![]() |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
المسيح ابن الله سؤال: لماذا تقولون أن المسيح إبن الله؟!الإجابة: كبداية، كلمة أو مصطلح "ابن الله" لا يعني الولادة الجسدية من الله -حاشا- ولا يعني أن الله له صاحبه كما يفهم بعض البسطاء.. ولكنه مصطلح لاهوتي، وها هو عرض عام له.. # المسيح إبن الله لحقيقتين:* الأولى: المسيح أصلًا هو كلمة الله المولود من الله منذ الأزل وقبل خلق العالمين. وحيث أن كل مولود هو إبن لِمَنْ ولده، فيكون المسيح هو إبن الله. لذلك كل من يؤمن أن المسيح كلمة الله فبالضرورة يؤمن أنه ابن الله. أما حقيقة أن المسيح كلمة الله فترجع إلى أن أول صفة تؤكد ألوهية الله هو أنه الخالق. وإذا لم يكن الله خالقًا ما استحق أن يكون إلهًا للكون! لأن إله الكون بالضرورة هو خالقه. والخلق لا يصدر إلا من قوة عاقلة والقوة العاقلة تخلق بالكلمة. إذًا الله كخالق هو قوة عاقلة وله كلمة هو قدرته الخالقة الصانعة. وكلمة الله قدرته الصانعة قائم في ذات الله ومولود منه منذ الأزل، وبه خلق الخلق وبع تعامل مع الأنبياء وبه بتجسده فدى العالم. فإن كان المسيح حسب اعتقاد الكل أنه هو كلمة الله فيكون مولودًا من الله، ومن ثم هو ابن الله بالضرورة. وهذه الحقيقة يؤكدها ويوضحها الإنجيل المقدس "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله. كل شيء به كان والكلمة صار جسدًا. الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خَبَّر" (إنجيل يوحنا 1:1-18). * والحقيقة الثانية: إنه لما جاء الوقت المناسب لخلاص العالم، نزل الكلمة من السماء وحلَّ في بطن العذراء مريم وولدته من غير أب بشري، فلذلك تُنْسَب بنوّته لله. إذًا المسيح هو ابن الله الأزلي بالطبيعة والجوهر ككلمة الله. وهو ابن الله المتجسد في الزمان من القديسة مريم. ونستنتج من هذا أن ابن الله ليس ولدًا ولده الله من زوجة أو امرأة كما يظن البعض، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.الأمر الذي لا يقول به ولا يعتقد به أبسط المسيحيين معرفة بدينه. لأن الله كما قلنا جوهرٌ روحي وكلمته جوهر روحي أيضًا. ولذلك ولادته ولادة روحية، وهى ولادة أزلية. أما تجسده من القديسة مريم وظهوره لنا في شخص المسيح فهو أمر حادث في الزمن بغرض قيام الله كما سبق وقلنا برسالة معينة هي خلاص العالم. إذًا المسيح وُجد في الزمن بتجسده، ولكنه هو السابق على الزمن في جوهره الروحي كابن الله الأزلي. وبنوة المسيح لله هذه إنما هي بنوة فريدة من نوعها ولا تضاهيها أو تناظرها بنوة أخرى في الوجود. لذلك يسمى المسيح كلمة الله "الابن الوحيد الجنس" monogenyc `Uioc ولا أحد من البشر يملك أن يدَّعى لنفسه ما هو للمسيح في أزليته وبنوته لله. لأن جميع البشر حادثون في الزمن لأنهم مخلوقون من أب وأم بشرييْن، ولا تنطبق على أحد منهم صفة البنوة لله أو صفة الأزلية أو أنه موجود قبل الخلق. وإن صار ادعاء بوجود مثل هذا الإنسان لصار المؤمنون به يؤلهونه، ومن ثم يصيرون مشركين بالله. وفي الاعتراف بالمسيح ابنًا لله مجد وغنى عظيم. فقد أعلن لنا الكتاب أن "من اعترف بيسوع المسيح هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله" (1يو15:4). كما أعلن أيضًا "كل مَنْ ينكر الابن ليس له الآب أيضًا. ومن يعترف بالابن فله الآب أيضًا" (رسالة يوحنا الأولى 23:2). وهذا يعني أن من يؤمن بابن الله فإنه ينال عطية أبوة الله. ومن لا يؤمن بابن الله فسيخسر أبوة الله له وهي خسارة عظيمة. لأنه فرق كبير بين إيماني بالله كخالق فقط وسيد كل الخليقة فلا أعدو بإيماني هذا أكثر من أن أكون أحد مخلوقاته مثل البحر والجبل والشجرة والبهيمة، وبين إيماني به كأب يمتعني بأبوته لي. لأنه إن كان الله أبي فأنا ابنه. وإن كنت ابنًا لله فأنا أعظم وأغنى من كل أبناء رؤساء وملوك الأرض. ولكن ليس غنى وعظمة أرضيين إنما غِنى ميراث أبدي لا يفنى ولا يتدنَّس ولا يضمحل محفوظٌ لي في السماء (رسالة بطرس الرسول الأولي 4:1). |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الفصل الثالث: التجسد، والفداء بالصليب
|
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل التجسد يليق بكرامة الله؟! سؤال: كيف يتجسد الله في صورة إنسان؟! وهل هذا يليق بكرامته؟الإجابة: أولًا: إن التجسد سر عظيم ذكرته اليهودية و المسيحية و الإسلام، عندما تكلمت عن ولادة كلمة الله من العذراء مريم. وهو سر لأن ولادة المسيح كلمة الله من مريم بدون رجل هو أمر يفوق العقل. لأنه على خلاف الطبيعة، ويؤكد أنه عمل إلهي لا يقدر عليه سوى الله الخالق. وإن كان التجسد يخص قدرة الله وتدبيره، فليس للبشر أن يتعالوا بفكرهم لكي يفحصوا أعمال الله أو يعترضوا على تدبيره الذي تمَّ بقضاء منه. ثانيًا: إن كان الله موجودًا بذاته إلا أنه موجود في كل موجود. لذلك لا يضيره أن يكون في صورة إنسان. ثالثًا: إن طبيعة الله اللاهوتية أقوى من طبيعة النار، وبهذه الطبيعة يُطهِّر ويُقدِّس الإناء الجسدي الذي يتحد به ولا تلصق به أدناس هذا الإناء. وذلك كما تتحد الشمس بالنفايات فتطهرها ولكن قذارتها لا تلصق بها. رابعًا: إن كان التجسد لا يليق بكرامة الله. ولكن الله رأى أنه ضرورة من أجل خلاص البشر، وقد قبله على نفسه من أجل خلاصهم وإن دل هذا على شيء إنما يدل على عظيم محبته لهم وفائق اتضاعه من أجلهم. ولعله أمر يدعو إلى العجب أن الله عندما أراد أن يتقرب إليَّ بمحبته ويفكني من قيودي ويحررني من عبوديتي أن أحاسبه وهو الله على الوسيلة التي اتخذها لخلاصي أو أن أستنكرها! |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
