منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=293860)

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 03:32 PM

كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
المقدمة

سأفترض في نفسي أنى لا أعرف شيئًا عن المسيحية بل قد تكون لديَّ فكرة سيئة عنها. وبناءً عليه سأوجِّه إليك أيها المسيحي بعض الأسئلة؛ جزء منها اتهامات والجزء الآخر استفسارات. والحقيقة أن هذه الاتهامات ليست افتراضات ولكنك تسمعها أحيانًا في مجتمعك من متعلمين وأنصاف متعلمين ومن أميين في العلم والثقافة والفضيلة والبعض منهم يحملون بغضة وتعصبًا والبعض الآخر يحملون محبة ولكنهم يصدقون ما يسمعونه لذلك يواجهونك به. وهذه الأسئلة والاتهامات فيها ما يليق وفيها ما لا يليق. وفيها ما يتعجب له الكبار والعقلاء. ولكن هي الواقع الذي يدور في ذهن الكثيرين.
ولتوفير مصدر مباشر لتقديم إجابة على هذه الاستفسارات وردودًا على هذه الاتهامات وضعت ردودًا متواضعة من أقوال إنجيلنا وواقع حياتنا الإيمانية، مطعمة ببعض شواهد قرآنية وأقوال مفكرين إسلاميين، لعلها تكون أمرًا نافعًا ومفيدًا لحفظ مجتمعنا وعلاقاته في سلام ومودة.

كما يمكن أن تسهم هذه الردود:
أولًا: في تَعَرُّفك على هامش من حقائق إيمانك وعقائدك وعباداتك ومبادئ سلوكياتك.
ثانيًا: تعرف الإجابة على الأسئلة التي توجه إليك ولا تقف خجلًا بسبب جهلك بدينك وإيمانك.
ثالثًا: لإفادة السائلين من طلاب المعرفة أو إسكات فم المتهكمين.
رابعًا: لتصبح صورة المسيحية ظاهرة لمن يسئ الظن فيها أو من يصدق الشائعات المغرضة التي تقال عنها.
خامسًا: تجنب المناقشات الدينية كلية. ولكن ليس عن جهل وعدم معرفة أو عن خوف وعدم شجاعة. بل عن يقين كامل بإيمانك ومسيحيتك وأنك لست محتاجًا لتأكيدها أو تبريرها لأنها راسخة أكثر من رسوخ الجبال في قلبك وفكرك. وأيضًاعن حكمة في تجنب المناقشات التي حذرنا معلمنا بولس منها بقوله "والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالمًا أنها تولد خصومات" (2تى2: 23). وكذلكأن يكون تجنبك للمناقشات ليس بالصمت المطبق وإنما مصحوبًا بتأكيد شفاهي منك باعترافك بإيمانك وبثقتك فيه وأنك لست محتاجًا إلى ما يكمل إيمانك أو يصححه، متذكرًا قول السيد المسيح "كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضًا به قدام أبي الذي في السموات" (مت10: 33).
هذه هي المقدمة التي كانت مكتوبة للكتاب منذ شهر يوليو 2002. ولكن ما جاء بجريدة وطني في شهر ديسمبر 2002 زاد يقيننا بأهمية موضوع الكتاب للرد على الأسئلة المطروحة والتي جاء بعضها في "وطني" ضمن نماذج أسئلة طرحت في استطلاع مبسط للرأي(1)، عن المعلومات التي يرغب المسلمون في معرفتها عن الأقباط:
لماذا يشرب المسيحيون الخمر؟ لماذا لا يستحمون إلا كل ثلاثة أسابيع؟ لماذا يصلون وهم يسيرون في الطريق؟ لماذا لا يتطهرون قبل الصلاة؟ لماذا يأكل المسيحيون لحم الخنزير؟ لماذا يقول القسيس عند دفن الميت إني برئ منك؟ ما هي بروفة الميت؟ ويقول صاحب المقال عن هذه الأسئلة إنها تكشف عن غياب المعلومات الأولية عن الأقباط(2).
والحقيقة أن هذه الأسئلة بعضها اتهامات لم يتحقق صاحبها هل هي حقائق يعيشها المسيحيون أم لا. ووجه الخطورة يكمن في تلقين ما تحويه هذه الأسئلة للنشء الصغير من مجتمعنا فيوسع شقة الخلاف بينه وبين مسيحيي مجتمعه منذ الصغر. فماذا ننتظر من مستقبل لمجتمعنا في ظل الأفكار المغلوطة التي تشعل نار الفتنة! إنه لا علاج لهذا التيار سوى ما يراه العقلاء من أصحاب الحكمة والمشورة في مجتمعنا.
ففي رؤية مستقبلية لمجتمعنا الذي نعيش فيه قال فضيلة الدكتور إسماعيل الدفتار الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجلس الشورى من بين ما قال: "يجب التركيز على قضية الوحدة والتعاون بين جميع أبناء الأمة فكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وفي جميع المجالات". كما قال جناب الدكتور محمد السيد الجليند رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم "المصري المسيحي متدين بطبعه والمصري المسلم متدين بطبعه. لذلك من الأمور المهمة نزع فتيل الصراع بين الاتجاهات الثقافية المختلفة في الوطن ليكون الجميع على قلب رجل واحد"(3).
أما بالنسبة للردود الواردة في هذا الكتاب، فيا ليت آخرين يتمتعون بمعرفة أكثر منى عمقًا وروحانية يبادرون بوضع ردود أخرى تشبع المستويات المتباينة من القراء طالبي المعرفة فتكون الفائدة أكثر.
22 أغسطس 2003
_____
الحواشي والمراجع :

(1) أعدته الباحثة / نجاح حسن.
(2) وطني 15/12/2002 - ص4
(3) الأهرام 27/12/2002 ص32

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:15 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الباب الأول: الردود المهدِّئة | ردود مهادنة ومسالمة

الردود المهدِّئة

هذا الباب يتضمن أقوالًا تدعو إلى حرية الاعتقاد وإلى عدم محاربة عقيدة لعقيدة أخرى، وأن الله يهتم بحسن التعامل بين البشر كميزان تقوم عليه دينونته لهم يوم القيامة. وتوصى بالخضوع لإرادة الله في تنوع العقائد والملل بين الناس، وترك الدينونة والحكم عليهم بهلاكهم أو نجاتهم لله وحده.
وجيد للمرء أن يحفظ هذه الأقوال أو بعضًا منها. وذلك لفائدة معانيها التي توجه إلى الحب وتصد باب العداوة وتطفئ نار التعصب وتوقف الاندفاع نحو المناقشات التي تؤدى إلى الفرقة والخصام. وهى أقوال من صميم حياة مجتمعنا والتي تتردد على ألسنة الكثيرين. ولذلك يمكن أن تكون موضع قبول ورضا لسماعها والاقتناع بها.
ردود مهادنة ومسالمة

تختلف ردود الفعل عند إثارة التساؤلات الدينية سواء بطريقة مباشرة أو بطريقة ضمنية. فهناك المسيحي الذي يسمع وبطبيعته الصامتة الساكتة لا يعطى اهتمامًا. وهناك الذي يسمع ويؤثر الصمت بإرادته تحاشيًا للمهاترات والمجادلات وما ينجم عنها وليس له جهد أن يتصدى لها. وهناك الذين يملكون القدرة على المواجهة الكلامية ولا يطيقون الصمت ولهم حمية الدفاع عن الإيمان. وهؤلاء عندما يتصدون للرد فعليهم أن يختاروا أحد موقفين حسب حالة السائل أو المناقش. والموقف الأول هو الرد على السائل بالاستعانة بالإجابات المعروضة في هذا الكتاب وأيضًا من قراءاتهم في كتب أخرى. والموقف الثاني هو حيث أنهم لا يطيقون السكوت وفي نفس الوقت ليس لديهم استعداد للدخول في مجادلات دينية فيمكنهم اختيار بعض الكلمات المهدئة للموقف والتي يتقبلها الطرف السائل.

نذكر من هذه الكلمات بعض عبارات وردت في القرآن أو الحديث أو الأمثلة العادية المتداولة، تدعو إلى عدم المجادلات المثيرة في الدين وترك أصحاب كل دين وشأنهم واعتبار موضوع الدين أمرًا يخص مساءلة الله وحده سبحانه وتعالى. وذلك مع الاعتذار عن أي خطأ في معرفة المصدر لبعض منها:
يقول القرآن للرسول "قل... لكم دينكم ولى دين" بما يعنى أن كل واحد له دينه الخاص به فلا داعي للدخول في مساجلات حول أمر شخصي يقوم على الاعتقاد والتصديق والإيمان. ولو التزم كل واحد منا بهذا المبدأ الفاضل لعاش الجميع في محبة كأسرة واحدة.
ويساند هذا المعنى قول القرآن "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" مما يعنى عدم إقحام المجادلات على العلاقات الإنسانية.
ويقول القرآن الكريم "لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة" مما يعنى أن مشيئة الله أن يكون الناس أممًا ولو أرادهم أمة واحدة لفعل ذلك. وكل أمة بالضرورة لها لسانها أي لغتها ولها دينها وعقائدها.
هذا المعنى الذي استوحاه أمير شعراء مصر أحمد شوقي في قصيدته التي قال فيها:
الدين للديان جل جلاله لو شاء ربك لوحَّد الأقوام
وهذا المعنى هو الذي أخذ منه حكماء القوم في مصر أيضًا شعارهم الوطني "الدين لله والوطن للجميع" وذلك درءًا لمحاولة المستعمر من اتخاذ الدين وسيلة للتفريق بين أبناء الوطن الواحد. انطلاقًا من القاعدة غير الأخلاقية "فَرِّق تَسُدْ" أي أَوْجد الخصام بين طرفين لكي تتسلط عليهما معًا. وليس المستعمر فقط ولكن بعض الحكومات أيضًا تلجأ لهذا الأسلوب لكي تُلهى الشعب عن أن ينشغل بانتقادها أو إظهار أخطائها.
وينبه القرآن أهله أن يرفعوا يدهم عن أصحاب الدين الآخر فيقول لهم "تلك أمة قد خلت. لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون" (البقرة 134) أي يا أمة الإسلام توجد أمة سابقة عليكم وقد كانت لها مكاسبها من الله. وأنتم لكم مكاسبكم منه تعالى. وسوف لا يسألكم الله عن أعمالهم وتصرفاتهم أي لستم أصحاب مسئولية عليهم.
كما يقول القرآن للرسول أيضًا "وما أنت عليهم بوكيل" (الأنام) مما يعنى صدور الأمر للرسول برفع وكالته عن النصارى. فإن كان هذا هو الوضع مع الرسول الكريم. أفلا يكفى هذا لأي مسلم أن يرفع وكالته عنهم ويتركهم لحال دينهم ولا يجعل من نفسه قوَّامًا عليهم مقتديا بما أُمِرَ به الرسول؟
هناك أيضًا مقولة "الدين عند الله المعاملة" أي أن الإنسان يتكلم عن دينه بمعاملته مع الناس، فليس الدين عقائد في الذهن وإيمانًا باللسان. ولكن المتدين الحقيقي يظهر تدينه في ترجمة دينه إلى سلوك طيب مع الناس. كما أنه من جهة أخرى لا شأن لك بديني لأن ما يهمك منى هو معاملتي لك. فالمعاملة الطيبة هي عنوان التدين السليم وكفى. وهذا هو الدين في نظر الله نفسه بمعنى أن الذي يعامل الناس معاملة طيبة فتدينه مقبول عند الله. ومن يعامل الناس معاملة سيئة فالله يرفض تدينه ولا يقبله.
وهناك مقولة أخرى "لا فضل لعربي على عجمي إلاَّ بالتقوى" أي أنه لا امتياز لك أمام الله يُفَضِّلك به على الأعاجم سوى تقواك. إذًا اجتهد أن تتقى الله في معاملتك للناس. وليس من التقوى أن تحاربني في ديني.
وهناك أمر مسلَّم به أن "الله يحب المتقين" ولا تقوى في قلبٍ يحمل العداوة للآخرين. إذًا نقِّ قلبك من كل كراهية لتنال محبة الله ورضاه.
وهناك القول الكريم "وإن جنحوا للسلم فاجنح لهم" (سورة الأنفال 61) أي ليكن اتجاهك إلى مسالمة الناس ولاشك أن المجادلة في الدين تثير النفوس مما يؤدى للتفريق بين الناس من بعضهم البعض. وليس هذا من السلم أو المسالمة.
ويقدم القرآن تصريحًا مباشرًا عن المحبة القائمة بين النصارى وبين الذين آمنوا حيث يقول "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى وذلك بأن منهم قسيسين ورهبانًا وإنهم لا يستكبرون" فهل هناك أوضح من هذه الكلمات التي من كثرة وضوحها تصرخ في أذن كل مسلم بأن النصارى أقرب الناس إليه في المحبة والمودة. وأن أكثر العوامل جذبًا فيهم للمحبة هو وجود القساوسة والرهبان بينهم. وهم يتحلون بالوداعة والاتضاع وليسوا هم من المشركين.
وهل اختلف أو تغير نصارى اليوم عن نصارى بدء عصر الإسلام الذين ينادى الإسلام بمحبتهم؟ ومتى تم تغيرهم إن كانوا قد تغيروا وكيف تمَّ ذلك؟ إن إيماننا اليوم هو إيمان آبائنا. وكنائسنا وعباداتنا اليوم التي تقوم على عقائد إيماننا هي كنائسنا وعباداتنا بالأمس. إذًا كلام القرآن عن المودة والمحبة ينطبق على نصارى اليوم كما كان لنصارى الأمس. وإذا كنا أهل مودة ومحبة فلا داعي لزرع خلافات بيننا بسبب اختلافنا في الدين.
ويمدح القرآن الكريم النصارى كعابدين لله في قوله "من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون" أي من النصارى من يقرأون الكتاب ويسبحون الله الليل كله. فهل هذا لا يكفيك لإيمان النصارى؟
بل وأكثر من هذا اعتراف القرآن بديننا في قوله "وقولوا آمنا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل إليكم" فكيف نكون كفارًا في نظرك وأنتم تؤمنون بكتابنا. وإن قال أحدكم إن كتابنا حُرِّف فليس له دليل واحد يقدمه على تحريفه.
بل ويمكن اللجوء إلينا في الاستفسار عما عسر فهمه عليكم حيث جاء كل شيء في كتابنا تفصيلًا كما يقول "ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن، وتفصيلًا لكل شيء، وهدى ورحمة".
بل إن أكثر الأكثر هو أننا كلنا نعبد إلهًا واحدًا كما يقول القرآن أيضًا "وإلهنا وإلهكم واحد" فإن كان لنا إله واحد نحن الاثنان، فلماذا نتخاصم أو نتعادى؟. لاشك أن تقرير القرآن بأننا جميعًا لنا إله واحد، يدعونا لأن نسير جميعنا نحوه لعلنا نبلغ مرضاته من خلال الحب والخير والسلام.
لا شك أن هذه الردود جميعها لو تسلحنا بها كفيلة أمام العقلاء أن توقف أي مهاترات دينية.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:16 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الباب الثاني: قضايا اجتماعية

يتناول هذا الباب بعض الاتهامات التي تخص علاقة المسيحي بالمجتمع، وسلوكياته مع أفراده، وموقفه من أنشطته.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:17 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون جبناء ومستضعفون
المجتمع: أنتم المسيحيون جبناء ومستضعفون.
المسيحي: نحن لا نخاف أحدًا لأننا نعيش بأمانة في أعمالنا وفي معاملاتنا، كما علمنا إنجيلنا "كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤ2: 10). ولأننا نؤمن أن الله معنا "وإن كان الله معنا فمن علينا" (رو8: 31). وأنه يحرسنا ويرعانا "إذا سرتُ في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي" (مز23: 4). ولأنه وعدنا "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد. شعرة من رؤوسكم لا تهلك" (مت10: 28، لو21: 18).
وإن كان البعض يرى أن الشجاعة هي في إظهار القوة العضلية والغلبة الجسمانية. فنحن نرى أن الشجاعة الحقيقية هي في قوة الروح. لأن قوة الجسد جبانة، وسريعًا ما تتراجع أمام من هو أقوى منها. أما قوة الروح فهي لا تتزعزع لأنها قوة الحق.

وإن كان البعض يرى أن الشجاعة هي في انطلاق اللسان بالهجوم بالسب والشتم والإهانة والتجريح. فنحن يعلمنا الكتاب أن "الجواب اللين يصرف الغضب. والكلام الموجع يهيج السخط" (أم15: 1). كما يعلمنا "غير مجازين عن شر بشر ولا عن شتيمة بشتيمة" (1بط3: 9).
إذًا هذا البعض أو ذاك إن كان يرى أن الشجاعة في عمومها هي في أخذ الحق بالقوة، والانتقام بالتصدي والمواجهة سواء باللسان أو بالعضلات. فنحن نرى أن الشجاعة هي في عبور المواجهة أو المصادمة. لأن هذا العبور ينطوي على حكمة في التعامل، وإطفاء لنار العداوة واستمرار للهدوء والسلام.
ويعلمنا الكتاب أنه من الحكمة أن نهرب من وجه الشر "الذكي يبصر الشر فيتوارى" (أم22: 3). وعدم مقاومته "لا تقاوموا الشر" (مت5: 39). والانتصار عليه بالخير "لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير" (رو12: 21). وضبط النفس أمامه "البطيء الغضب خير من الجبار. ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" (أم16: 32). والصفح والمغفرة "اغفروا يغفر لكم" (لو6: 37). والمسالمة "وإن أمكن فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رو12: 18).
وإن كان البعض يرى أن الشجاعة هي في البلطجة والاستهتار وخرق القوانين وعدم الامتثال لأوامر الرؤساء وعدم الخوف من أخذ الرشوة أو الاختلاس أو التزوير أو السرقة والجرأة في التزويغ وعدم الالتزام بمواعيد العمل. فنحن جبناء فعلًا أمام هذا النوع من الشجاعة الممتلئة بموت الضمير وغياب الله عن شعور الإنسان. لأن مخافة الله تملأ قلوبنا حسب ما يعلمنا كتابنا أن "رأس الحكمة مخافة الرب" (مز111: 10). وكما يعلمنا "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (مت22: 21).
يضاف إلى ذلك سبب حارس للإنسان العاقل من الانقياد لغواية الشيطان والاندفاع نحو الخطأ، وهو عدم رحمة القانون به عند وقوعه في الخطأ وخصوصًا إذا لم يكن هناك من يحميه في خطئه، فإنه يجد نفسه فريسة للتشهير به في وسائل الإعلام أو الحبس الفوري أو الاجتهاد الشديد في التجميع السريع لخيوط الجريمة وحبك عناصر الاتهام ضده حتى تبلغ أقصى عقوبة لها وليس من وسيط ولا من شفيع. ولربما ألم العقاب جزاء طبيعي للخطأ أما الأشد إيلامًا للنفس فهو الفضيحة والعار.
هذه هي جبونيتنا؛ جبونية الخوف من عار الخطية، وجبونية الحرص على حفظ الشرف والكرامة، وجبونية المسامحة والمسالمة، وجبونية التمسك بالأمانة والأخلاق النبيلة، ويا ليت المجتمع يستغل هذا النوع من الجبونية ليستفيد من صاحبها أيًا كان دينه أو معتقده في الأماكن التي يتم فيها نهب ثروات الوطن وأمواله.
إن مبادئ إنجيلنا هي التي تحكم سلوكنا وتصرفاتنا، وتنبني عليها فضائل سامية وحضارية ولا نستطيع أن نخرج عن إطارها. أولًا لأنها وصايا الله لنا، وثانيا لأنها تحفظ سلامنا الداخلى وسلام مجتمعنا وتدعم وحدته وترابطه وتنمى فيه روح الحب والإخاء وتساعد على نموه ورخائه بلوغًا إلى سعادته ورفاهيته. أما إذا استنكر مجتمعنا هذه المبادئ والقيم فلا بديل أمامه سوى شريعة الغاب التي فيها يأكل القوى الضعيف أو تسود فيه العصبيات والمحسوبيات التي تتراجع بالمجتمع وتحول دون نموه وتقدمه. وهذا بعيد بالطبع عن سلامة العقل ورجاحة الفكر.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:18 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم سلبيون ومتقوقعون على أنفسكم

المجتمع: أنتم سلبيون ومتقوقعون على أنفسكم.
المسيحي: إن المجتمع الديمقراطي السليم الخالي من العصبيات العرقية والدينية يعمل دائمًا على أن يستثمر جميع الطاقات والمواهب البشرية الموجودة فيه والتي تعيش تحت مظلته بغض النظر عن العقيدة أو أي فارق آخر. وقبل النصف الثاني من القرن العشرين كانت الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغصُّ بعضوية الكثيرين منا وكانوا شعلات متقدة متفانية. ولا زالت توجد طاقات ومواهب مستعدة ومتحفزة للعمل عندما ينفتح أمامها باب الاشتراك في مجالات العمل الوطني بمختلف أنواعه. ولكن عندما تتحور هذه الأنشطة المختلفة لكي تقوم على التكتلات الانتمائية وخصوصًا الانتماء العقيدي للأغلبية وفرز وتهميش الأقلية. فإنها تحرم الأقلية من سعادتها بالإسهام في بناء مجتمعها، كما يحرم المجتمع نفسه من بُناةٍ مخلصين له بالروح والقلب.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:18 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم خونة وتناصرون اليهود
المجتمع: أنتم خونة وتناصرون اليهود.

المسيحي: أما من جهة الخيانة فإن مسيحنا بالرغم من عظمة لاهوته إلا أنه إذ تجسد عاش كإنسان عادى يحترم الانتماء لوطنه ولعقيدة شعبه الذي ولد منه حسب الجسد، وراعى كلًا منهما في كل تصرفاته وسلوكياته. وإذ أوصانا "تعلموا منى" (مت11: 29). فنحن لا نخرج عن إطار وصاياه وقدوته لنا في أمانتنا لوطننا وإخلاصنا له والدفاع عنه. ثم إننا لا نعرف وطنًا آخر نلوذ به لكي نخون وطننا الذي نعيش فيه. والتاريخ يشهد على وطنيتنا المخلصة الصادقة. وكثير من أبنائنا خاضوا معارك في حروب التحرير من الاستعمار. وأجندة الجيش المصري تحوى كثيرًا من أسمائهم. وأقرب مثال حي يعيش بيننا بطريركنا الحالي رئيس كنيستنا قداسة البابا شنوده الثالث الذي خدم كضابط احتياط في الجيش لعدة سنوات. ولم يسجل تاريخ مصر مسيحيًا واحدًا خان بلده أو تآمر عليه.
بل إنه من الواجب الذي نلتزم به في كل مرة نقدم فيها عبادتنا العامة لله في كنائسنا أن نصلى طلبة خاصة مدونة في كتب الصلاة من أجل سلامة جميع القائمين على شئون وطننا؛ الرئيس والجند والوزراء وكل الجموع، وأيًا كانت معاملتهم لنا فإننا لا نكف عن الصلاة من أجلهم لكي يحفظ الله سلامتهم ويتكلم في قلبهم بالسلام من جهتنا.
أما عن مناصرتنا لليهود فاليهود لا زالوا إلى يومنا هذا ينكرون الإيمان بالمسيح ويعادوننا، وليست هناك علاقة تربطنا بهم كشعب اليهود ولا ننتمي إليهم بشيء كما ننتمي لوطننا بكل كياننا. وفي حرب فلسطين ضد اليهود عام 1948 كان أبناؤنا يحاربون جنبًا إلى جنب مع إخوانهم في الجيش المصري.
ثم ما الذي يقدمه اليهود لنا أو يعطفون به علينا أو يناصروننا فيه حتى نناصرهم نحن على وطننا وإخواننا الذين نعيش بينهم؟ ثم هل يخفى على جميع المصريين بل على العالم كله مناصرة رئيس كنيستنا قداسة البابا شنوده الثالث لقضية فلسطين وتأييد الشعب الفلسطيني لإقامة دولته وتنديده بما يفعله الإسرائيليون بهم؟

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:19 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تخزنون أسلحة في كنائسكم وأديرتكم


المجتمع: أنتم تخزنون أسلحة في كنائسكم وأديرتكم.
المسيحي: إن كنائسنا حسب إيماننا هي علامة على وجود الله في وسطنا، وعلامة على حضوره معنا في عبادتنا فيها حسب وعده لنا "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). وإلهنا إله السلام (1تس5: 23)، لذلك نحن لا نستخدم سلاحًا للاعتداء به على الغير ولا حتى للدفاع عن أنفسنا. فعندما أراد بطرس الرسول أن يدافع عن المسيح له المجد وقت القبض عليه قال له المسيح "اجعل سيفك في الغمد" (يو18: 11). فكيف إذًا تجتمع مبادئ إيماننا هذه مع تخزين السلاح؟ ثم لمن نخزن السلاح وما هي فائدته لنا أو ما هو استخدامنا له. إن الذين يضمرون قتل الناس ويخططون للاعتداء عليهم هم الذين يخزنون السلاح ونحن لا نضمر قتل أحد ولا نخطط للاعتداء على أحد. وهل سُمِع في كل أرجاء مصر أن المسيحيين يحملون سيوفًا أو خناجر أو جنازير أو زجاجات مولوتوف الحارقة Molotov cocktail أو قنابل يدوية. وهل سُمِع في أرجاء العالم أن في مصر ميليشيات مسيحية، ومن ثم يحتاج المسيحيون إلى تخزين السلاح؟
أما عن أديرتنا فإن الرهبان الذين يقطنونها هجروا العالم ولم يعد لهم صلة به. ففي ماذا يحتاجون إلى السلاح وما الذي لهم في دنياهم يدافعون عنه بعد أن تركوا كل شيء من متاع الدنيا؟

نشكر الله أن كنائسنا وأديرتنا مفتوحة ومكشوفة لكل من يقصدها. ونشكر الله أيضًا أن المشاركة الوجدانية بيننا وبين إخواننا المواطنين في كنائسنا تكاد تكون مشاركة يومية في كل مناسباتنا في أحزان جنائزنا وأفراح زواجاتنا على السواء.
إن هذا الكلام الذي يطلق شائعات كاذبة لكي يزرع الشكوك والمخاوف بين المواطنين ويسبب الشقاق بينهم يقول سليمان الحكيم عن صاحبه"رجل الأكاذيب يطلق الخصومة والنمام يفرق الأصدقاء" (أم16: 28)، وأمام هذه الأكاذيب والفريات لا يسعنا إلا أن نطلب من الله أن ينزع الحقد والعداوة والحسد من الذين يختلقونها ظلما وافتراء.
أما قول المسيح "ما جئت لألقى سلامًا بل سيفًا" فكان موجهًا إلى تلاميذه عندما أرسلهم للكرازة بالإنجيل. وقصد به أن هناك من يقبلون الإنجيل وهناك من يرفضونه. وقد يحدث القبول والرفض بين أفرادٍ في أسرة واحدة بعينها فيحدث انشقاق بينهم ويعادى بعضهم البعض. وبهذا يكون قد قصد بالسيف هذه المعاداة. كما قصد أيضا سيف الاضطهاد الذي ستواجهه المسيحية من الوثنية. ومن يقرأ (مت10). يرى هذا المعنى المباشر وبالتفصيل الواضح في حديث المسيح لتلاميذه.
كذلك قول المسيح لتلاميذه "من ليس له كيس (أي نقود) فليبع ثوبه ويشترى سيفًا" كان قبل تسليم نفسه لصالبيه. وقصد به أن الأوقات المقبلة عليهم ستكون خطرة وثيابهم التي عليهم سوف لا تكون لها أهمية مثل أهمية تسلحهم بسيف الروح أمام المتاعب التي تنتظرهم. ويجب أن يتوقعوها ويكونوا مستعدين لها. إذًا لم يقصد المسيح أن يتسلح كل منهم بسيف حديد لكي يحاربوا به. ويؤكد هذا أنهم عندما أجابوه يا رب هوذا هنا سيفان. قال لهم يكفى. وطبعًا ليس من المعقول أن سيفين يكفيان لأحد عشر تلميذًا إذا هجم عليهم مسلحون. إذًا هنا يثبت قصد المسيح بتسلحهم الروحي وليس بالسيف الحديد.
وهل من المعقول أن المسيح الذي أوصانا "من لطمك على خدك الأيمن فَحوِّل له الآخر أيضًا" (مت5: 39). وحذرنا بقوله "إن كان أحد يقتل بالسيف فينبغي أن يُقْتَل بالسيف" (رؤ13: 10). هل يدعونا أن نتسلح بالسيوف؟ ومَنْ هو المؤمن الذي يحتاج إلى سيف ذلك الذي يردد كل يوم وكل ساعة "الرب نورى وخلاصي ممن أخاف. إن نزل علىَّ جيش لا يخاف قلبي. إن قامت علىَّ حرب ففي ذلك أنا مطمئن" (مز27: 1، 3)!

