكنيسة، القادرة على الترنم والتسبيح، إلاَّ وهي سمة الحب، الذي بدونه لا يتقبل الرب عبادتها أو تسابيحها، كقول الرسول: "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس ليّ محبة فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن" (1 كو 13: 1).
"يا رب بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم، الأرض ارتعدت، السماوات أيضًا قطرت، كذلك السحب قطرت ماء" [4]. تعود دبورة بذاكرتها إلى معاملات الله مع آبائها حين كانوا في البرية قومًا رحل، من الذي سندهم ضد أرض سعير وأدوم غيره (عد 20: 22-23؛ 21: 4)! الله الذي خلص في القديم آباءهم هو هو بعينه يرافقهم في جهادهم ضد سيسرا ويابين ملك الكنعانيين.
تعلن دبورة سرّ النصرة بقولها للرب "بخروجك... بصعودك"، فالله لا يقف في معزل عن الإنسان بل في حبه لنا دائم الحركة من أجلنا، فبحبه يخرج من سعير (التي تعني شعر وهو اسم عيسو بكونه مشعرًا) ويصعد من أدوم (تعني دم أو أرض وهو اسم عيسو أيضًا). وكأنه بالحب ينزل إلينا ويحل بيننا لكي يخرجنا من "سعير" أي من الفكر الجسداني، ويصعد بنا إلى ما فوق آدوم أي فوق الدم والأرض. بالمسيح يسوع نخرج ونصعد فلا نعيش بعد على المستوى الجسدي الدموي الأرضي، إنما نشاركه الحياة الجديدة لنحيا في السمويات،

وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كأن الإنسان قد أُخذ إلى السماء عينها ويقف بجوار عرش المجد].
هكذا تؤكد دبورة النبية في تسبحتها أن الله هو العامل فينا، فإذ نحمله داخلنا نخرج من سعير ونصعد من أدوم الرمزية، أما ثمر هذا العمل فهو:
أولًا: "الأرض ارتعدت" [4]. هنا يشير إلى الخشية التي حلت بالأمم تجاه إسرائيل حين سمعوا عن أعمال الله معهم، وكما يقول موسى النبي: "يَسْمَعُ الشُّعُوبُ فَيَرْتَعِدُونَ. تَأْخُذُ الرَّعْدَةُ سُكَّانَ فِلِسْطِينَ. حِينَئِذٍ يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ الرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ" (خر 15: 14-15؛ راجع يش 2: 9-11).
الأرض أيضًا تشير إلى الجسد، فإذ يعمل الله فينا يرتعد الجسد بمعنى يخشى الله، فلا يسلك في شهواته وملذاته بل يخضع لروح الرب. وكما قيل في حبقوق النبي: "شققت الأرض أنهارًا" (حب 3: 9). فإن كانت أرضنا أي جسدنا قَفْرَاء، فإن الرب يفجر فينا بصليبه ينابيع روحه القدوس كأنهار ماء حيّ.
ثانيًا: [السموات أيضًا قطرت، كذلك السحب قطرت ماء] [4]. إن كانت الأمم الوثنية كالأرض ارتعدت أمام الله، فإن أولاده كسموات تقطر ندى وكسحب تهطل أمطارًا تحول القفر إلى فردوس. بالله القدوس تحمل حياتنا الداخلية -كسموات- ندى الروح القدس وأمطاره السماوية.
ما نقوله عن الأمم الوثنية وأولاد الله نكرره بخصوص الجسد والروح، فإن كان الجسد كالأرض يرتعد أمام الله فلا يطلب شهواته، فإن الروح كسماء تقدم بالرب كل مطر مفرح.
ثالثًا: "تزلزلت الجبال من وجه الرب" [5]. وكما يقول إشعياء النبي: "حين صنعت مخاوف لم ننتظرها نزلت تزلزلت الجبال من حضرتك" (إش 64: 3).
في دراستنا لسفر حزقيال رأينا الله يقيم نفوس قديسيه كجبال مقدسة يسكنها، ترتفع فوق الأرضيات، وعدو الخير أيضًا يقيم من خدامه جبالًا دنسة معثرة تتسم بكبرياء النفس وعصيانها للوصية(61). مثل هذه الجبال تزلزل من وجه الرب، فيسقط تشامخها وتنسحق قدامه.
بعد أن عرضت دبورة أعمال الله مع الآباء في وسط البرية، عادت لتصف حالهم في أيامها وحاجتهم إلى عمل الله، فقالت:
"في أيام شمجر بن عناة في أيام ياعيل استراحت الطرق (لم تستخدم الطرق)، وعابرو السبل ساروا في مسالك معوجة. خذل الحكام (توقف سكان القرى) في إسرائيل، خذلوا حتى قمت أنا دبورة، قمت أمًا في إسرائيل" [6-7].