كيف يحد الجسد المحدود الله غير المحدود؟! سؤال: كيف أن الله الغير محدود يصير في جسد محدود؟الإجابة: إن الله لا يتجسد بذاته، ولكن كلمة الله هو الذي له خاصية التجسد. وهو يتجسد ليعمل عمله في الطبيعة أو مع الإنسان، وحيث أنهما أي الطبيعة والإنسان مخلوقات محدودة؛ فلابد أن يكون تجسده فيهما بصورة محدودة كذلك. لذلك كلمة الله يتجسد في فعل أو في قول أو بصورة إنسانية، تمامًا مثل العقل الإنساني الذي يتجسد في كلمته: مقروءةً أو مسموعةً أو مترجمةً في فعل منظور ومحسوس. وكما أن العقل الإنساني كلمته لها خاصية التجسد فهكذا أيضًا كلمة الله. وتجسد الله في أي صورة من هذه الصور لا تحِد لاهوته، لأن قدرته تظهر في كل صورة حسب غاية وجودها. فهو يحدد الصورة التي يُظهِر فيها قوته الخالقة ولكن الصورة لا تحده. وفي علاقة الله بالعالم ظهر بصورة محدودة في كل مخلوقاته وفي علاقاته بالأنبياء. حيث ظهر بلهيب نار في شجرة عليقة، وفي عمود سحاب ونور، وظهر كثيرًا في صورة شبه إنسانية. لذلك لم يكن غريبًا أن يظهر للعالم بصورة إنسانية كاملة. وإن كان الله جوهره نور؛ فكما أن النور خاصيته الانتشار ويملأ المكان الذي يحل فيه دون أن يحده المكان. هكذا الله حلَّ بلاهوت كلمته في بطن العذراء مريم واتحد بجسد كامل منها دون أن يحد هذا الجسد لاهوته. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الحاجة إلى التجسد الإلهي سؤال: لماذا يتجسد الله في صورة إنسان؟!الإجابة: أولًا: إن كان الله سيقوم بعمل يتحتم معه أن يعيش بين الناس ويكون له صلة مباشرة بهم ويتعامل معهم وجهًا لوجه، فهذا يتطلب أن يظهر في صورة إنسانية من اللحم والدم، تتناسب مع طبيعة الإنسان، حتى لا يشعر الإنسان بخوف أو باستغراب في التعامل معه وحتى يتقبل رسالته. وكثيرًا ما تعامل الله بشبه الصورة مع رجال العهد القديم. أما تجسده بكمال هذه الصورة فقد أعلنه لهم فتنبأوا عنه، وكان لا بُدّ أن يتم هذا التجسد في الوقت المناسب. ثانيًا: إن الإنسان هو أسمى مخلوقات الله إذ صنعه على صورته ومثاله وجعل فيه نسمةً من فيه ولم يكن أنسب من هذه الصورة لكي يظهر بها الله ويتعامل بها مع الإنسان. ثالثًا: كان تجسده من أجل القيام برسالة عامة لكل العالم، وهي رسالة الخلاص والفداء، التي تحتم على من يقوم بها أن يجمع في شخصه بين الإنسان والله. وحيث أنه لا يقدر إنسان أن يصير إلهًا، ولكن الله قادر على كل شيء فهو قادر أن يتحد بالإنسان من أجل صالح الإنسان، ولذلك تمم تجسده بإنسانية كاملة لكي يتمم خلاص الإنسان. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الخلاص في المفهوم المسيحي سؤال: ما هو الخلاص الذي تتكلمون عنه؟!الإجابة: اليهودية Judaism والمسيحية Christianity والإسلام Islam يؤمنون بأن الله خلق الإنسان على أحسن تقويم دون عيب أو شر، وكان مقامه في جنة، وكان على علاقة طيبة بالله، وأن الشر دخل إلى الإنسان بغواية إبليس، فتغيرت حياته بالكامل كما تغيرت علاقته بالله. وهذه كانت شهوة إبليس إذ أنه عندما رأى الصورة الكاملة التي خُلِقَ عليها الإنسان ومجد علاقته مع الله، حسد الإنسان على كماله ومجده اللذين كانا له (أي لإبليس) أصلًا من قبل سقوطه. لذلك عمل على إفساد علاقة الإنسان بالله، وبحيلته ودهائه استطاع أن يُسْقِط الإنسان في العصيان، ويخرجه عن طاعة الله، ويجلب عليه غضبه ويوقِعه تحت طائلة العقاب الإلهي. أما نتائج السقوط فكانت انفصال الإنسان عن الله، طرده من الفردوس Paradise، عبوديته لإبليس، وقوعه تحت سلطان الخطية، خضوعه لحكم الموت الأبدي، مصيره المحتوم إلى الهاوية مكان الظلمة وانتظار العذاب. هذه الصورة المحزنة التي وصل إليها الإنسان بسبب انفصاله عن الله، وعبوديته لإبليس والخطية والهاوية والموت الأبدي، تشير بقوة إلى مدى احتياجه لمن ينقذه ويخلصه منها ويُرجِع إليه صورته الأولى، وهذا ما نطلق عليه حاجة الإنسان إلى الخلاص. والخلاص هنا يعني التحرير والعتق من العبودية. والمستعبِد الرئيسي هنا هو الموت الذي تسلط على جميع البشر، والذي أصبح السلاح في يد إبليس الذي يشتكي به أمام الله على جنس البشر بسبب خطاياهم وتعدياتهم. فإذا سقط هذا السلاح من يد إبليس فسوف تنكسر شوكته وينعدم سلطانه على أرواح البشر التي كان يتلقفها بعد خروجها من أجسادها ليلقي بها في الهاوية والجحيم السفلي. وقد جاء السيد المسيح إلى العالم وتمم هذا الخلاص بإبادته الموت بموته نيابة عن كل البشر. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
علاقة موت المسيح بخطية الإنسان وخلاصه سؤال: ما هي علاقة موت المسيح بخطية الإنسان و خلاصه؟الإجابة: 1- إن كانت الخطية تفصل الإنسان عن الله، وتسبب له الموت الأبدي. ولا سبيل للعودة إلى الله ونوال الحياة إلا بمغفرتها. فيكون أوجب شيء للعودة إلى الله عون مغفرة الخطية التي بها يتصالح الإنسان مع الله وتعود علاقته به. 2- ليس من له سلطان على مغفرة الخطية سوى الله وحده، لأن الخطية موجهة في الأصل إليه وحده. وإذ هو رحوم غفور فإنه يغفر. وإذ هو عادل أيضًا فلابد أن تكون مغفرته بمقتضى عدله. أي لا بُدّ أن يقتص من الخاطئ حال خطيته تمامًا مثل حال بره طالما لم نله قصاص عن خطئه. ولاستوى الخاطئ أيضًا مع البار في المعاملة على الاستمرار في خطئه ومحبطًا للبار في بره. وإن كان البشر في دعوتهم إلى السلام والمصالحة يشترطون أن يكون سلامًا وصلحًا مبنيين على العدل. فليس أقل على الله من أن يقيم سلامه مع الإنسان على عدله خصوصًا عندما يخطئ الإنسان إليه ويعصى وصاياه. 3- إن خطية واحدة تستحق موت صاحبها. فكم هي الخطايا التي يرتكبها الإنسان، ثم كم هي خطايا ملايين البشر. ومن ثم كم هي عدد الميتات التي تستحقها البشرية كلها. وإن كانت أجرة الخطية هي الموت حسب تصريح الكتاب (رومية 32:6). وحسب ما أنذر الله به آدم قبل سقوطه (سفر التكوين 17:2). فلا ثمن لها يغفرها سوى الموت. ولا موت يتسع لرفع حكم الموت عن هذه الأعداد التي لا تُحصى من البشر، بل الأعداد التي لا تحصى من خطاياهم سوى موت كائن غير؛ أي سوى الله نفسه غير المحدود. والله روح غير قابل للموت، ولذلك لا بُدّ أن يتجسد لكي يقبل الموت في جسده. ولابد أن يتأنس لكي ينوب عن الإنسان بموته. 4- وحيث أن الله لا يمكن أن يتجسد بذاته، فلذلك كلمته المساوي له والذي يمكن أن ينوب عنه، والذي له خاصية التجسد، تجسد بحلوله في بطن العذراء مريم وولادته منها. وبهذا التجسد صار ممكنًا له أن يذوق الموت وصار مناسبًا أن يكون موته قانونيًا في خلاص الإنسان وذلك لأنه جمع في ذاته صورة الإنسان الذي يستحق الموت والله الذي به يحمل قوة قادرة على صفح ومغفرة لا نهائية لخطايا جميع البشر في كل زمان ومكان. إذًا كلمة الله بتجسده وتأنسه وتقديم ذاته للموت قدَّم غفرانًا للخطايا ورفعًا لحكم الموت وإعادة للحياة لكل العالم. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل كان من الممكن أن يغفر الله لآدم مباشرة بدون الحاجة إلى التجسد والفداء؟ سؤال: ماذا لو أن الله غفر لآدم دون الحاجة إلى تجسد كلمته وموته؟الإجابة: لو كان الله قد غفر لآدم خطيته لصار هذا مبدأ لدى الله أن يغفر لمن يخطئ دون جزاء أو عقاب ولاستوى حال الإنسان في بره وخطئه، كما استوى حال الأبرار مع الأشرار، ونتج عن هذا: 1- تمادي الأشرار في شرورهم حيث لا يوجد عقاب رادع. ومن ثم يزيد الشر والأشرار في العالم وينعدم اطمئنان الإنسان على حياته في مجتمع مملوء بالشرور والجرائم. 