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:21 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
لماذا لا تملكون الشجاعة للرد على الأسئلة التي توجه لكم أحيانًا بخصوص ديانتكم؟
المجتمع: لماذا لا تملكون الشجاعة للرد على الأسئلة التي توجه لكم أحيانًا بخصوص ديانتكم؟

المسيحي: ليس الأمر موضوع شجاعة ولكنها أسباب:
أولًا: عدم وجود معرفة دينية أحيانًا لدى البعض نظرًا لأنهم لم يزودوا بهذه المعرفة في مدارسهم حيث لا يوجد مدرسون متخصصون لتدريس الدين المسيحي. بالإضافة إلى أنه ليس لنا نصيب في وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتليفزيون وصحافة لبث برامج الدين المسيحي أو كتابة مقالات للتعريف بعقائده وعباداته.
ثانيًا: أحيانًا تكون المعرفة موجودة ولكن نية السائل ليست أصلًا متجهة للرغبة في المعرفة والاستعداد للاقتناع. فيكون عدم الرد في هذه الحالة مانعًا للجدل واحتداد المناقشات التي تنتهي في أغلب الأحيان بعداوة بين الطرفين السائل والمجيب بعد أن كانا حبيبين بالجيرة أو الصداقة أو الزمالة. فمن الحكمة الإبقاء على المحبة بين الطرفين واحتفاظ كل طرف بدينه في قلبه.
ثالثًا: الذي يمكن الرد على أسئلته هو الذي لا يحمل نية المجادلة بل نية التعرف على حقيقة الإيمان المسيحي بموضوعية كاملة، وذلك ليس بالضرورة من أجل الإيمان بالمسيح بل يمكن أن يكون لمجرد المعرفة في ذاتها ولو معرفة سطحية إشباعًا لحب الاستطلاع.
رابعًا: في الحقيقة إن من له رغبة صادقة في معرفة ديانة معينة فكل ديانة لها كتابها الخاص بها ولها كتب تفسير وكتب في جوانب الدين المختلفة ويمكن الرجوع إليها لاستقاء معرفة مستفيضة من مصادرها،وفي هذه الحال إذا تعذر على مثل هذا القارئ فهم حقيقة إيمانية معينة وطلب الاستفسار عنها فهذا أولى إنسان بالرد على استفساره، لأنه هو الطالب الحقيقي للمعرفة ويمكنه أن يلجأ لأصحاب المعرفة في الدين لمعرفة ما يريد.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:22 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
لماذا تعملون ضجة عندما يشهر أحدكم إسلامه؟

المجتمع: لماذا تعملون ضجة عندما يشهر أحدكم إسلامه؟
المسيحي:
1- الضجيج الذي يحدث عادة هو ضجيج داخلي بين أفراد الأسرة المسيحية. لأنه كما أن أي أسرة مسلمة لا تقبل أن يترك أحد أفرادها إسلامه وقد تنزعج للغاية بمجرد سماعها خبرًا مثل هذا. فهكذا الأسرة المسيحية. لأن الاعتزاز بالدين والتمسك بالإيمان لازال قيمة حية وراسخة في مجتمعنا.
2- وما يقال عنه ضجيج هو هرولة الوالدين والإخوة والأقارب يمينًا وشمالًا والتوجه إلى المستشفيات وإلى أقسام البوليس للبحث عن النفس التي اختفت فجأة ودون مقدمات. لأن أغلب ظن الأهل هو وقوع حادث لابنهم أو ابنتهم. لأن مثل هذه الحالات تتكتم على الخبر حتى تسنح الفرصة لها للهروب في غفلة من الأهل.
3- أما الضجيج الحقيقي فلا ينعكس على المجتمع ولا على السلطة وإنما على الوالدين في فجيعتهم لفقدهم أحد أفراد الأسرة خصوصًا أن أغلب هذه الحالات تكون بسبب طياشة السلوك. وفي سن لا تقدير فيه للمسئولية من جميع النواحي. لا مسئولية روحية من جهة التمسك بالدين أو الاعتزاز به، ولا مسئولية أسرية فيما يعانيه الوالدان من متاعب وأمراض وفيما يحيق بالأسرة من مآخذ، ثم تنكر أصحاب هذه الحالات لكل الحب وإفناء الذات الذي شملتهم به عائلتهم لسنين طويلة. والسبب في غياب كل هذه القيم هو تغليب العاطفة على العقل خصوصًا في سن ما قبل النضوج.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:26 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
لماذا تشكون دائمًا بأنكم مضطهدون دينيًا؟ | الاضطهاد في المسيحية

المجتمع: لماذا تشكون دائمًا بأنكم مضطهدون دينيًا؟
المسيحي: نحن لا نشكو إطلاقًا من الاضطهاد الديني ولكننا قد نشكو أحيانًا عندما نُظلم أو عندما تُهضم حقوقنا أو تُساء معاملتنا كمواطنين لنا حقوقنا مثلما نؤدي واجباتنا. وعندئذ يفسر المجتمع هذه الشكوى على أنها إعلان عن اضطهاد ديني للمسيحيين. في حين أنه قد يشكو بعض إخواننا المسلمين مما نشكو نحن منه ولكن شكواهم لا تأخذ نفس التفسير.
ونحن لا ندَّعى الاضطهاد لأننا لا نشتهيه ولا نسعى إليه. لكن إذا فُرِض علينا فنحن نقبله بالشكر وكأنه من يد الله لأنه وعدنا "شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا" (مت10: 31، لو21: 18). فكل ما يحدث لنا نحن نؤمن أنه بسماح منه ويَصبُّ أخيرًا في صالحنا الأبدي.
والدول التي تمارس الاضطهاد تتفنن عادة في وسائله. ومنها تسليط الأصوات العالية غير المحتملة خلال مكبرات الصوت على سكن الإنسان بقصد مضايقته بتأريق راحته والضغط على أعصابه. أو أن يتخذ مسئولٌ ما منهج المقابلة للإنسان بوجه عابس أو بكلمات جافة أو بألفاظ جارحة أو بأسلوب فظ كنوع من التكدير بسوء المعاملة، أو بأن يسند إليه الأشغال الثقيلة والمرهقة من أجل تسخيره أو من أجل الترفيه عن زميل آخر على حساب التثقيل عليه. أو أن يستمر في التثقيل عليه لكي يبلغ حدًا لا يحتمله بحيث إما أن يترك وظيفته التي يعيش من راتبها أو أن يستمر فيها تحت الضغط والكبت حتى يصاب بأمراض خطيرة مثل ضغط الدم أو السكر أو الانهيار العصبي أو الذبحة. أو أن المسئول يضع هذا الشخص في ذهنه لكي يتصيد له أي خطأ تافه أو غلطة عابرة غير مقصودة فيقوم بتهويل الأمر إلى حد تجريم هذا الخطأ أو هذه الغلطة أو إلصاق تهمة له من خطأ شخص آخر بشهود زور. أو أن يصبح منهج معاملته له بالانتهار والتوبيخ المستمر بدون سبب. أو أن يحرمه من حوافزه أو علاواته ظلمًا، أو أن يتخطاه في ترقياته بآخرين أقل منه كفاءة وأمانة. أو أن يُرفَض الإنسان أصلًا إذا طرق على أبواب كثيرة طلبًا للعمل. أو أن يتعرض لحرق مصنعه أو نهب متجره، أو تُوضَع الصعوبات والعراقيل أمامه لإقامة مشروعه، أو تُفرض عليه غرامات أو ضرائب أزيد من المستحق، أو تكاتف البعض على مقاطعة نشاطه التجاري أو إنتاجه الصناعي، أو أن يقود مشروعًا ناجحًا وسرعان ما يضعون أمامه منافسًا أقوى منه لكي يهدمه ويقضى عليه. أو أن يحُرَم من التعيين في الوظائف العليا في الدولة مثل القضاء والجيش والبوليس والجامعات والسلك الدبلوماسي أو مناصب الإدارة العليا مثل المحافظين ورؤساء مجالس المدن والأحياء والقرى ورؤساء مجالس إدارات البنوك والشركات والمجالس القومية والهيئات والمؤسسات العلمية والاقتصادية والأجهزة الرقابية والإعلامية والاستثمارية... الخ. أو أن يُحرم من امتيازات في بعثة أو منحة أو سفرية فنية أو في تقدير شرفي يستحقه. أو أن يقع تحت طائلة القانون والمحاكمة ويتعرض لسجن أو تعذيب أكثر مما يستحق.

فإذا فُرِض وواجه مواطنٌ أيًا من هذه الأمور فإنه يؤمن أن معاناته لها أو تراكمها عليه في حياته فإنما تؤهله عندنا نحن المسيحيين لنوال إكليل الشهادة. لأن الشهداء عندنا في المسيحية نوعان؛ النوع الأول:شهيد بسفك دم وهو الذي يُراق دمه من أجل الإيمان. وشهيد بدون سفك دم وهو الذي ينال عذابات وآلامًا وتضييقًا على حياته بالتكدير المستمر من أجل إيمانه، وإن كان لا يصل الأمر إلى إزهاق روحه. إلا أنه يموت كما لو كان بالقتل البطيء أو بتخريب حياته بحيث لا يكون صالحًا للحياة. والشهداء في عمومهم هم شركاء المسيح في آلامه ومن ثم فهم شركاء مجده أيضًا كما يعلمنا كتابنا "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو8: 17).
والذي يشكو من الاضطهاد هو إنسان ذليل لأنه كما يقول المثل "الشكوى لغير الله مذلة" أي يذل نفسه للناس وكأنه ليس له إله يراعيه من السماء، أو أن له إلهًا ولكنه إله عاجز عن حمايته أو رد الظلم عنه، أو كأنه يريد أن يحظى بالراحة الأبدية دون أتعاب وآلام في العالم. لقد وعدنا المسيح له المجد بقوله "طوبى لكم إذا قالوا عليكم كلمة شريرة من أجلى كاذبين. افرحوا لأن أجركم عظيم في السموات" (مت5: 11، 12). ويا سعادة من كان أجره عظيمًا في السماء.
وهذه التوجهات الروحية للإنسان المسيحي واضح أنها لا تتفق مع لجوئه لأن يشكو مجتمعه لمجتمع آخر، ولكن إن كان يشكو فلمجتمعه وحده،لذلك فهي لا تتعارض مع دفاعه عن نفسه بالطرق القانونية. ومن خلال القنوات الشرعية. كما لا تتعارض مع قيام كبار قومه وأُولى أمره للدفاع عنه ورفع صوته إلى السلطات لإنصافه. وذلك من منطلق شعورهم بالمسئولية نحو صغار طائفتهم ومكدوديهم.
الصورة الحقيقية للمضطهِدين:

والمضطهِد لا يدرك عادة صورته الحقيقية أمام نفسه وأمام العالم. ولربما لو اتضحت له صورته هذه لأدرك مدى رداءتها، فالاضطهاد نوع من العدوان. وعلماء علم الاجتماع وعلم النفس عندما يحللون الشخصية العدوانية سواء تمثلت في الفرد أو المجتمع يقودهم تحليلهم إلى أنها:
1- شخصية قلقة مضطربة محرومة من سلام الله في داخل القلب لأن الشر يملأ قلبها كما يقول الكتاب "لا سلام قال الرب للأشرار" (إش48: 22).
2- شخصية قاسية جحودة خالية من الرحمة مملوءة حنقًا لذلك تستخدم العنف مع بشر لم يسيئوا إليها إلا في كونهم مختلفين عنها في الجنس أو اللون أو العقيدة أو المذهب الذي نشأوا وتربوا فيه حسبما أراد الله لهم. ومثل هذه الشخصية لا تطولها الرحمة في يوم الدين كما يقول الكتاب "لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة" (يع2: 13).
3- شخصية قلما تستحي لأنها تستخدم قوتها ونفوذها مع نفس هادئة مسالمة، ثم سريعًا ما تتراجع إذا ما واجهها من هو أقوى منها. وينطبق عليها المثل القائل "تخاف ولا تختشي".
4- شخصية تعاند العقل والضمير بإرادتها حتى تمارس نزعتها العدوانية في اضطهاد الآخر. وكأنها تقاوم الله ذاته الذي وهبها العقل والضمير كمقياس حساس لتمييز العدل من الظلم.
5- شخصية لها طابع وحشي، بعيد عن الإنسانية. ومهما ادعت هذه الشخصية من صفة الحضارية والديمقراطية والمساواة بين الجميع، فهي مجرد ادعاءات أو هي ثوب مزيف تخدع به العالم. ولذلك فكثيرًا ما تلجأ إلى الأساليب المقنَّعة في الاضطهاد لكي تغطى على جريمتها ولكنها تشبه من يغطى جسده العاري بثوب شفاف.
6- شخصية حسودة ومملوءة بالشعور بالنقص لأنها كثيرًا ما يكون اضطهادها للآخر إما من أجل امتياز معين في هذا الآخر، وهى لا تستطيع أن تبلغ إليه ومن حسدها وغيرتها تعمل على القضاء على هذا الآخر، أو من أجل استعلائها هي واحتقارها للآخر فتذله وتستعبده.
7- شخصية مرائية لأنها أولًا: تنكر ما تمارسه من اضطهاد على فرد أو على مجموعة بالرغم من وضوح حقيقة اضطهادها كنور النهار، ثم تختلق صورًا مضللة تغطى بها كذبها. وثانيًا: عندما تُؤاخَذ على اضطهادها أو تُفْرَضُ عليها بعض الضوابط من قوةٍ أكبر أو أعلى منها فإنها تملأ الدنيا صراخًا مدعية أنها الحمل المسالم والرفيق الوديع والحَكَم العادل.
8- شخصية تعاند الله لأنها تتحداه في إرادته في خلقه الذي شاء فخلقه أجناسًا وألوانًا، وأراده شعوبا وأممًا وقبائل وألسنة. وهى تضطهده لتخضعه لإرادتها. ومثل هذه الشخصية لا يكسرها إلا الله وحده وهو الذي يمهل ولا يهمل. ونجاحها في كسب معتنقين لمبادئها إنما هو نجاح ظاهري سيأتي عليه وقت يتلاشى. لأن ما بنته وشيدته بالظلم والقتل وأسلوب الكذب والخداع إنما هو مثل بخار يظهر ثم يتبدد ويضمحل. وبالعنف الذي كسبت به سوف تؤخذ به.
حماية الدين والنعرة العرقية والاستعلاء الجنسي وراء النزعة إلى الاضطهاد:

يقول دارسو العلوم السياسية أن نزعة الفرد إلى اضطهاد الآخر تنشأ من النظام السياسي للحكم. والحكومات التي تضطهد الأقليات يغلب عليها الشعور بالاستعلاء الجنسي فتحتقر الأجناس الأخرى وتعمل على استعبادها، أو تغلب عليها النعرة العرقية فتجتهد للتخلص من العرقيات الأخرى. أو تكون وراءها قوى دينية مخططة ومحركة لهذا الاضطهاد وذلك لتخوف هذه القوى من ارتداد أتباعها إلى ديانة أخرى تأثرًا بها أو انجذابًا إليها. فتلجأ لحكوماتها من خلف الستار لكي تطلب الحماية للدين بكتم أنفاس أصحاب ديانات أخرى تنافسها الوجود.
وبما أن الدافع الديني أو النزعة الدينية تغطى عادة أكبر مساحة من رقعة المجتمع ونفسيته، فبعض الحكومات الضعيفة والعاجزة عن علاج مشاكل المجتمع تنتهز الفرصة لممارسة هذا النوع من الاضطهاد لكسب رضاء هذه المساحة الكبيرة من أفراد المجتمع من أجل بقائها في الحكم. وبعض الحكام ينسى أنه حاكم أقامه الله لرعاية شعب هذه الدولة أو تلك ليقيم العدالة بين أفراد هذا الشعب نيابة عنه دون اعتبار لأي فوارق بينهم دينية أو عرقية، وواجبه أن يقوم بدور الحاكم العام لكل شعبه وليس لعرقية أو تجمع بعينه، وأن يقوم بدور رجل الدولة وليس رجل الدين. لأن الدين مفروض فيه أنه أمر شخصي ويحمل قوته فيه. كما أنه لا يصح أن يُفرض اعتناقه بالقهر والاضطهاد بل بالترغيب والتشويق وهذا عمل رجل الدين وليس رجل الدولة.
تنبه العالم للدول التي تمارس الاضطهاد:

لقد علت في عصرنا الحاضر صيحات المدافعين عن حقوق الإنسان، وتنبه العالم للأقليات المضطهدَة دينيًا أو عرقيًا أو سياسيًا، وأصبح كل شيء مكشوفًا لديه مهما لجأت دولة ما إلى إخفاء اضطهادها لأي فئة من البشر. وصارت هناك ضغوط دولية علي الدول التي تمارس هذا النوع من الاضطهاد.
وبغضِّ النظر عن الضغط الدولي يجب أن يستيقظ المضطهِدون لإنقاذ أنفسهم من الصورة المزرية التي يبدون بها أمام العالم وهم لا يدرون. إذ يظنون في أنفسهم أنهم وحدهم الأذكياء والعالم كله غبي وعاجز عن كشف بواطنهم. وهم غافلون أيضًا عن أن شخصية المضطهِد عريانة بكل خزيها أمام العالم. كما أنها سوف لا تسلم من مقاومة العالم لها بكل الأشكال الممكنة.
الاضطهاد وتأثيره على الاقتصاد:

إنَّ الدول التي تُمارس الاضطهاد تُعاني جميعها من سوء اقتصادها. لأن الاضطهاد سلوك غير أخلاقي، ومتى انهارت الأخلاق في أمة تردَّى حالها وانهار اقتصادها.
كما يقول الشاعر:
إنما الأُمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ويرجع تأثير الاضطهاد على الاقتصاد في أنه يستهلك جزءًا كبيرًا من طاقة هذه الدول في الجهود التي تبذلها في رسم الخطط ووضع الأساليب التي تستخدمها في الاضطهاد، وتخصيص الأجهزة التي تُمارس التنفيذ وتشرف عليه، ثم أجهزة للمتابعة ودراسة التقارير من أجل تطوير الأساليب وتنمية الخطة المرسومة للاضطهاد من خلال القرارات والمنشورات السرية والواجبة التنفيذ بكل دقة. والساعد الأيمن في التنفيذ هو الرئاسات والقيادات والأجهزة التابعة للدولة. ثم يمتد التنفيذ من المصالح الحكومية إلى الشركات والمصانع والمؤسسات المالية والتجارية إلى أن يطول أنشطة القطاع الخاص.
وتشغل قرارات ومنشورات خطة الاضطهاد أذهان جميع المسئولين في كل المواقع. وحيث أن الاضطهاد يشبع نزعة العدوان عند الإنسان ويُنَفِّسُ عن حقده وعداوته، وحيث أن سر الحقد والعدوان هو إبليس، فهو لا يهدأ إلا إذا تمم مشورته بواسطة النفوس المملوءة بهما كما يقول الكتاب: "إنهم لا يَنامُونَ إنْ لم يَفعلوا سُوءًا، ويُنْزَعُ نَوْمُهُمْ إنْ لَمْ يُسْقِطُوا أحَدًا" (أمثال 4: 16).
ومنه نرى كيف يسهر المضطهدون على تتميم خططهم، وكم يفعل الحقد والضغينة في قلوبهم مستحوذًا على كل اهتمامهم من أجل إبادة الآخر. وهذا الاستحواذ ينتقل بالضرورة من عقول أصحاب السُّلطة العليا في الدولة إلى عقول الأقل فالأقل حتى يشمل أصغر المسئولين.
وهكذا يصبح تيار الاضطهاد الشغل الشاغل لغالبية أصحاب النفوذ. وعوضًا عن تفرغ الواحد منهم لدراسة خطط التنمية والتطوير والتحديث وعلاج السلبيات واستثمار الإيجابيات، كلّ في موقعه، من أجل النهوض بمستوى الأداء وزيادة الإنتاج. نجد طاقتهم وجهدهم ووقتهم يتبدد في الانشغال بدراسة طرق ووسائل وأساليب اضطهاد فلان أو الفئة الفلانية. وهكذا ينزوي الانشغال ببناء اقتصاد الدولة في زحام الانشغال باضطهاد الآخر.
هذا من جهة المسئولين عن التنمية. أمَّا من جهة المضطَهَدين الذين يمكن أن يكونوا اليد المُساعدة في التنمية، فقد شاءت إرادة الله أن يكونوا جزءًا من هذا المجتمع أو ذاك، ولا شك أن لهم مواهبهم وقدراتهم وإمكانياتهم العلمية والثقافية والفنية والأدبية، ويمكنهم أن يعملوا ويُنتجوا. بل أن يبتكروا ويخترعوا، ولربما يكون الله قد حباهم بفضائل وخصال حضارية نابعة من عقائدهم وثقافاتهم الموروثة. وعندما يعمد المجتمع إلى قتلهم أدبيًا وماديًا وتحطيمهم، فإنما يقتل موردًا أساسيًا من موارد الإنتاج لأن هؤلاء يُمثلون طاقات بشرية ذات خبرات ومواهب قادرة على العمل. والعقل يرى أن الحفاظ عليهم له فائدة غير قليلة لاقتصاد الدولة. ولكن روح العداوة والحقد تلغي دائمًا العقل، كما تطرح المصلحة العامة جانبًا.
أمَّا عن ظاهرة الاضطهاد في حد ذاتها فهيَ تُنتج مجتمعًا تشكيلته العامة لا تخرج عن كتلتين لا ثالث لهما. وهما المضطهِد والمضطهَد أو الظالم والمظلوم أو المذنب والبريء. وهذا المجتمع الذي يستخدم الظلم والعدوان من أجل قتل وإبادة الآخر هو مجتمع خالٍ من الأمانة والحب والإخلاص ومخافة الله، وتنتشر فيه روح الشر والجريمة والحقد والكراهية والرشوة والنهب والسلب. لأن مثل هذا المجتمع يجتاح الكتلة المضطهِدة فيه شعور بأنهم هم أصحاب الملكية الحقيقية لمقدرات الدولة فيجتهدون ويتعاونون على النهب والسلب، ويقول الواحد منهم للآخر: "شيِّلني وأشيِّلك" وهو مَثَل يُقال عن الذين يتعاونون على السرقة معًا.
ولا شك أن هذا المجتمع لا تطوله رحمة الله. لأن الله يتابع من سمائه أعمال البشر على الأرض ويرصد جرائم المجتمعات التي فيها يَضطهد الإنسان أخاه الإنسان ويُزهق روحه ويقتله سواء قتلًا بطيئًا أم قتلًا مباشرًا، ويحرمهم أيضًا من بركته الحقيقية التي يتمتع الإنسان فيها بالشبع والري الحقيقيين، وليس بالشبع والري المزيفيْن اللذيْن صاحبهما كمن يشرب ماءً مالحًا فيحس بالعطش الدائم ويصير في قلق مستمر، فلا ينعم براحة أو سلام مهما كال من مال أو متاع الحياة.
وحيث أن مجتمع القتل والنهب لا مصير له سوى الفقر والخراب، لذلك فالدول المضطهِدة هيَ أفقر الدول وأكثرها تخلفًا. لأنها تعيش على التَّسوُّل وعلى القروض والمعونات. ولربما في تسولها تحس بغناها وهيَ في فقر مدقع. كما يقول الكتاب: "لأنَّك تقول: إنِّي أنا غَنِيٌّ وقَد اسْتَغنَيتُ، ولا حاجة لي إلى شيءٍ، ولَستَ تَعلَمُ أنكَ أنت الشَّقِيُّ والبَئِسُ وفَقِيرٌ وأعْمَى وعُريَانٌ" (رؤيا 3: 17).
لذلك مهما نالت تلك الدول من معونات وقروض فإنها تظل فقيرة وعريانة، لأنها طالما تُمارس الاضطهاد وطالما عوامل الفساد تدب فيها فلا يُرجى لها خير.
يُضاف إلى هذه أن الدول التي تُمارس الاضطهاد قد تتعرض لبعض العقوبات الاقتصادية بما يضر كثيرًا باقتصادها. وقد تظل هذه العقوبات مفروضة عليها طالما تمارس الاضطهاد.
نخلُص من كل هذا أن الدول المضطهِدة تفقد جزءًا كبيرًا من طاقتها في تدبير الاضطهاد وتنفيذه وتطويره يومًا بعد آخر شدة وقسوة، وبه تدمر موردًا هامًا للإنتاج بقتلها وتخريبها ذلك الجزء من المجتمع الذين تضطهدهم. كما يستشري فيها الظلم والفساد فتحرم من رحمة الله وبركته.
وبسبب هذه كلها ينهار اقتصادها، ومن ثم لا تجني من الاضطهاد سوى الجهل والفقر والمرض. وهيَ سمات عامة مشتركة لجميع الدول التي تُمارس الاضطهاد، وهذا ما يجب أن تتأمَّله هذه الدول لكي تعي ما تجنيه من اضطهادها لخليقة الله.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:27 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
مَن تقصدون بالأعداء الخفيين والظاهرين الذين نسمعكم تذكرونهم في صلواتكم؟
المجتمع: مَن تقصدون بالأعداء الخفيين والظاهرين الذين نسمعكم تذكرونهم في صلواتكم؟
المسيحي: لا تتعجب أن الله قد حدد لنا أسماء أعدائنا في الكتاب المقدس.
وأول أعدائنا هو إبليس وجنوده:


وأعلن الكتاب هذه العداوة في قوله "فقال الرب الإله للحية... وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها" (تك3: 15). ونسل المرأة هو المسيح والحية هي إبليس كما يقول القديس يوحنا "التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله... المشتكي علي إخوتنا. الذي كان يشتكى عليهم أمام إلهنا نهارًا وليلًا" (رؤ12: 9، 10). وعداوة إبليس للمسيح هي عداوة للمؤمنين به. وقد لقبه المسيح بالعدو في مثل زوان الحقل "والزوان هو بنو الشرير والعدو الذي زرعه هو إبليس" (مت13: 38، 39). ودعاه بطرس الرسول بالخصم "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (1بط5: 8). لذلك يوصينا "اصحوا واسهروا... قاوموه راسخين في الإيمان" (1بط5: 8، 9). كما يوصينا القديس يعقوب "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 4).
وعدونا الثاني هو الأنا أو الذات:

وتظهر عداوتها للإنسان في أنها تسبب هلاكه "من يحب نفسه يهلكها" (يو12: 25). وتتمثل الذات في الكبرياء التي تحمل أضرارًا كثيرة للإنسان، فإنها تولد العداء والخصام "الخصام إنما يصير بالكبرياء. والمنتفخ القلب يهيج الخصام" (أم13: 10، 28: 25). وتجلب له الهوان "تأتي الكبرياء فيأتي الهوان" (أم11: 2). كما تجلب له الكسر والسقوط "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم16: 18). ويبغضه الله بسببها "يبغض الرب العيون المتعالية" (أم6: 17). ويكرهه "مكرهة الرب كل متشامخ القلب" (أم16: 5). ولا يحتمله "مستكبر العينين ومنتفخ القلب لا أحتمله" (مز101: 5). ويقاومه "يقاوم الله المستكبرين" (يع4: 6). ويضعه "الأعين المرتفعة تضعها" (مز18: 27). ويشتته "شتت المستكبرين بفكر قلوبهم" (لو1: 51).
وأمام كل هذه الأضرار التي تسببها الذات كعدوة للإنسان بكبريائها ينصحنا بولس الرسول: "حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم. لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه. بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضًا" (فى2: 3، 4). و "مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو12: 10).
وعدونا الثالث هو الجسد:

وتظهر عداوته في أنه:
1 تسكن فيه ميول الشر "وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية. فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح" (رو7: 14، 18).
2 يسبب حربًا وصراعًا في داخل الإنسان بينه وبين روحه بحيث يقوده إلى الخطية "أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية. الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (رو7: 23 وغل5: 17).
3 يقاوم الإنسان حتى ينتصر على إرادته ويقوده لفعل الشر "لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل... هذان (أي الجسد والروح) يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون" (رو7: 19، غل5: 17).
4 العيشة بحسبه والاهتمام به يؤديان إلى الموت "إن عشتم حسب الجسد فتموتون. اهتمام الجسد هو موت" (رو8: 6، 13).
5 يسبب العداوة بين الإنسان وبين الله "اهتمام الجسد هو عداوة لله. الذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله" (رو8: 7، 8). وأمام هذه العداوات من الجسد يصرخ بولس الرسول مستغيثًا بمن ينقذه منه "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو7: 24). لذلك يوصينا "اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل5: 16).
العدو الرابع هو العالم:

وتظهر عداوته في أن:
1 محتواه كله شهوات زائلة ليست من الله "كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الله بل من العالم. والعالم يمضى وشهوته" (1يو2: 16).
2 محبته تخلق عداوة بين الإنسان وبين الله "محبة العالم عداوة لله. فمن أراد أن يكون محبًا للعالم فقد صار عدوًا لله وإن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب" (يع4: 4 , 1يو2: 15). وإزاء هذه العداوة يوصينا القديس يوحنا الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم".
العدو الخامس هو الخطية:

ويعلن عداوتها ميخا النبي. "لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم" (مى7: 8). وتظهر عداوتها في أنها:
1 تجلب الموت للإنسان "أجرة الخطية هي موت" (رو6: 23)، "النفس التي تخطئ هي تموت" (حز18: 4).
2 تجلب العار "عار الشعوب الخطية" (يو8: 34). لذلك يوصينا بولس الرسول: "اصحوا للبر ولا تخطئوا" (1كو15: 34). وتحتاج منا إلى مقاومتها حتى الموت "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب12: 4).
هؤلاء هم أعداؤنا الحقيقيون، إبليس وجنوده ثم أسلحته ضدنا وهى الذات، والجسد، ومغريات العالم، والخطية،والواضح أنهم أعداء ليسوا من البشر. أما إذا وُجد لنا أعداء من البشر بسبب إيماننا فإننا نعتبر إبليس وراء عداوتهم. وهذا ما يعلمنا به الكتاب أن "مصارعتنا ليست مع لحم ودم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف6: 12). هذه القوى الروحية والنفسانية والشهوية التي تحاربنا، إن كنا نواجهها فبأسلحة من طبيعتها كما يوضح لنا الكتاب "إن كنا نسلك في الجسد لسنا حسب الجسد نحارب. إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون، هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو10: 3-5). ثم يحدد بولس الرسول السلاح الماضي لهذه المواجهة بقوله" من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير. خذوا سيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف6: 13، 17).
أما كيف نحمل سلاح كلمة الله للمواجهة فبكلامنا وأعمالنا. وذلك بأن نتمسك بوصايا الله في مواجهة التجارب والعداوات. ثم نقدم محبتنا للناس التي هي مضمون كلمة الله لنا من جميع وصاياه. أما الحكمة في مواجهة من يعادوننا بأعمال المحبة لهم ومسالمتهم فمبنية على وعود الله لنا:
أولًا: إن الخير هو الذي يغلب الشر "لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير. إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه" (رو12: 21، 20).
ثانيًا: الله هو الذي يدافع عن المظلوم وينتقم له "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء. بل أعطوا مكانًا للغضب لأنه مكتوب لي النقمة أنا أجازى يقول الرب" (رو12: 18، 19).
ثالثًا: محبتنا لِمَن يعادوننا تحقق بنوتنا لله "أحبوا أعداءكم... لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين" (مت5: 45).
وسلوك المسيحي هذا بالمحبة إزاء ما يقابله من عداوات لا يمنع من توجيهه العتاب لمن يظلمه أو يسئ إليه، أو أن يرفع تظلمه للجهات الأعلى. فالمسيح له المجد عندما لطمه أحد خدام رئيس الكهنة أجابه "إن كنتُ قد تكلمت رديًا فاشهد على الردى، وإن حسنًا فلماذا تضربني" (يو18: 23). وبولس الرسول عندما وقف للمحاكمة مظلومًا من اليهود أمام فستوس الوالي طلب منه رفع دعواه إلى قيصر فأجابه الوالي لطلبه (أع25: 11، 12).
أما إذا ذكرنا من يعادوننا من البشر في صلواتنا فإننا لا نطلب لهم أذية من الله ولا أن يبتليهم بمصائب من عنده. ولكننا نطلب فقط أن يدفع الرب عنا شر أذاهم ويبطل مؤامراتهم ويظهر مجد قوته لهم.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:29 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
ما رأيكم في التطرف الديني

المجتمع: ما رأيكم في التطرف الديني.
المسيحي: إن التطرف هو مغالاة في التمسك بعقيدة أو مذهب بعينه يصل إلى حد عدم قبول الآخر بل نبذه ومحاربته. وهو يشير إلى ضيق أفق صاحبه ونقص معرفته. والتطرف ينطوي في داخله على التعصب؛ وهو تمسك أعمى غير قابل للحوار أو التفاهم لعجز صاحبه عن الإقناع. والتعصب يختلف عن التمسك المستنير الذي حدوده اقتناع شخصي اقتناعًا كاملًا بصحة ما يعتقده الفرد، مع التسليم بحرية الآخرين فيما يعتقدون وحقهم في قبول ما يعتقد به هو أو رفضه، ثم استعداده للتفاهم سواء للإقناع أو الاقتناع.
والمتطرف يطوي دائمًا في داخله أهدافًا وأطماعًا يرغب في تحقيقها بِاسم الدين ولا يريد أن يعيش معه أحدٌ. فإما أن يسيطر عليه ويتسيد وإما أن يقتله ويبيده. وينظر إلى كل من ليس من دينه على أنه كافر، وما دام كافرًا فإنه يستحق القتل. ونفس المتطرف مملوءة بالحقد والعداوة اللذيْن يملآن قلبه بالقساوة والجحود، حتى أنه لا يرحم نفوس الأبرياء ويميل إلى سفك الدماء، وهو يظن بهذا القتل أنه يرضى الله. ولا يعلم أنه بهذا يحمل في داخله روح إبليس الذي هو "قتال للناس من البدء" (يو8: 44). كما قال المسيح له المجد لليهود عندما كانوا يتآمرون عليه ليقتلوه "وقالوا له أبونا هو إبراهيم قال لهم لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني. أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا" (يو8: 39، 44).
والمتطرف يضع نفسه مكان الله ليخضع العالم كله لإرادته وأفكاره، بل يجعل نفسه إلهًا فوق الله لأنه يستخدم ما لم يستخدمه الله من قوة وبطش في قهر الشعوب وإخضاعهم لعقيدةٍ وإيمان بعينه. بالرغم من أن العالم يعيش على سطحه آلاف الملايين من البشر أصحاب ديانات متنوعة. وإن أراد جلت قدرته فهو قادر أن يفني ما يريد إفناءه منهم في لحظة ولكنه لم يفعل.

ويظهر الوجه السيئ للمتدين المتطرف بمقارنته بالمتدين المعتدل الذي يحمل روحًا إنسانية سمحة تتخطى الحدود العنيفة في الدين. ومنهج سلوكياته مرسوم على جميع التوجهات الدينية الإيجابية التي تدعو إلى التعاون والمسالمة وحق الناس في الحياة وفي حرية ما يعتقدون. ويترك لله شئونه في خلقه. ويتحلى بفضائل العفة والقناعة فلا يستحل لنفسه أموال الغير ولا أعراض الغير، ولا يحسد أحدًا بل يطلب الخير ويفرح به لكل أحد. ويسيطر عليه في معاملاته مع الجميع صوت الضمير ومخافة الله أكثر مما تدفعه نزعات نفسانية دموية أو تصورات وأفكار لا تحمل في مضمونها سوى القتل والإبادة وسفك الدم. وله سعة من الأفق يدرك بها واقع تنوع ديانات البشر وعقائدهم بين الأمم بل التنوع المذهبي في كل دين بعينه. هذا الإدراك هو الذي يُعتبر الأساس السليم للتعامل أو الحوار مع الآخر على حد قول الدكتور محمد عمارة المؤرخ الإسلامي "إن التعددية في الخلق والتنوع في الأفكار والمذاهب والفلسفات والملل والشرائع والمناهج والثقافات والألسنة واللغات والقوميات. هذه سنة من سنن الله تبارك وتعالى التي لا تبديل لها ولا تحويل. أول شرط من شروط الحوار"(2).
ولا شك أن الله له حكمته في ذلك. وقد ندرك بعضها ولا ندركها كلها. لذلك فالمتطرف بتصرفاته العدوانية نحو الآخر لا يخدم دينه ولا مجتمعه بل إنه يهدم مجتمعه ويسئ إلى سمعة دينه.
وإن كان الدين في مجتمعنا مثل بقية الديانات يتضمن كثيرًا من مبادئ المودة والتسامح والمسالمة والتكافل الاجتماعي فأصحاب الديانات عامة يحتاجون إلى تنمية هذه المبادئ في معتنقيها.
المتطرف لا يعي معنى الإنسان:

والتطرف له فكر قيادي موجِّه والمسئولية كلها تقع عليه. هذا الفكر القيادي مهما ادعى من قيمة لتدينه لكنه لا يعي معنى الإنسان والإنسانية بالمفهوم الوجودي الذي يُرجِع كل الناس إلى الأصل الواحد النابع من الموجود الأول العقل الأول بعيدًا عن كل الفوارق العرضية بينهم. هذا المفهوم الذي يجب أن يبنى عليه الإنسان تعامله مع كل إنسان،كما يوضحه الكاتب الفيلسوف محمد سيد محمد في مقال تحت عنوان (الإنسان واللغة)(1) فيقول "في البدء كانت الكلمة، ومنها جاء الإنسان. الإنسان تلك الكلمة الملغزة والمحيرة، التي تحوِّل وتغيِّر وتُعيد التكوين حيث الوجود الأول والعقل الأول. فأنا وأنت لا نختلف كثيرًا لأن العقل هو هو والنفخة الإلهية هي هي. إنها سر الأسرار التي تذيب الفوارق والاختلافات، عندما تحدث الشرارة الأولى ويتم اللقاء فتسقط كل الأشياء العارضة ويبقى الإنسان. والإنسان هنا دونما جنس، دونما لون، دونما هوية، دونما لغة. ما أعجبها من مفارقة حيث يصبح المفتاح السحري لفك شفرات أي إنسان هو نفسه الإنسان". لذلك إذا وعى صاحب الفكر المتطرف إنسانيته لاستطاع أن يعي ويدرك أخيه الإنسان فيسقط عنه جنون التطرف.
المسيحية تنبذ التطرف:

والمسيحية كديانة تدعو إلى محبة جميع الناس حتى الأعداء وتدعو إلى التسامح وعدم مواجهة الشر بالشر والعين بالعين والسن بالسن حسب الشريعة الموسوية (خر21: 24). وتدعو إلى الوداعة والاتضاع وصنع السلام، لا يمكن أنها بمبادئها هذه تدعو إلى التطرف بمعنى الاعتداء على البشر أو إبادة الآخر.
فالمسيحية لا تعرف التطرف، ومن يتعمق فيها يزداد اتضاعًا ومحبة ومسالمة إلى حد تقديم الذات عن الآخر، وفي هذا يختلف كثيرًا عن من يتعمق في دينه فيزداد كراهية وحقدًا وعداوة نحو الآخر إلى حد تحليل قتله. لذلك نجد الفارق عظيمًا بين المسيحي المتعمق في دينه الذي يزداد حبًا وتسامحًا وبين من يتعمق في دينه فيزداد وحشية وافتراسًا.
من هو المسيحي المتعصب في نظر البعض:

إلا أنه للأسف هناك توجُّهٌ خاص للبعض في وصف المسيحي بالمتعصب وأحيانًا يدعونه بالمتطرف. حيث يرى هذا البعض أن كل مسيحي يأخذ ويعطى مع زميل أو جار مسيحي آخر فهو متعصب. وكل مسيحي يُظْهِر صيامه أو يذهب إلى الكنيسة أو له أي نشاط كنسي فهو متعصب. وكل مسيحي يدافع عن مسيحي آخر مظلوم فهو متعصب، وكل مسيحي يؤاخذ مواطنًا غير مسيحي مخطئًا في عمله فهو متعصب، وكل مسيحي يوصى بتعيين أو ترقية أو تقدير مسيحي آخر يستحقه فهو متعصب، وكل مسيحي يدافع عن إيمانه أمام من يهاجمه في إيمانه فهو متعصب، وكل مسيحي يبدى أي علامة تشير إلى مسيحيته كأن لبس صليبا أو رسم علامة الصليب فهو متعصب. أما أي شخص غير مسيحي يفعل شيئًا من هذه فهى حق له وأمور طبيعية جدًا لا غبار عليها ولا مؤاخذة عليه فيها. هذا هو منهج البعض في الاتهام الباطل الذي يلصقه بالمسيحيين ولربما يلجأ هذا البعض لهذا الاتهام من أجل تغطية تعصبه هو، لأنه لا يقبل وجود إنسانٍ معه على الأرض يختلف عنه في دينه.
_____
الحواشي والمراجع :

(1) الأهرام في 16/11/2001
(2) الأهرام 28/6/2002

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:31 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون أعداء الحرية لأنكم تبيحون الرق والعبودية
المجتمع: أنتم المسيحيون أعداء الحرية لأنكم تبيحون الرق والعبودية.
المسيحي:
إن المسيحية أكثر ديانة ترفض العبودية وتنادى بالحرية.
وهناك نوعان من العبودية:
أولًا: العبودية للناس:

ويوصينا بولس الرسول برفضها في قوله "قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدًا للناس" (1كو7: 23). ويقصد أن المسيحي الذي اشتراه المسيح بدمه أصبح مِلكا لله. ومن ثَمَّ لا يمكن أن يكون عبدًا لأحد. لذلك يخاطب العبيد الذين قبلوا دعوة الإيمان بالمسيح أن لا يكترثوا كثيرًا بهذا الأمر. بل إن استطاعوا أن يستغلوا إيمانهم بالمسيح لكي يحرروا أنفسهم فليسعوا إلى هذا. فيقول لهم "دُعيتَ وأنت عبد فلا يهمك. بل وإن استطعت أن تصير حرًا فاستعملها بالحري. لأن من دُعي في الرب وهو عبد فهو عتيق الرب" (1كو7: 21-22). بل إن بولس الرسول: يكتب إلى فليمون وهو من الأشراف الأغنياء من أجل أُنِسيمُس خادمه لكي يقبله في حريته إذ كان عنده من قبل عبدًا ثم هرب وقد قَبِل الإيمان من بولس الرسول فيقول له "من أجل المحبة أطلب إليك لأجل ابني أُنِسيمُس الذي رددته إليك. اقبله لا كعبد في ما بعد. بل أفضل من عبد، أخًا محبوبًا. اقبله نظيري. وإن كان قد ظلمك بشيء أو لك عليه دين، فاحسب ذلك عليَّ. أنا أُوفىِ" (فل 9 - 19). وهنا يطلب بولس الرسول رفع صفة العبودية عن هذا العبد، ودعاه أخًا محبوبًا ونظيرًا له، كما أبدى استعداده أن يوفى عنه دينه الذي يحرره من سيده. فواضح إذًا من هذه النصوص الكتابية أن المسيحية ترفض الرق. وتطالب بحرية العبيد. هذا من جهة العبودية أو الاسترقاق للناس.
ثانيًا: العبودية الروحية للخطية ولإبليس ولفرائض الناموس وحرفيته:

أما من جهة هذه العبوديات فهي أكثر خطورة في المسيحية على حياة الإنسان وعلى أبديته. وقد قامت المسيحية أساسًا لتحرير وإنقاذ الإنسان من قبوعه تحت نيرها. لأن هذا كان هدف المسيح من مجيئه إلى العالم.

فمن جهةعبودية الخطية قال المسيح عنها لليهود "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو8: 34). وأكدها بولس الرسول لأهل رومية بقوله "لما كنتم عبيد الخطية كنتم أحرارًا من البر" (رو6: 20). أما بطرس الرسول فيحذر من الأشرار الذين يخدعون بشهوات الجسد أولئك الذين يحاولون الهروب منها "واعدين إياهم بالحرية وهم أنفسهم عبيد للفساد" (2بط2: 18، 19). ثم يُعبِّر عن مرارة عبودية الخطية في قوله لسيمون الساحر "تُب من شرك هذا. لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم" (أع8: 22، 23).
أما عبودية إبليس فَيُعَبِّر بولس الرسول عن شراستها في قوله لتلميذه تيموثاوس "مؤدبًا بالوداعة المقاومين، فيستفيقوا من فخ إبليس إذ قد اقتنصهم لإرادته" (2تى2: 25، 26). كما تَظهر شراستها في ما يصيب الناس الذين يستولى عليهم إبليس من جَرَّائها حيث كان يُخَرِّب حياتهم ويهدم كيانهم. فكان يصيبهم بالجنون (مت8: 28) والخرس (مت9: 32) والعمى (مت12: 22) والصرع (مت17: 15) ويدفعهم للوقوع تارة في النار وتارة في الماء ويسبب لهم آلامًا شديدة (مت17: 18). واضح إذًا أن عبودية إبليس للناس كَمْ كانت قاسية ومدمرة وبلا رحمة!
هناك أيضًا عبودية الناموس الذي ساد على الناس طوال العهد القديم بفرائضه وأحكامه وحدوده ولعناته وحرفية وصاياه.
هذه عبوديات روحية تدمر الجسد والروح معًا. وقد جاء المسيح إلى العالم لكي ينقذنا منها ويرفعها عنا ويمنحنا الحرية الحقيقية كما تنبأ عنه إشعياء النبي "روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأنادى للمأسورين بالإطلاق" (إش61: 1). وكما قال المسيح له المجد "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36).
وقد حررنا المسيح من عبودية إبليس بإنقاذنا من سلطانه علينا الذي كان في حكم الموت، الذي جلبه علينا بغوايتنا لعصيان الله، فأبطله المسيح بموته على الصليب نيابة عنا. وفي هذا يقول بولس الرسول "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم في الصليب" (كو2: 15).
وإذ كانت الخطية هي السبب في موتنا فالمسيح بموته أبطلها عنا كما يقول بولس الرسول: "قد أُظْهِر (المسيح) مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب9: 26). أي أبطل الموت الذي تحمله لنا، الأمر الذي يؤكده بولس الرسول أيضًا في قوله: إن المسيح "أبطل الموت بموته" (2تى1: 10). وإذ كان الناموس هو سبب معرفتنا للخطية وأوجب لعنتها علينا. فالمسيح بموته أبطل أيضًا ناموس الخطية ولعنته وحررنا من سلطانه كما يقول بولس الرسول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا (وذلك بتعليقه على الصليب)" (غل3: 13).
أما ناموس الفرائض الجسدية فقد أعتقنا منه المسيح بناموسه الروحي "ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت" (رو8: 2).
وحررنا المسيح أيضًا من ناموس الظل والرمز ونقلنا إلى ناموس الحقيقة،وذلك بنور تعاليمه الإنجيلية "إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يو8: 31، 32). فبشارة الإنجيل أنارت لنا طريق الحق الذي حررنا من ظلمة الجهل ونقلنا من مرتبة العبيد إلى مرتبة الأحباء "لا أعود أسميكم عبيدًا لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكنى قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى" (يو15: 15).
وحررنا المسيح كذلك من روح العبودية إذ أعطانا روح التبني "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو8: 15). وقد نلنا روح التبني بعمل الروح القدس في ولادتنا الجديدة و "حيث روح الرب هناك حرية" (2كو3: 17).
مجد حريتنا:

هذه هي حريتنا في المسيح حرية مجيدة يدعوها بولس الرسول: "حرية مجد أولاد الله" (رو8: 31). لذلك يوصينا أن نثبت فيها بقوله "فاثبتوا إذًا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها. ولا ترتبكوا أيضًا بنير عبودية" (غل5: 1). ثم يوصينا أن لا نسئ استخدام حريتنا في المسيح بجعلها فرصة للجسد فيقول "فإنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الإخوة. غير أنه لا تُصيِّروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا" (غل5: 13). ولا يصح أيضا أن نجعل حريتنا ستارًا للشر "هكذا هي مشيئة الله أن تفعلوا الخير كأحرار وليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر بل كعبيد الله" (1بط2: 16).
ويُرجِع بولس الرسول حريتنا في المسيح إلى جذورها الأولى في شخص أبينا إبراهيم أب جميع المؤمنين فيقول "كان لإبراهيم ابنان واحد من الجارية والآخر من الحرة. لكن الذي من الجارية وُلِد حسب الجسد. وأما الذي ولد من الحرة فبالموعد. ونحن نظير إسحق أولاد الموعد. إذًا لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة" (غل4: 21 - 33).
الحرية في المسيحية بلغت أقصى مدى في احترام إرادة الإنسان:

وحق الإنسان في الحرية بلغ أقصاه لدى المسيح في دعوته الكرازية للعالم. إذ وهو كلمة الله الظاهر في الجسد سيد الوجود وصانعه والذي يجب أن تتعبد له كل البريَّة ترك الحرية الكاملة لسامعيه للإيمان به وتبعيته أو عدم الإيمان به ورفضه. وقد بدا هذا في أكثر من موقف نذكر منها:
عندما وجه دعوته لحمل الصليب خاطب الجمع بأسلوب التخيير تاركًا لهم الإرادة الحرة. فقال "إن أراد أحد أن يأتي ورائي" (مت16: 24).
وعندما سأله الفريسيون عن السماح بالطلاق لأي سبب وأجابهم أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا ثم أجابه تلاميذه إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج قال لهم "من استطاع أن يقبل فليقبل" (مت19: 12).
وعندما كلم الجمع عن دعوته لأكل جسده وشرب دمه وقال كثيرون من تلاميذه هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه فأجابهم "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة. ولكن منكم قوم لا يؤمنون. من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه" (يو6: 6-66). ومع ذلك لم يلزم أحدًا.
والشاب الغنى الذي جاء يسأله عما يعمل ليرث الحياة الأبدية وأجابه أن يترك كل أمواله فاغتم الشاب ومضى حزينًا. تركه المسيح لحال سبيله ولم يجبره على شيء.
ومن يتأمل هذه المواقف يدرك أنه ليست هناك حرية أكثر من هذه أن لا يلزم الله إنسانًا بالإيمان به أو لقبول تعاليمه.
الوصايا الخاصة بالعبيد:

أما وصايا الإنجيل للعبيد أن يطيعوا سادتهم فكان تماشيًا لوضع قائم بالفعل من أجل استقرار الحياة الاجتماعية وليس اعترافًا به أو إقرارًا له. وحتى لا تتسبب المسيحية في إثارة مشكلة تؤثر على الحياة الاجتماعية سلبًا وتضر بالعبيد أكثر مما تفيدهم خصوصًا لو أن المسيحية دفعتهم إلى التمرد على سادتهم والخروج عن طاعتهم.
كما أنه في نفس الوقت قدمت وصاياها للسادة بخصوص معاملة جديدة كُليةً للعبيد. فقالت لهم "أيها السادة قدموا للعبيد العدل والمساواة عالمين أن لكم أنتم أيضًا سيدًا في السموَات وليس عنده محاباة" (كو4: 1، أف6: 9). ولا شك أن هذه الوصايا كانت توجيها هامًا لتحرير العبيد طالما أصبحت معاملتهم بالعدل والمساواة. خصوصًا بتذكير السادة أنهم هم أيضًا عبيد تحت سلطان الله وهم متساوون أمامه مع عبيدهم وليس عنده محاباة.
كذلك الاسترقاق في الدول الغربية لم يكن منبعه مبادئ الإيمان المسيحي، وإنما يُعزى إلى نزعتها الاستعمارية مقرونة بروح وفكر الاستعلاء الجنسي أي الذي ينظر إلى الجنس الأبيض أنه أميز وأعلى من الجنس الأسمر أو الملوَّن. لذلك يلاحظ أنه بعد انحسار الاستعمار وتحرر الشعوب كادت تنعدم ظاهرة الرق. ولربما الفقر الشديد هو الذي يدفع البعض لأن يبيعوا أنفسهم مقابل لقمة العيش.
العبودية في المسيحية لله وحده وليست للناس:

والعبودية في المسيحية كبيع الإنسان لنفسه هي لله وحده. فالقديس بولس الذي يقول في جرأة "ألست أنا حرًا" (1كو9: 1). يدعو نفسه في رسائله "عبد يسوع المسيح" (رو1: 1، فى1: 1، تى1: 1). ويقول أيضًا "لو كنت بعد أرضى الناس لم أكن عبدًا للمسيح" (غل1: 10). والرسل كذلك دعوا أنفسهم عبيد الله وذلك في تضرعهم إليه ليبطل عنهم تهديدات اليهود قائلين "الآن يا رب امنح عبيدك أن يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة" (أع4: 29).
إذًا المسيحية ترفض العبودية للناس كما تحمل وسائل خلاصها لإنقاذ وتحرير من هم تحت عبودية روحية سواء لإبليس أو الخطية. ولا تؤمن إلا بالعبودية لله وحده، وتنادى بالحرية وتطلب الثبات فيها. والحرية الحقيقية فيها هي حرية الروح. حتى في تقديم ذاتها للعالم لكي يؤمن بها فإنها تترك الحرية المطلقة لكل واحد ولا تلزم أحدًا.
فما أعظم حريتنا التي نلناها في المسيح. لأنها حرية السعادة والخلود إذ هذه هي طبيعة حرية الروح. لأنها تنطلق بصاحبها من أسر إبليس وسلطان الخطية ونير فرائض الناموس الجسدية الثقيلة. وتحيى رجاءه في المسيح لحياة أبدية مملوءة بالنور والفرح.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:32 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون لا تعطون المرأة حقوقها وتعتبرونها دون الرجل

المجتمع: أنتم المسيحيون لا تعطون المرأة حقوقها وتعتبرونها دون الرجل.
المسيحي:
إن المسيحية أكثر ديانة أعطت للمرأة حقوقها. ولربما يندهش المرء مما يوضحه الكتاب المقدس دستور المسيحية من حقوقٍ للمرأة نذكر منها:
1 النبوة: حيث يذكر الكتاب المقدس بعض النساء اللاتي أعطاهن الله نعمة النبوة مثل الأربع بنات العذارى بنات فيلبس المبشر (أع21: 9). وقد تنبأ يوئيل النبي عن نعمة النبوة للمرأة بقوله "إني أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم" (يؤ2: 28).
2 التجند لخدمة بيت الرب والكرازة بالإنجيل: الرسول بولس يطلب في رسالته لفيلبي مساعدة أفودية وسنتيخي "اللتين جاهدتا معه في الإنجيل" (فى4: 3). كما يهدى سلامه إلى بريسكلا وزوجها أكيلا ويقول عنهما إنهما عاملان معه في المسيح يسوع، والذي ليس وحده يشكرهما بل أيضًا جميع كنائس الأمم (رو16: 3، 4). ويوحنا الرسول يكتب إلى كيرية المختارة وإلى أولادها رسالته الثانية مادحًا سلوكهم طالبًا إليهم أن يثبتوا في تعليم المسيح (2يو). ويوصى بولس الرسول أهل رومية بقبول الأخت فيبي وقيامهم لها بكل ما تحتاجه لأنها خادمة الكنيسة ومساعِدة لكثيرين وله أيضًا (رو16: 1).
3 المواهب والفضائل العليا: كذلك لم يحرم الله المرأة من حق التمتع بالمواهب والفضائل العليا مثل:
أ قوة الإيمان: يذكر تاريخ الكنيسة العديد من بطلات الإيمان اللاتي قدَّمن رقابهن للسيف وعرَّضن أجسادهن للتعذيب من أجل الشهادة للإيمان وعلى رأسهن دميانة ومارينا وبربارة ويوليانا والست رفقة والأم دولاجي ومريم الأرمنية وأدروسيس ويؤانا وأربسيما وأنسطاسية وصوفيا وملاتيني وإيرائي وبيستس وهلبيس وأغابي وأخريات كثيرات.
ب الطهر والقداسة والامتلاء بالنعمة: يذخر الكتاب المقدس بقديسات عفيفات مثل حنة وأليصابات وغيرهما وعلى رأس الكل العذراء كلية الطهر القديسة مريم. كما يذخر تاريخ الكنيسة بعديد من القديسات الطاهرات مثل بوتامينا العفيفة والقديسة مارينا والقديسة إيلارية والقديسة كاترين وإيريني وتاؤبستا وثاؤغنسطا وباسين وبيلاجية وغيرهن كثيرات.
ج الإسهام بالعطاء لبيت الله وللخدمة الروحية: المسيح له المجد في خدمته الكرازية والتبشيرية مع تلاميذه يذكر الإنجيل أن بعض النساء كن قد شُفيْن من أرواح شريرة وأمراض... كُن يخدمنه من أموالهن (لو8: 2، 3).
د العناية بالمساكين وإضافة الغرباء: يذكر سفر الأعمال تلميذة في يافا اسمها طابيثا الذي ترجمته غزالة يقول عنها "كانت ممتلئة أعمالًا صالحة وإحسانات كانت تعملها، ومرضت وماتت. ولما جاء إليها بطرس الرسول وقف لديه جميع الأرامل يبكين ويرين أقمصة وثيابًا مما كانت تعمل غزالة وهى معهن. فأقامها من الموت وأحضرها حية إليهن" (أع9: 36-42). ويذكر أيضًا ليديا امرأة بياعة أرجوان من مدينة ثياتيرا متعبدة لله. فتح الرب قلبها لتصغي إلى ما كان يقوله بولس الرسول. فلما اعتمدت هي وأهل بيتها طلبت إلى بولس ومن معه أن يدخلوا بيتها ويمكثوا عندها وألزمتهم. ثم بعد ذلك عندما خرج بولس وسيلا من السجن دخلا عندها وعَزَّيا الإخوة ثم خرجا (أع16: 14، 15، 40).
مساواة المرأة بالرجل:

لقد كان ترتيب الله في خلقة حواء أنه لم يخلقها من قدم آدم حتى لا يدوس عليها ويحتقرها، ولم يخلقها من رأس آدم حتى لا تتعالى هي عليه،بل خلقها من أحد أضلاعه حتى تكون على قدم المساواة معه. كما سبق وقال إنه يخلقها معينة نظيره (تك2: 18). وكلمة معينة نظيره تعنى أنها معينة له وعلى قدم المساواة معه وذلك في صورة الإنسان الداخلى العاقلة الناطقة وفي عطايا الله الروحية لهما.
فقد ساواها الله مع الرجل في لم شتاتها من الأمم فقال "ها إني أرفع إلى الأمم يدي وإلى الشعوب أقيم رايتي. فيأتون بأولادك في الأحضان وبناتك على الأكتاف يُحْمَلن" (إش49: 22) كما قال أيضًا "يا يعقوب لا تخف فإني معك. من المشرق آتى بنسلك. ومن المغرب أجمعك. أقول للشمال أعط وللجنوب لا تمنع. إيت ببنيَّ من بعيد وببناتي من أقصى الأرض" (إش43: 6).
وأعلن أبوته لها مع الرجل عندما يحفظون طهارتهم فقال "لا تمسوا نجسًا فأقبلكم وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لى بنين وبنات يقول الرب" (2كو6: 17، 18).
وأبدى تطلعه إلى نموها الروحي في بيت الله مثل الرجل وذلك في دعاء داود النبي من أجل نجاته من الغرباء حيث صلى "أنقذني ونجنى من أيدي الغرباء لكي يكون بنونا مثل الغروس النامية في شبيبتها. بناتنا كأعمدة الزوايا منحوتات حسب بناء الهيكل" (مز144: 11، 12). كما قال أيضًا "ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعًا واحدٌ في المسيح يسوع" (غل3: 28).
وفي الحقوق الاجتماعية ساوى الله المرأة مع الرجل في إكرامها وذلك في الوصية الخامسة من الوصايا العشر "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك" (خر20: 12). كما أعطاها حق مفارقة الرجل إذا أرادت بقوله "لا تفارق المرأة رجلها. وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها" (1كو7: 10، 11). لذلك فالمسيحية لا تعطى العصمة في يد الرجل على المرأة ولا في يد المرأة على الرجل. ومن حق كل منهما أن ينفصل عن الآخر بإرادته الحرة المنفردة. وكل منهما له حقوق وعليه واجبات في احترام ذاتية كل منهما على قدم المساواة.
امتياز المرأة على الرجل:

والمرأة في المسيحية ليس فقط لم تنقص شيئًا من حقوقها بل صارت لها كرامة عظيمة في شخص القديسة العذراء مريم.
فَمَنْ من البشر نال كرامة السيدة العذراء مريم، هذه التي صارت أُمًا لله الكلمة وصارت ملكة السمائيين والأرضيين. وتحقق فيها قول المزمور "قامت الملكة عن يمينك بثوب موشَّى بالذهب. مزينة بأنواع كثيرة" (مز44: 9). لذلك نطقت العذراء بالروح القدس "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم" (لو1: 48).
القيادة لِمَن تكون:

أ في الحياة الكنسية:

توصى الكنيسة المرأة بالالتزام بحدود معينة في انخراطها في الحياة الكنسية حيث يوصيها:
أولًا: بتغطية رأسها أثناء الصلاة بقوله "كل امرأة تصلى ورأسها غير مغطى فتشين رأسها. الرجل لا ينبغي أن يغطى رأسه لكونه صورة الله ومجده. أما المرأة فهي مجد الرجل" (1كو11: 5-7).
ثانيًا: بعدم الكلام في الكنيسة وعدم السماح لها بالوعظ أو التعليم بقوله "لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن. قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة. لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت" (1كو14: 34، 35، 1تى2: 12). هذا يعنى أن الذي يقوم بالخدمة الكنسية من إقامة الذبيحة وقيادة الشعب في الصلاة والتسبيح وقراءة فصول الكتاب وسيرة قديس اليوم والوعظ والتعليم هو الرجل. وكل هذا التحذير ينطبق على المرأة بالطبع في جميع الخدمات الكنسية العامة مثل القداسات والعشيات والنهضات الروحية والاجتماعات الروحية العامة لأن جميع هذه الخدمات تضم الرجال مع النساء والشيوخ مع الأطفال أي جميع فئات الشعب كله.
ولكن هناك خدمات كنسية نوعية تخص المرأة وحدها مثل اجتماع الشابات والسيدات وخدمة مدارس أحد بنات وهذه يمكن أن تقوم فيها المرأة بالوعظ والتعليم. كما تساعد المرأة في معمودية النساء والشابات الداخلات حديثًا إلى الإيمان. كما تهتم بجميع مفروشات الكنيسة مثل أطقم المذبح والستائر والمفارش والمناشف من جهة الإعداد والغسيل والكيّ وتنظيف الأواني والطشوت والدوارق... الخ.
ب في الحياة العائلية:

يوصى الإنجيل المرأة بأن تخضع لرجلها وأن تحفظ له هيبته وذلك بقوله "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة. كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء. والمرأة فلتهب رجلها" (أف5: 22-24-33). وهذا يعنى أن القيادة في داخل الأسرة هي للرجل وليس للمرأة. وجيدٌ أن تكون القيادة لرأس واحدة لأنه لا يصلح أن يكون للجسم رأسان أو للسفينة ربَّانان، وإلا خَرُب الجسم وغرقت السفينة.
أما أن تكون القيادة للرجل بصفة عامة فهي لأسباب يذكرها الإنجيل المقدس بوضوح عند كلامه عن أنه ينبغي عدم تسلط المرأة على الرجل وضرورة خضوعها وترك القيادة له:
أول هذه الأسباب: أن الرجل سابق على المرأة في الوجود لأنه هو الذي خُلِق أولًا. كما يقول بولس الرسول: "المرأة لا تتسلط على الرجل لأن آدم جُبِل أولًا ثم حواء" (1تى2: 13).
ثانيًا: لأن المرأة هي من الرجل لأنها أُخِذت منه كما يقول بولس الرسول: "لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل" (1كو11: 8).
ثالثًا: لأن المرأة خُلِقت للرجل وليس العكس كما يقول بولس الرسول: "لأن الرجل لم يُخلَق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل" (1كو11: 9).
رابعًا: لأن الرجل هو صورة الله ومجده كما يقول بولس الرسول: "الرجل صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل" (1كو11: 7).
خامسًا: لأن المرأة هي التي ضعفت بالغواية أولًا وتعدت الوصية كما يقول بولس الرسول: "آدم لم يُغْو لكن المرأة أُغويت فحصلت في التعدي" (1تى2: 14). وبالإضافة لهذه الأسباب الإنجيلية الخمسة نضيف.
سادسًا: إن التكوين الجسدي للرجل من جهة قوته العضلية والجسمانية وما يتبعها من قوة الإرادة والقدرة على تحمل المشاق تؤهله أكثر للقيادة.
سابعًا: التكوين النفسي للمرأة من حيث أنها أكثر عاطفة من الرجل. فإن كانت القيادة يجب أن تكون للعقل فالرجل يكون أَوْلى بالقيادة.
في الأحوال غير العادية:

وهذا لا يمنع أن يترك الرجل القيادة أحيانًا للمرأة في بعض الأمور والمواقف وذلك لأنه أحيانًا كثيرة تكون المرأة أكثر ذكاء من الرجل. كما أن أحيانًا أخرى يكون التصرف العاطفي أكثر مناسبة من حكم العقل، والعقل في نفس الوقت يؤمِّن عليه. كذلك قد تكون أقوى شخصية من الرجل ومع قوة الشخصية توجد قوة الإرادة والقدرة على التنفيذ. وفي مثل هذه الحالات يجب أن يُفوِّض الرجل المرأة في الإنجاز والتنفيذ وذلك باعتراف وتقدير لمواهبها وقدراتها التي متعها الله بها. كما يجب أن تقبل المرأة هذا التفويض باتضاع ووداعة. وبذلك تسير الحياة في سلام وبركة بتعاون الرجل والمرأة معًا بروح المحبة والتواضع.
بعد هذا العرض المستفيض لحقوق المرأة في المسيحية في العمل والكرامة، والمسئوليات التي توكل إليها والتي ساوتها بالرجل. بل قد تمايزت عليه أحيانًا في بعض المواهب والقدرات. هل تبقى هناك شكوى ضد المسيحية بانتقاصها من حقوق المرأة؟

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:34 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تظلمون كلا الزوجين بعدم سماحكم بالطلاق

المجتمع: أنتم تظلمون كلا الزوجين بعدم سماحكم بالطلاق.
المسيحي: عدم الطلاق في المسيحية قانون إلهي. وقد كان العهد القديم يسمح بالطلاق ولكن عندما جاء السيد المسيح منعه إلا لعلة الزنا. فقال "قيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني" (مت5: 31، 32). ثم منع الزواج من المطلقة ووصف من يتزوجها بأنه يزنى "من يتزوج مطلقة فإنه يزنى" (مت5: 32).
كذلك منع المُطَلِّقَ من الزواج. وإذا تزوج يكون زانيًا إذا كان طلاقه لغير علة الزنا "إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزنى" (مت19: 9).
ولما تعجب اليهود من هذا التشريع أفهمهم أن هذا ليس تشريعًا جديدًا. وقال لهم "أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى. وقال: مِن أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. إذًا ليسا بعد اثنين بل جسدٌ واحدٌ. فالذي جَمَعَهُ الله لا يُفرِّقُهُ إنسانٌ" (مت19: 4-6).
ولما سألوه "لماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق. قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا" (مت19: 7، 8).
ونستنتج من التشريع الذي أقره السيد المسيح أن الطلاق ممنوع في المسيحية وذلك لأسباب شرعية وروحية هي:
1 إن الزواج في المسيحية هو وحدة بين رجل وامرأة. فالزوج والزوجة باتحادهما معًا بالزواج يصيران جسدًا واحدًا. ومن صارا واحدًا من البداية بإرادتهما ورضاهما وتعاقدا على ذلك لحياة دائمة لا يصح التفريق بينهما
أو فسخ عقدهما الذي يأخذ صفة الديمومة طبقا للقاعدة المنطقية "العقد شريعة المتعاقدين".
2 والوحدة دائمة بين الزوجين لأنها مبنية على ارتباط مشاعر النفس والجسد والروح والمحبة القلبية من كل من الطرفين الواحد نحو الآخر. مما لا يسمح بانفصام شخصية الإنسان أو تمزيقها بتجزيء هذه المشاعر والمحبة لأجل توزيعها على زوج آخر. ولا يصح التفريط في هذه المشاعر وهذه المحبة إلا بالموت. بل والبعض يرفض أن يفرط فيها حتى بعد موت زوجه.
3 والوحدة بين الزوجين المبنية على ارتباط المشاعر وكمال المحبة هي دائمة بسبب المعنى الروحي للزواج في إشارته ورمزيته إلى اتحاد النفس بإلهها في الأبدية. وهى وحدة دائمة أبدية. ولا يصح إفساد الرمز لأهمية المرموز إليه.
4 الوحدة دائمة بين الزوجين بسبب الغرض الروحي للزواج وهو أولًا تحقيق رسالة سامية مقدسة في معاونة بعضهما البعض على الحياة الكاملة أمام الله للوصول إلى السماء. وثانيًا مشاركتهما لله في بناء نسل صالح لملكوت السموات. مما يعنى أن الزواج في المسيحية ليس من أجل مجرد إشباع شهوات الجسد أو للذة وقتية أو للمتعة، ولكن لغرض مقدس ولتحمل مسئولية من الله يشترك فيها الزوجان معًا.
5 الوحدة دائمة بين الزوجين لأن الذي يربطهما ويوحد بينهما في سر الزيجة بعد رضائهما وموافقتهما هو الله. وذلك بعمل روحه القدوس. والذي يجمعه روح الله لا يصح أن يفرقه إنسان.
6 من بدء العالم والخليقة لم يكن هناك طلاق. أما وجود الطلاق في العهد القديم فيرجع سببه إلى أن موسى كما قال السيد المسيح أذِن لهم به من أجل قساوة قلوبهم (مت19: 8). فالطلاق إذًا أمر حادث من عمل الإنسان وليس هو من الله منذ البدء.
وعندما نتأمل الغاية الأخيرة من هذه الأسباب بعدم السماح بالطلاق نجدها في حكمة الله الفائقة في حفظ كيان الأسرة وتقديسه من أجل حفظ وتقديس العالم كله. أما الطلاق فإنه يهدم الغاية من كل هذه الأسباب كما ينتج عنه أمور هدامة روحيًا واجتماعيًا وأهمها:
أ- إبطال معنى الزواج حسب المفهوم المسيحي وما يرمز إليه بما يتعلق بالحياة الأبدية.
ب- هدم منهج الوصايا الإنجيلية التي تتمركز في المحبة بكل جوانبها. والتي إذا لم تنبت من وسط الحياة الأسرية فمن الصعب أن تنغرس في الإنسان من وسط آخر.
ج- إطلاق العنان للحياة الجسدية وهى ضد المبادئ التي تنبني عليها المسيحية وأهمها توجيه الاهتمام للروح أكثر من الاهتمام بالجسد "لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادًا" (غل6: 8).
د- انحلال الأسرة وفيه انحلال للمجتمع وانهياره.
هـ- تشرد الأطفال وانتشار الجريمة ومجتمع الجريمة هو مجتمع الشقاء لخلوه من الأمن والأمان.
عدم الطلاق ليس هو سبب المشاكل:

والحقيقة أن المشاكل الخاصة التي يضيق بها الزوجان وتعرقل مسيرة حياتهما، ليس السبب فيها عدم الطلاق وإنما ترجع أسبابها إلى الزوجين نفسيهما وليس إلى التشريع الإلهي. وقد ترجع بهما إلى ما قبل زواجهما وتبدأ من:
1 عدم الاختيار السليم الذي يرجع لأسباب كثيرة.
2 عدم فهم أسس الزواج المسيحي وغايته.
3 عدم الالتزام بوصايا الإنجيل التي تليت على مسامعهما. وعدم طاعتهما لها لكي يعملا بها لاستقرار حياتهما الزوجية وسعادتهما.
4 عدم لجوء الزوجين لطلب النصح والإرشاد من مرجع أكبر سنًا وأكثر خبرة فيما يقابلهما من مشاكل أو خلافات في حياتهما الزوجية.
وإن حاول الزوجان علاج هذه الأسباب فلربما أمكن إصلاح حياتهما.
ولكن ماذا عند تَعَذُّر علاج الأسباب؟
منافذ لمتاعب الزوجين:

إن المسيحية تدعو إلى حياة الكمال ولكنها في نفس الوقت تدرك ضعف الطبيعة البشرية. لذلك إذ تتوقع حدوث خلافات أو مشاكل بين الزوجين قد تتفاقم إلى حد كبير، وقد توجد حالات يصعب فيها لدرجة كبيرة استمرار تعايش الزوجين مع بعضهما. لذلك عند احتدام الاختلاف بينهما فهناك منافذ لمحاولة عدم الإضرار براحة أيٍّ منهما:
المنفذ الأول: التفاهم والحوار للوصول إلى جذور المشاكل بينهما من أجل حلها،وذلك عن طريق لجان المصالحات المشكَّلة بالكنائس لحل الخلافات الأسرية سواء المادية أو التعاملية التي تنشأ من سوء الفهم من أحد الزوجين أو من كليهما. حتى لا تستفحل تلك الخلافات وتبلغ إلى حد الخصومة الدائمة أو الدخول في قضايا أمام المحاكم أو اللجوء إلى أقسام الشرطة. كقول المسيح له المجد "كن مراضيًا لخصمك سريعًا مادمت معه في الطريق. لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي ويسلمك القاضي إلى الشرطي فتلقى في السجن" (مت5: 25). الأمر الذي تنبه إليه مجتمعنا وأخذه في اعتباره بإنشاء لجان مصالحات للمتقدمين إلى الطلاق وذلك للحد من استشراء حالاته التي تزداد يومًا بعد آخر نتيجة انحسار القيم الأخلاقية والدينية.
المنفذ الثاني: عند استحكام النفور واستحالة استمرار الحياة بين الزوجين فقد سمح الإنجيل بانفصالهما وديًا كما يقول معلمنا بولس "وأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها. وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته" (1كو7: 10، 11). وواضح أنه يمكن الانفصال بالمفارقة ولكن على أن لا يسمح لأي من الزوجين بالزواج. أما الغرض من هذا الانفصال فهو إعطاء فرصة لكل منهما لمراجعة نفسه واكتشاف أخطائه مع الطرف الآخر حتى يمكن أن يتصالحا ويرجعا لبعضهما البعض في الوقت المناسب.
المنفذ الثالث: هو بطلان الزواج من أساسه. وذلك عندما تكون أسباب الخلاف بين الزوجين تمس جوهر الحياة الزوجية وتبطلها. فإذا وجدت هذه الأسباب فيمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء وأخذ حكم ببطلان الزواج، وهذا الحكم يختلف كلية في نتائجه بالنسبة للزوجين عن الحكم بالطلاق.
المنفذ الرابع: هو إبطال الزواج من جانب أحد الزوجين بسبب زناه. فإنه إذا صار أحد الزوجين زانيا فإنه يكون قد أخلَّ بأهم شروط العقد الزيجي وهو ملكية أحدهما للآخر المتضمن في الوصية الإلهية "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، وكذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو7: 4). وواضح من هذه الوصية أن الملكية متبادلة بين الزوجين أي ليست المرأة فقط هي ملك لزوجها بل الرجل أيضًا هو ملك لزوجته. وكل طرف منهما مسئول عن سلامة هذه الملكية تجاه الطرف الآخر. لذلك من يقدم منهما جسده ليتحد بجسد غريب فإنه باتحاده بالغريب يكون قد نزع حق الملكية وأسقطه من الطرف الآخر. وبذلك ينحل العقد وتبطل الرابطة. ومن حق المتضرر إذا أمكنه إثبات العلة أن يأخذ حكمًا قضائيًا بهذا الإبطال.
السماح بالطلاق إهانة كبيرة لسر الزيجة:

الزواج في المسيحية سر عظيم لأن بولس الرسول يربط بينه وبين اتحاد المسيح بالكنيسة الذي قال عنه إنه "سر عظيم" (أف5: 32). وطابق بين السريْن في الوحدة بين الطرفين والمحبة والخضوع والتضحية والاهتمام والنقاوة والقداسة (أف5: 22- 33). كذلك الزواج له أيضًا كرامته كما يقول بولس الرسول أيضًا: "ليكن الزواج مكرمًا عند كل واحد في كل شيء والمضجع غير نجس. وأما العاهرون والزناة فسيدينهم الله" (عب13: 4). لذلك فالسماح بالتفريق بين الزوجين بالطلاق لأى سبب ماعدا الزنا إهانة لعظمة وكرامة هذا السر. وواضح من كل المنافذ السابقة أنه ليس فيها طلاق بالمعنى المذكور. وهناك عبارة لأحد الآباء أن "الاتحاد بين الرجل والمرأة من قِبَل الله. والتطليق من الشيطان".

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:36 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
يعاب عليكم أنه ليس عندكم تشريع أو قوانين للميراث

المجتمع: يعاب عليكم أنه ليس عندكم تشريع أو قوانين للميراث.
المسيحي: لقد أعطى الله شريعة الميراث لموسى النبي عندما شكت إليه خمس بنات لصلفحاد الذي مات دون أن يكون له ابن. فحرمتهن عشيرتهن من الميراث. فقال له الله "بنات صلفحاد تعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن. وتنقل نصيب أبيهن إليهن. وأيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. وإن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لإخوته. وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لإخوة أبيه. وإن لم يكن لأبيه إخوة تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه" (عد27: 6 - 11). وواضح في هذا التشريع أن ملك الأب ينقل للبنت في حالة موته وليس له ابن. أما من جهة تقسيم الميراث بين الابن والبنت فالإنجيل ينظر بالمساواة بين الرجل والمرأة عندما يقول "الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب" (1كو11: 11). وعندما يقول أيضًا "ليس ذكر وأنثى. لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع. فإن كنتم للمسيح فأنتم إذًا نسل إبراهيم وحسب الموعد ورثة" (غل3: 28-29). فإن كان للمرأة حقها مثل الرجل تمامًا في ميراث الملكوت السماوي الذي لا يفنى فكم بالحري يكون لها هذا الحق في ميراث مُلك هذا العالم الفاني! والمسيحية تساوى بين نصيب الولد ونصيب البنت عند توزيع الميراث. ويقول ابن العسال "أولاد الميت الذكور والإناث بالسواء" (القوانين الباب الثاني والأربعون المواريث الفصل الثاني خامسًا وسادسًا الطبقة الأولى من الورثة ص303).
وقد حذر المسيح له المجد من الطمع في الميراث. وذلك عندما شكى إليه واحد من أخيه الذي استولى على الميراث. فقال المسيح له وللجمع الواقف حوله "انظروا وتحفظوا من الطمع لأنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله" (لو12: 15). وضرب لهم مَثَل الغنى الغبي الذي أراد أن يكنز لسنين طويلة فجاءه صوت الله "يا غبي هذه الليلة تُطلب نفسك منك فهذه التي أعددتها لِمَن تكون" (لو12: 20). ثم علَّق المسيح بقوله "هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيًا لله" (لو12: 21).
كما نبهنا معلمنا بولس أن حياتنا مبنية أساسًا على المحبة،والمحبة لا تطلب ما لنفسها (1كو13: 5). والمحبة لا تنظر لمصلحتها "لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضًا" (فى2: 4). ويجب ألا نتعلق بالوطن الأرضي لأنه "ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة" (عب13: 14). بل نرفع أنظارنا إلى الميراث السماوي لأنه حسب قول معلمنا بطرس "ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلنا" (1بط1: 4).
وهذه الوصايا الروحية لا تمنع الإنسان من أخذ حقه في الميراث الأرضي أو المطالبة به. ولكنها تشجعه على السلوك الروحي بخصوص مشاكل الميراث وذلك بعدم الدخول في عداوات وأحقاد قد يطول أجلها إلى ما بعد انتهاء أجله هو.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:36 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الباب الثالث: قضايا دينية

يشمل هذا الباب مجموعتين من الاتهامات والادعاءات والرد عليهما. وذلك في فصلين، الفصل الأول ادعاءات هجومية على إيمان الإنسان المسيحي. والفصل الثاني اتهامات استنكارية لسلوكيات مسيحية بحجة أنها تخالف الشرع.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:46 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنت مسيحي لا مؤاخذة

المجتمع: أنت مسيحي لا مؤاخذة.
المسيحي: لا داعي للا مؤاخذة فأنا أفتخر بأني مسيحي ولا أخجل من مسيحيتي. لأنها ديانة الحب لجميع الناس حتى الأعداء والمسيئين حيث شعارها "الله محبة" (1يو4: 8). وهى ديانة الكمال "كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت5: 48). وهى ديانة القداسة "تكونون قديسين لأني أنا قدوس" (لا11: 44). وهى ديانة الحرية "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36). وهى ديانة الروح "اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل5: 16). وهى ديانة المعرفة الحقيقية بالله "أيها الآباء قد عرفتم الذي من البدء (أي الكلمة). أيها الأولاد قد عرفتم الآب" (1يو2: 13). وهى ديانة الأسرار السماوية "قد أعطى لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات" (مت13: 11) وهى ديانة البنوة الإلهية "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بِاسمه" (يو1: 21). وهى ديانة الخلاص من الخطايا "تدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت1: 21). وهى ديانة المواريث السمائية "تعالوا إلىَّ يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت25: 34).
فماذا بعد كل هذه المبادئ والقيم والامتيازات! هل هناك ما هو أقوى من الحب في السماء وعلى الأرض، وما هو أبعد من الكمال، أو ما هو أغلى من الحرية لدى الإنسان، وما هو أبهى من القداسة. أو ما هو أسمى من حياة الروح، وما هو أغنى من معرفة الله الحقيقية وأسرار سماواته، أو ما هو أبقى من الملكوت الأبدي!

هل هذه جميعها تخجلني من ديانتي. وهل يوجد أسمى منها أو أكثر منها روحانية ومجدًا في أي ديانة أخرى. إنني لست أفتخر بها فحسب بل أضع حياتي كلها من أجلها أيضًا.
بل ما يدعوني أكثر إلى الافتخار بمسيحيتي هو أن بعض الديانات التي تعترف بسموها، بدأت تطور نفسها مجتهدة أن تتقمص روحها وتلبس ثوبها. ودليل ذلك أن أصحابها يستعيرون منها مبادئها السامية، ويقتبسون تعبيراتها الإلهية في كتبهم ومقالاتهم وأحاديثهم، ويترسمون ترتيب عبادتها وأنشطتها الروحية والاجتماعية وتكريم رجال دينها وتصنيف علومها الدينية وطرق الوعظ ووسائل التعليم فيها، ومحاكاة بعض الآداب والسلوكيات المبنية على وصاياها، والنهج على أحكامها الشرعية في تكوين الأسرة وترابطها وعدم انحلالها واقتربت من مراسم الزواج فيها وجنازات أمواتها، وطرق تسبيحها من تراتيل وترانيم وألحان. وبالحق لو لم تكن مسيحيتي بهذا الامتياز ما كان لآخرين أن يسعوا لمحاكاتها وتقمص صورتها لكي يظهروا ببهائها ومجدها. لذلك كيف يأخذ آخرون ثوبي ويتباهون به، ثم ترذلني أنت وترفضني. إن من يفعل ذلك يشبه من يقول عنهم المثقف المصري الكبير الدكتور سيد محمود القمني في ندوة صالون "وطني" (الأحد 1/12/2002) "يشبه أولئك الذين يستخدمون حضارة وتكنولوجيا أناس آخرين وفي نفس الوقت يرفضونهم ويلعنونهم. في حين أن حضارة وتكنولوجيا هؤلاء الآخرين هي ثمرة ثقافتهم وعلمهم وقيمهم ولولاها ما بلغوا ما قد بلغوه، ولولاها أيضًا ما استمتع هؤلاء الناقمون الحاقدون بمنتجات وإنجازات أولئك".
وهناك من يأخذون معجزات المسيح ومعجزات قديسينا وشهدائنا وينسبونها إلى أوليائهم بل يتحدثون بتعاليم المسيح وكأنها من عندياتهم وأخذوا كل صفاته وفضائله ونسبوها لذويهم،وبعد أن سلبوا المسيح كل أمجاده احتقروه ورذلوه. وهؤلاء كيف سيواجهون المسيح في يوم الدينونة؟ ليعلم هؤلاء أنه كما أن المتضررين من السرقات الفكرية يرفعون قضايا أمام محاكم العالم ضد سارقيهم، فإن المسيح سيقاضي أمثال هؤلاء في اليوم الأخير أمام محكمة العدل الإلهي وهى محكمته وهو قاضيها.
ثم إنه لغريب أيضًا أن الذين يسلبون أمجاد المسيحية لأنفسهم يتنكرون في نفس الوقت لعقائدها الأساسية وهم لا يدرون أن هذه العقائد هي حقائق إيمانية وهى سر سمو المسيحية وروحانيتها وقداستها ومجدها الأبدي. وبدون هذه الحقائق الإيمانية تنعدم النعمة ومن ثم تنعدم كل هذه الكرامات والأمجاد التي للمسيحية. فبدون الثالوث يستحيل التجسد وبدون التجسد يستحيل الخلاص. وبدون الخلاص لا يصير تمجيدٌ للمسيح إلهًا فاديًا. وبدون تمجيد المسيح لا يكون هناك عمل للروح القدس العامل في كل عطايا الخلاص والمهيئ لها من أجل نوالها. لأن الروح القدس عمل في القديم في الأنبياء من أجل المسيح. وفي العهد الجديد يعمل في عطايا الفداء الذي تمجد به المسيح. وما هي عطايا الفداء سوى أمجاد المسيحية وكراماتها التي سبق ذكرها.
إذًا بدون العقائد التي يرتكز عليها الإيمان المسيحي تصبح المسيحية كلاما أجوفًا بعيدة عن أي ثمر روحي أو مجد إلهي. لذلك فكل عقيدة تلبس ثوب المسيحية بعيدًا عن حقائق إيمانها فهي تلبس ثوبًا مستعارًا يكون صاحبه حسب قول المسيح له المجد قبرًا مبيضًا من الخارج ومن الداخل مملوء عظام أموات (مت23: 27). أو يشبه ذئبًا يلبس ثوب حمل (مت7: 15). يظهر حملًا وهو يقترب إلى صيده ومتى صاده افترسه.
هذه هي مسيحيتي قوتها في عقائدها، وغناها في أسرارها، ومجدها وبهاؤها في فضائلها. لذلك هي مشتهى نفوس كثيرة ونموذج مثالي يتطلع لبلوغه الراغبون في حياة الكمال والمتعلقون بالروحانيات والمشتاقون إلى السماويات.
وإن كانت هناك ديانات وعقائد كثيرة في العالم يدين بها ملايين من البشر. حيث بخلاف اليهودية والمسيحية والإسلام توجد البوذية، والكونفوشيوسية، والزرادشتية، والبرَهْمانية، والجينية، والسيخية وغيرها. وبعضها يتأثر كثيرًا بالمسيحية. إلا أن شهود يهوه والسبتيين أكثر الذين يلبسون ثوب المسيحية وفي نفس الوقت يتنكرون لعقائدها.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:47 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون كفرة!



الإجابة:

الكُفر هو ضد الإيمان لأنه كفر بالله. والكفر atheism هو أيضًا ضد الشكر (جحود النعمة). فالكافر هو مَنْ ينكر وجود الله؛ أي ينكر أن يكون الله أصلًا للوجود وخالِقًا للعالم. وهو أيضًا من ينكر نعم الله على البشر سواء خيراته اللازمة لأجسادهم من أجل حياتهم الزمنية أو اللازمة لأرواحهم من أجل حياتهم الأبدية.

