![]() |
رد: شرح مثل الابن الضال
فمن أنا ومن أنت!!
نحن مُجرد خطاة معجونين بشهوات وغرور فساد هذا العالم، والموت يسيطر علينا بالتمام ويحاصرنا من كل جانب بالظلمة، ولا يوجد مفر لنا منه، إذ قد ضاع منا المهرب، ولا نجد أمل فينا ولا رجاء أو حياة، وحسناً أن نعرف اننا هكذا نكون، لأن هذا هو حالنا فعلياً، فُجار مملوئين فسقاً، لكن لنا فرح آخر لا يعرفه كل من ينحصر في طبيعة إنسانيته الساقطة، لأن لنا أب فاتح ذراعيه يترقب عودتنا إليه بشغف ولهفة الأبوة، لأنه بمجرد رؤية نيتنا فأنه يحتضنا، لأنه يقبلنا كما نحن بدون تزويق ولا نفاق، بل كما نحن على علاتنا مهما ما كنا متورطين في الآثام والشرور القبيحة، فحينما يرانا نأتي إليه من بعيد يركض نحونا مسرعاً جداً لأننا نطلبه بكل قلبنا، فهو يُعطينا قبلة أبوية صادقة تُريح النفس المتعبة وتهدأ روعها وتُشعرها بالطمأنينة والأمان التي كانت محرومة منه، بل ولا تعرفه في تغربها عنه. |
رد: شرح مثل الابن الضال
أفأنت خاطئ وترى نفسك لا تستحق شيئاً إطلاقاً،
ومن المفترض أن يُحكم عليك بالموت الأبدي عن عدل، وترى دينونتك حاضرة أمام عينيك كل حين وكل وقت، فقط ارفع عين قلبك لله الحي وستجد قبلتك الخاصة تنتظرك من فم أبيك السماوي على الجبين، لأن كل واحد فينا له قبلته الخاصة من أبيه، لأن كلنا أعزاءه الأخصاء لأنه هو مصدر حياتنا، لأنه هو من جبلنا على غير فساد، والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمه بالظهور المُحيي الذي لابنه الوحيد، فلماذا إذاً نخاف أن نأتي لأبي الأنوار باسم خلاصنا: اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم، (لذلك) لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، فالآن في المسيح يسوع، أنتم الذين كُنتم قبلاً بعيدين، صرتم قريبين بدم المسيح؛ الذي برُوح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب، (لذلك فهو) يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي؛ (فأن) سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية. (متى 1: 21؛ عبرانيين 10: 9؛ أفسس 2: 13؛ عبرانيين 9: 14؛ 1يوحنا 1: 7) |
رد: شرح مثل الابن الضال
عزيزي القارئ، في واقعية حياتنا اليومية لم نرى أماً تتأفف من رائحة وسخ رضيعها،
ولا أب يُعطي لابنه حجراً حينما يطلب منه خبزاً، فكم يكون الله راعي الخليقة كلها، ماذا يفعل معنا نحن الأطفال الصغار المشاغبين الذين يعبثون بالإثم وهم لا يدرون ماذا يفعلون، ولا يدركون النتيجة المُفجعة لأعمالهم الطائشة، لأنهم مُغيبين عن الوعي كالسكارى في الحانة، لأن العالم كالحانة المملوءة من كل ما هو مُسكر يُصيب النفس بالغيبوبة، لأن العدو فيه يسقي الكل من خمره المغشوشة المؤذية للنفس، لأن بسبب ثقل الخمر ممكن أن يتعرى الإنسان ويُفضح ويظهر مترنحاً ويتصرف كالمجنون، طاعناً نفسه بأوجاع كثيرة لا يشعرها من ثقل تخدير حواسه، مثل الموجوع بسبب جرح غائر حينما يأخذ المسكن القوي فأنه لا يشعر بمدى آلامه المبرحة، وهذه مشكلة الخطية حينما تُخدر ضمائرنا وتجعلنا كالمعاتيه نتصرف بجنون غير مدركين أننا على مشارف الهاوية، لكن لولا رب الجنود ابقى لنا بقية لشابهنا سدوم وصرنا مثل عمورة. |
رد: شرح مثل الابن الضال
فالله أب بكل ما تحمله الكلمة من معنى،