2- إحباط الأبرار في برهم وتشجيعهم على انتهاج الشر لشعورهم بأن الله ظالم إذ يستوي لديه الشرير مع البار. وإذ تحول الأبرار إلى أشرار لأضحى الله إلهًا على خليقة كلها شر وفساد. 3- لم يكن لله أن يغفر خطية سبق أن حدد عقابها من قبل وقوعها. وإلا لا تكن له كلمة ثابتة فيه ولعرَّض الإنسان على عدم الصدق في أقواله ولانعدم سلطانه على الإنسان. 4- عندما نطالب الله بمغفرته خطية الإنسان من أجل رحمته به مع إغفال عدله في معاملته للإنسان، فإننا نخرج عن الإيمان بكمال الله في صفاته. إذ كما هو رحوم فهو عادل أيضًا. وكمال الصفات يظهر في الممارسة والمعاملة أي في التطبيق العملي لها، وليس في مجرد الإقرار بوجودها في ذات الله. فالذين يطالبون الله بمغفرته للخطية دون قصاص فإنهم يتجاوزون منطق العقل والعدل، ويهينون الله بانتقاص صفاته ولا يكرمونه. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
لماذا كان عقاب الخطية هو الموت؟ سؤال: لماذا كان عقاب الخطية هو الموت؟الإجابة: لأن الخطية تحمل الموت في طبيعتها: 1- فالخطية والله في طرفيّ نقيض. فالخطية ظلمة ودنس ومادية جسدية، أما الله فنور وقداسة وروحانية. والنقيضان لا يجتمعان أي أن الخاطئ والله لا يجتمعان. إذا من يخطئ يفصل نفسه عن الله فيصير في موت لأنه انفصل عن الله مصدر حياته. 2- والخطية باعتبارها تعدٍّ على وصايا الله فهي تحمل عدم اعتبار لسيادة الله وسلطانه الذي يوجب طاعته والخضوع لوصاياه. وعدم الاعتبار هذا يحوي في داخله كبرياء الإنسان وتعاليه على الله ووضع نفسه ندًا له ونظيرًا مستقلًا عنه. وهذا الكبرياء يفصل الإنسان عن الله مصدر حياته يصير الإنسان في موت. 3- كما تحمل الخطية أيضًا عدم إدراك محبة الله فيما أعطاه من وصايا. فالله باعتباره خالق الإنسان، والذي يخلق كائنًا يحيطه برعايته، ومن واجبات الرعاية التوجيه والإرشاد والتزويد بالنصائح اللازمة لحفظ الحياة. فيكون إعطاء الوصية نابعا من محبة الله للإنسان ومن واجبات رعايته له. لذلك من يهمل هذه الوصايا أو يعصاها فإنه يشير إلى أنه لم يدرك بعد محبة الله له في إعطائه الوصية لرعايته أو أنه هو بذاته لا يحب الله، لأنه لو كان يحبه لصار حريصًا على حفظ وصاياه. ومن لا يحب الله أو لا يحس بمحبة الله له فلا سبيل لتعايشه معه. ومن ضل معايشة الله ضل طريق الحياة، ومن ثم يحيا في موت. 4- كذلك تحمل الخطية عدم استساغة وصايا الله للحياة بها بسبب مستواها الروحاني السماوي. وذلك نتيجة الاكتفاء بمستوى الحياة العادية والجسدية والارتياح لها، وعدم التطلع أو الطموح إلى حياة الروح الكامنة في الوصية، والتي تعد النفس للحياة في السماء مسكن الأرواح الملائكية وأرواح الأبرار والقديسين. فمن لا يقبلون حياة الروح فسوف لا تناسبهم حياة السماء. وإن كانت السماء هي مسكن النور مع الله وملائكته فخارجها تكون الظلمة وهي مسكن الأبالسة حيث الموت الأبدي. 5- وتحمل الخطية أيضًا عدم قبول وصايا الله لأنها تتمركز جميعها حول المحبة،أما الخطية فهى أنانية وتمركز حول الذات لإشباعها وتضخيمها بغير حدود. والأنانية وتضخيم الذات لا تتفق مع الحياة في وسط السمائيين حيث المحبة والخدمة وإفناء الذات. ومَن لا يحتمل حياة المحبة والخدمة لا يقبل بطبيعته الحياة في السماء، فلا يكون له نصيب فيها ويكون نصيبه خارجها، وخارج السماء لا توجد حياة بل موت. 6- وإن كانت الخطية تقوم بجملتها في العصيان، فالله لا يقبل العصاة والمتمردين على وصاياه في ملكوته السماوي. لأنهم إن كانوا هم هكذا في تمردهم وهم على الأرض، فسوف يكونون كذلك في السماء. وخصوصًا أنهم بعصيانهم لله يكونون قد باعوا أنفسهم لإبليس واستغنوا به عن الله خالقهم. ومن باع أبوه الله واستطاب صُحبة إبليس فسوف تدون صُحبته له في النار الأبدية وهذا هو الموت الأبدي. من كل هذه النتائج التي للخطية والناجمة عن عصيان وصية الله، يتضح كيف تحمل الخطية الموت في ذاتها. وكأن حكم الله بالموت على الخاطئ إنما هو تقرير من الله للنتيجة الحتمية للخطية وليس حكمًا جائزًا من الله على الخاطئ. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
لماذا الله هو الذي يموت عن العالم؟ سؤال: لماذا الله هو الذي يموت عن العالم؟الإجابة: لأسباب أولها: إن الذي يموت عن العالم لا بُدّ أن يكون بلا خطية. لأنه لا يصلح أن يموت خاطئ عن نفسه أو عن خاطئ آخر. لأن أي خاطئ هو مديون بخطيته ومحكوم عليه أصلًا بالموت. وحيث أن جميع البشر أخطأوا حتى الأنبياء، فلا يصلح واحد منهم أن يموت عن نفسه ولا عن آخرين. ثانيًا: عندما أخطأ الإنسان كانت خطيته موجهة إلى الله، لأنها كانت خروجًا عن طاعته. ولا يفي الله حقه سوى كائن معادل لله. وليس من البشر من هو معادل لله. ثالثًا: حيث أن خطية الإنسان الأول سرت في ذريته جميعها فلا يوجد إنسان يستطيع أن يموت من أجل البشر جميعهم. إذًا، حيث يوجد إنسان بلا خطية أو يرتقي إلى مستوى الله ليوفيه حقه أو يحمل صفة اللانهائية لكي يموت عن خطايا الأعداد التي لا تُحصى من البشر، وحيث أن الله وحده هو الذي بلا خطية والمكافئ لذاته واللانهائي فيكون هو القادر وحده أن يموت عن العالم. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
كيف يموت الله وهو الحي القيوم؟ المجتمع: كيف يموت الله وهو الحي القيوم؟ المسيحي: إن الله حقًا حي لا يموت، وهو قائم بذاته، وعلة قيام كل حى. ولكن إذ أصبحت هناك حاجة لغفران الخطية بموت مَنْ هو مثل الله ولا يكافئ الله غير ذاته وكلمته. لذلك تمم لنا تجسده وتأنسه في كلمته الذي من طبعه ومن جوهره. وبتجسد الكلمة وتأنسه صار قابلًا للموت. ولكن الذي ذاق الموت هو جسد بشريته وليس لاهوته لأن اللاهوت لا يموت. لذلك صار الموت لكلمة الله معنويًا من أجل اتحاده بجسد. ومما سبق نستنتج حقيقة أن الله مات بمعنى ولم يمت بمعنى آخر. فهو لم يمت بلاهوته ولكن انطبق عليه وضع الموت لاتحاده بجسد بشرى ذاق به الموت. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل كان من الممكن أن يغفر الله لآدم مباشرة بدون الحاجة إلى التجسد والفداء؟ سؤال: ماذا لو أن الله غفر لآدم دون الحاجة إلى تجسد كلمته وموته؟الإجابة: لو كان الله قد غفر لآدم خطيته لصار هذا مبدأ لدى الله أن يغفر لمن يخطئ دون جزاء أو عقاب ولاستوى حال الإنسان في بره وخطئه، كما استوى حال الأبرار مع الأشرار، ونتج عن هذا: 1- تمادي الأشرار في شرورهم حيث لا يوجد عقاب رادع. ومن ثم يزيد الشر والأشرار في العالم وينعدم اطمئنان الإنسان على حياته في مجتمع مملوء بالشرور والجرائم. 