ونحن المسيحيين نؤمن بأن الله خالقنا "يا رب أنت جابلنا وكلنا عمل يديك" (إش64: 8). وأنه خالق السماء والأرض "يا إلهى... من قِدمٍ أسست الأرض والسموات هي عمل يديك" (مز102: 25). وأن كل ما نتمتع به من خيرات أرضية هي من عنده "أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه" (مت7: 11). كما أنه قدم لنا عطايا روحية فائقة لأجل حياتنا الأبدية "مبارك الله... الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح" (أف1: 3). وفي هذه العطايا الروحية ظهرت لنا محبته الحقيقية التي ميزنا بها عن كل الخلائق. فإن كان هذا هو إيماننا بالله واعترافنا به بأنه خالقنا ورازقنا بخيرات الدنيا والآخرة فنحن إذًا لسنا كفرة.
وإن كنت تدعونى كافرًا لأني مختلف عنك في دينك فهل تقبل أن أدعوك أنت كافرًا لأنك مختلف عنى في دينى؟ وإن كان لا. فلماذا تكفرنى؟ وهل من الحكمة أن يتبادل الناس اتهام بعضهم البعض بالكفر بسبب اختلافهم في عقائدهم؟ إن التعبير العاقل أننا مختلفان في الدين ولسنا كافرين. وليت كل واحد منا يحترم ديانة وعقيدة الآخر، ونبعد عن الحقد والضغينة التي تهدم المجتمع ولا تبنيه(1).
وأريد أن أسألك سؤالًا: هل يصح للمسلم الارتباط بكافرة؟ الإجابة هي لا حسب النص الصريح المكتوب في القرآن "وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" (سورة البقرة 221)! إذًا، فنحن غير كفرة أو مشركون، بدليل السماح للمسلم التزوج بمسيحية. بل بالأكثر، فقد ارتبط النبي محمد رسول الإسلام بـ"ماريا القبطية"!
تحديث: أتانا بعض الردود على الإيميل حول هذا المقال، ونود أن نوضح أن الرد السابق هو لمن يريدون النظر في نقاط التلاقي والتعايش مع الآخر في هدوء.. ولم يكن الكلام يحمل نقاطًا عقائدية ولاهوتية عميقة.. بل مجرد كلام عام للمسلم المُعْتَدِل.. ولكن دعنا نضيف التالي:
أخي الحبيب.. المفهوم الذي قصدناه للكفر هو الشرك بالله.. أو عدم الإيمان بالله خالق السماء والأرض وكل ما فيها.. وهو يختلف عن مبدأ التكفير الإسلام مثلًا.. فنعم غير المسيحيون لا يؤمنون بعقيدة المسيحيين.. والمسلمون لا يؤمنون بعقيدة غير المسلمون.. ولكن نقطة أن هذا غير مؤمن في المسيحية، تختلف عن أن هذا كافر في الإسلام!
فردنا السابق هو رد عام للمسلم المعتدل الذي يسعى إلى مساحات مشتركة مع الآخرين في التعايش والمحبة.. ليس إلا..
أما إن أردت التحدث بالتفاصيل، فعليك البحث في موضوع التكفير في الإسلام، وموضوعات مثلًا الارتداد وغيره.. بل المهزلة ما نراه على الساحة المصرية الآن (بعد ثورة 25 يناير 2011) من تكفير الطوائف الإسلامية لبعضها البعض.. لدرجة أن شيخ الأزهر نفسه قال أن هذه الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تخرج من المسلم المعتدل، ولا الأزهري الدارِس.. حول التفكير السلفي وغيره.. فنرى الآن محاولات الوحدة الوطنية خرجت من كونها بين المسيحيون والمسلمون، ولكن مشاكل الوحدة الوطنية الحالية بالأكثر هي ما بين الأخوان المسلمون، السلفيون، المسلمون المعتدلون، الصوفيون، القرآنيون.. إلخ!!
أفهمت الفرق يا عزيزي في نقطة التكفير؟
كتاب الله يقول: "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 2: 4)، فهو يدعو الجميع إلى الإيمان بمحبة.. والعقاب لغير المؤمن في الأبدية حسبما يدينه الله.. أما في الإسلام فنرى لعنة للكافرين: "لَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 89)، ونرى "اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ.. اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 98؛ سورة آل عمرن 32).. فمن ناحية نرى الله يدعو الناس للهداية والخلاص، وعلى الجانب الآخر نرى "اللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 264)..
نحن لا نقارن ولا نقلل من قيمة ما تؤمن به،ولكننا وددنا فقط توضيح الفرق بين المسيحية والإسلام في نقطة التعامل مع غير المؤمنين.. وهذا هو سبب استهتار البعض بالرد البسيط الأول الذي وضعناه في الصفحة..
المسيحية تحب الجميع، وكل إنسان له احترامه بغض النظر عن السن أو الجنس أو الدين أو التوجه العقيدي وغيره.. فالله الذي خلقك هو الذي خلقني.. ومبادئ المسيحية هذه هي التي جعلت العالم الغربي في تطوره واحترامه للإنسانية عبر العصور.. ومازال عالمنا العربي للأسف فريسة للجهل والاستبداد ومطمعًا لكل ديكتاتور يفعل به ما يريد.. فاختلاف دين الآخر في المسيحية، لا يجعلني أقلل من شأنه، أو لا أحترمه، أو لا أقبل سلطته في العلاقات الاجتماعية من العمل وغيره.. ولكن على الناحية الأخرى نرى بعض المسلمون ضد هذه الحقوق الإنسان الطبيعية، اعتمادًا على آيات مثل: "لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة آل عمران 28)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة النساء 144).. إلى غير ذلك من الآيات.. فالولاية هنا لها علاقة بالولاية الدينية الإسلامية لرجال الدين وغيره.. أما في السياسة والحياة العامة، فلا يصح تطبيق هذه الأمور، لأنها تعني أن أي شخص غير مسلم (أو بمعنى أصح لا يتبع طائفة الإسلام التي تتبعها بالضبط فقط)، له حقوق أقل من الإنسان العادي! ويصبح لدينا امتهان لحقوق الإنسان، وعودة إلى عصور التخلف التي رأيناها في أمريكا مثلًا من وضع الأفارقة السود في مرتبة بشرية أقل من الإنسان الأبيض، إلى غير ذلك..
فيا أخي المُقَرَّب إلى قلبي جدًا.. الله خلق جميع البشر، وللجميع حقوق متساوية.. فهو "يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (إنجيل متى 5: 45)، وهو وحده الديّان الذي له حق دينونة البشر.. فليس من حق أي إنسان أن يحكم على أي إنسان آخر بناءً على وجهة نظره هو وحده، كأنه يحتكر الحق المطلق، وحتى هذا الحق الذي يراه لا يتفق عليه جميع البشر..
فكن حكيمًا، وخذ الأمور بهدوء وبساطة.. فلا يوجد لدينا كمسيحيون ومسلمون حربًا.. دعنا نسمو فوق الاختلافات، نعمل معًا على رفعة الوطن، ونتلاقى في الخدمات الاجتماعية والفضائل الروحية العامة، بدون الغوص في أمورًا تزيد الفوارق بهدف التفرقة..
وليكن الله معك ومعنا، وليحفظنا في جميع طرقنا..

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون مصيركم النار

المجتمع: أنتم المسيحيون مصيركم النار.
المسيحي: إن النار قد أعدها الله لأصحاب الشرور والمعاصي كما يقول الإنجيل "في انقضاء العالم يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من بين الأبرار ويطرحونهم في أتون النار" (مت13: 49، 50). وأم الشرور والمعاصي هي الكراهية والعداوة والقتل الذي كان أول خطية يرتكبها الإنسان بعد السقوط (تك4: 8). وهو من الشيطان (مت8: 44). ومن يعمل هذه فمصيره النار التي هي من نصيب الشيطان (رؤ20: 10).
ونحن المسيحيين نعيش بالمحبة وهى أم الفضائل لأنها من الله. وإن كنا نعيش بالمحبة فلا نصنع بالناس شرًا. ومن يتجنب الشر فالنار لا تعرف طريقها إليه، خصوصًا أن محبتنا هي لجميع الناس حتى لمن يخالفوننا في عقيدتنا حسب ما علمنا المسيح (لو10: 37).
وإن سقط أحدنا في شر يستوجب النار فإنه يقدم توبة ويلتمس من الله المغفرة مترجيًا نوالها بشفاعة المسيح الكفارية. كما يعلمنا إنجيلنا "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1يو2: 1).
وإن كان الحكم على أحد بذهابه إلى النار هو لله وحده، وسيصدر هذا الحكم في يوم الدينونة. فلماذا تحكم أنت عليَّ بالنار ولم يعطك الله توكيلًا عنه لكي تحكم علىَّ بها.
وإن كنت تحكم عليَّ بالنار لأني مختلف معك في دينك، فهل تقبل أن أحكم عليك بالنار بالمثل لأنك مختلف عني في ديني؟ وهل من العقل أن نتبادل إصدار أحكام على بعضنا البعض ليست من حقنا؟
وما هو سلطان أي دين للحكم على مصير أصحاب دين آخر؟ إن الله وحده هو ديان كل الأرض (تك 18: 25). فإذا قررنا مصير بعضنا البعض من أنفسنا، فما هي وظيفة الله في يوم الدينونة!

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:55 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون أعداء الله

المجتمع: أنتم المسيحيون أعداء الله.
المسيحي: إن عدو الله هو من يحارب الله والمؤمنين به ويقاوم وحيه الإلهي. ونحن لا نحارب الله بل إننا نكرز به للعالم (1كو1: 23). لكي يؤمن به العالم إلهًا عظيمًا جدًا حسبما نتعرف عليه في خلائقه (أع 17: 28). وإلهًا متضعًا ومحبًا جدًا حسبما نعرفه في تجسده (مت11: 29). ونعلن جوهره للعالم حسبما أعلنه لنا في وحيه الإلهي (مت28: 19). ونتعبد له إلهًا وسيدًا بخضوع وتكريم (لو1: 74). ونحبه أبًا وراعيًا (1يو4: 19) من كل قلوبنا. ونجتهد في طاعة وصاياه التي أعطاها لنا (أف5: 24، عب12: 9). فهل مع كل هذه العلاقة الحميمة والمجيدة بيننا وبين الله يمكن أن يدعونا أحد أعداءًا له؟
إن عدو الله أيضًا هو من يبغض الناس ويعاديهم كما يعلمنا الإنجيل "إن قال أحد إني أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب. ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه أيضًا" (1يو4: 20، 21). فإن كنا نحن نحب الله ونحب جميع الناس فنحن لسنا أعداء الله بل أحباؤه.
وإن كنت تتصور أنى عدو الله الذي في ذهنك. فأنا حبيب الله الذي في ذهني والذي أؤمن به في قلبي. وليس لك أن تحجر على ذهني أو أن تمتلك قلبي أو أن تفرض عليَّ إلهي الذي أعبده. ولا تنسى أنى أعرف الله وأعبده من قبلك لأن ديانتي تسبق ديانتك بمئات السنين. وأنا أؤمن بالله كما أعرفه حسبما أعلن لي ذاته وكما رأيته في كلمته المتجسد. أما أنت فتعبد الله كما تتصوره أنت لأنك لم تره. وقد أكد المسيح لنا هذه الحقيقة في قوله للمرأة السامرية "أنتم تسجدون لما لستم تعلمون. أما نحن فنسجد لما نعلم" (يو4: 22).

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:56 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون يسكن فيكم الشيطان

المجتمع: أنتم المسيحيون يسكن فيكم الشيطان.
المسيحي: إن الإنسان الأول صار عبدًا للشيطان بعد أن أخطأ بعصيانه وصية الله وسماعه لصوت الشيطان. وهكذا صار جميع البشر إذ ساروا في طريق الخطية. ولم ينقذ البشرية من سلطان الشيطان سوى مجيء المسيح كما يوضح الإنجيل "من يفعل الخطية فهو من إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ. لأجل هذا أُظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس. ويبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (1يو3: 8 , عب2: 14). لذلك فنحن المسيحيين نؤمن بأن المسيح هو الذي يبيد سلطان إبليس عنا.

ومنذ بداية إيماننا بالمسيح في طفولتنا فإننا جحدنا الشيطان بفم والدينا وعلى إيمانهم. وبأمر المسيح الناطق على لسان الكاهن خرج منا الروح النجس الذي هو الشيطان. وبذلك تهيأت قلوبنا ونفوسنا لقبول الروح القدس وسكناه فينا بعد نوالنا الولادة الروحية الجديدة ونعمة البنوة الإلهية.
وعندما يهاجمنا الشيطان بأفكار الخطية ويضع أمامنا العثرات لكي نسقط فيها، أو يدعونا إلى الكسل والتواني في جهادنا الروحي، فإننا نشهر في وجهه علامة الصليب الذي به هزمه المسيح وجرده من سلطانه (كو2: 15). ونرد عليه بكلمة الله التي هي سيف الروح (أف6: 17). أو نَفِرُّ هاربين من مكان الخطية أو فكر الخطية فنضيع عليه مكيدة إيقاعنا في الخطية، وننهض من غفلتنا ونعاود جهادنا.
وعندما نخطئ نحزن روح الله داخلنا ونفقد عطاياه التي هي ثمار الروح (غل5: 22). ولكن بتوبتنا عن الخطية نُفرح الروح القدس ونعود لنجنى ثماره في حياتنا. وعندما تفتر حياتنا الروحية تخبو نار الروح القدس فينا وهى نار المحبة الإلهية. ولكن عندما ننشط في جهادنا الروحي تعود فتتوهج نار الروح القدس فيشعل نار المحبة الإلهية ويزداد توهجها بازدياد حرارتنا الروحية. فبتوبتنا وحرارتنا الروحية يحرس الرب قلوبنا من اقتراب إبليس إليها.
وإذا حدث أن دخل الشيطان جسم إنسان ليعذبه، فإن الكنيسة أخذت سلطان إخراج الشياطين من فم المسيح لتلاميذه "أخرجوا شياطين" (مت10: 8). والكنيسة تخرج الشياطين بِاسم المسيح حسب ما اعترف به تلاميذه "حتى الشياطين تخضع لنا بِاسمك" (لو10: 17). ولا أحد في الوجود له سلطان على إبليس لكي يخرجه من أجساد الناس المعذبين به سوى شخص المسيح له المجد لأنه كلمة الله، وكذلك من أعطاهم أن يُسمُّوا بِاسمه ويستخدموا علامة صليبه. إلا أن إخراج الشياطين هو إحدى مواهب الروح القدس لخدامه (1كو12: 10). أي أنها موهبة خاصة ببعض الخدام وليست عامة لجميعهم.
وفي حياتنا اليومية لنا أسلحتنا وتحصيناتنا في مقاومة الشيطان. وهى صدُّه بكلمة الله (مت4: 4)، وانتهاره وزجره بِاسم المسيح (لو10: 17)، وإشهار سلاح علامة الصليب (كو2: 15)، التي تحمل قوة ثالوث الله في مواجهته، والاستغاثة منه بصلاة المزامير (مز90)، والتحصن ضده بالاتحاد بشخص المسيح بتناول ذبيحته (يو6: 56)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.هذه الأسلحة والتحصينات كلها تتركز في شخص المسيح. لأن كلام الله هو أقواله، ثم اسمه القدوس هو اسمه، ثم صليبه المحيى، ثم المزامير كلمات روحه القدوس، ثم ذبيحة صليبه.
والآن نتساءل مَنْ مِن البشر له مثل هذه التحصينات ضد إبليس مثلما هي لنا. وكلها تحصينات إلهية لأنها تأخذ قوتها من شخص المسيح له المجد كلمة الله، الذي أكثر معجزاته التي عملها في زمن تجسده كانت إخراج الشياطين. ولما اتهمه اليهود بأنه برئيس الشياطين يخرج الشياطين أفحمهم برده "إن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته. فكيف تثبت مملكته" (مت12: 26)؟ وأمام كل هذه التحصينات والأسلحة الروحية نجد الشياطين ترتعد وتخر صريعة. وإن كان أمرنا هكذا فكيف يجد الشيطان مسكنًا فينا؟
إلا أن المسيحي الذي يعيش في الخطية ولا يريد أن يتوب عنها، أو المسيحي الغير ثابت في إيمانه بالمسيح، أو مَن ليست له مثل هذه التحصينات وهذه الأسلحة الإلهية من الصعب عليه أن يفلت مِن سلطان إبليس.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:59 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون نجسون

المجتمع: أنتم المسيحيون نجسون.
المسيحي: الإنسان النجس هو الذي يعيش في الزنا والفسق والانغماس في شهوات الجسد. ومن جهة ديانتنا فهي تنهى عن الزنا وتعتبره من الخطايا التي تغضب الله. بل من فرط حساسية ديانتنا نحو خطية الزنا أن مجرد النظرة المشتهية وليس الزنا في حد ذاته يعتبر خطية زنا في القلب (مت5: 28). هذا هو المستوى الأول الذي يفصل بين المسيحي وبين النجاسة.

أما المستوى الثاني فهو تقنين حياة العفة في المسيحية بضبط الجسد في شهواته ونزواته. وذلك بحكم الشريعة الذي يقضى بأنه لا حَقَّ للمسيحي أن يرتبط إلا بزوجة واحدة (1كو7: 2). كما يقضى بعدم السماح بالطلاق (مت19: 6). وهذان القضاءان وإن كانت لهما أسبابهما في استقرار الأسرة إلا أنهما في نفس الوقت يمنعان من تعاقب أكثر من زوجة على الزوج أو أكثر من زوج على الزوجة مما يحد بالتالي من إشباع شهوة الجسد وكبح جماح ميوله، وهى درجة من التبتل لا يتوافق معها الاتهام بالنجاسة.
أما المستوى الثالث فهو تغليب الاتجاه الروحي على حياتنا ويتضمن:
عدم توجيه كل الاهتمام نحو الطعام والشراب واللباس كأنها كل شيء في الحياة. وعدم الانشغال بالتصنيف والتنويع من أجل الشراهة واللذة (لو10: 42، أم23: 2). عدم عمل تدبير للجسد لأجل التمتع بالشهوات (رو13: 14). السلوك بالروح وعدم تتميم كل ما تشتهيه النفس (غل5: 16). تأدية عبادتنا بالروح وتقديمها لله في الخفاء (مت6: 6). عدم محبة العالم أو التعلق به، وتركيز الفكر والاهتمام على السماء والحياة الأبدية (مت6: 33).
فهل مع هذه التوجهات الروحية توجد النجاسة؟
أما المستوى الرابع فهو الالتزام بأداء العبادات والفرائض والممارسات التي تنظم حياتنا الروحية، وحدَّها أعلى بكثير عنه في الديانات الأخرى. ومنها الصيامات القانونية التي تزيد أيامها عن نصف أيام السنة. ومن معاني الصوم عندنا ليس الإمساك عن الطعام فقط ولكن عن العلاقة الزوجية أيضًا. بالإضافة إلى عدم وجود حد أقصى لممارسة هذه الفرائض والعبادات سواء في الصلاة أو الصوم أو السجود أو التأمل في كلمة الله أو العطاء.
فهل مع هذا الكم الهائل من العبادات وما يصحبها من ضوابط جسدية تجد النجاسة فرصة لها فينا؟
أما المستوى الخامس فهو دعوة المسيحية إلى حياة البتولية وتفضيلها على الزواج،كما يقول القديس بولس "من زوج فحسنا يفعل. ومن لا يزوج يفعل أحسن" (1كو7: 38). وهى شبه الحياة الملائكية. وذلك لمن يقدر عليها (1كو7: 7).
فهل هذه المستويات العالية من حياة الطهارة تتناسب مع الاتهام بالنجاسة؟
هذا من جهة مستوى الطهارة في حياتنا نحن المسيحيين وذلك في حدود التزامنا بالشريعة والفرائض والوصايا الإلهية. أما ما هو أعظم من هذا فهو نوالنا نعمة التقديس بالروح القدس في استحقاقات إيماننا بالمسيح. وهى نعمة لا ينالها أحد خارجًا عن الإيمان بالمسيح. لأن الله أرسل روحه القدوس إلى العالم بِاسم المسيح، فكل من يؤمن بالمسيح ينال هذه النعمة. ولذلك فإن توجيه تهمة النجاسة لنا كمسيحيين إنما يتنافى مع ما نتمتع به من سمو في حياة الطهارة وما نلناه من بركة في نعمة تقديسنا بالروح القدس.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 04:59 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون لا تعتنون بنظافتكم لأنكم لا تتوضأون

المجتمع: أنتم المسيحيون لا تعتنون بنظافتكم لأنكم لا تتوضأون.
المسيحي: كان الوضوء فرضًا في عبادة اليهود حيث رسم الله لهم أن تكون المرحضة في مدخل معبدهم (لا30: 18). وكان الكهنة واللاويون يغسلون أيديهم وأرجلهم منها قبل بدء مراسم العبادة بقصد روحي. حيث غسلُ اليدين يشير إلى طهارة العمل وغسل الأرجل يشير إلى طهارة السير والسلوك.
وجيد أن يقف الإنسان أمام الله ليعبده بجسد نظيف إكرامًا لبيت الله واحترامًا للوقوف أمام الله. ولكن من الواضح أن الاغتسال قبل العبادة قصد به الله في معناه الروحي أن يذكِّر المصلى بضرورة نقاوة قلبه من الميول الشريرة وتنقية نفسه من الأحقاد والعداوات حتى تُقْبَل عبادته أمامه. أما الاغتسال للنظافة فهو أمر مفروغ منه لكل إنسان من أجل سلامة صحة جسده. لذلك لابد من الفصل بين الوضوء كواجب ديني يسبق الصلاة عن نظافة الجسد بصفة عامة.
أما من جهة ارتباط نظافتنا بعبادتنا ففي صلواتنا اليومية العادية لا نقف أمام الله إلا بأجساد نظيفة. كما أن الواجب المقدس يفرض على جميع المسيحيين أن يستحموا في منازلهم ليلة حضورهم للعبادة في الكنيسة كما أنهم يغتسلون في بيوتهم صباحًا قبل نزولهم إلى الكنيسة. بل لقد جرت العادة أن نذهب إلى كنائسنا بأفخر ثيابنا معترفين بفضل الله ونعمته علينا. فهل يتم هذا بأجساد غير مغتسلة؟ كذلك الكاهن قبل أن يبدأ صلوات التقديس في الصلاة الجماعية بالكنيسة يغسل يديه وهو يتلو صلوات تربط في كلماتها بين غسيل اليدين ونقاوة القلب وطهارة النفس.
إلا أنه يجب أن نتنبه إلى أنه وإن كان الاغتسال واجبًا يسبق تقديم صلواتنا، إلا أنه ليس هو الشرط لقبولها مثل شرط نقاوة القلب وطهارة السريرة واستقامة القول ونظافة اليدين من سفك الدماء ومن المال الحرام.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:00 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تشربون الخمر وتأكلون لحم الخنزير

المجتمع: أنتم تشربون الخمر وتأكلون لحم الخنزير.
المسيحي: من جهة الخمر فكتابنا المقدس يمدح عدم شرب الخمر وذلك في قول الملاك جبرائيل لزكريا عن العظمة الروحية لابنه يوحنا المعمدان إنه "خمرًا ومسكرًا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (لو1: 15). بل يوصينا الكتاب بعدم شرب المسكر بقوله "لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة" (أف5: 18). كما يُجَهِّل من يسكر بالخمر فيقول "الخمر مستهزئة. والمسكر عجاج. ومن يترنح بهما فليس بحكيم" (أم20: 1). كذلك يندد الكتاب بأن إدمان الخمر عادة وثنية فيقول للذين آمنوا حديثًا بالمسيح "لأن زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا إرادة الأمم. سالكين في الدعارة والشهوات وإدمان الخمر" (1بط4: 3).
أما نصيحة بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تى5: 23). فواضح أنها من أجل حالته المرضية ثم إنه يوصيه بأخذ القليل منها لأنها كانت دواء لعلاج بعض الأمراض. لذلك كانت الخمر قديمًا لا تفرغ من أي بيت. كما يبدو أن الذين يعيشون في المناطق الباردة من العالم يحتاجون إليها ليس كشراب مسكر بل كأمر تتطلبه طبيعة المناخ البيئي الذي يعيشون فيه.
وعندما حوَّل السيد المسيح له المجد الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل بناء على طلب العذراء مريم فإنها لم تكن خمرًا مسكرة (يو2: 10). ونحن المسيحيين في مصر لا نشرب الخمر. وإذا وُجد من يشربونها افتخارًا أو في مناسبات نادرة أو يشربها مسيحي أجنبي بسبب تعوده عليها في بلاده فهذا لا يجعلها سمة للمسيحية. بل إذا وُجِد مسيحي شريب للخمر فهو مريض روحيًا ومنحرف وخارج عن وصايا الإنجيل. والخمر في عمومها ضارة بالإنسان من نواحٍ متعددة أهمها:
ذهابها بعقل شاربها حيث تفقده وعيه فتنحدر بكرامته كمن لا عقل له. وماذا يصبح حال الإنسان بعد أن يتوه عن وعيه ويفقد صوابه سوى أن يتفوه بكلام غير متزن ويأتي بتصرفات غير مسئولة وما يقابله من الناس في ذلك من هُزء وسخرية!

إنها تخرب صحة الإنسان. إذ تسبب تليف الكبد أحد الأعضاء الرئيسية في جسم الإنسان الذي إذا تعطلت وظيفته تسبب في وفاة الإنسان. لذلك يقول الكتاب "لا تكن بين شريبي الخمر بين المتلفين أجسادهم" (أم23: 20).
إنها تسبب للإنسان الفقر. كما يقول الكتاب "لأن السكير والمسرف (أو النهيم) يفتقران" (أم23: 21).
لها ضررها الروحي الذي يتمثل في عبودية الإنسان لها واستسلام إرادته لسيطرتها وإدمان تعاطيها فيصل إلى حالة تدعو إلى الرثاء. خصوصًا عندما تبدأ صحته في التدهور والانهيار، في الوقت الذي هو عاجز فيه عن التحرر من عادة شربها حتى تودي بحياته.
وإن كانت الخمر هكذا في مضارها بكل كيان الإنسان جسديًا وعقليًا وروحيًا وماديًا كما وضَّحتها أقوال الكتاب فهل يُقال بعد كل هذا إن المسيحية تحلل شرب الخمر وإدمانها؟ ولعل المجتمع يقتنع بأنه يهاجم المسيحية في أمر يهاجمه الإنجيل أصلًا،فلا يصح أن يندفع للإساءة بالمسيحية في أذهان العامة والبسطاء وغير العارفين.
ومن جهة أكل الخنزير فكان قد حرمه الله على اليهود في شريعة العهد القديم مع بعض الحيوانات الأخرى مثل الجمل والوبر والأرنب (لا11: 1-8). وكان هذا ضمن تشريعات أخرى مثل الختان وبعض الغسلات الجسدية وتحديد حالات لنجاسة الجسد. وكلها كانت تشريعات صالحة لهم من ناحية الصحة الجسدية. ولكنها في نفس الوقت كان لها غرض روحي، وهو أن ترتبط هذه الأمور الحسية في ذهنهم بأنها تميزهم عن بقية الشعوب كشعب مقدس لله.
ولكن بعد مجيء المسيح وانفتاح باب الإيمان لجميع الأمم لم تعد هناك حاجة لتمييز شعب عن آخر بعادات جسدية. وهذا ما أعلنه الله لبطرس الرسول في رؤيا. إذ رأى ملاءة مملوءة من دبابات الأرض وناداه قم اذبح وكُل. فقال حاشا أن آكل دنسًا أو نجسًا. فقال له "ما طهره الله لا تدنسه أنت" (أع10: 15). وهكذا صارت النظرة المسيحية إلى كل خليقة الله أنها طاهرة، إلا ما فيه ضرر بصحة الإنسان. ومن جهة أخرى إن كان أهم أدوية علاج مرض السكر تدخل فيه مادة من الخنزير. فهل سيمتنع مرضى السكر من أي عقيدةٍ كانت عن تناول هذا الدواء بسبب نجاسة الخنزير؟
وبهذه المناسبة فإننا نذكر ما حَرَّم الإنجيل أكله كما ورد في (أع15) وهى الدم لأن فيه نفس الحيوان، ولأن الدم بيئة خصبة للجراثيم مما قد يسبب أمراضًا لمن يأكل لحمًا بدمه. ثم المخنوق لأنه يُقتل بطريقة غير سليمة ثم ما ذُبِح للأوثان لعدم مشاركة الوثنيين في عبادتهم. كذلك لا يأكل الإنسان ما يسبب عثرة للآخرين (1كو8: 13). أو ما يتسلط عليه فيصبح مستعبدًا له (1كو6: 12). لأن هذا قد يحرمه من بركة الصوم مثله تمامًا مثل السجاير وبقية المكيفات.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:01 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم المسيحيون نساؤكم يخرجن إلى المجتمع سافرات

المجتمع: أنتم المسيحيون نساؤكم يخرجن إلى المجتمع سافرات.
المسيحي: إن المسيحية تنظر إلى جسد كل من الرجل والمرأة على قدم المساواة من حيث كرامة وقدسية كل منهما. أما إذا نظر المجتمع إلى جسد المرأة على أنه عورة بالنسبة للرجل فمن جهة العقل ينبغي أن ينظر إلى جسد الرجل على أنه عورة أيضا بالنسبة للمرأة. لأنه من الناحية الجسدية كل منهما يمكن أن يكون عثرة للآخر بسبب الميول الطبيعية الكامنة في كل منهما نحو الآخر.
إذًا ليس الرجل فقط هو الذي ينجذب إلى المرأة بل المرأة أيضًا تنجذب إلى الرجل. الأمر الذي يشير إليه قول الله لحواء "وإلى رَجُلكِ يكون اشتياقُكِ وهو يسود عليكِ" (تك3: 16).

