![]() |
لقد قامت تفتح لعريسها بعد طول رقاد
https://upload.chjoy.com/uploads/173642561232341.jpg "فَتَحْتُ لِحَبِيبِي، لَكِنَّ حَبِيبِي تَحَوَّلَ وَعَبَرَ. نَفْسِي خَرَجَتْ عِنْدَمَا أَدْبَرَ (تكلم). طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ، دَعَوْتُهُ فَمَا أَجَابَنِي: وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ، ضَرَبُونِي، جَرَحُونِي. حَفَظَةُ الأَسْوَارِ رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي. أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ (بقوى الحقل وفضائله)، إِنْ وَجَدْتُنَّ حَبِيبِي أَنْ تُخْبِرْنَهُ بِأَنِّي مجروحَةٌ حُبًّا. مَا حَبِيبُكِ مِنْ حَبِيبٍ، أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ!! مَا حَبِيبُكِ مِنْ حَبِيبٍ حَتَّى تُحَلِّفِينَا هَكَذَا!" [6-9]. لقد قامت تفتح لعريسها بعد طول رقاد، لكن عريسها كان قد تركها وعبر. لماذا فعل هكذا؟ إنه يؤدب الإنسان لتأخره في الاستجابة، وفي تأديبه يبدو كما لو أنه قد تركنا إلى حين... هذا الترك في ذاته يعتبر علامة اهتمام الله بنا، وقد أعطى الأب دانيال تعليلين لهذا الترك: 1. يتركنا الله فترة قصيرة لكي نتنبه إلى ضعف قلوبنا، عندئذ ندرك أنه ما كان لنا من نقاوة قلب قبلًا إنما هو عطية مجانية من قبل الافتقاد الإلهي. 2. عندما يتركنا ينكشف في داخلنا هدفنا القلبي ونشاطنا في الصلاة باحثين عن الروح القدس، أي يكون بمثابة امتحان لنا في المثابرة والرسوخ العقلي والغيرة الحقيقية. فإذا ما نلنا السعادة الروحية وبهجة النقاوة نتمسك بهذه الأمور بأكثر حرص، لأن البشر بوجه عام لا يحرصون على المحافظة على ما يظنون أنهم قادرون على نواله بسهولة. يقول الأب دانيال: [يعرفنا داود النبي الطوباوي بأن هذا الترك المؤقت من جانب الله يكون أحيانًا لصالحنا، لذلك طلب في صلاته ألا يكون هذا الترك دائمًا، متوسلًا إليه أن يكون لحدود معينة، قائلًا: "لا تتركني كثيرًا" (مز 119: 8). بمعنى آخر يقول: أنني أعلم أنك تترك قديسيك لأجل فائدتهم وذلك لامتحانهم... لذلك فأنا لا أسأل ألا تتركني، فإنه ليس من المفيد ليّ ألا أشعر بضعفي (لذلك قال: ويرى ليّ أنيّ تذللت (مز 119: 71)، ولا من النافع ليّ ألا تتاح ليّ فرصة للحرب. فإن هذه الفرصة لن تتاح ليّ بالتأكيد ما دمت أمتلئ بحماية الله الدائمة. فالشيطان لا يتجاسر ويحاربني ما دمت مستندًا على حمايتك... فأنا ألتمس منك أن تتركني لكن ليس للغاية (اللفظ اليوناني "ليس كثيرًا")، وذلك لأنه مفيد ليّ أن تتركني قليلًا حتى يمتحن ثبات حبي...]. لقد تحدث الأب دانيال كثيرًا عما نسميه بالفتور الروحي بسبب ترك الله لنا إلى حين لكي نمتحن ونحارب ونتزكى... لكنه في الحقيقة هو ليس تركًا بل اهتمامًا إلهيًا، وقد شبه القديس يوحنا الذهبي الفم موقف الله بمربية تمسك بأيدي طفل، تمشي به قليلًا، ثم ترفع يديها عنه فجأة حتى يتجاسر ويمشي... تنزع يديها لكنها تبقى تتطلع إليه بقلبها وفكرها كما تترقبه عيناها، ويداها تستعدان لمساندته. تقول النفس البشرية: "طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ"، مع أنه واقف بجوارها، بل هو في داخلها، ينتظر أن يرى جهادها من أجله، لتقول مع يعقوب: "لن أتركك حتى تباركني". "دَعَوْتُهُ فَمَا أَجَابَنِي"، مع أنه مشغول بتدبير كل الأمور لأجل خلاصي. جالت النفس في كل العالم تطلب من تحبه مع أنه كان في داخلها، وكما قال القديس أغسطينوس: [إنه في غباوة خرج يبحث عنه خارجًا في الطبيعة والكتب، مع أن الله كان في داخله عميقًا أعمق من عمقه، وعاليًا أعلى من علوه]. |
الساعة الآن 07:35 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025