منتدى الفرح المسيحى - المسيح يعود من جديد

المسيح يعود من جديد

https://www.christian-dogma.com/im0p...=260&q=50&.jpg

عندما انطلق السيد المسيح إلى السماء مودعًا تلاميذه، تاركًا لهم وعدًا بالعودة من جديد، مضى ذلك الجيل ولم يأت المسيح! فقد قال لهم: ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الأب (الله) فى سلطانه.
ولكن بعد مرور أكثر من ١٥٠٠ عام، قرر المسيح العودة إلى الأرض مرة أخرى، ولكن ليس كما كان ينتظره الناس فى أواخر الدهور ويتجلى بمجده، لكنه أراد أن يقضى لحظات عابرة بين أبنائه فى صورة إنسانية، فاختار مقاطعة إشبيلية فى إسبانيا فى أحلك عهود التفتيش أيام كانت أكوام الحطب تشتعل لإحراق المتهمين كل يوم فى جميع أرجاء إسبانيا تمجيدًا للرب، وهكذا نزل إلى الشوارع الملتهبة شوارع تلك المدينة التى تم فيها بالأمس بأمر من الكاردينال المفتش الكبير إحراق مائة من الزنادقة تمجيدًا لله، بمعاونة الأهالى وحضور الملك ورجال البلاط والفرسان وأمراء الكنيسة، وقد أراد المسيح أن يكون متخفيًا ولكن لغته أظهرته (المحبة) فعطفه لا نهاية له فلديه القدرة على الإبراء من الأمراض، فرد البصر لأعمى، وأقام فتاة كانت محمولة فى تابوت الموت عندما صرخت أمها متوسلة منه الحياة، وفى تلك اللحظات المليئة بالإثارة والفرح ظهر المفتش الكبير رجل فى السنة التسعين من عمره وقد رأى كل شىء، وقتها أمر الحراس بالقبض على المسيح واعتقاله فى زنزانة مظلمة ضيقة فى ليلة من ليالى إشبيلية الثقيلة الحالكة، وفى تلك الظلمة ذهب المفتش الكبير إلى المسيح فى زنزانته حاملًا مشعلًا، وبدأ المفتش الحديث إلى سجينه بالأسئلة: لماذا أتيت لتزعجنا؟ أنت تزعجنا وتعلم ذلك جيدًا تريد الذهاب إلى البشر وستذهب إليهم بيدين فارغتين، مع وعد بحرية لا يستطيعون فهمها بسذاجتهم ووضاعتهم منذ الولادة، بل إنهم يخافونها أترى هذه الحجارة المبعثرة فى البرية المقفرة والملتهبة؟ حولها إلى خبز وستسعى الإنسانية إليك مثل قطيع جائع وستكون شاكرة لك وخاضعة، وسترتعد عند رؤيتك تسحب يديك وتحرمها من الخبز اطعمهم فتجعلهم فاضلين! وسينتهون إلى رمى حريتهم تحت أقدامنا قائلين: استعبدونا ولكن اطعمونا لقد رفضت أنت التجارب الثلاث على الجبل، أقسم لك أن الإنسان هو أضعف وأحط مما كنت تعتقد! هل يستطيع هذا الوضيع أن يحقق ما حققته أنت؟ الإنسان ضعيف وجبان وعندما صمت كبير المفتشين انتظر رد من سجينه الذى كان صمته ثقيلًا عليه فقد اكتفى المعتقل بأن يحدق به وبدون أن يقول كلمة، اقترب منه فجأة وقبله بوداعة كان هذا جوابه وارتعد المفتش لهذه القبلة وارتجف طرف شفتيه فمضى نحو الباب وفتحه وقال: اذهب الآن ولا تعد بعد اليوم أبدًا أبدًا وأومأ له بيده إلى الشوارع المظلمة المقفرة من المدينة وانصرف السجين!
كان هذا التصور البديع من الرواية الخالدة «الإخوة كارامازوف» للكتاب الروسى فيودور دوستويفسكى (١٨٢١ – ١٨٨١)
واليوم بعد مرور أكثر من ٢٠٠٠ عام وفى ظل الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة ماذا لو عاد المسيح من جديد؟ كيف سيستقبله الناس؟ ماذا ينتظرون أن يقدمه لهم؟ هل إنسان اليوم يختلف عن الأمس؟ هل لديه القدرة على التمييز بين ما يرجوه وبين ما يحتاجه؟ فى رواية «قرية ظالمة» للكاتب المصرى د/ محمد كامل حسين، التى كانت تتحدث عن يوم واحد فى تاريخ البشرية وهو يوم صلب المسيح كتب وقال: وما كانت دعوة المسيح إلا أن يحتكم الناس إلى ضميرهم فى كل ما يفعلون وما يفكرون، فلما عزموا أن يصلبوه لم يكن عزمهم إلا أن يقتلوا الضمير الإنسانى ويطفئوا نوره، وهم يحسبون أن عقلهم ودينهم يأمران بما يعلو أوامر الضمير، ولم يفطنوا إلى أن الناس حين يفقدون الضمير لا يغنيهم عنه شىء، ولا يكون للناس هدى بغيره فكل فضيلة تنقلب نقصا، وكل خير يصبح شرا وكل عقل يصبح خبالا ما لم يكن للناس من ضميرهم هاد