يبدو أن الضيقة حلت بالشعب في أواخر أيام القاضي شمجر (قض 3: 31)، ولا نعلم إن كانت دبورة قد عاصرته أم لا، أما ياعيل هنا فيرى البعض أنها ياعيل زوجة حابر التي قتلت سيسرا، فربما كانت معروفة بغيرتها على إسرائيل لخلاصه لكنها كانت تعمل في الخفاء خشية بطش سيسرا بها، ويرى آخرون أنها ياعيل أخرى كان لها دورها في أيام شمجر. على أي الأحوال تقدم لنا دبورة صورة مرّة لمضايقات الكنعانيين لهم فقد أغلقوا عليهم الطرق الرئيسية حتى اضطر اليهود في سفرهم أن يستخدموا المسالك الفرعية المعوجة والخطيرة، وصارت الحقول بلا فلاحين إذ هربوا إلى المدن يتحصنون فيها خشية بطش الكنعانيين، فصارت الأراضي الخصبة قفرًا بلا ثمار. إنها صورة عمل عدو الخير مع البشرية، إذ يغلق أمامها الطرق الإلهية خلال قطع الرجاء أو إغراءات الشر، ويدخل بها في المسالك الملتوية الشريرة حتى ينحرف بها عن غايتها، ويحول حقلها الداخلي إلى قفر وجنتها إلى برية قاحلة. وبقيت البشرية هكذا حتى قامت الكنيسة الروحية (دبورة) وأعلنت أمومتها في الرب... "قمت أمًا في إسرائيل". وكأنه لم يكن ممكنًا التحرر من مرارة الكنعانيين إلاّ بقبول دبورة أمًا، أي قبول أمومة الكنيسة الروحية.
لذلك يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لا تعتزل الكنيسة، لأنه لا شيء أقوى منها (كإيمان وحياة). الكنيسة هي رجاؤك وخلاصك وملجأك، إنها أعلى من السماء، وأوسع من المسكونة. إنها لن تشيخ قط، بل هي دائمًا في كامل حيويتها].
"اختار آلهة حديثة؛ حينئذ حرب الأبواب، هل كان يُرى مجن أو رمح في أربعين إلفًا من إسرائيل؟!" [8].
لم يقف الدمار خلال مضايقة الكنعانيين لهم من الخارج، وإنما تحقق خلال الفساد الداخلي، إذ لجأ اليهود إلى آلهة غريبة حديثة، وكما قيل في سفر التثنية: "ذبحوا لأوثان ليست لله، لآلهة لم يعرفوها أحداث قد جاءت من قريب" (تث 32: 17). لهذا تركهم الرب حتى صارت الحرب عند الأبواب، فتحول الموضع الذي كان مجالس الرؤساء والحكام إلى ملحمة دماء، أمام هذا المشهد ماذا يفعل إسرائيل حتى وإن ضم جيشه أربعين ألفًا من الرجال إذ لا يحمل مجن الروح ولا رمح الإيمان! لقد حرمهم الكنعانيون من حمل السلاح، بل هم حرموا أنفسهم من السلاح الروحي بانحرافهم نحو العبادة الوثنية!
إذ صار حال الشعب هكذا، ضيق في الخارج وفساد في الداخل، لم يتركهم الرب بل أرسل إليهم قضاة قبلوا العمل ندبًا (طوعًا) لإنقاذ الكل؛ إذ تطالب الشعب أن يبارك الرب على هذا العمل، قائلة: "قلبي نحو قضاة إسرائيل المنتدبين في الشعب، باركوا الرب" [9]. هكذا إذ قبل القضاة العمل وسط الضيقات المرّة تطالب أيضًا عظماء الشعب أن يسبحوا الرب الذي أرسلهم لخلاصهم: "أيها الراكبون الأتن الصحر، الجالسون على طنافس، والسالكون في الطريق، سبحوا" [10]. إن كان الشعب الفقير الذي يسير على قدميه في الطريق يشكر الله، فيليق أيضًا بالعظماء الراكبين الأتن القادمة من الصحراء، وهي من الأتن الغبراء في حمرة خفية مع بياض قليل، وهي نوع نادر لا يركبه إلاَّ الأغنياء، أما الجالسون على طنافس أي على سجاد ثمين فيُقصد بهم رجال القضاء، هؤلاء جميعًا فليسبحوا الرب.
تختم دبورة الفصل الأول من تسبحتها بقولها: "من صوت المحاصين بين الأحواض هناك يثنون على حق الرب، حق أحكامه في إسرائيل، حينئذ نزل شعب الرب إلى الأبواب" [11]. جاء الأصل العبري غامضًا لذا اختلف الدارسون في تفسير هذه الخاتمة. فرأى البعض أن المحاصين هم رماة السهام بينما رأى الغالبية أنهم المتقاسمون الغنائم، كل يأخذ حصته، فيأتون بحصصهم من الغنائم إلى أحواض المياه لتشرب وهم يسبحون الرب ويثنون على عمله إذ وهبهم النصرة وقدم لهم من الأعداء غنائم كثيرة يدخلون بها إلى أبواب مدينتهم..


الساعة الآن 06:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025