2- إحباط الأبرار في برهم وتشجيعهم على انتهاج الشر لشعورهم بأن الله ظالم إذ يستوي لديه الشرير مع البار. وإذ تحول الأبرار إلى أشرار لأضحى الله إلهًا على خليقة كلها شر وفساد. 3- لم يكن لله أن يغفر خطية سبق أن حدد عقابها من قبل وقوعها. وإلا لا تكن له كلمة ثابتة فيه ولعرَّض الإنسان على عدم الصدق في أقواله ولانعدم سلطانه على الإنسان. 4- عندما نطالب الله بمغفرته خطية الإنسان من أجل رحمته به مع إغفال عدله في معاملته للإنسان، فإننا نخرج عن الإيمان بكمال الله في صفاته. إذ كما هو رحوم فهو عادل أيضًا. وكمال الصفات يظهر في الممارسة والمعاملة أي في التطبيق العملي لها، وليس في مجرد الإقرار بوجودها في ذات الله. فالذين يطالبون الله بمغفرته للخطية دون قصاص فإنهم يتجاوزون منطق العقل والعدل، ويهينون الله بانتقاص صفاته ولا يكرمونه. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
لماذا تقولون أن الصليب كان هو طريقة موت المسيح؟ سؤال: لماذا تصرون على أن الموت كان بالصليب؟!الإجابة: ليس هو إصرار بل هو حقيقة بدليل أن الصليب Holy Cross عَلَم جميع المسيحيين في كل أرجاء العالم. وقد كان الموت بالصليب بالذات لأسباب: أولها: أن ميتة الصليب تحاصر كل كيان الجسد من الرأس من فوق إلى أخمص القدمين من تحت، ومن أقصى طرف الذراع اليمنى إلى أقصى طرف الذراع اليسرى، مما يعني صلب جسد الخطية بكليته ليستوفي قصاصه. ثانيًا: لأن الذي يموت على الصليب يكون مرفوعًا عليه، وعلى مرأى من كل عين، حيث يكون الصليب عادى في مكان مرتفع، وبذلك يكون موته ظاهرًا حتى يصير خلاصًا مُعلنًا لكل البشر. ثالثًا: لإمكان الربط بين الأحداث العظيمة العتيدة أن تحدث وبين شخص المسيح المعلق على الصليب والظاهر أما الجميع وذلك لإظهار مجد لاهوته. وهذا قد تم فعلًا؛ إذ عندما أظلمت الشمس وتزلزلت الأرض والصخور تشققت، انفتحت بصيرة اللص اليمين على حقيقة المصلوب وناداه قائلًا: "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك". كذلك قائد المائة الوثني الذي طعنه بالحربة قال: "حقًا هذا كان ابن الله". رابعًا: لإظهار كمال صفاته الإلهية، لأنه بالصليب برهَن على محبته اللامتناهية حيث قدَّم أقصى ما يمكن تقديمه من بذل الذات، كما ظهر اتضاعه بقبوله موت الصليب الذي كان أشنع ميتة إذ كان وسيلة قتل المجرمين، وكذلك رحمته الواسعة في مغفرة الخطية بغفرانه للص الذي أعلن إيمانه به. وأيضًا قداسته الكاملة بصفحه ومسامحته للذين جدَّفوا عليه، وتوكيده لكمال ذاته الإلهية بتوافق مشيئته بالتمام مع مشيئة الآب في قبوله الصليب، وإعلانه أنه الحق وهو على الصليب بترجمة كل تعاليمه من مسكنة الروح والوداعة والرحمة والنقاوة وصنع السلام واحتمال الآلام وقبول التعيير إلى سلوك واقعٍ حيٍ. وإذ أعلن أنه الحق صار نورًا هاديًا ومرشدًا للعالم بأقواله وأعماله معًا. وإن كانت هذه كلها هي ثمار الصليب، فليست هناك أسباب أمجد من هذه ليكون الصليب وسيلة الخلاص(1). لقد كان الموت بالصليب يُعتبر عارًا، فاختار الرب أشنع الميتات وأكثرها عارًا في ذلك الزمان. ولذلك في (رسالة العبرانيين 12: 2)، يقول الرسول عن الرب إنه "أحتمل الصليب مستهينًا بالخزي".. إذن في الصليب خزي. ولهذا يقول "فلنخرج إليه إذن خارج المحلة حاملين عاره"، لأن الصليب كان معتبرًا عارًا. وفي العهد القديم، كان الصليب يُعتبر لعنة، إذ قيل "ملعون كل من عُلق على خشبة". والسيد المسيح أراد بالصليب أن يحمل كل اللعنات التي وقعت على البشرية، وأشار إليها الناموس (سفر التثنية 28). لكي يمنحنا بركة، ولا تكون هناك لعنة فيما بعد. وكان الصليب يعتبر عثرة بالنسبة لليهود (رسالة كورنثوس الأولي 1: 18). فاختار المسيح هذا العار، وحول الصليب إلى قوة .. وكان الصليب أيضًا من أكثر أنواع الموت إيلامًا، إذ تتمزق في أنسجة الجسد بطريقة مؤلمة جدًا، كما يجف الماء الموجود في الجسد لكثرة النزيف والإرهاق الجسدي. والمسيح بهذا حمل الآلام التي كانت تستحقها البشرية. والصليب كان ميتة يرتفع فيها من يموت على الأرض، وهكذا قال المسيح "وأنا إن ارتفعت اجذب إليَّ الجميع". وهكذا كما ارتفع على الصليب، ارتفع إلى المجد في صعوده، ورفعنا عن مستوى الأرض والتراب بصلبنا معه.. وكان في موته باسطًا ذراعيه لكل البشرية، إشارة لقبلوه الكل. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل حقًا شُبِّه لهم؟! هل صُلِبَ يهوذا بدلًا من المسيح كما يقول القرآن؟ سؤال: ما رأيكم في أن الذي صلب هو يهوذا تلميذ المسيح وليس المسيح نفسه؟! الإجابة: إن المسيح لم تكن شخصيته مجهولة في المجتمع اليهودي، لأنه كان يجول في كل مدينة وقرية يكرز بملكوت الله، وصنع مع الشعب معجزات لا يُحصى عددها، وكانت تجتمع إليه ألوف من البشر لكي تستمع إلى تعاليمه. ثم إنه قَبْل الصليب مَرَّ بخمس محاكمات أمام ولاة مثل هيرودس وبيلاطس، وأمام رؤساء الدين مثل حنّان وقيافا رؤساء الكهنة وبعد هذه المحاكمات وقف بيلاطس والي اليهودية أمام جموع الشعب وخَيَّرهم بين تسليم المسيح لهم ليُصلَب وبين باراباس اللص، وعندما طلبوا صلب المسيح سلَّمه بيلاطس إلى جند الرومان ومرَّ بمراحل الجلد واللكم والتعيير و إكليل الشوك، وأخيرًا سار في طريق الآلام حاملًا الصليب تحت حراسة مشددة إلى أن بلغ مكان الجلجثة وهناك سمّروه ورفعوه على الصليب وكان في رفقته في طريق آلامه حتى مكان صلبه أمه مريم ويوحنا الحبيب وبقية المريمات. وهو على الصليب نطق بكلمات لا ينطق بها لسان بشري. فمتى اندس يهوذا في هذا المشوار العلني المكشوف أمام كل بشر ليضع نفسه مكان المسيح؟! وكيف أن يهوذا بعد خيانته يفعل هذا؟ ويا ترى لِمَنْ سَلَّم يهوذا نفسه لكي يُصلَب عِوَضًا عن المسيح. وهل لو كان يهوذا هو الذي صُلِبَ كانت تحدث كل مظاهر الطبيعة التي قال بسببها "ديونيسيوس الأريوباغي" العالِم الفلكي "لابد أن إله الطبيعة يتألَّم الآن". إن رواية يهوذا هذه هي فرية ضد المسيحية لا يصدقها عقل إنسان |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل الآلام تليق بالله؟! سؤال: إن الآلام المزرية التي مرَّ بها المسيح حتى ميتة الصليب، هل تليق بإله متجسد؟