والحقيقة أن العثرة ليست في جسد أحدهما لأنه خليقة الله الحسنة. بل يَعْثُرُ أحدهما إذا وُجد فيه فكر شرير أو ميل منحرف نحو الآخر. أما إذا قصد أحدهما أن يعثر الآخر فالمسيح حذرنا بقوله "ويل لذلك الإنسان الذي به تأتى العثرة" (مت18: 7). كما قال داود النبي: "أما الذين يميلون إلى العثرات ينزعهم الرب مع فعلة الإثم" (مز124: 5).
ولذلك تشجب المسيحية كشف الجسد وتوصى النساء بالحشمة في ملبسهن، بل والاقتصاد في زينتهن. فيقول الكتاب "كذلك النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل" (1تى2: 9).
إذًا صورة الحشمة في الملبس هي التي يجب أن تلتزم بها المرأة المسيحية. وكل سيدة أو فتاة لا تلتزم بالملبس المحتشم فإنها تخرج عن وصايا الله، كما تعتبر خارجة عن الآداب والتقاليد المسيحية من جهة. ومن جهة أخرى تهين جسدها الذي أصبح هيكلًا للروح القدس. كما يعلمنا الكتاب "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله. وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم" (1كو6: 19، 20). وواضح من هذا الكلام أن المرأة ليست حرة في جسدها لكي تلبس ما تشاء وتظهر به كيفما تشاء، لأنه ملك لله الذي فداه وقدسه لمجده السماوي. ولا يصح أن تتعدى عليه بمحاكاتها للموضات والموديلات الخارجة. بل يجب عليها أن تحتفظ بالصورة المقدسة الأصيلة لها في حياة بارَّاتها وقديساتها، اللاتي تشهد لهن بذلك حياتهن وقداستهن وعلى رأسهن القديسة الطاهرة مريم. الأمر الذي يشير إليه ويمتدحه الدكتور محمد عمارة المؤرخ الإسلامي في قوله "نموذج المرأة النصرانية هي مريم عليها السلام. وهى محجبة ساترة لزينتها وهكذا صورها في الكنائس حتى الآن. وكذلك صورة الراهبة في النصرانية. وحتى الشعوب الأوربية كانت ملتزمة للحشمة عندما كانت العفة قيمة من قيمها الإيمانية. ولم تدخل عصر العرى والانحلال إلا بعد انقلابها العلماني على الدين واللاهوت" (الأهرام 7/6/2002 ص36). وإن كنا نلاحظ أن ملابس القديسة مريم والراهبات هي ملابس التكريس للاتي وهبن حياتهن لله في عزلة عن العالم. ويعتبر الزى المثالي للمرأة في حشمته. ويناسب أولئك اللواتي شققن طريقهن نحو الكمال من أجل الفناء في الواحد. لذلك لربما لا يتناسب هذا الزى بكليته التناسب الكامل مع الأغلبية من عامة الشعب ومع حرية الحركة للمرأة العاملة في كثير من مجالات العمل.
كذلك يُلاحظ أن العُري ليس هو السائد على المرأة في الدول الأوربية أو الغربية لأن هناك نساء كثيرات متدينات في تلك الدول يلتزمن بالملبس المحتشم.
ولا تقتصر الحشمة على عدم عرى الجسد فقط بل أيضًا على تجنب الملابس التي تُفَصِّل مفاتن الجسم بصورة معثرة.
وليست حشمة الملبس في المسيحية مطلوبة من المرأة أمام الناس فقط، بل أمام الله أيضًا. فالكتاب يأمر المرأة بأن تغطى رأسها عندما تصلى فيقول "وأما كل امرأة تصلى ورأسها غير مغطى فتشين رأسها" (1كو11: 5).
إلا أن الكتاب لم يمنع المرأة عن أن تتزين ولكنه يوجهها أكثر إلى جمال زينة القلب والروح فيقول "هكذا كانت النساء القديسات أيضًا المتوكلات على الله يزين أنفسهن خاضعات لرجالهن" (1بط3: 5). ويمدح النشيد جمال المرأة في رأسها بشعرها بقوله "رأسك عليك مثل الكرمل وشعر رأسك كأرجوان" (نش7: 5)،والكرمل جبل صخري مرتفع في فلسطين يشرف على مدينة حيفا، والأرجوان شجر له نور أحمر رائع الجمال ويطلق على كل لون يشبهه. كذلك معلمنا بولس يذكر حق المرأة في مجد شعرها بقوله "الطبيعة نفسها تعلمكم أن الرجل إن كان يرخى شعره فهو عيب له. وأما المرأة إن كانت ترخى شعرها فهو مجد لها. لأن الشعر قد أعطى لها عوض برقع" (1كو11: 14، 15).
أما عن وجه الرجل والمرأة فهو يمثل صورة الله في الإنسان وهو الجزء المنير فيه، وبه يتواجه الناس ويتعاملون وبدونه كيف يتواجهون. بل إن نوايا قلب الإنسان من حب وبغض وكذب وصدق تظهر على وجهه أكثر مما تبدو في كلامه الذي قد يكون من لسان غاش أو متملق. لذلك التعامل بالوجه يكون أحيانًا أصدق من التعامل باللسان.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:02 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تطفئون أنوار الكنيسة في ليلة رأس السنة وتأتون تصرفات لا تليق

المجتمع: أنتم تطفئون أنوار الكنيسة في ليلة رأس السنة وتأتون تصرفات لا تليق.
المسيحي:
أولًا: إن ليلة رأس السنة هي ختام لعام مضى واستقبال لعام جديد. وفيه يقف جميع المصلين في الكنيسة شاكرين الله على كل ما أنعم به عليهم طيلة العام المنقضي، ومعترفين بخطاياهم التي ارتكبوها في ذلك العام مقدمين عنها توبة وطالبين الصفح والمغفرة من الله وملتمسين عونا ورعاية منه لحياتهم في العام الجديد. متذكرين في كل هذا نهاية حياتهم على الأرض ووقوفهم أمام الله الديان لكي يقدموا حسابًا عن أعمالهم خيرًا كان أم شرًا. إذًا هي أقدس لحظات العمر التي تخشع فيها النفس بانسحاق عجيب أمام الله. فكيف يتوافق هذا مع الادعاء بالتصرفات التي لا تليق التي يتقول بها المفترون على المسيحيين؟

ثانيا: إن إطفاء النور في الدقائق الفاصلة بين عام مضى وعام جديد ثم إشعاله هو إشارة روحية لترك كل أعمال الظلمة للعام المنقضي وبدء العام الجديد بأعمال النور التي هي أعمال الطهارة والرحمة وعمل الخير. فالذين لا يفهمون المعاني الروحية لترتيبات العبادة عند المسيحيين ليس لهم أن يجتهدوا في تأويل هذه الترتيبات إلى شرور حسب نيتهم السيئة والتي تشير إلى أن أذهانهم وقلوبهم ممتلئة بها حسب قول الإنجيل "من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت12: 34). والإنسان الشرير عادة يفسر كل ما يراه أو ما يسمع عنه بالشر الذي يعيش في داخله. والذين يخترعون هذه الافتراءات والشرور على المسيحيين ويشحنون بها نفوس الضعفاء عليهم أن يخافوا الله.
ثالثا: إن الحراسة من رجال الأمن مستمرة على الكنائس وبالذات في الفترة المسائية وخصوصًا في ليلة رأس السنة والأعياد المسيحية الكبيرة. فكيف يتوافق أن يأتي المسيحيون أعمالًا غير لائقة في كنائسهم تحت بصر رجال الأمن وحراستهم؟ إن الإنسان الذي يوجه هذا الاتهام يحمل حقدًا لا مثيل له لذلك يفترى علينا بأكاذيب وأقوال باطلة من نسج خياله ومثل هذا الإنسان نسى أن الله متطلع من السماء على أعمال البشر ومتمهل عليهم إلى يوم الدينونة ليحاسبهم بعدله.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:02 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تسجدون لرؤساء الدين وتقبلون يدهم، والسجود هو لله وحده
المجتمع: أنتم تسجدون لرؤساء الدين وتقبلون يدهم، والسجود هو لله وحده.
المسيحي: إن الله في المسيحية قريب جدًا من الإنسان من خلال تقديم ذاته له. حيث أعطاه أن يتحد به (غل3: 27). ويعينه لبلوغ صفاته (مت5: 48، 1بط1: 15). وقدم له مواهب سماوية (عب2: 4). وقدم له شريعته (يو8: 26). وقدم له وسائط الخلاص وفوقها جميعا عطية مغفرة الخطايا (يو20: 23). لأجل حياته الأبدية. هذه العطايا الإلهية كلها، أعطى المسيح رسله القديسين سلطان منحها للمؤمنين بواسطة الروح القدس. وعندما بشر الرسل الأمم رسموا لهم أساقفة وكهنة وسلموهم ما تسلموه هم من المسيح (1كو11: 23) بواسطة الروح القدس. وصار رجال الكهنوت يحملون عطايا الله الروحية للمؤمنين. والمسيح له المجد هو المانح الحقيقي لهذه العطايا. ورجال الكهنوت هم الصورة الظاهرة لهذا العطاء، وكأنهم يمثلون شخص المسيح في تقديم عطاياه. لذلك يقول عنهم الإنجيل إنهم يسعون كسفراء عن المسيح (2كو5: 20). وأنهم وكلاء سرائر الله (1كو4: 1).

ومن أجل هذه الإنابة الإلهية فالكهنوت له كرامة عظيمة لدى المؤمنين. وكما يكرم الإنسان الله ويطيعه في إكرامه وطاعته لوالديه، هكذا نحن نكرم الله أكثر ونطيعه في إكرامنا وطاعتنا لرؤساء كهنوتنا. فإن كنا نكرمهم بتقبيل يدهم فلأنها هي التي تقدم لنا عطايا خلاصنا لخلودنا. وإن كنا نكرمهم بانحنائنا أو سجودنا أمامهم فلأنهم يمثلون شخص المسيح لدينا، وهو انحناء وسجود الإكرام وليس سجود العبادة.
والكتاب المقدس عَلَّمنا أن سجود العبادة هو لله وحده،كما قال المسيح له المجد لإبليس في تجربته له "مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (مت4: 10). وكما قال الملاك ليوحنا عندما سجد له في رؤياه "لا تفعل لأنى عبد معك. اسجد لله" (رؤ22: 9).
إلا أن الكتاب ذكر أيضًا سجود الإكرام. فأبونا إبراهيم أب الآباء سجد أمام الثلاثة رجال الذين أقبلوا عليه وهو في باب خيمته (تك18: 2). وسجد أمام بنى حث الذين كانوا يعتبرونه رئيسًا بينهم (تك23: 12). ولوط سجد أمام الرجلين اللذين جاءا إليه وهو أمام باب سدوم (تك19: 1). وأبونا يعقوب حين عودته من عند خاله لابان سجد أمام أخيه عيسو عند ملاقاته له (تك33: 3). ونبوخذنصَّر الملك خرَّ على وجهه وسجد لدانيال (دا2: 46). وكرنيليوس قائد المائة سجد واقعًا على قدميّ بطرس (أع10: 25). هذه أمثلة وغيرها كثير.
إذًا سجود الإكرام أمر وارد وليس هو خطية وليس هو ضد السجود لله. والمؤمنون ليسوا مجبرين عليه أو ملزمين به لكنهم عندما يقدمونه تكريمًا للكهنوت فإنما بحب عميق وإيمان قوى وليس بروح العبودية. أما رؤساء الكهنوت فإنهم يقبلون هذا الإكرام باتضاع شديد وبشعور قوى بعدم الاستحقاق. وبعضهم يرفضه ليس باعتباره خطية ولكن منعًا من تسبيب ضيق لبعض من يقدمونه.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الصور في المسيحي: هدفها، وهل نعاملها بإكرام أم نبعد الصور؟!

سؤال: كيف تعبدون الصور؟! هذه عبادة أوثان و أصنام! وكيف تعلمون ان هذه هي الصور الحقيقية لأصحابها؟!


الإجابة:
نحن لا نعبد الصور ولكننا نحبها ونعتز بها ونكرمها ونزين بها كنائسنا وبيوتنا وأماكن عملنا إذا أمكن.. ونحتفظ بها على مكاتبنا وفي محافظنا ونُقَبِّلها بحب وحرارة ونوقِد أمامها الشموع. ونقدم لها أيادي البخور، ونتفنن في تجميلها بأفخر البراويز وأجملها وأثمنها. ونزينها بالورود والزهور والأغصان الخضراء.. ونطوف بها في داخل كنائسنا عند احتفالنا بنياحة أصحابها أو استشهادهم أو تكريس كنائسهم. ونحن ننشد لهم المدائح والتماجيد والترانيم. ووجودها أمامنا ومعنا هو بمثابة حضورٍ لأصحابها وكأنهم يرافقوننا فنستأنس بهم ونسعد بصحبتهم.
سجود العبادة هو لله وحده، ويوجد فرق كبير بين العبادة والاحترام..

ويرجع تقديرنا وإكرامنا لهذه الصور إلى عدة أسباب:

أولًا: توجد علاقة صداقة قوية ومحبة روحية خالصة بيننا وبين أصحاب هذه الصور. فإن كان المسيح فهو فادينا ومخلصنا وراعينا. وإن كانت السيدة العذراء فهى أمنا كلنا ووسيلة خلاصنا وشفيعتنا الأولى. وإن كانوا رؤساء الملائكة فهم خدام العرش الإلهي ومدبرو شئون الكون تحت يده العالية والوسطاء الروحانيون بيننا وبين المسيح. وإن كانوا الشهداء فهم أصحاب الصفوف الأولى من المفديين في السماء والذين رووا شجرة إيماننا ولهم دالة خاصة لدى المسيح إذ هم حملة صليبه بالحقيقة الكاملة. وإن كانوا القديسين الأبرار فهم الذين تركوا العالم بكل ما فيه وتاهوا في البراري والمغاير وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح. وصاروا النموذج الكامل في تنفيذ الوصية "إن أردت أن تكون كاملًا اذهب بع كل مالك وتعال اتبعني". وإذ أكملوا طاعتهم لله صاروا موضع محبته لذلك صاروا واسطة لظهور عجائبه وآياته معنا.
إذًا هؤلاء جميعًا لهم دور هام في علاقتنا بالعالم الروحي الغير منظور وفي علاقتنا بالله. ومحبتهم لنا تفوق محبتنا نحن لهم. فكيف لا نحبهم ونتعلق بهم ونجعل صورهم دائمًا أمامنا وبين أيدينا. ونقدم لهم الإكرام اللائق بمقامهم الروحي والذي يناسب أعمال محبتهم معنا؟

ثانيًا: إن صور هؤلاء الأبرار الروحانيين كلما نظرنا إليها بحب وشوق وهيبة نقرأ فيها سيرهم ونتذكر جهادهم وفضائلهم فتذوب كل ميولنا الحسية في داخلنا، ويصغر العالم كله أمام عيوننا. وتلتهب عواطفنا بحب الفضيلة، وتثور فينا الحميَّة للسير على منوالهم لعلنا نبلغ مقامهم، وتتوقد فينا حرارة الروح. وكثيرًا ما تدمع عيوننا لشعورنا بالفارق العظيم بين طهارتهم وقداستهم وهالات النور السماوي التي تكلل هاماتهم، وبين دنس العالم وظلمة الخطية المحيطة بنا وارتباطات الجسد التي تنال الكثير من اهتماماتنا فتقودنا نظراتنا إليهم إلى شحذ هممنا لمواصلة الجهاد ومقاومة التراخي والتواني والنهوض من الفتور. فما أجمل ما تبعثه فينا صور الروحانيين من يقظة روحية وانتفاضة ضد الحياة الأرضية تطلعًا إلى عالم المجد والخلود.

ثالثًا: إن تكريمنا للصور ليس هو لمادتها من الخشب أو القماش أو الورق وإنما هو تكريم لأصحابها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وليس هذا أمرًا غريبًا أو مستنكرًا. لأن الدول تكرم عظماءها وصانعي تاريخها بعمل صور لهم تعلقها على جدران المدارس والمتاجر والمصانع والمستشفيات والمؤسسات العامة وتزيِّن بها كتب التاريخ، وتقيم التماثيل لهم في الحدائق والميادين أو القاعات الكبيرة تخليدًا لذكراهم وإظهارهم كنموذج يُحتذى به في الاجتهاد في العمل والأمانة في مال الغير والإخلاص للوطن. بل لقد يحمل الناس صورة زعيم أو بطل يحيطونها بعلم الدولة وبلافتات التكريم والتبجيل ويطوفون بها في الشوارع بصيحات التهليل والتعظيم.
هكذا صور الروحانيين تستحق منا التكريم لأن أصحابها ضربوا أعظم الأمثلة في بطولة الدفاع عن الإيمان وبطولة قهر الجسد والموت عن العالم، وبطولة التقوى والفضيلة، وبطولة إظهار النور الإلهي للعالم بإعلائهم الحب على الحق والرحمة على العدل، ونصرة البر والخير على الإثم والشر، والغيرية على الأنانية. وأمام كل هذه البطولات هل لا يستحقون منا كل تكريم وتمجيد؟

رابعًا: إن الصور وسيلة حسية سهلة الإدراك وأكثر قربًا إلى فهم الإنسان وأكثر جذبًا لانتباهه، وأكثر انطباعًا في ذاكرته ومخيلته، وأقوى تأثيرًا في إحساساته ومشاعره، ولذلك فهي مصدر سهل وواضح للمعرفة ووسيلة صالحة للتعليم وخصوصًا للعامة الذين لا يعرفون القراءة وكذلك للأطفال بحيث لو رسمنا لهم أحداث الكتاب المقدس وأحداث التاريخ الكنسي وحياة القديسين في صور لأمكنهم استيعاب مضمونها جميعها بسهولة.
وصور القديسين والروحانيين عندما تكون مرتسمة أمام عيوننا تجعل معرفتنا بهم وبمآثر حياتهم ليس فقط بأسمائهم بحروف مكتوبة بل بأشكالهم أيضًا وبمناظر محسوسة لوقائع حياتهم. بحيث عندما نناجيهم أو نتشفع بهم أو نطلب معونتهم أو نحتفى بذكراهم فإننا نفعل كل هذا مع أشخاص بعينهم وليس لأسماء نبحث لها في خيالنا عن صور لشخصيات تتقمصها أو أحداث نجتهد في تصورها كيف تَمَّتْ. ولاشك أن شفاعتنا بأبرار نحن متلامسون معهم حسيًا يمنحنا حرارة ويزيد إيماننا بسرعة الاستجابة لِمَا نطلبه منهم حسب قول الإنجيل "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه" (مت21: 22).


خامسًا: إن هذه الصور سجلٌ حسي منظور يُجَسِّد لنا تاريخ إيماننا بأشخاصه وأحداثه وعجائبه. وبذلك يعتبر رفيقًا حميمًا للكتاب المقدس ولكتب تاريخنا الكنسي التي هي سجل لفظي مكتوب لتاريخ إيماننا، بل ووسيلة إيضاح لمحتواها ومضمونها. ولكن في صورة أكثر تعبيرًا وإيضاحًا، ويكوِّن معها توثيقًا لتاريخ المسيحية.
فلا تاريخ بدون وثائق. لأن الوثائق هي التي تؤكد رواية التاريخ. والوثائق إما مخطوطات مكتوبة إما رسوم أو صور أو منحوتات أو آثار معمارية أو عملات نقدية... الخ. وكلما تعددت الوثائق كلما تأكد صدق التاريخ.
لذلك فالديانات التي ليس لها توثيق مصوَّر لتاريخها تجتهد أن تخلق لذاتها هذا التوثيق بالتخيل والتصور لدى فنانيها ورسَّاميها. لأنها أدركت قيمة الصورة كوثيقة تاريخية ووسيلة تعليمية. أما بالنسبة للمسيحية فهي أغنى ديانات العالم في وثائقها المصورة والمرسومة.
اعتراض: كيف تعلمون أن هذه هي الصور الحقيقية لأصحابها.

الرد: إن الذين رسموا وصوروا كانوا معاصرين لأصحاب هذه الصور أو لاحقين بعدهم بزمن يسير. واستلهموا صورهم من الأوصاف الدقيقة لأشكالهم والمسجلة عنهم بأمانة من الذين كانوا معاصرين وملازمين لهم. ويؤكد هذا أسماء كثير من القديسين مثل القديس يوحنا القصير والقديس موسى الأسود والقديس يعقوب المقطع والقديس ديديموس الضرير والقديس سمعان العمودي والقديس ابن المقفع وغيرهم.
أما عن حقيقة صورة السيد المسيح فقد قال ابن العبري في كتابه (مختصر الدول) "إن أبجر ملك الرها أرسل رسولًا اسمه فيجا إلى المسيح يدعوه إلى مدينته فأرسل إليه المسيح صورته مرسومة على منديل. وعندما غزا الروم تلك البلاد طلبوا هذا المنديل مقابل إطلاق الأسرى وأخذوه". وأيضًا صورة وجه المسيح الذي كان ملطخًا بالدماء موضع إكليل الشوك ومضمخًا بالحنوط مطبوعة على الكفن المقدس، وصورة وجه المسيح التي انطبعت على المنديل الذي قدمته القديسة فيرونيكا ومسح المسيح به وجهه أثناء سيره نحو الجلجثة حاملًا الصليب، وأيضا صورة السيد المسيح محمولًا على يد العذراء المرسومة بواسطة القديس لوقا الإنجيلي الطبيب.
كذلك اليهود الذين تنصروا في القرون الأولى اصطنعوا وسامًا عثر عليه شخص اسمه داجار في سوق برومية لبيع الأثريات، على أحد وجهيه صورة المسيح (الرأس فقط) وعلى الآخر رموزه، وكانوا يتعارفون به على بعضهم البعض. وأبحاث كثيرة أثبتت أن صورة المسيح رسمها المسيحيون منذ القرن الأول للميلاد. ويشهد أوسابيوس أسقف قيصرية فلسطين وأحد مؤرخي الكنيسة أن في عصره كانت توجد صورة للمسيح منقولة عن التقاليد القديمة. وفي الآثار توجد قطع زجاجية وسُرُج عليها صورة المسيح يُعلِّم من فوق الجبل وصورة المسيح يرعى خرافًا. وفي حفريات في رومية عثروا على دهاليز وأقبية ظهرت على جدرانها صور بالألوان للسيد المسيح ورسله القديسين وصورتان كبيرتان للقديسيْن بطرس وبولس.
وإن كانت الحضارات القديمة مصرية أو أشورية أو بابلية أو غيرها قد برعت في فن الرسم والنحت والتصوير الجداري على حوائط معابدهم ومقابرهم وهى سابقة على المسيح بآلاف السنين، فليس كثيرًا على مسيحيي الأجيال الأولى أن يرسموا صورًا للمسيح والعذراء مريم والآباء الرسل والأجيال التالية للقديسين والشهداء والأبرار الصالحين.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:57 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
لماذا تستخدمون البخور وآلات الغناء في العبادة وهى عادات وثنية

المجتمع: لماذا تستخدمون البخور وآلات الغناء في العبادة وهى عادات وثنية.
المسيحي: إن استخدام البخور في العبادة هو أمر إلهي أعطاه الله لموسى عندما رسم له تصميم خيمة الاجتماع التي فيها يقدمون صلواتهم وذبائحهم.
فأولًا: أمره بتخصيص مذبح للبخور في خيمة الاجتماع حيث يجتمع به، ويغشيه بذهب نقى ويوقد عليه هرون بخورًا عطرًا كل صباح وفي العشية. بخورًا دائمًا أمام الرب (خر30: 1).
ثانيًا: أمر الله موسى بصنع البخور الذي يقدمه مع العبادة من فوق المذبح، ووضع له تركيبة معينة من المواد المكونة له ونِسَبَ إضافتها وكيفية صنعه (خر30: 34-36).
ثالثًا: أعطى الله قدسية خاصة لبخور العبادة الذي أمر به. فقال لموسى "قدس أقداس يكون عندكم (خر30: 36-38). ونهاه عن استعماله في غير العبادة، وأنذر بالعقاب كل مَن يتجرأ على ذلك، وأن لا يُصعدوا على مذبح البخور بخورًا غريبًا (خر30: 9). وقد أظهر الله غضبه على ابنيّ هارون عندما قربا أمام الرب نارًا غريبة. فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما فماتا أمام الرب (لا10: 1).
رابعًا: ظل البخور يستخدم في العبادة في الهيكل إلى وقت مجيء المسيح كما يذكر الإنجيل أنه عندما ظهر ملاك الرب لزكريا الكاهن يبشره بميلاد ابنه يوحنا كان يبخر في هيكل الرب، وكان ظهور الملاك له عن يمين مذبح البخور (لو1: 10، 11). بل إن البخور في حد ذاته يعتبر ذبيحة رضا أمام الرب لرفع غضبه. كما حدث عندما أمر موسى هرون بأن يذهب مسرعًا بمجمرة البخور إلى الجماعة ويكفِّر عنهم (عد16: 46). فارتفع الوبأ عنهم.

هذا ترتيب البخور في العبادة اليهودية ولم يتغير في العبادة المسيحية لأنه كان يستخدم حينذاك كجزء من العبادة في حد ذاته وليس رمزًا لشيء آخر مثل الذبائح والغسلات الجسدية وغيرها.
حتمية امتداد استخدام البخور في كنيسة العهد الجديد:

وكان لابد أن يمتد استخدام البخور في كنيسة العهد الجديد.
أولًا: لأنه هكذا تنبأ ملاخي النبي أنه ستكون للرب تقدمة وبخور لاسمه في جميع الأمم فقال "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم. وفي كل مكان يُقَرَّب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة" (مل1: 10، 11).
ثانيا: إن البخور الروحاني يقدم في السماء بواسطة الملائكة حيث يصعدونه إلى الله مع صلوات القديسين كما أشار إلى ذلك القديس يوحنا في رؤياه عن الأربعة والعشرين قسيسًا لهم كل واحد جامات من ذهب مملوءة بخورًا هي صلوات القديسين (رؤ5: 8)،كذلك الملاك الذي وقف عند المذبح "ومعه مبخرة من ذهب وأُعِطىَ بخورًا كثيرًا لكي يقدمه مع صلوات القديسين على مذبح الذهب الذي أمام العرش. فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله" (رؤ8: 1-4). فإن كان الملائكة يقدمون البخور لله في السماء مع الصلوات. فهذا يوجب علينا تقديم البخور ملازمًا لصلواتنا هنا على الأرض. وإن كنا لا نعرف ماهية البخور الذي يقدمونه.
ثالثًا: البخور يقدم تكريمًا لِمَن يُقَدَّمُ له. فقد كان يقدم لإكرام الآلهة والملوك والموتى فكان يصحب العبادة منذ القدم عند شعوب كثيرة مثل المصريين واليونان وغيرهم. كما كانوا في الشرق يقدمونه للملوك كعلامة للإكرام. وقد رأينا المجوس من عظماء المشرق قدموا للمسيح عند ولادته لبانًا ضمن هداياهم (مت2: 11). وقد قدموا له الهدايا باعتباره ملك اليهود. كما كان يقدم أيضا لإكرام الموتى فعندما مات آسا ملك يهوذا "أضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا وأصنافًا عطرة وأحرقوا له حريقة عظيمة جدًا" (2أى16: 14). كذلك المؤمنون يقدمون البخور إكرامًا للرب.
رابعًا: للبخور خصائص تزكيه لمصاحبته للصلاة والتقديس المقدميْن إلى الله:
أ فإنه ذو رائحة زكية كما يصفه الكتاب أنه "بخور عطر" (خر25: 6). ومصاحبة البخور للصلوات برائحته العطرة يدفعنا إلى الصلوات النقية المرفوعة أمام الله فيقبلها بسرور ورضى كما لو كان يشتم رائحة البخور العطرة لأنها تسر القلب كما يقول سليمان الحكيم "الدهن والبخور يُفَرِّحان القلب" (أم27: 9). ولذلك صلَّى داود النبي قائلًا "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك" (مز141: 2).
ب طبيعة البخور أن دخانه ينتشر على هيئة سحب تملأ المكان كله. وكلما كانت كثيفة كلما أضفت على المكان هيبة ورهبة. وهى الصورة التي كانت تواكب ظهورات الله المتكررة لشعبه قديمًا. لذلك قال الرب لموسى "إن هرون يأخذ ملء راحته بخورًا فتغشى سحابة البخور الغطاء الذي على تابوت الشهادة" (لا16: 12). حيث كان يتراءى الله لموسى ويكلمه.
ح من طبيعة البخور أيضًا تسامى دخانه وارتفاعه إلى فوق كما لو كانت صلواتنا ترافقه في تساميه وارتفاعه لكي تصعد إلى الله في سكناه في السماء. مما ينعش روحانية الصلاة ويرفع قلوبنا مع أبصارنا نحو السماء راجين بلوغ صلواتنا إلى أذنيّ الله فيقبلها لكي يرضى عنا ويُسَر بنا.
خامسًا من المريح لنا أيضًا أن نعرف أن البخور بمواده المركَّب منها مطهر لجو المكان من الميكروبات. وبذلك يصبح ذا فائدة صحية للجموع التي تملأ دور العبادة بجانب تأثيره الروحي ووجوبه الديني.
الرد على الاعتراض:
أما القول بأن الوثنيين يستخدمون البخور. فلئن كانت الشعوب القديمة تستعمل البخور في عبادتها فهذا يرجح أن الآباء المؤمنين قد استعملوه وأن الشعوب قد نقلت هذا عنهم بالتقليد وليس العكس.
وإن كان الوثنيون يقدمون البخور لمعبوداتهم، وفي نفس الوقت يقدمون الصلوات والأصوام والفضائل، فهل نبطل هذه أيضًا لأن الوثنيين يقدمون أمثالها؟
إن صورة التقديس التي أعطاها الله لبخور العبادة في بيته تبعده كلية عن البخور في عبادة الأوثان. كما أن الرب يعلن غضبه على من يقدمون البخور للأوثان وليس له وذلك في قوله لأمة إسرائيل على فم إرميا النبي "ورب الجنود غارسكِ قد تكلم عليكِ شرًا من أجل شر بيت إسرائيل وبيت يهوذا الذي صنعوه ضد أنفسهم ليغيظوني بتبخيرهم للبعل" (إر 11: 17).
أما الآلات الموسيقية فقد عرفها الإنسان من بدء الخليقة. فيوبال الحفيد الخامس لقايين ابن آدم يقول عنه الكتاب "كان أبًا لكل ضارب بالعود والمزمار، وأخوه توبال ضارب كل آلة من نحاس وحديد" (تك 4: 21، 22).
وقد استخدمها الإنسان في تمجيد الله والتسبيح له. كما حدث عندما ردَّ الرب على فرعون ومركباته ماء البحر. حينئذ أخذت مريم النبية أخت هرون الدُّف بيدها والنساء وراءها بدفوف ورقص. وأجابتهم مريم رنموا للرب فإنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر (خر15: 20، 21).
واستخدمها الأنبياء في التسبيح الذي يرافقهم في التنبؤ. مثلما لاقى شاول الأنبياء وأمامهم رباب ودف وناى وعود وهم يتنبأون (1صم10: 5) وأليشع النبي عندما لجأ إليه ملك إسرائيل يطلب منه كلام الرب قال "الآن فأتوني بعوَّاد. ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب فتكلم" (2 مل 3: 15).
وعند بدء المحرقة ابتدأوا نشيد الرب "وكان كل الجماعة يسجدون والمغنون يغنون والمبوقون يبوقون إلى أن انتهت المحرقة" (2أى29: 25 28).
واستخدمها داود في محاربة الروح الرديء الذي كان متسلطًا على شاول. فعندما "أخذ العود وضرب بيده كان يرتاح شاول ويطيب. ويذهب عنه الروح الرديء" (1صم16: 23).
كذلك أصعد داود تابوت الرب بآلات التسبيح "بأغاني وعيدان ورباب ودفوف وصنوج وأبواق" (1أى13: 8).
وعندما اقتربوا ليضعوا التابوت في خيمة الاجتماع "أمر داود رؤساء اللاويين أن يوقفوا إخوتهم المغنين بآلات غناء" (1أى15: 16).
وعيَّن داود للغناء في بيت الله "أربعة آلاف يسبحون للرب بالآلات التي عُمِلت للتسبيح" (1أى23: 5). أما نظام تسبيحهم في القدس "من قدامٍ المغنون. من وراءٍ ضاربو الأوتار. في الوسط فتيات ضاربات الدفوف" (مز68: 24، 25). "ولما أسس البانون هيكل الرب أقاموا الكهنة بأبواق، واللاويين بنى آساف بالصنوج لتسبيح الرب على ترتيب داود ملك إسرائيل" (عز3: 10). ونظَّم داود اللاويين للتسبيح والتمجيد نوبة مقابل نوبة" (نح12: 24). أما مادة التسبيح فكانت مزامير داود النبي التي ألَّفها بإلهام الروح القدس، وألَّف لها ألحانا شجية، كما عمل لها آلات غناء (2أى7: 6).
الدعوة إلى تسبيح الله بآلات الموسيقى والنغم:

والروح القدس على فم داود النبي يدعو إلى تسبيح الله بجميع أنواع الآلات فيقول "سبحوا الله بصوت الصور، وبرباب وعود، وبدف وبأوتار ومزمار، بصنوج التصويت والهتاف" (مز150). ويقول أيضًا "رنموا لله وهاتوا دفًا عودًا حلوًا مع رباب. انفخوا في رأس الشهر بالبوق ليوم عيدنا" (مز 81: 1- 3).
هذه صورة لاستخدام آلات التسبيح في كنيسة العهد القديم.
السمائيون يستخدمون الآلات الموسيقية الروحانية في التسبيح لله:

ليست كنيسة العهد القديم فقط هي التي استخدمت الآلات الموسيقية في تسبيحها لله. بل إن الرتب الملائكية أيضًا تستخدمها في السماء. كما كشف لنا القديس يوحنا في رؤياه عن أن السمائيين يقدمون التسبيح والتمجيد لله على قيثاراتهم الروحانية فيقول "الأربعة والعشرون قسيسًا لهم كل واحد قيثارات. وهم يترنمون ترنيمة جديدة أمام العرش" (رؤ5: 8، 9 , 14: 2). ويقول أيضًا "رأيت الغالبين على الوحش وصورته معهم قيثارات الله. وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الحمل" (رؤ15: 2، 3).
لربما تسهل الآن الإجابة عن سؤال لماذا تستخدم الكنيسة آلات الموسيقى في صلواتها؟
فأولًا: إن كانت كنيسة العهد القديم قد سبحت الله بالمزامير والأناشيد الروحية بآلات الغناء والتسبيح من أجل خلاصها الجسدي من الممالك الوثنية. فبالأولى تتغنى كنيسة العهد الجديد بخلاصها الروحي من مملكة إبليس وجنوده، وتحررها من عبوديته، تحقيقًا لنبوة داود النبي "رنموا للرب ترنيمة جديدة، لأنه أعلن خلاصه. رأت كل الأرض خلاص إلهنا" (مز98: 1 - 3).
ثانيًا: إن كان ليس هناك من عمل أُعلِن لنا عما يجرى مع سكان السماء سوى صلاتهم الشفاعية، وصلوات تقديسهم وتمجيدهم، وتسابيحهم وتراتيلهم المصحوبة بموسيقى القيثارات. فتكون صلواتنا وتسابيحنا وتماجيدنا مصحوبة بأصوات الآلات الحسنة الإيقاع هي شركة مع صفوف السمائيين وإعداد لحياتنا العتيدة معهم.
ثالثًا: إن استخدام الآلات الموسيقية في التسبيح والغناء التعبدي له تأثيره الروحي القوى في الحضور الإلهي من جهة وفي مشاعر العابدين من جهة أخرى. فقد كان الرب يعلن مجده من خلاله حيث كان بيت الرب يمتلئ سحابًا، ومجد الرب يملأ البيت (2أى5: 11-14). أما بالنسبة للعابدين فمصاحبة الآلة الموسيقية للحن أو الترتيلة أو المديحة يطرب الأذن ويبهج النفس ويسعدها ويسمو بمشاعرها، لأن لغة الموسيقى تؤثر في الوجدان والعاطفة أكثر من لغة الألفاظ. وكأننا نشارك السمائيين تسبيحهم الموسيقى العذب فتنتشي أرواحنا في داخلنا، ونتيه غبطة وننجذب نحو عالم الروح ونظل سابحين فيه حينًا. فما أحلى شركة السمائيين وما أعذب التيه في عالم الروح عالم الخلود مع أنغام الموسيقى الشجية. وقديما قال داود النبي "ليت لي جناحًا كالحمامة فأطير وأستريح" (مز55: 6).
الرد على الاعتراض:
من كل ما سبق يتضح لماذا تستخدم كنيستنا الآلات الموسيقية في عبادتها. وهى لا تستخدمها في الصلاة وإنما في التسبيح والترنيم. فالعبادة تنقسم إلى صلاة وتسبيح. والصلاة هي الطلبات والتضرعات المرفوعة أمام الله والترديد لأعمال الله الخلاصية. أما التسبيح فهو تمجيد وتهليل بالألحان والترانيم والتراتيل والمدائح على هذه الأعمال المجيدة وأمجاد قديسيه وسِيَرهِم العطرة.
وكنيستنا الأرثوذكسية غنية جدًا بتسابيحها وألحانها ومدائحها وترانيمها، التي تزداد يومًا بعد يوم بسبب استمرار أعمال الله العظيمة معنا والظهورات المتتالية لأجساد القديسين والشهداء، وبسبب اقتراب الوقت وانتظار مجيء الرب. وقد اهتمت كنيستنا بالموسيقى المصاحبة للتسبيح من القرون الأولى للمسيحية، حيث كانت تُدَرَّس مادة الموسيقى بمدرستها اللاهوتية بالإسكندرية بجانب المواد الأخرى.
والآن بعد أن اتضح أن البخور والموسيقى كانت تستخدمهما كنيسة العهد القديم وأنهما منهج السمائيين في صلواتهم وتماجيدهم أمام العرش الإلهي، وأن لهما تأثيرهما القوى في تعميق روحانية العبادة. فما أمجد ديانتي المسيحية الممتدة عبر الزمن من قديمها إلى جديدها والسامية في روحانيتها، والتي صارت باستخدامهما صورةً للسماء على الأرض، ويسعى كثير من شعوب الأرض للسير على درب عبادتها ومستوى روحانيتها. لأنه ماذا يُنتظر من أي ديانة أخرى من سمو أكثر من هذا!

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 05:59 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
لماذا يستخدم رجال دينكم السحر؟

المجتمع: لماذا يستخدم رجال دينكم السحر؟
المسيحي: إن السحر هو من عمل الشيطان. والمسيحية ترفض الشيطان وكل أعماله التي من بينها السحر.
فأولًا: النهى عن استخدام السحر وعقاب مَن يستعملونه:


إن كتابنا المقدس يُحَرِّم استخدام السحر ويعلن غضب الله على الذين يستعملونه، ويحذرنا من التشبه بالوثنيين في عاداتهم الردية وأرجاسهم ومن بينها السحر. فيقول "لا تتعلم أن تفعل مثل رجس الأمم. لا يوجد فيك من يَعْرُف عِرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يَرْقى رُقية ولا من يسأل جانًا أو تابعة ولا من يستشير الموتى لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب" (تث18: 10-12). والعرافة هي ادعاء علم الغيب سواء بمساعدة الشيطان أو بقراءة الفنجال أو الكف أو النجوم. والعيافة هي زجر الطير والتشاؤم والتفاؤل بالجهة التي يطير فيها، وانتظار الخير أو الشر عند سماع صوت طائر معين. والتفاؤل هو انتظار خير معين، وعكسه التشاؤم وذلك عند رؤية شخصٍ ما أو سماع صوتٍ ما أو انكسار إناء. والسحر هو الاعتماد على الشيطان في تنفيذ طلبٍ ما. والرقية هي ترديد كلمات وتعاويذ يُظَن أنها تجلب الخير أو الشفاء، أو عمل عُقد في خيط لجلب الضرر وتعقيد الأمور. وسؤال الجان الذي هو الشيطان، والتابعة هو الروح النجس الذي يكون ساكنًا في إنسان. واستشارة الموتى أي بمحاولة تحضير أرواحهم بالسحر والشعوذة. كل هذه الأعمال واضح أن من يلجأ لها يكرهه الرب لأنها تتنافى مع قداسته وأنها أيضا ضد كماله وبسببها يحل غضبه على الشعوب الوثنية، ويكون شاهدًا على أصحابها لإدانتهم. كما يقول على فم ملاخي النبي "وأكون شاهدًا سريعًا على السحرة وعلى الفاسقين وعلى الحالفين زورًا" (مل3: 5). كما يعلن الكتاب أن هؤلاء مصيرهم النار الأبدية "وأما الزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت" (رؤ21: 8). ويذكر القديس بولس السحر ضمن الأمور التي تحرم الإنسان من ملكوت الله في قوله "وأعمال الجسد التي هي زنى عبادة أوثان سحر عداوة حسد قتل سُكر. الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غل5: 20-21).
ثانيا: قوة الله أعظم من قوة السحر:

ويعلن الكتاب المقدس أن قوة الله أعظم من عمل السحرة والمشعوذين الذين مهما كانت قوتهم إلا أنها محدودة أمام قوة الله. فعندما طرح هرون وسحرة المصريين عصيهم أمام فرعون وصارت ثعابين، ابتلعت عصا هرون عصيهم (خر7: 12). "ولما مَدَّ هرون يده بعصاه وضرب تراب الأرض فصار البعوض على الناس وعلى البهائم. فعل كذلك العرافون بسحرهم ليخرجوا البعوض فلم يستطيعوا. فقال العرافون لفرعون هذا أصبع الله" (خر8: 17-19). أي أن العرافين اعترفوا بعجزهم وأقروا بأن هذا عمل الله القادر وحده. وعندما دخل الفتيان الأربعة، دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا عبيد الله العلى ووقفوا أمام الملك نبوخذ نصَّر، وجدهم "في كل أمرِ حكمةِ فهمٍ الذي سألهم عنه عشرة أضعاف فوق كل المجوس والسحرة الذين في كل مملكته" (دا1: 20). وعندما استدعى نبوخذنصَّر المجوس والسحرة والعرافين والكلدانيين لينبئوه بحلمه وتعبيره وقالوا له ليس آخر يبينه قدام الملك غير الآلهة الذين ليست سكناهم مع البشر. حينئذ تضرع دانيال مع الثلاثة فتية إلى الله من جهة هذا الأمر فكُشِفَ السر لدانيال في رؤيا الليل. ولما حضر أمام الملك أخبره بالحلم وبتعبيره، حينئذ سجد الملك لدانيال، وقال له "حقًا إلهكم إله الآلهة ورب الملوك وكاشف الأسرار" (دا2: 47). ولما عمل بيلشاصر الملك وليمة وشرب فيها الخمر في آنية هيكل بيت الله ظهرت له أصابع يد إنسان تكتب على الحائط فصرخ بشدة لإدخال حكماء بابل من السحرة والمنجمين ولكنهم لم يستطيعوا أن يقرأوا الكتابة أو يفسروها. ولما أحضروا دانيال قرأ الكتابة للملك وعرَّفه بتفسيرها (دا5: 17). وعندما استدعى الوالي سرجيوس بولس، برنابا وشاول ملتمسًا أن يسمع منهما كلمة الله قاومهما عليم الساحر طالبًا أن يُفسد الوالي عن الإيمان. فشخص إليه شاول وقال له "يد الرب عليك فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين. ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسًا من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشًا من تعليم الرب" (أع13: 11، 12). ولما كان الله يصنع على يدى بولس قوات غير المعتادة في أفسس شرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين أن يُسَموا على الذين بهم الأرواح الشريرة بِاسم الرب يسوع فوثب عليهم الإنسان الذي كان فيه الروح الشرير حتى هربوا عُراة مُجرَّحين فوقع خوف على الجميع "وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع" (أع19: 19).
ثالثًا: ظنُّ البعض أن المعجزات تتم بقوة السحر:

يظن بعض أفراد المجتمع الذين يتقدمون إلى الكنيسة بسبب آلامهم وأتعابهم، أنهم سيجدون حلًا لها في سحر تعمله الكنيسة أو كتابة حجاب أو عمل عملٍ لهم، وذلك إما لأنهم سمعوا عن إنسان قد حصلت له معجزة أو استجيبت له طلبته عندما لجأ إلى الكنيسة فيفسرون هذا على أنه قد تم بقوة السحر. أو أن البعض يعتقد أن الكنيسة تمارس السحر فعلًا لإجابة طلب من يلجأون إليها. وهو ظن خاطئ لأنه يُحَوِّل قوة الله العاملة في الكنيسة إلى قوة سحر من عمل الشيطان.
ولقد اتضح مما سبق ذكره كيف أن الملوك الوثنيين شهدوا بأن قوة السحرة والعرافين لا تطاول قوة الله ذات القدرة الخارقة الفاعلة وسط كنيسته وتعجز أمام أعمالها. كذلك يخبرنا تاريخ الكنيسة كيف أن أعدادًا غفيرة من الوثنيين عندما كانوا يرون المعجزات التي تحدث مع الشهداء في شفائهم من جراحاتهم وآلام عذاباتهم، كانوا يعلنون إيمانهم بالمسيح ويتقدمون بالمئات لنوال إكليل الشهادة. أما في أيامنا هذه فيرى بعض الناس المعجزات بأنفسهم ويتلامسون معها وقد تحدث لهم شخصيًا وبعدها ينكرون قوة الله ويرجعون حدوثها إلى قوة السحر، وهذه حرب من الشيطان لتعطيل الإيمان بقوة الله القادر على كل شيء. الذي وعدنا أنه يظهر عجائبه في قديسيه. وقد أعطى تلاميذه ورسله سلطان عمل الآيات والعجائب ووعدهم بعد قيامته باستمرار المعجزات معهم بقوله "وهذه الآيات تتبع المؤمنين، يخرجون الشياطين ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون" ثم يكمل القديس مرقس "وأما هم (أي التلاميذ) فخرجوا وكرزوا في كل مكان، والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة" (مر16: 17-20). ولازالت قوة الله تعمل بالآيات مع المؤمنين لأن المسيح وعدنا "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 20). بل إن المسيح وعد تلاميذه بأنهم يعملون ما عمله هو من آيات وأعظم منها.
وقد تحقق هذا في عمل الروح القدس مع التلاميذ في كرازتهم وقيادتهم الناس إلى الإيمان بالمسيح وإقامتهم من موت الخطية ليرثوا الحياة الأبدية، الأمر الذي هو أعظم بكثير من شفاء أجسادهم.
والكنيسة ليس لديها سوى سلاح الصلاة وقوة علامة الصليب وشفاعة القديسين والدهن بالزيت المصلَّى عليه لكل من يتقدم إليها من أصحاب الآلام والتجاربومن يتقدم للكنيسة بهذا الإيمان ينال بركة إيمانه. أما إذا تقدم البعض إلى الكنيسة بفكر أنها تعمل بالسحر وبالأحجبة وبأعمال العرافين فإنه يكون مخطئًا في ظنه، ومسيئًا إلى المستوى الإلهي الذي تخدم به الكنيسة وتعمل من خلاله.
والكنيسة في سموها الروحي وعظمة تعاليمها وعمق إيمانها بالله العامل فيها وبكتابها المقدس دستور إيمانها، تعتبر اللجوء إلى السحر والسحرة تجديفًا على الله ومن أعمال الكفر والجهل. وهى تشجب السحر والسحرة وكل ما ينتمي إليهما. لذلك فالذين ينسبون إليها السحر فإنما يقصدون تشويه صورتها وإنكار قوة الله العاملة فيها.
رابعًا: ضرورة التنبه للأسباب التي تدفع إلى اللجوء للسحرة:

يجب أن نعى أن السحر ظاهرة تتسم بها المجتمعات البدائية التي يسيطر عليها الفكر الغيبي ولا تعرف دينًا بعد، وتعيش أيضًا في جهلٍ مطبق من جهة العلم والمعرفة. لذلك من المفروض أن تنحسر هذه الظاهرة في المجتمع الذي يعرف دينًا أو سار قُدُمًا في مجال العلم. أما إذا وُجد مَن يلجأون للسحرة في المجتمع المتدين أو المتقدم علميًا، فإنهم لربما يفعلون ذلك عندما تواجههم مشاكل في حياتهم وتطول فترة معاناتهم منها دون أن يجدوا حلًا أو منفذًا للخروج من ضائقتها. ولكن يجب أن يتنبه هؤلاء إلى أن اللجوء إلى السحرة في عمومه يرجع:
1 إلى إيمان الإنسان بقوة السحر وفاعليته سواء فيما يعود عليه بالنفع أو بما يضر به الآخرين أو يؤذيهم به.
2 إرجاع الإنسان ما يعانى منه إلى سبب أن آخرين سحروا له أو عملوا له أعمالًا، إما حسدًا أو انتقامًا.
3 عدم إعمال العقل في البحث عن الأسباب الحقيقية لوجود ما يعانى منه الإنسان من مشاكل، أو عدم لجوئه للإمكانيات المتاحة لعلاج تلك المشاكل.
4 عدم اللجوء إلى الله بالصوم والصلاة باعتبار أنه ضابط الكل، وأن لا شيء يحدث في حياتنا بدون سماح منه، وهو يعلم بكل أحوالنا، كما أنه قادر على كل شيء ولا يعسر عليه شيء. وكذلك اللجوء إلى الشفاعة بالملائكة والقديسين وعلى رأسهم القديسة الطاهرة مريم.
5 البعض يلجأ لله وللقديسين بالصلاة وبطلب الشفاعة ولا يجد استجابة فيراها ذريعة للجوء للسحرة ولكنه لا يعي أن هناك أسبابًا لعدم الاستجابة قد تكون:
أ عدم التوبة أو عدم نقاوة القلب لأن ما يسمح به الله لنا من مشاكل ومتاعب إنما قصده الأول خيرنا الأبدي، الذي يكمن في رجوعنا عن خطايانا واقترابنا إلى الله والتصاقنا به.
ب عدم اللجاجة في الصلاة لأنها لازمة لتثبيت الإيمان بتدخل الله.
ج عدم التسليم لإرادة الله في الاستجابة من عدمها، لأنه يعرف ما هو لصالحنا أكثر مما نعرفه نحن.
د عدم إدراك الحقيقة الكتابية أن لكل شيء تحت السماء وقت (جا 3: 1). فإن كانت إرادة الله بالاستجابة إلا أنه قد لا يكون الوقت قد حان بعدُ لها.
6 عدم التنبه إلى أن اللجوء للسحرة هو ضعف إيمان أو هو كفر بالله أو أنه اتهام لله بالعجز أو بأنه غائب عن الوجود، وهذا يغضب الله جدًا.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:00 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
ما هي بروفة الميت عندكم؟

المجتمع: ما هي بروڨة الميت عندكم؟ وهو السؤال الذي ذكرته الباحثة الفاضلة موجَّهًا إلى الأقباط، وأشرنا إليه في مقدمة الكتاب.
المسيحي: عندما تنطلق روح أحد المسيحيين وتفارق جسده فإن أهله يغسلون جسده، ويلبسونه أجدد وأفخر حلله. ويلبسونه صليبًا ويضعون على وجهه منديلًا مثلثًا علامة رقاده وهو مؤمن بالثالوث الأقدس. ويغطونه بستر أبيض علامة النقاء والطهارة التي نالها بتقديس دم المسيح. وينيرون شمعتين حوله إشارة إلى ملائكة النور التي تحيط به كملائكة القيامة في قبر المسيح. ويجلسون حوله يقرأون سفر المزامير لداود النبي لأنه يحكى حياة المسيح كلها حتى يحين موعد تشييع جثمانه. ويكونون قد أحضروا ملابس تكفينه وهى بُرْنُس من الستان أو الحرير الغالي يلف به جسده، وغطاء لرأسه علامة خوذة الخلاص، وجوربًا أبيض لقدميه علامة أنه سار في طريق البر، وزنارًا علامة اتحاد نفسه بإلهه الذي آمن به وعاش له وقد رحل إليه أيضًا، ويعطرونه بالأطياب العطرة علامة على تقديم جسده ذبيحة مقبولة في خدمة وعبادة نقية، ثم يضعونه في صندوق من الأبنوس أو الخشب محكم الغطاء غالى القيمة كلٌ حسب استطاعته. ثم ينزلون الصندوق إلى عربة دفن الموتى. وهى عربة مذهبة ومزينة بأشكال مختلفة من الصلبان والملائكة وسعف النخل وأغصان الزيتون، وتجرها خيول مطهمة مغطاة بفرش زاهي الألوان رائع الجمال إشارة إلى زفافه للعرس السمائي. وقد تكون العربة سيارة مجهزة جيدًا لنفس الغرض. ويسير وراءها المشيعون إلى الكنيسة لكي يُصلَّى على جثمانه.
وتشمل صلاة الجنازة تقديم الشكر لله علامة الخضوع لإرادته، ثم قراءة فصول من الكتاب المقدس لتعزية الحاضرين، تتضمن المواعيد الإلهية للمؤمنين الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وإحياء رجائهم في القيامة من الأموات في استحقاق قيامة المسيح، وتذكيرهم بالموت من أجل الاستعداد له، ثم طلبة ختامية من أجل قبول الله لهذه النفس وصفحه عن خطاياها، ويتخلل الصلاة بعض الألحان الحزايني بما يتماشى مع روح الحزن في هذه المناسبة.
وبعد انتهاء الصلاة يتقبل أهل الميت العزاء على باب الكنيسة من المشيعين، وبعد أخذ العزاء يذهبون به إلى المدافن حيث يدفنونه في مقبرة مبنية ومبيضة أو مكسوة بالرخام أو الجرانيت. وعند دفنه يأخذ الكاهن في يده حفنة من التراب ويذريها في الهواء قائلًا "أنت يا آدم تراب وإلى تراب تعود" مذكرًا الناس الواقفين بما يؤول إليه مصيرهم ولكي يتضعوا أمام الله صاحب المجد والجلال. وبعد دفنه يتلو الواقفون الصلاة الربانية مؤكدين خضوعهم لإرادة الله. ثم ينصرفون بسلام إلى بيوتهم.

هذه هي معاملة الميت في العقيدة المسيحية. وإذا قورنت بمعاملة بعض الشعوب له التي تضعه في حفرة وتهيل عليه التراب أو تحرق جسده وتذرى رماد حريقه في الهواء، نرى مقدار الكرامة التي ينالها جسد الميت في المسيحية وهى أمر طبيعي جدًا يرجع إلى النعم والمواهب التي تظلل هذا الجسد بعمل الروح القدس في الأسرار التي يتمتع بها المؤمن بالمسيح دونًا عن أي جسد آخر.
وهذه التقاليد السامية المتبعة مع الميت تتفق مع ما تأمر به تعاليم الكنيسة حيث تقول "اجتمعوا بلا كسل إلى البيعة واقرأوا الكتب المقدسة ورتلوا على إخوتكم الذين رقدوا وهم مؤمنون بالرب. ثم اصعِدُوا قداس شكر".
ويُغَسَّل الميت قبل ذهابه إلى الكنيسة للصلاة عليه:
أولًا: لأن الموتى قد يكونون متسخين بآثار أمراضهم. فمن المستحب ألا يدخلوا الكنيسة إلا بعد تغسيلهم.
ثانيًا: لأن التلميذة طابيثا التي أقامها القديس بطرس من الموت كانوا قد غسلوها بعد موتها (أع9: 37). إلا أن تغسيل الميت قبل تكفينه جائز لا ضروري. واعملوا الثالث بالصلاة وكلمة الله للذين رقدوا لنذكر قيامتهم التي أعطانا المسيح عربونها بقيامته في اليوم الثالث. واصنعوا السابع لنذكر راحتهم الأبدية من بعد جهادهم مثلما استراح الله في اليوم السابع بعد انتهائه من عمل الخليقة. واصنعوا تمام الشهر إشارة فيما يبدو إلى أن الأبرار يضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم السماوي مثلما يتلألأ نور القمر بدرًا كل شهر. ثم اصنعوا لهم تذكارًا سنويًا لتبقى الصلة الروحية دائمة بين الذين رحلوا إلى السماء وبين الذين على الأرض على مر السنين إلى مدى الأجيال.
وإحياء هذه التذكارات يكون برفع القرابين لطلب الرحمة لهم ومغفرة خطاياهم في استحقاقات ذبيحة المسيح رحمة السلامة،ويُدفَع للفقراء من قنايا الذي مات من أجل راحته واستدرار رحمة الله عليه. ولا ينبغي الحزن على الذين رقدوا. بل التمسك برجاء الحياة الأبدية لهم(1).
وإذ ترتبط حياتنا بالمسيح فمناسبات تذكاراتنا ترتبط أيضا بمناسبات تذكارات المسيح. وهو ما يعطى تذكاراتنا معنى ويجعلها مملوءة ومثمرة بكثير من البركات والتعزيات الروحية.
وانبهار البعض بالتقاليد الموجودة في المسيحية في معاملة الميت جعلهم يحاكونها في كثير منها واستبدلوا بها كل عاداتهم القديمة.
_____
الحواشي والمراجع :

(1) القوانين الباب الثاني والعشرين في الأموات ص177-180.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:01 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنتم تحصلون على أموال من أمريكا ومجلس الكنائس العالمي لبناء كنائسكم وإقامة مشروعاتكم

المجتمع: أنتم تحصلون على أموال من أمريكا ومجلس الكنائس العالمي لبناء كنائسكم وإقامة مشروعاتكم.
المسيحي:
أولًا: ليكن في علمك أنه ليست هناك علاقة إطلاقًا بين الكنيسة وبين أمريكا ولا بين الكنيسة وبين الهيئات الأمريكية أو الدولية لأن هذه العلاقات تكون مع الدولة وحدها.
ثانيًا: إن أمريكا والهيئات الأمريكية والدولية تصب جميع معوناتها في الدولة ومؤسساتها وبِاسم الدولة.
ثالثًا: لم نسمع من قبل أن أمريكا أو مثل هذه الهيئات ساعدت طوائف دينية معينة في أي دولة.
رابعًا: نحن المسيحيين لا نشكل كيانًا مستقلًا في مجتمعنا وفي بلدنا لكي تتعامل معنا أمريكا رأسًا. فنحن لسنا تيمور الشرقية مقابل تيمور الغربية ولا جنوب السودان مقابل شمال السودان ولا القطاع اليوناني مقابل القطاع التركي في قبرص.
نحن هنا في مجتمعنا موجودون في كل بيت وفي كل حارة وفي كل عطفة وفي كل شارع وفي كل قرية وفي كل شبر على أرض الكنانة. نحن بنية أساسية في مجتمعنا وجذور شجرتنا على أرضه تمتد إلى أعماق سحيقة في القدم وكلما شذبت أو قُلِّمت أغصانها كلما نمت وأينعت وأثمرت أكثر. نحن محمد وجرجس وأحمد وميخائيل نعمل على ماكينة واحدة ومكتبي بجوار مكتبك ونركب في مواصلة واحدة ونأكل كثيرًا على مائدة واحدة ونمشى يدي في يدك في طريق واحدة، نبكى معًا في أحزاننا ونضحك ونتهلل معًا في أفراحنا. ونجلس على مقعد واحد في مدارسنا وجامعاتنا. ونلتئم فريقًا واحدًا في ملاعبنا.
فإن كنا نحن هكذا واحدًا، فلا مجال لدولةٍ ما أن تفصلنا عن مجتمعنا لكي تتبنانا أو تمول مشروعاتنا مفضلة إيانا أو مميزة لنا عن مجتمعنا الذي نحيا فيه،أما بناء كنائسنا وإقامة مشروعاتنا فهي من عطايا أبناء الكنيسة أنفسهم وهى عطايا قليلة ولكن بالبركة هي كثيرة جدًا. أما سر البركة فهو أولًا: مباركة الله فيها لأنه إله البركة الذي أشبع من خمسة أرغفة وسمكتين خمسة آلاف نفس ماعدا النساء والأطفال. وإذ وعدنا بأن بركته تغنى ولا يزيد معها تعب. فنحن به أغنى من أن نمد أيدينا إلى أحد أو نلتمس عطية من أحد. ثانيًا: أمانة الذين يتولون أمر هذه العطايا. لأن الله يبارك للأمناء.
أما عن مصدر سؤالك فهو من صنع الذين يزرعون الفتنة بيننا لأنهم يريدون أن يُأمريكونا ويزرعوا في نفوس الجهلاء أننا غرباء عن مجتمعنا، وهؤلاء هم أصحاب الأطماع الخاصة الذين يظنون أن التفرقة هي وسيلتهم لتحقيق أطماعهم. ويسهرون على التخطيط لاستعباد الناس وإذلالهم. وهمهم كله في ما يمكن أن يملكوه ونسوا أن الله سيرث الأرض ومن عليها. "لأن للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها" (مز23: 1).