مع أن ابوة الله أوسع بكثير واشمل مما نفهمه عن الأبوة، لأن أبوته تفوق أبوة البشر في معناها واتساعها، ولا مقارنة، وهذا كان إعلان ربنا يسوع في الإنجيل، إذ أظهرها في هذا المثل بالسرّ وأعلنها بوضوح في كلامه عن عطية الآب المُميزة، فثبت أبوته الفائقة من نحونا، والتي تحتاج أن نتحرك نحوها لتذوقها، لتتحول لخبرة في حياتنا الخاصة، لذلك ينبغي أن نقرأ معاً ما قاله الابن الوحيد الذي خبرنا عن الآب، لكي نأتي إليه ونرتمي في أحضانه كما حدث مع هذا الابن السعيد العائد إلى أبيه يطلب مأوى: وأنا أقول لكم اسألوا تُعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يُفتح له. فمن منكم وهو أب يسأله ابنه خُبزاً، أَفَيُعْطِيهِ حجراً! أو سمكة، أَفَيُعْطِيهِ حية بدل السمكة! أو إذا سأله بيضة، أَفَيُعْطِيهِ عقرباً. فأن كنتم وأنتم أشرار، تعرفون أن تُعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه. (لوقا 11: 9 – 13) |
رد: شرح مثل الابن الضال
هنا تظهر قوة التوبة الصادقة التي تحمل الحزن النافع للنفس، لأنه القائد لتوبة حقيقية، غير حزن الندم المؤسف الموجع للنفس وطاعنها باليأس، لأننا نجد كلام الابن هنا بعد عودته لأبيه وهو في حضنه متأثراً بقبلته الحانية المملوءة من حب أبوي حرك كل مشاعره الصادقة، مظهراً تأسفه مقدماً اعتذار شديد بقلب منكسر، لذلك مكتوب: ذبائح الله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره؛ قريب هو الرب من المنكسري القلوب، ويُخلِّص المنسحقي الروح؛ يشفي المنكسري القلوب ويُجبر كسرهم؛ الآن أنا أفرح لا لأنكم حزنتم، بل لأنكم حزنتم للتوبة، لأنكم حزنتم بحسب مشيئة الله لكي لا تتخسروا منا في شيء. (مزمور 51: 17؛ 34: 18؛ 147: 3؛ 2كورنثوس 7: 9)
ما بين انكسار قلب الابن وعودته وبين عمل التدبير الخلاصي المعلن في الإنجيل حسب مسرة مشيئة الآب الذي قال عنه المسيح الرب (لأن الآب نفسه يحبكم، لأنكم قد احببتموني وآمنتم إني من عند الله خرجت – يوحنا 16: 27)، لأنه مكتوب في المقابلة مع انكسار القلب ومشكلة الإنسان: روح الرب عليَّ، لأنه مسحني لأُبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأُنادي للمأسورين بالإطلاق، وللعمي بالبصر، وأُرسل المنسحقين في الحرية (لوقا 4: 18). |
رد: شرح مثل الابن الضال
ولنضع الآن مقابلة بين الآيات مع بعضها البعض (في الصورة التالية) لنرى بعيون الإيمان المفتوحة:
قوة الخلاص الفائق القائم على المحبة الأبوية الصادقة، وعلينا أن ننظر لهذا ونقرأه أفقياً أولاً، ثم رأسياً مع المقابلة رأسياً وأفقياً، لنرى هذا الحب ونرى عمل الله فينا. https://upload.chjoy.com/uploads/153909805555011.jpg
(أرجع إلى الرب – قريب هو الرب من المنكسري القلوب – أنا أشفي ارتداهم – لأن الآب نفسه يحبكم – كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا – هانذا افتح قبوركم واصعدكم – لأُنادي للمأسورين بالإطلاق – لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية – حمل الله رافع خطية العالم) ثم نضيف معهم أيضاً آيات أُخرى نقتبسها من أشعياء النبي ليتضح المعنى بشكل موسع ونعود نربطهم بالعهد الجديد مرة أُخرى: |
رد: شرح مثل الابن الضال
والآن نستطيع أن نُدرك لماذا الأب (في هذا المثل العظيم) حينما رأى ابنه من بعيد ركض نحوه وقبله، والابن اعترف بانكسار قلب في وداعة وتواضع شديد أمام المحبة الأبوية الفائقة الظاهرة في هذه القبلة التي هزت كل مشاعره الداخلية فاستشعر محبة أبوه الصادقة من نحوه. |
رد: شرح مثل الابن الضال
لذلك فأننا لا ندرك عمق اتساع المحبة الإلهية الصادقة ولن نعرف الله معرفة حقيقية،
إلا في حالة عودتنا الفعلية إليه (توبتنا)، لأننا سنراه يترفق بنا بصفتنا الخطاة الطالبين وجهه، لأنه دائماً يطلب ما قد هلك، لأن هو الذي يُشفي ارتدادنا ويُعطينا نعمة، ونفس ذات مشهد الابن نراه في صورة أخرى وضحها الرب نفسه في مقارنة بين الفريسي والعشار، ليُظهر عمله الخلاصي وتعامله مع النفوس.