الإجابة: الحقيقة الأولى: أن هذه الآلام بكل ما تحمله من صورة مزرية وعار وتحقير حتى موت الصليب هي أجرة الخطية التي يرتكبها البشر. ولا يدرك شناعة الخطية وما تستحقه من عقاب إلا مَن يتأمل فيما تفعله الخطية من تدنيس للنفس والجسد وإفساد هيكل الله الذي هو جسدنا وفي جسامة إساءتها إلى جلال الله وقداسته. لأن جميع خطايا الإنسان موجهة إلى شخص الله ذاته قبل أي كائن آخر. كما قال داود النبي "لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت" (مز51: 4). الحقيقة الثانية: إن آلام الصليب بكل ما فيها من عار لا تزيد في وضاعتها عن وضاعة تجسده بالنسبة لعظمة مجده. فإن كان التجسد بركة وتكريمًا وشرفًا لعالمنا هذا، لكن بالنسبة لكلمة الله يقول عنه معلمنا بولس "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله. لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 6-8). فماذا بعد أن صار الله في صورة عبد؟ وإن كان قد أخذ صورة العبودية لغرض خلاص البشر فلا اعتراض على ما جاز به من ألم وعار. الحقيقة الثالثة: إن هذه الآلام بتنوعاتها المختلفة من أدبية ونفسية وروحية وجسدية كلها ضرورية لإيفاء العدل الإلهي حقه في قصاص الخطية من آدم وذريته. الحقيقة الرابعة: إنه من أجل فائق محبة الله للجنس البشري، هان عليه كل شيء من أجل إنقاذهم من أنياب إبليس، ورفع حكم الموت عنهم، وإرجاع شرف البنوة الإلهية لهم، ورَدّ ميراثهم الأبدي لهم. وإن كان قد اقتضى الأمر أن يعمل أكثر من ذلك لعمل. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
دلائل قيامة المسيح سؤال: هل لديكم دليل على قيامة المسيح من الموت؟الإجابة: الدليل الأول: القبر الفارغ الباقي إلى اليوم والخالي من عظام الأموات والذي يشهد بقيامة المسيح Resurrection of Jesus Christ. والذي رتَّب الله أن يغزو الإمبراطور تيطس الروماني أورشليم عام 70 م فتشتت اليهود حتى لا تكون لهم الفرصة أن يطمروا قبر المخلص وبقية المعالم المقدسة مثلما طمروا خشبة الصليب تحت كيمان الجلجثة وحوَّلوه إلى مقلب قمامة، إلى أن حضرت القديسة هيلانة أم الملك قسطنطين في القرن الثالث الميلادي وأزالت كيمان الجلجثة واكتُشِفَت خشبة الصليب المقدسة. الدليل الثاني: بقاء كفن المسيح إلى اليوم، والذي قام فريق من كبار العلماء بدراسته أكثر من مرة ومعالجته بأحدث الأجهزة الفنية وأثبتوا بيقين علمي أنه كفن المسيح. ولترتيب الله أن يكون عدد من فريق العلماء هذا من اليهودالذين ينكرون صلب المسيح بل ومجيء المسيح كليّةً. وبقاء الكفن مع عدم بقاء جسد صاحبه دليل على أن صاحبه قام من الموت. الدليل الثالث: ظهوره لكثيرين ولتلاميذه بعد قيامته. ولولا تأكدهم من قيامته لما آمنوا ولما جالوا في العالم كله ينادون بموته وقيامته. وقدموا حياتهم على مذبح الشهادة من أجله. ولما قبلنا نحن أصلًا الإيمان بالمسيح كما يقول معلمنا بولس "إن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا، وباطل أيضًا إيمانكم، ونوجد نحن أيضًا شهود زور لله" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل 15،14:15). الدليل الرابع: ظهور نور من قبر المسيح في تذكار قيامته كل عام. الأمر الذي يؤكد أن الذي كان موضوعًا في القبر ليس جسدًا لإنسان بل لإله متجسد. وهو دليل يجدد نفسه كل عام لكي يكون شهادة حية دامغة أمام كل جاحد منكر لقيامة المسيح. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الصليب.. هل نكرمه أم نعبده؟! سؤال: نحن لا نقبل إكرامكم للصليب الذي تقولون إن المسيح صلب عليه. وكيف تعبدون خشبة؟الإجابة: نحن لا نعبد الصليب Holy Cross ولكننا نقدس الصليب لأنه أعظم علامة لمحبة الله لنا. أما موضوع هذه المحبة فيتلخص في سقوط الإنسان في الخطية بغواية إبليس، والله دبر خلاصه بالصليب بتجسده. وأصبح الصليب وسيلة للغفران والتقديس. ومتى تطهر الإنسان وتقدس أمكنه أن يتعايش مع الله القدوس في سمائه في الحياة الأخرى. وهي حكمة الله أن يتمم خلاص العالم بالصليب كما معلمنا بولس "الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر. لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (رسالة كورنثوس الأولى 8،7:2). والصليب بهذا الخلاص يحمل أسرارًا كثيرة لقوة الله، إذ به هزم الشيطان والموت والخطية والهاوية والعبودية؛ وهذا سبب محبتنا للصليب وتقديسنا له. بل إن الصليب له أهمية كبيرة في حياتنا، وعلامته وقوته تفارقنا ليلًا ونهارًا. إذ نحن لا نبدأ عملًا إلا برشم الصليب ونرشم علامته على ما نأكله وما نشربه. ونرشمه قبل ومنا وعند استيقاظنا. ونرشمه لحلول البركة ولطرد الشياطين والأفكار الشريرة وإخماد الشهوات والميول الشريرة والانفعالات الخاطئة، ولإبطال مفعول السموم والميكروبات التي لا نعرف مصدرها، ونشربه في مواجهة المخاطر والأماكن الموحِشة. والصليب في عمومه منهج لحياتنا في احتمال الآلام والمضايقات والاضطهادات. ويعتبر مصدرًا للتعزية وبلسمًا لنا في كل هذه. وبقدر ما نتأمل في الصليب بقدر ما تنكشف أعماق محبة الله لنا وتزداد محبتنا له. لذلك نحن نمجد الصليب ونتمسك به وندقه على أيدينا ونلبسه على صدورنا ونضعه على قبورنا وهو علم كنائسنا. وكل البركات والنعم الموجودة في الصليب ينالها المؤمن بالاختبار والممارسة بإيمان. ومن يدركها لا يسعه إلا أن يقول مع معلمنا بولس "وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلِبَ العالم لي وأنا للعالم" (1كو24،23:1). ونحن لا نستغرب من عدم قبول غير المسيحيين للصليب. لأنه سبق وأعلمنا الإنجيل بهذه الحقيقة في قول معلمنا بولس "نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 23، 24). وتقديسنا نحن للصليب يشبهه تقديس أفراد مجتمعنا للكعبة المشرفة إذ يرون فيها عملًا إلهيًا وبركة مقدسة،لذلك يطوفون حولها ليأخذوا بركتها وينالوا رضوان الله. وهم يفتخرون بالكعبة كشيء مقدس ولربما يتزين البعض منهم بأشكال ذهبية أو فضية لها كما نتزين نحن المسيحيين بأشكال الصليب. ويبدو أن كل أصحاب عقيدة لهم رمز حسي يربطهم بالله، يقدسونه لأنه يرمز إلى عمل عظيم عمله الله معهم، وإن كان هذا الرمز ينال التكريم والتقديس إلا أن العبادة لا تُقدَّم له بل لله وحده. لذلك وإن كان الصليب أصلًا من الخشب، والكعبة هي من الحجر لذلك فتعبير خاطئ أن يُقال إن هؤلاء يعبدون خشبة، وأولئك يعبدون حجرًا. ولكن التعبير السليم أن كلًا منهما يقدس ما يعتقد فيه. ومن الجدير بالذكر أن جميع الناس في العالم بغض النظر عن دينهم، عندما يقوم أحد بحسدهم أو بالحقد عليهم، على الفور يبحث الشخص عن خشب ويقول: "امسك الخشب" أو "Touch wood" أو ‘Knock on wood’.. وما هو قيمة الخشب إلا أنه مادة الصليب المقدس، وبه يسعى الشخص للخلاص من الحسد عن طريق المجيء للصليب.. وتحوَّر هذا الأمر، ويعمله الكثيرون بدون فهم(1)... |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الفصل الرابع: تحريف الكتاب المقدس