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:01 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الباب الرابع: قضايا إيمانية وعقيدية

يتناول هذا الباب الرد على الأسئلة الخاصة بالحقائق الإيمانية التي تنبني عليها الديانة المسيحية. وهى الثالوث الأقدس ولاهوت المسيح والتجسد والفداء بالصليب وصحة الكتاب المقدس والعبادات.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:20 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
أنت يا مسيحي مشرك بالله

المجتمع: أنت يا مسيحي مشرك بالله.
المسيحي: أنا لست مشركًا بالله polytheist لأننا نحن المسيحيين نؤمن بإله واحد لا شريك له. ونعبد إلهًا واحدًا. نناجيه في كل لحظة حسب ما علمنا كتابنا المقدس "أبانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك..." (مت6: 9).

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:21 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
إذًا ما هو موضوع ثالوث الله من الآب والابن والروح القدس. ولماذا تنفردون أنتم وحدكم بهذه العقيدة

المجتمع: إذًا ما هو موضوع ثالوث الله من الآب والابن والروح القدس. ولماذا تنفردون أنتم وحدكم بهذه العقيدة.
المسيحي: نحن لا ننفرد وحدنا بعقيدة الثالوث لأنها كانت موجودة في اليهودية، ولها شواهد كثيرة في العهد القديم ولكن بأسلوب مستتر وأحيانًا مباشر، ولكنه كان مكشوفًا فقط للأنبياء ومحجوبًا عن عامة الشعب لعدم قدرتهم على استيعاب حقيقة جوهر الله. وتوقع سوء فهمهم له في مرحلة طفولة معرفتهم به وبداية إعلان ذاته لهم، وحرصًا منه على عدم وقوعهم في الاعتقاد بتعدد الآلهة، الأمر الذي تسربت معرفته لآبائنا قدماء المصريين. فوقعوا في عقيدة الثالوث الوثني.
بل إن مجتمعنا أيضًا يشاركنا هذه العقيدة باعترافه بوجود جواهر الثالوث، ولكنه يعترف بها كحقيقة وليس كعقيدة. فهو يؤمن ويصرح بالله، وبكلمته، وبروح قدسه. وهذا هو إيماننا بالله الآب الذي يمثل ذات الله لأنه أصل الوجود وعلة كل شيء فيه، وكلمته الذي نطلق عليه الابن لأنه قدرته المولودة منه والذي به صنع الوجود وبدونه لا يعمل شيئًا، وروح قدسه الذي هو روح الحياة فيه والذي به يعطى الحياة لكل موجود. وبالإجمال إله واحد؛ موجود بذاته، حيّ بروحه، ناطق بكلمته.
واضح إذًا في هذه العقيدة أنها إيمان بإله واحد له ذات واحدة. وهذه الذات تتمتع بالنطق والحياة. وبدون النطق يكون الله إلهًا أعجميًا مجردًا من العقل والنطق ومن ثم لا يمكن أن يكون خالقًا للوجود ولا يصح أن يكون إلهًا. وبدون الروح وهو تيار الحياة فيه يكون إلهًا ميتًا ومِن ثَمَّ لا يكون إلهًا.

إذًا الله إله واحد ثالوث. واحد في ذاته، ثالوث في خصائص كيانه؛ الوجود والنطق والحياة. الوجود بالذات والنطق بالكلمة والحياة بالروح. والذات هي ذات الله والكلمة هو كلمة الله والروح القدس هو روح الله. والكلمة يولد من ذات الله لذلك يُدعى ابن الله والروح ينبثق من ذاته القدسية لذلك يسمى روح القدس. وهى جواهر أساسية بدونها لا يتقوم كيان الذات الإلهية.
هل بعد هذا الإيضاح تجد أننا استحضرنا إلهًا آخر وجعلناه بجوار الله حتى تتهمنا بالشرك؟ وهل بعد اعتراف مجتمعنا بالله الواحد وثالوثه المتمثل في ذات الله وكلمة الله وروح قدسه تصمم على اتهامنا بالشرك؟ إنه أمر عجيب حقًا!!
بل والأعجب من هذا أننا نحن ومجتمعنا مع رجاء عدم الاستغراب نعيش حياتنا بهذا الإيمان عينه. فإيماننا بالله الواحد الثالوث هو الذي نستخدمه في حياتنا بتسميتنا بِاسمه المبارك في كل لحظة بقولنا بِاسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. وهى مرادف البسملة التي يستخدمها مجتمعنا في كل تصرف وفي بداية كل عمل بترديده بسم الله الرحمن الرحيم الإله الواحد. هو نفس ثالوثنا المسيحي. الله الواحد هو الآب ذات الله، والرحمن بصيغة المرة على وزن فعلان وتشير إلى الابن الوحيد الجنس، والذي صنع رحمة للعالم مرة واحدة بفدائه له من حكم الموت الأبدي. والرحيم بصيغة الكثرة على وزن فعيل ويشير إلى الروح القدس روح الكثرة والنمو والخصب لأنه روح الحياة، والذي بفاعليته انتشر وامتد عمل رحمة الله في فدائه. وإن لم يكن الأمر كذلك. فما هي الحكمة أن تكون بسملة مجتمعنا بسملة ثالوثية لله. وهى الله، والرحمن، والرحيم. وفي نفس الوقت هو إله واحد وليس ثلاثة آلهة، ولم تكن بسملة رباعية أو سداسية؟ ولو لم يكن الرحمن خاصية جوهرية في الله، والرحيم خاصية أخرى جوهرية في الله فإنه ما كان هناك مبرر إطلاقًا لتكرار لفظ مشتق من الرحمة مرتين بدون حكمة إلهية تخص علاقة الله بالمؤمنين به.
ثم لماذا ثالوث الرحمة بالذات؟

يرجع ثالوث الرحمة إلى الرحمة التي صنعها الله مع العالم بخلاصه من عبودية إبليس وسلطان الموت الأبدي،وذلك بمجيء الكلمة من السماء إلى العالم بمشورة الآب والروح القدس وتجسده في شخص يسوع المسيح. وإغداقه بمراحم الله على العالم بأقواله وأعماله، ثم تتويج أقواله وأعماله بأكبر عمل رحمة وهو تتميمه الفداء على الصليب، الذي به قهر الشيطان والموت وأنار طريق الحياة والخلود أمام البشرية الساقطة. لذلك كان المسيح رحمة حقيقية للعالم. ومن أهم معالم رحمته:
في أيامه لم تقم حروب في العالم وساد السلام. كما تنبأ عنه إشعياء النبي أنه يدعى "رئيس السلام" (إش9: 6). وكذلك قال عنه زكريا أبو يوحنا المعمدان إنه "يهدى أقدامنا في طريق السلام" (لو1: 79). وهكذا أعلنت ملائكة السماء عند ميلاده أن يكون "على الأرض السلام" (لو2: 14). أليس السلام وعدم الحرب رحمة بالعالم؟
رَفَعَ حدود العقوبات التي كان يفرضها ناموس موسى على الذين يقعون في مخالفة وصايا الله. فلما أحضروا إليه المرأة الزانية لكي يحكم عليها بالقتل حسب الناموس وانصرف الذين أحضروها بعد أن أظهر لهم خطاياهم، قال لها اذهبي ولا تعودي تخطئي أيضًا. أليس رفع الحدود رحمة بالنفس البشرية وبالعالم؟
ارتفع بوصايا الحق والعدل إلى وصايا المحبة والمغفرة. فهل ليست المحبة وعدم الانتقام والتسامح من جانب الإنسان نحو أخيه الإنسان أو من جانب الله نحو الإنسان رحمة بالعالم؟
كان يجول في كل مدينة وقرية يصنع خيرًا. يشفى أمراض الناس ويقيم موتاهم ويخرج الشياطين منهم وصنع بينهم الآيات والعجائب لخيرهم. أليس هذا رحمة بالعالم؟
أشبع عقول وقلوب الناس من التعاليم الإلهية والمعارف الربانية والأسرار السماوية. أليس هذا رحمة بالعالم إذ قدم لهم أسمى التعاليم وأعمق الأسرار وأوسع المعارف؟
قدم للناس نموذجًا عمليا للإنسان الكامل بالقول والفعل، وذلك في حكمته ومحبته وطهارته ووداعته واتضاعه وتسامحه، وبذلك فتح أمامهم طريق البلوغ إلى الكمال أليس هذا رحمة للعالم؟
لقد تَوَّج أقوال وأعمال رحمته بكمال رحمته الحقيقية بتقديم ذاته فدية عن خطايا العالم. فوفَّى العدل الإلهي حقه. وتحققت فيه نبوة داود النبي أن فيه "الرحمة والحق تلاقيا. البر والسلام تلاثما" (مز84: 10). ت.ق(1). وبهذا الفداء الرحيم صالح الآب مع البشر، فصفح عن خطاياهم ورفع حكم الموت عنهم. وبذلك فتح أمامهم باب السماء. وكسر شوكة إبليس بإبادته سلطان الموت بموته. أفليس هذا رحمة؟
إن كل من يتأمل في هذه الرحمات يرى أن إنسانًا من البشر ليس في قدرته أن يقدم للعالم واحدة منها. لأنها كلها رحمات إلهية، ولا يملك تقديمها إلا الله وحده، ولأن المسيح هو كلمة الله فهو يملك أن يقدمها للعالم. أما من جهة الرحمة بين البشر فيمكن لإنسان أن يرحم إنسانًا مثله، ويمكن لرئيس دولة أن يرحم شعبه، ويمكن لرئيس دولة عظمى أن يرحم العالم في فترة حكمه. ورحماتهم جميعا هي رحمات زمنية وقتية.
أما رحمة العالم في كل زمان ومكان رحمة سماوية أبدية فهي أمر يخص الله وحده، ولا يصح أن يُنْسَب لإنسان في الوجود أنه رحمة للعالم بهذا المفهوم الروحي السماوي. لأن الله وحده هو الذي يقدم هذه الرحمة للعالم ولا يقدمها إلا من خلال كلمته الأزلي. وإن كان المسيح هو كلمة الله الأزلي فهو القادر وحده على رحمة العالم. ولم ينسب الكتاب الرحمة لأي بار أو نبي من جميع أبرار وأنبياء العهد القديم. بل إن الله هو الذي قال لموسى النبي "أتراءف على من أتراءف وأرحم من أرحم" (خر33: 19).

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:22 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
ما هو مصدر اعتقادكم بالثالوث

المجتمع: ما هو مصدر اعتقادكم بالثالوث.
المسيحي: هناك منبعان لاعتقادنا بالثالوث؛ الأول هو الكتاب المقدس حيث أن ثالوث الله إعلان إلهي كان موجودًا في العهد القديم كما سبق وقلنا. ولكن بصورة مستترة. أما في العهد الجديد فبدا ثالوث الله إعلانا صريحًا من الله بصورة منظورة ومسموعة يوم عماد السيد المسيح من يوحنا المعمدان حيث حل عليه الروح القدس مثل حمامة وصوت الآب من السماء قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17). ولذلك سُمى هذا اليوم بعيد الظهور الإلهي. لأن الله أظهر فيه ذاته الثالوثية.
وقد شهد لذلك يوحنا المعمدان. إذًا الله الواحد الثالوث هو إعلان إلهي وليس نظرية فلسفية أو اختراع بشرى.
والمنبع الثاني هو الإنسان نفسه حيث أن الله ترك لنفسه شاهدًا في الإنسان حتى لا يضل عنه، إذ طبع فيه صورته الثالوثية، وهى الذات العاقلة، الناطقة بالكلمة، والحية بالروح. وهذه الذات الثالوثية هي الجوهر الخالد في الإنسان والباقي بعد انحلال الجسد. وكل من يتأمل ذاته الثالوثية ويدخل في أعماقها، من السهل عليه إدراك صورة الله الواحد الثالوث.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:23 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
الدين يسر وليس عسرًا. أفلم يكن كافيًا للإنسان أن يؤمن بالإله الواحد دون التورط في تفاصيل ثالوثه

المجتمع: الدين يسر وليس عسرًا. أفلم يكن كافيًا للإنسان أن يؤمن بالإله الواحد دون التورط في تفاصيل ثالوثه.

المسيحي: إن الإيمان بالله الواحد هو الحقيقة الأولى المطلقة والبديهية في معرفة الله صاحب الذات الواحدة ولا يشاركه فيها موجود آخر. أما الثالوث فهو كيان هذه الذات. لأن ذات الله لا يمكن أن تكون خاوية أو أن تكون صماء أو أن يكون الله مجرد لفظ أجوف لا كيان له ولا فاعلية فيه. وأبسط ما يمكن أن توصف به ذات الله وفي نفس الوقت أكثر جوهرية لها أنها حية ناطقة، والحياة هي بالروح والنطق هو بالكلمة. وإن لم تكن ذات الله هكذا ما استحق أن يكون خالقًا للإنسان الذي يحمل صورته في ذاته، ولا أن يكون خالقًا للوجود لأنه لا يخلق إلا بقدرة وسلطان كلمته، ولا يمكنه أن يكون سر حياة المخلوقات إلا بروح الحياة القائمة فيه. إذًا فمعرفة الله الثالوث هي المعرفة الحقيقية بالله لأنها المعرفة المتقدمة به. كمن يعرف الماء كماءٍ فقط وهذه معرفة أولية ساذجة بالماء. أما عندما يعرف الماء بكيانه أنه يد2أ أي له كيان من ذرتين ايدروجين + ذرة أوكسجين فهذه معرفة متقدمة بالماء.
حقًا إن كل ما يتعلق بلاهوت الله يفوق إدراك العقل الإنساني. وهو أمر يرجع إلى طبيعة الله السامية جدًا وأنه غير محدود، ولأن عقل الإنسان من التراب ومحدود. لذلك قد بدأ الله علاقته مع الإنسان بإعلان بسيط عن ذاته الواحدة كمعرفة أولية به بقدر ما تحتمل طبيعة الإنسان في البداية. ثم تقدم بالإنسان فأعطاه معرفة متقدمة بالكيان الثالوثي لذاته. وهذا ما يتماشى مع طبيعة الإدراك عند الإنسان حيث يدرك الشيء في البداية في كليته ثم بعد ذلك في جزئياته وتفاصيله حسب ما تؤيده مدرسة الجشطلت في مبحث نظرية المعرفة.
إذًا هي محبة كبيرة من الله أن يعلن جوهر ذاته لخليقته بعد أن كان مجهولًا ومخفيًا، وأن يتدرج بها من معرفة أولية إلى معرفة متقدمة. وهل من الحكمة أن يطمس الإنسان ما أعلنه الله له من معرفة به وبكيان لاهوته، بل يصمم بعناد لا مبرر له على إنكار هذا الإعلان؟ إن من حق الإنسان أن يعتقد ما يعتقد ولكن ليس من حقه تحدى الله وإنكار إعلاناته للبشرية.
إن الله الثالوث عندنا هو الله الحقيقي الذي عرفناه في ذاته وفي كيانه معرفة متقدمة. والذي نمجده ونحبه من كل قلوبنا ونعبده من أعماق نفوسنا، لأنه أصل وجودنا العاقل الناطق بكلمته، ووجودنا الحي المتحرك بروحه. فهو حياتنا وهو خلودنا وأبديتنا. وفي كل مرة نقف للصلاة نقر أمامه فيما يسمى بقانون الإيمان المسيحي بثالوثه الأقدس. فنحن نؤمن بالله ونعرفه كما أعلن ذاته لنا. أما الأمم فتعرفه كما تصوره هي لنفسها.

Mary Naeem 27 - 06 - 2014 06:24 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
كيف يكون المسيح إنسانًا ثم تعبدونه وتقولون عنه إنه إله

المجتمع: كيف يكون المسيح إنسانًا ثم تعبدونه وتقولون عنه إنه إله.
المسيحي: إن كان المسيح هو كلمة الله فهو بالضرورة يحمل صفات الله لأن المشابهة قائمة بين الله وكلمته. فإن كان النور الصادر من الشمس يحمل صفات الشمس، والكلمة المولودة من العقل تحمل صفات العقل. فهكذا كلمة الله يحمل صفات الله لأنه مولود منه وأصلًا قائم فيه. فإن كان الله جوهره روحي بعيد عن المادة وغير محدود وموجود في كل مكان وأزلي وأبدى. فهكذا كلمة الله جوهره بالضرورة روحي أيضًا وغير محدود وموجود في كل مكان وأزلي وأبدى. أما ظهوره في شخص المسيح بالجسد من القديسة مريم فهو أمر حادث له في زمان هذا العالم من أجل رسالة معينة للبشرية كلها هي رسالة الخلاص. كما أن تجسده لم يحد من لاهوته ولم يغير من صفاته الإلهية، لأن اللاهوت لا يُحد وصفاته لا تتغير.
وإن كان كلمة الله يحمل صفات الله فهو صورة الله. لأنه كما أن الكلمة المولودة من العقل الإنساني هي صورة طبق الأصل للعقل الذي ولدها. وكل من يريد أن يرى العقل يراه في كلمته، لأنه قد يصمت الإنسان برهة ولا تعرف ما يدور في عقله ولكنه بمجرد أن يتكلم يتضح مكنون عقله وما يخفيه داخله. لذلك فإنه يمكن الحكم برجاحة العقل أو عدمها من كلام الإنسان. فهكذا كلمة الله هو صورة الله ومن يراه يكون كأنه قد رأى الله. وهذا ما رأيناه في المسيح حسب شهادة الكتاب له أنه صورة الله (فى2: 6).
وإن كان كلمة الله هو صورة الله بالحقيقة فهو يمثل شخص الله أيضًا ولكن كواحد معه وليس كأحد غيره. لأنه كما نقول إن نور الشمس يمثل الشمس لأنه مولود منها وغير منفصل عنها. ونقول عن الكلمة إنها تمثل العقل لأنها مولودة منه وغير منفصلة عنه، هكذا كلمة الله نقول عنه إنه يمثل شخص الله لأنه مولود منه وغير منفصل عنه وواحد معه، والواحد مع الله إله، والمولود من إله هو إله. فلا غبار إذًا على القول إن السيد المسيح إله. هذا هو التوضيح الأول لألوهية السيد المسيح.

ونذكر هنا بالمناسبة عبارة الكاتب الفيلسوف محمد سيد محمد عن كلمة الله(1) التي قال فيها "في البدء كانت الكلمة ومنها جاء الإنسان. الإنسان تلك الكلمة الملغزة والمحيرة التي تُحَوِّل وتُغَيّر وتُعيد التكوين حيث الوجود الأول والعقل الأول" فنراه في هذه العبارة الموجزة يربط بأسلوب رائع واستتار مدهش بين الكلمة والعقل الأول وبين الكلمة والوجود الأول وبين الكلمة والخلق وبين الكلمة والأزلية، وما يحيط الكلمة من سرية باعتبارها لغزًا محيرًا مما يعنى أن الكلمة أزلي مصدره العقل الإلهي وهو الخالق. أما كونه سرًا يحيطه الغموض والحيرة فقد انكشف سره بظهوره للعالم متجسدًا في شخص السيد المسيح الذي تعترف به جميع الديانات أنه كلمة الله. وهذا ما يقرره الإنجيل في قوله "في البدء كان الكلمة وكان الكلمة الله. كل شيء به كان. وكوِّن العالم به. ولم يعرفه العالم. والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده" (يو 1: 1 14). ليس هناك تأكيد أكثر من هذا لألوهية السيد المسيح!
أما التوضيح الثاني لألوهية السيد المسيح فهو أنه بجانب حقيقة جوهره الروحي ككلمة الله واتصافه بالصفات الإلهية، فهناك أيضًا حقيقة أعمال عجائبه ومعجزاته. وهى أعمال الله ذاته.
فالمسيح له المجد أظهر سلطانه على إعطاء الحياة بإقامته الموتى، وأظهر قدرته كخالق عندما خلق عينين من الطين للمولود أعمى من بطن أمه، وعندما خلق من الماء خمرًا ومن الخمسة أرغفة والسمكتين طعامًا لخمسة عشر ألف نسمة، وأظهر سلطانه على إبراء الأجساد مما فسد فيها بشفائه البُرص وكافة المرضى بمختلف الأمراض، وأظهر قدرته على إبراء النفوس والعقول بشفاء المجانين ومن يلقون بأنفسهم في الماء والنار، وأظهر سلطانه على الطبيعة بأمره الرياح وأمواج البحر لتهدأ فكانت تطيعه، وأظهر سلطانه على أشجار ونباتات الأرض فلعن شجرة التين المورقة فجفت في الحال، وأظهر سلطانه على قوى الجاذبية حيث أخضع مياه البحر له كأنها أرضٌ ليمشى عليها، وأظهر سلطانه على الزمان والمكان عندما رآه الجمع الذين كانوا معه واقفًا على شاطئ البحيرة الذي وصلوا إليه ولم تكن له وسيلة لتنقله إليهم، وأظهر سلطانه على الشياطين فكان يأمرها بأن تخرج من الناس فكانت تطيعه. وظهرت الحكمة الإلهية من فمه الطاهر منذ طفولته عندما حاجج شيوخ اليهود في المجمع في أورشليم، وعندما كان يعظ كانت الجموع تبهت من تعاليمه.
كذلك له سلطان دينونة البشر يوم يبعث الناس من القبور في يوم الحشر الذي هو يوم الدينونة. وإن كان قد ظهر بصورة إنسانية بين البشر لكنه أخذ هذه الصورة بطريقة معجزية خارقة للطبيعة بخلاف جميع البشر مما يشير إلى طبيعته الإلهية. وإن ذاق الموت كباقي البشر لكنه نقض أوجاعه وقام من القبر ظافرًا بإرادته وسلطان لاهوته. وإذ لم يكن له أن يبقى على الأرض بعد أن أنهى رسالته عليها بتتميمه خلاص العالم صعد جسديًا إلى السماء،والعالم كله ينتظر مجيئه ثانية من السماء لدينونة جميع البشر.
فمن يكون المسيح إذًا بعد إيضاح كل هذا السلطان وهذه القدرة له سوى أنه الله الظاهر في الجسد؟
وأين يذهب العقل لكي يبحث عن براهين في الوجود أكثر من هذه ليستدل بها على ألوهية السيد المسيح!
وسوف لا تجد البشرية بعد انتهاء الدينونة حاكمًا وملكًا عليها سوى المسيح نفسه، وسوف لا تجد إلهًا تعبده إلا من أدانها بالعدل وبسلطان ألوهيته. إذًا نحن لا نعبد إنسانًا جعلناه إلهًا ولكننا نعبد إلهًا صار إنسانًا لأجلنا.
والذي يدعو إلى الاستغراب في إنكار ألوهية السيد المسيح أن اليهودية والمسيحية والإسلام تعترف بجوهر لاهوته ككلمة الله، وأن به خلق الله العالمين وكل ما فيها، وأن جوهره روحي نازل من السماء مملوء من نور الحكمة والحياة، وتجسده الذي صار به إنسانًا يمشى بين البشر سر فائق ظهر في الحبل به وولادته من العذراء القديسة مريم خلافًا لما يجرى مع سائر البشر. ولذلك صارت العذراء مريم أفضل نساء العالمين، لأنها استحقت أن تحبل وتلد كلمة الله الأزلي بالجسد. والذي بتجسده صارت له أمومة أرضية ولكن ليست له أبوة جسدية.
إلا أنه قد يتلاشى هذا الاستغراب عندما ندرك العلة عند من ينكرون لاهوت المسيح، وهى رفضهم عطية الخلاص الذي قدمه الله للعالم بتجسد كلمته يسوع المسيح حسب ما تنبأ به الأنبياء من قبل مجيئه بأجيال كثيرة. لذلك ننتقل إلى أمر أكثر غرابة وهو كيف ترفض النفس عطية إلهية قدمها الله لها مجانًا من أجل تطهيرها وتقديسها وإعدادها للبنوة الإلهية والمواطنة السماوية! سعيدة هي النفس التي تتخلى عن كبريائها الفكري والإحساس ببرها الذاتي لأن الله حينئذ يفتح بصيرتها لتدرك احتياجها لخلاص الله في المسيح. ومن ثم يصبح التجسد الإلهي أمامها ضرورة يحتاج لها العالم وبذلك ينبغي عليها أن تسعى لكي تنال خلاصها فيه.
إن هذه النفس تظن أنها تدافع عن الله وعن كرامته عندما ترفض حقيقة تجسده وحقيقة آلامه وصلبه، ولكنها في الواقع تعاند إرادة الله التي تعرف أنها كانت أمرًا مقضيًا. وقد تممها الله من أجلها بالذات لكسر كبرياء برها الذاتي وهى لا تدرك هذا. والله قادر وحده أن يفتح بصيرتها لتدرك سر خلاصها فيه.
أما من جهتي فبعد إعلان المسيح ذاته لي، واعتراف الكل بأنه كلمة الله، وأنه نزل من السماء وتجسد وتأنس، وعمل أمام عينيَّ كل أعمال الله، وقام بتحريري وخلاصي، وقدم لي حياة أبدية. كيف لا أقر وأعترف به إلهًا فاديًا ومخلصًا. وكيف لا أعبده من كل قلبي؟
_____
الحواشي والمراجع :

(1) مقال تحت عنوان: الإنسان واللغة - الأهرام في 16/11/2001.

Mary Naeem 28 - 06 - 2014 01:04 PM

رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
 
هل تؤمنون بالله والمسيح؟ أليس هذا شركًا بالله؟
سؤال: إذا كان المسيح إلهًا، فإذًا أنتم تؤمنون بإلهين الله والمسيح وهذا هو الشرك بعينه!

الإجابة:
سبق وأكدنا أن إيماننا بالله هو أنه واحد لا شريك له خارجًا عن ذاته، ونؤمن أنه خالقنا وخالق كل الأشياء بكلمته المولود منه منذ البدء والقائم فيه منذ الأزل. وولادة كلمته منه لا تجعله إلهًا ثانيًا لأنها لم تفصِله عنه، لأنها ولادة روحية متصلة بدون انفصال كولادة النور من مصدر النور وكولادة الكلمة من العقل. كذلك لما أرسل الله كلمته متجسدًا لفداء العالم لم ينفصل عنه مثلما يرسل كلمته فتعمل عملها خارج العقل وهي قائمة في ودون أن تنفصل عنه، وكما يخرج النور من مصدره ويملأ كل مكان ولا ينفصل عن مصدره. هكذا كلمة الله يخرج من العقل الإلهي لكي يعمل عمله حسب إرادة الله دون أن ينفصل عنه الله لا بالولادة الأزلية ولا بالتجسد (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لذلك فالله وكلمته هما ذات واحدة وإله واحد وليسا اثنين، والوحدة قائمة بينهما. كما أن العقل الإنساني وكلمته هما واحد.وكل ما في الأمر أن الله غير المنظور يصبح منظورًا في كلمته المتجسد. كما أن العقل غير المنظور يصبح منظورًا في كلمته المتجسدة نُطقًا يُسمَع، أو كتابة تُقرأ، أو فِعلًا يُحَس وينُظَر. إذًا نحن نؤمن بإله واحد ناطق بكلمته صانع به الوجود وكل الخليقة.


الساعة الآن 04:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025