|
رد: شرح مثل الابن الضال
التي لنا في المسيح يسوع، لأن الإنسان حينما يخيب من نعمة الله بسبب رغبات قلبة الخفية، ويتحمس من نحوها، وتسيطر عليه الظلمة فيسقط في درامة العصيان، ويبتعد عن حضن أبيه الصالح، متذوقاً موت الخطية ويحيا في نكد وهم وغم الآثام والشرور التي تحاصره بمشاكل لا تنتهي فتخنق فيه كل أمل ورجاء، فعند حافة الهاوية وعلى مشارف الموت المُحقق بسبب اليأس من النجاة، تقف نعمة الله لتتلقف النفس إذ تُثير فيها الذكريات المقدسة وحلاوة شركة القديسين في النور، وقوة مجد الابن الوحيد، فتُثير الحنين للحياة الأولى الشريفة، حياة البنوة وشركة المسيح الرب، وكما تذكر بطرس قول المسيح لهُ عند صياح الديك فخرج وبكى فتاب وعاد وصار بقوة أعظم، هكذا تُثار في النفس الذكريات المقدسة فتحن وتصرخ قلبياً: [كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ هَكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ؛أسرع، أجبني يا رب، فنيت روحي، لا تحجب وجهك عني فأشبه الهابطين في الجب؛ لا تخيب بسخط عبدك، قد كنت عوني فلا ترفضني ولا تتركني يا اله خلاصي] (مزمور 42: 1؛ 143: 7؛ 27: 9)، فتحضر النعمة مثل الإسعاف لنجدة المصاب، وتنتشل الإنسان وتطيب نفسه وتعالج جراحه وتُضمدها، وترفع الظلمة وتوجه نظره للقائم من الأموات المبرر للجميع، فتُشفى النفس وتبتهج وتفرح وترجع لرتبتها الأولى لذلك مكتوب: اذكر من أين سقط وتب، وأعمل الأعمال الأولى.
|
رد: شرح مثل الابن الضال
الاحتفال والتذمر https://upload.chjoy.com/uploads/15390970648911.jpg (1) الاحتفال
وهنا نجد موقف الأب الصالح من نحو ابنه، فالابن يظل ابناً بالنسبة لأبيه، فحينما يعود إليه لا بد من أن يسترد الحالة الأولى التي لهُ، وهي وضع البنين، لأن عمل الله هو أن يردنا لرتبتنا الأولى قبل السقوط، لأننا كلنا مخلوقين في الأساس على صورته كشبهة، وضعنا وضع بنوي وليس وضع العبيد، لأن العبد لا يأخذ شيئاً من صورة سيده، وليس فيه ملامحه الخاصة، لأنها موجودة فقط في البنين وحدهم، لأن الابن يسري فيه دم أبيه ولا بد من أن توجد ملامحه الخاصة فيه وذلك طبيعياً بصفته ابنه الحقيقي، لذلك فأن عمل المسيح الرب هو أن يخلقنا في نفسه خليقة جديدة، فيها ملامحه الخاصة، لأننا فيه نصير أبناء تلقائياً، لأن طالما هوَّ فينا ونحن فيه، وهو بطبيعته ابن الآب فعلياً، فنحن بالتبعية نصير أبناء فيه: [لأنكم جميعاً ابناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع؛ ثم بما انكم ابناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب] (غلاطية 3: 26؛ 4: 6) |
الساعة الآن 12:40 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025