|
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
كتابكم المقدس محرف؟ المجتمع: كتابكم المقدس محرف؟ المسيحي: إن لدينا عشرات الأدلة على صحة كتابنا المقدس وعدم تحريفه. ولكن نكتفي بالقليل منها: الدليل الأول: الذين قاموا بكتابة الكتاب المقدس أكثر من ثلاثين نبيًا وحواريًا، وكلهم مجمعون على حقائق الإيمان المسيحي. ومن أولوياتها حاجة العالم إلى الخلاص، وألوهية السيد المسيح، وجوهر الله الواحد الثالوث، وحقيقة صلب المسيح وقيامته. وذلك بالرغم من تنوع ثقافاتهم واختلاف عصورهم وطول مدة الزمن الذي كتبوا فيه وهو أكثر من ألف وخمسمائة سنة بدءًا من موسى النبي كاتب التوراة إلى القديس يوحنا الرسول كاتب سفر الرؤيا. ولو أن الكتاب المقدس كتبه شخص واحد لأمكن الشك فيه حسب القاعدة "شاهد واحد لا يشهد" (عد35: 30) و "على فم شاهدين وعلى فم ثلاثة شهود يقوم الأمر" (تث19: 15). بل إن كانت هذه هي أيضًا القاعدة التي تؤمِّن على صدق الحقيقة في شئون البشر العادية كما يقول الكتاب "الذي يُقتل لا يُقتل على فم شاهد واحد" (تث17: 6) وكما يقول أيضًا "لا تقبل شكاية على شيخ إلا على شاهدين أو ثلاثة شهود" (1تى5: 19). فكم بالحرى تكون أهميتها في صدق رسالة الله التي يتوقف عليها مصير البشرية كلها. لذلك فتعدد كتبة الكتاب المقدس هو تعدد للشهود ومن ثم إعلان لصحته. الدليل الثاني: إن رسالة الله إلى العالم في كتابه المقدس كانت على أيدي الأنبياء والرسل. وكان لابد أن يُظهر الله قوته فيهم لكي يقبل العالم رسالتهم ويتحقق أنهم من الله. وقوة الله لا تظهر في الكلام مثلما تظهر في العمل. فما أكثر الكلام وأبلغ الكلام الذي يمكن أن يُقال للناس. ولكنه ليس مؤيدًا بعمل من الله. وفي نفس الوقت ما أبسط الكلام الذي يمكن أن يُقال ولكنه كلام الله لأنه مؤيد بعمل قوة الله. وما هي قوة الله سوى الآيات والمعجزات، لأن جميع المعجزات هي عمل خلق والخالق وحده هو الله. وهذه كانت وسيلة الرسل في نشر الإيمان المسيحي حسب أمر المسيح لهم "اشفوا مرضى. طهروا برصًا. أقيموا موتى. أخرجوا شياطين. مجانًا أخذتم. مجانًا أعطوا" (مت10: 8). لذلك لم يحتاجوا إلى سلاح أو جيوش في كرازتهم بالمسيح. والكتاب المقدس كله مشحون بالمعجزات التي أيدت الأنبياء والرسل في إبلاغ رسالة الله للناس. كذلك النبوات أمر يخص الله وحده. لأنها إنباء بالغيب ولا يعلم الغيب إلا الله وحده. والكتاب المقدس ليس مملوءًا بالنبوات ولكنه مصبوغ بها. فما كانت وظيفة العهد القديم سوى التمهيد بالنبوات للعهد الجديد. وما العهد الجديد سوى تحقيق كامل لجميع نبوات العهد القديم. وما ورد في العهد الجديد مما تنبأ به المسيح عن آلامه وصلبه وقيامته وصعوده إلى السماء وعن خراب أورشليم، قد تمَّ جميعه. ولو خلا الكتاب المقدس من النبوات لانتفت النبوة من كاتبيه ومن ثم صار كلامه من عمل أناس عاديين من البشر وليس أنبياء. إذًا امتلاء الكتاب المقدس بالمعجزات والنبوات يشير إلى سماويته وأنه من الله. ومن ثم يؤكد صدقه وصحته. الدليل الثالث: لا يوجد اختلاف بين جميع نسخ الكتاب المقدس المنتشرة في العالم. بل هي كتاب واحد. كذلك النسخ الموجودة من القرون الأولى للمسيحية لا تختلف عن النسخ الموجودة لدينا الآن بعد مرور أكثر من ألفىْ عام. وإن كان الكتاب المقدس الموجود معنا يضم العهد القديم الذي يحوى الديانة اليهودية. وهو نفسه صورة طبق الأصل من النسخة الموجودة مع اليهود الذين سبقت ديانتهم الديانة المسيحية بآلاف السنين. وإن كان الكتاب المقدس متوافق مع تفاسير آباء القرون الأولى للمسيحية. فمن أين حدث تحريف الكتاب المقدس. ومتى حدث وكيف حدث؟ وإن كان قد حدث، فأين الكتاب المقدس الذي لم يُحرَّف،وهل لم تبق منه نسخة واحدة تشهد بقول القائلين بالتحريف. وإن لم توجد هذه النسخة غير المحرَّفة فكلام هؤلاء يحتاج إلى الدليل على صدق قولهم. وإن عجزوا عن إتيان الدليل تصبح تهمة التحريف تهمة باطلة، ويصبح القول بتحريف الكتاب المقدس خرافة لا دليل عليها. ثم ما هو قول هؤلاء إزاء ما يعثر عليه الباحثون والمنقبون يومًا بعد آخر من نسخ مخطوطة لأسفار الكتاب المقدس في الحفريات التي تقوم بها بعثات الكشف عن الآثار. وتحقيقها يثبت أنها من القرون الأولى للمسيحية ومطابقة لما بين أيدينا اليوم مما يشير إلى أن الكتاب المقدس هو هو بعينه لم يتغير ولم يُحرَّف؟ الدليل الرابع: إن اليهودية والمسيحية والإسلام يعترفون بأن الكتاب المقدس هو من عند الله. فإن ادعى أحد أنه مُحرَّف فإنه يتهم الله بعجزه عن حفظ كتابه الذي أوحى به إذ تركه بين أيدي بشر لكي يعبثوا به ويغيروا حقائقه. وإن صح هذا الاتهام فإنه يؤكد عجز الله عن حفظه أي كتاب آخر يوحى به للناس. ومن ثم يصير العالم كله "ضلال في ضلال". وصاحب هذا الاتهام يصبح أول المُضَلَّلين. وإن كان حاشا لله أن يضلل العالم فكتابه المقدس سليم تمامًا من كل تحريف. الدليل الخامس: إن كتابنا المقدس يحمل سلامته في ذاته. وذلك من صدق أقواله وتحقق مواعيده وعظمة تأثيره في تغيير النفس البشرية والسمو بها في مدارِج الروح وإنارتها بالحكمة الإلهية وإشباعها بالمعارف الربانية والأسرار السمائية وإسعادها بتذوق الثمار الحلوة للسلوك بوصاياه والخضوع لأحكامه. وهذا دليل عملي حي، نحيا به بل هو يحيا فينا لأنه يجعلنا على قمة العالم في الحكمة والفضيلة والروحانية. ونحن نقدس كتابنا ونعتز به إذ نضعه فوق كل شيء ولا نضع شيئًا فوقه، ونضعه فوق رؤوسنا ونضعه تحت أصداغنا للحراسة والبركة ونعصب عيوننا بوصاياه (تث6: 8) لأنه نور لسبيلنا ومصباح لأرجلنا (مز119: 105) ونملأ به قلوبنا ونغذى به عقولنا (إر15: 16) فنجده أحلى من الشهد في أفواهنا (مز19: 10) ونسرح فيه بتأملاتنا إلى أعماق لا نهاية لها (مز119: 96). لذلك نجتهد كما فعل آباؤنا في تجليده بأفخر الأغلفة ونصنعه من أغلى مادة يكتب عليها ونزينه بأجمل الزخارف ونُقبِّله في حب بأفواهنا ونقف بإجلال وخوف في كنائسنا عند قراءته، ونقدم أمامه انحناءات التقديس والتكريم باعتباره كلمة الله المسموعة يحمل سلطان الله ويعلن إرادة الله ويكشف عن عهوده ومواعيده ويبشر بأمجاد حافظي عهوده ووصاياه. نتلوه كل يوم (مز119: 97) كما هو لهجنا نهارًا وليلًا (مز1: 2). لذلك لا يكترث الإنسان المسيحي لأي كلام يتهم الكتاب المقدس بالتحريف لأنه يعتبره كلام هراء. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
ما رأيكم في إنجيل برنابا؟ المجتمع: ما رأيكم في إنجيل برنابا؟ المسيحي: أنا أطلب منك أيها السائل أن تقرأ أولًا إنجيل برنابا حتى توفر على نفسك تعب هذا السؤال. فستجده يطعن في اليهودية والمسيحية والإسلام ويسئ إليهم جميعهم على حد سواء. أما الإجابة عن حقيقة هذا المزعوم أنه إنجيل فهو ليس إنجيلًا ولكنه كتاب كتبه راهب كاثوليكي في القرن السابع عشر كان قد انشق عن الكنيسة. وهذه الإجابة ليست لي، ولكنها مسجلة في دائرة معارف "الموسوعة العربية الميسرة" إصدار الأستاذ الدكتور محمد شفيق غربال أستاذ مادة التاريخ بآداب الإسكندرية في الستينيات من القرن العشرين ويمكنك الرجوع إليها. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
ما قولكم في المتناقضات والأخطاء الموجودة في الكتاب المقدس؟ المجتمع: ما قولكم في المتناقضات والأخطاء الموجودة في الكتاب المقدس؟ المسيحي: الرد الأول: أحيانًا تتعرض كتب الدين للنقد من الخارجين عنه، وقد يحاول البعض إخراج أخطاء دينية وتاريخية وعلمية وأحيانًا لغوية فيها. ومن الحكمة أن لا يتبادل أصحاب الديانات التجريح كلٌ منهم في الآخر. الرد الثاني: كل دين له قواعده ومفاتيح في تفسير نصوصه تتعلق بالظروف التاريخية والجغرافية والعوائد والاصطلاحات اللغوية السائدة في البيئة التي نشأ فيها الدين. فلا يصح أن تؤخذ العبارات على علاتها ولا يصح أن يعتمد الإنسان على ثقافته أو علمه الشخصي في فهم نصوص الدين. لذلك كثير مما يذكر أنه أخطاء هو سوء فهم ومن ثم سوء تفسير من الخارجين عن هذا الدين أو ذاك. لأنه لا يستوعب أعماق الدين وأسراره وطريقة فهمه سوى أصحاب ذلك الدين والعارفين به. والمفروض أن لا يُعتد بآراء غير العارفين. الرد الثالث: لا يخفى ما هو موجود في كل دين من مشاكل ومعضلات كأمر طبيعي يتفق مع طبيعة كتب الدين التي تتكلم عن الأمور الأخروية؛ الله، السماء، الخلود. كما تتكلم عن أعمال الله وتدابيره مع خلائقه. وذلك كله بلغة البشر التي تعجز عن أن تقدم التعبير الواضح عن جوهر ومواصفات تلك الأمور أو تقدم التفسير الحقيقي لفكر الله في تدابيره. لأنه كما يقول الكتاب "كما علت السموات عن الأرض. هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم" (إش55: 9). لذلك نجد المسيحية تصرح بأن هناك "أشياء عسرة الفهم" (2بط3: 16). كما يقول الإسلام بالاجتهاد في التفسير، وفيما لا يرد فيه نص صريح. كما يستخدم كثيرًا اصطلاح: "والله أعلم". فإن كانت هذه رؤية الدين نفسه (أيُّ دين) وأربابه. فكم بالحري يجب أن يلزم الغرباء عن أي دين حدودهم في التقول على هذا الدين أو ذاك. أما قولنا الأخير بالنسبة لنا فنحن نؤمن أن كتابنا المقدس لم يُوحِ به ملاك ولا رئيس ملائكة بل كتبه الأنبياء والرسل بإلهام الروح القدس الذي عصمهم من الخطأ في كتابته، لذلك لا يطوله الخطأ ولا التناقض. وما يبدو من تناقض في آياته فهو حكم سطحي يصدر من غير الدارسين للكتاب المقدس، أو الذين لا يعرفون قواعد التفسير، أو من الذين لا يربطون بين الآية وسياق الحديث الذي وردت فيه، أو من الذين ينفردون بفهمهم دون الرجوع إلى مصادر التعليم الكنسي وتفاسير الآباء الأوائل. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
لا نرى فيكم علامات التدين لأننا لا نعرف لكم صلواتٍ ولا أصوامًا ولا سجداتٍ؟ المجتمع: لا نرى فيكم علامات التدين لأننا لا نعرف لكم صلواتٍ ولا أصوامًا ولا سجداتٍ؟ المسيحي: إن الذي ينظم علاقتنا بالله هو نظام صلواتنا وأصوامنا وسجودنا. والذي يوطد إيماننا به هو المثابرة على عبادته بالنظام القائم في كنيستنا من عصر الرسل القديسين. ونتناول أولًا التشريع لعباداتنا: أ- الصلاة: لقد أوصانا الإنجيل بالصلاة في قوله "صلوا كل حين ولا تملوا" (لو18: 1). أي صلوا الصلوات في أوقاتها الموضوعة لها بدون ملل. وفي قوله أيضًا "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17). أي لا تنقطعوا عن أداء صلواتكم. وفي قوله كذلك "متى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلِّ لأبيك الذي في الخفاء" (مت6: 6). أي الصلاة تكون لله في الخفاء وليس أمام الناس للافتخار. وفي قوله "حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلًا كالأمم" (مت6: 7). أي لا نكرر الكلام بدون وعى ظانين أن استجابة الله هي في التكرار نفسه، وهذا يختلف عن اللجاجة في الصلاة وهى مطلوبة لاستجابة الله لنا، وهى التي عناها في صلاتنا بلا ملل، أي بمثابرة دون انقطاع الرجاء في استجابة الله في الوقت المناسب، مع ترك المشيئة له في الاستجابة من عدمها. ونصلى بروحنا وذهننا كما قال معلمنا بولس " أصلى بالروح وأصلى بالذهن أيضًا" (1كو14: 15). أي لا نصلى بدون وعى ولكن بتركيز الروح والذهن. هذا من جهة أوامر الشريعة بالصلاة. ب- الصوم: أما من جهة الصوم فقد أوصى السيد المسيح بأن المؤمنين به سيمارسونه بعد صعوده إلى السماء بقوله "ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون" (مت9: 15). وقال معلمنا بولس "لا يسلب أحدكم الآخر لكي تتفرغوا للصوم" (1كو7: 5). وأوصى السيد المسيح "متى صمت فلا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخفاء" (مت6: 18) أي لا تتظاهر بالصوم لتنال مدحًا من الناس. وقد صام المسيح له المجد أربعين نهارًا وأربعين ليلة (مت4: 2). كما صام معلمنا بولس (2كو11: 27) وصام الرسل القديسون (أع13: 2). ج- السجود: ومن جهة السجود قال السيد المسيح "تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 23، 24). أي ليس السجود مجرد حركة جسدية بل يجب أن نسجد بأرواحنا أمام الله مع سجود أجسادنا. ونسجد بالحق أي بإيمان حقيقي بالله وباستقامة قلب. وقال المسيح له المجد "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (لو4: 8). أي أن السجود والعبادة لا يليقان إلا بالله وحده. والسجود هو عمل الملائكة وجند السماء (عب1: 6). ونحن عندما نسجد نشاركهم في عبادة الله وتمجيده. د- الترنيم والتسبيح: كذلك أوصانا الإنجيل بالترنيم والترتيل والتسبيح كنوع من الصلاة العذبة الممتعة والمشبعة للنفس والروح. فقال معلمنا بولس "مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف5: 19). وقال أيضًا "فلنقدم به (أي بالمسيح) في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة بِاسمه" (عب13: 15)،وقال معلمنا يعقوب "أمسرور أحد فليرتل" (يع5: 13). وقال معلمنا بولس "أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضًا" (1كو14: 15). والرسل القديسون بعد صعود السيد المسيح إلى السماء "كانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله" (لو24: 53). بل إن "جميع الذين آمنوا... كانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة مسبحين الله" (أع2: 44 47). هذه الوصايا هي التشريع لعباداتنا من صلاة وصوم وسجود وتسبيح وترتيل وننتقل بعدها إلى تقنينها. ثانيًا: التقنين لعباداتنا: قد اشتملت عباداتنا على كل هذه الأركان حسب ما شرَّعها الإنجيل ونظمتها الكنيسة وقننتها لحياة المؤمنين منذ العصر الرسولي في القرن الأول الميلادي. والعبادة القانونية عندنا هي: من جهة الصلاة: أ- سبع صلوات يومية، ست منها أثناء النهار. الأولى صلاة باكر في الفجر، والثالثة 9 صباحًا في الضحى، والسادسة 12 ظهرًا، والتاسعة 3 عصرًا، والحادية عشر 5 في الغروب، والثانية عشر 6 مساء في العِشاء، والصلاة السابعة هي صلاة نصف الليل وهى ثلاث خدمات؛ الأولى 9 مساءً، والثانية 12 ليلًا، والثالثة 3 صباحًا. وكل صلاة تحتوى على 12 مزمورًا وفصلًا من الإنجيل وطلبات للصلاة وتحليلًا ختاميًا في آخر كل صلاة. ويضم هذه الصلوات كتيب صغير يسمى (الأجبية) أي السواعي. وتعود مواقيت الصلاة هذه إلى ما قبل المسيحية. فالأمم كما يذكر الإنجيل عن كرنيليوس "قائد مئة... يصلى في كل حين فرأى في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكًا وقال له قد قُبِلَتْ صلواتك وصدقاتك. أرسل إلى يافا واستدعِ سمعان بطرس يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل" (أع 10: 1-8). وعند اليهود يؤكد عددها واستخدامها في العهد القديم قول داود النبي "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز119: 64). وقوله "أنا أستيقظ سحرًا أحمدك بين الشعوب يا رب وأرنم لك بين الأمم" (مز108: 2، 3). وقوله "يا الله إلهى أنت إليك أبكر" (مز63: 1). وقوله "ذكرت في الليل اسمك يا رب" (مز119: 55). وقوله "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك" (مز119: 62). وقد صلى بها الرسل القديسون كما ذكر الإنجيل "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معًا بنفس واحدة (وكانت) الساعة الثالثة من النهار" (أع2: 1، 15). وكما ذكر أيضًا "وصعد بطرس ويوحنا معًا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة" (أع3: 1). وكما ذكر كذلك "صعد بطرس على السطح ليصلى نحو الساعة السادسة" (أع1: 9). وذكر أيضًا "ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان" (أع16: 25). ويبدو أن تلك الساعات كانت مواقيت فاصلة نهارية وليلية بين بعضها حسب حركة الفلك. ويجب أن تقدم الخليقة التسبيح والعبادة فيها لخالقها لكي لا ينقطع تسبيحه ليلًا ونهارًا. ولكنها في المسيحية ارتبطت بالمواعيد الفاصلة في الأحداث الخلاصية التي تممها المسيح لنا. مثل صلاة باكر لقيامة المسيح، والثالثة لحلول الروح القدس ولمحاكمة المسيح ولصعود المسيح إلى السماء، والسادسة لصلب المسيح، والتاسعة لموت المسيح، والغروب لنزول جسد المسيح من على الصليب، والنوم لدفن المسيح في القبر، ونصف الليل للاستعداد لمجيء المسيح الثاني للدينونة. وكأن استخدام هذه المواقيت قبل المسيحية كان رمزًا نبويًا عن تسبيح الخليقة الأبدي لله مخلصها وفاديها. كل هذا هو ما يخص صلوات المزامير، وبالإضافة إليها هناك صلوات أخرى نمارسها كمسيحيين، منها: ب- الصلاة العامة التي يجتمع فيها المؤمنون بالكنيسة كل يوم أحد وهى صلاة القداس الإلهي ويجمعها كتاب يسمى "الخولاجي". وأصبح يوم الأحد هو اليوم المقدس للعبادة طول العام، وواجب مقدس على المسيحيين أن يتوجهوا فيه إلى الكنيسة. ج- التسبحة اليومية التي تشمل تسبحة باكر وتسبحة عشية وتسبحة نصف الليل. ويسبح بها المؤمنون يوميًا على مدار السنة. د- الصلوات التأملية لآبائنا القديسين ويضمها كتاب "أمام عرش النعمة"، وكتاب "روح التضرعات". هـ- الصلاة العائلية التي تجمع كل أفراد الأسرة معًا يوميًا وخصوصًا قبل الأكل وبعده. و- اجتماعات الصلاة الارتجالية العامة لطلب مراحم الله وحفظ وحدانية الروح، خصوصًا في أوقات الضيق. ز- الصلوات الانفرادية التي ينفرد فيها الإنسان بنفسه في ظروفه المختلفة بطلباته الخاصة أمام الله. ح- الصلاة القصيرة الدائمة لاسم الرب يسوع التي يرددها القلب قبل الفم لطلب الرحمة والمعونة والخلاص والتي تجعل الإنسان في وجود دائم في حضرة الله. من جهة السجود: فصلواتنا تبدأ بالسجود إلى الأرض وتنتهي بالسجود ويتخللها السجود في كل كلمة تقديس لله، وفي كل كلمة سجود تَرِدُ في الصلاة، وفي كل طلبة للرحمة (يا رب ارحم)، وفي آخر كل مزمور. هذا بخلاف سجود المطانيات الخاصة حسب القانون الروحي لكل فرد وحسب طاقته. من جهة الصوم: هناك أولًا الأصوام العامة وتنقسم إلى:
ومجموع أيام هذه الصيامات يبلغ 198 يومًا أي أكثر من نصف العام. وهى:
ثانيًا: الصوم الخاص: وهو ما يلجأ إليه الإنسان في ظروف خاصة يطلب من الله فيها حل مشاكله، أو رفع الضيق عنه، أو الوقوف بجانبه، أو إنجاح عمل له، أو توجيهه وإرشاده في أمر مُعيَّن. والعبادات جميعها من أصوام وصلوات وغيرها هي قانون موضوع للحياة الروحية في المسيحية وواجبة على كل إنسان مسيحي، ومع ذلك ليست هناك قوة جبرية على أحد حسب قول الكتاب "اعبدوا الرب بفرح" (مز100: 2). ولكنها كنز لبركات روحية فائقة لمن يمارسها. وهى وإن بدت صعبة في مواصفاتها كمًّا وكيفًا إلا أننا لا نتعجب أن نرى بعض آباء البرية يعتبرونها حدًا أدنى لجهادهم الروحي وخصوصًا النساك والزهاد منهم. ونحن لا نقف لنصلى أمام الله إلا إذا صفت قلوبنا وخلت من كل بغضة نحو أي إنسان. ذلك لأننا نؤمن أن العبادة المقبولة لدى الله هي التي تصدر من قلب إنسان مستقيم لا يحمل حقدًا، ولا يستخدم صلاته من أجل إغاظة آخرين أو تكديرهم. أو بتوجيه الدعوات لإنزال الله المصائب بهم. لأن الكتاب يعلمنا "إن راعيتُ إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب" (مز66: 18). أما من جهة إجابتنا على سؤال الباحثة الفاضلة الوارد في مقدمة الكتاب وهو "لماذا تصلون وأنتم تسيرون في الطريق؟ " فنجيب عليه بكلمتين: الأولى: قول الإسلام: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". الثانية: قولنا في المسيحية: "كل نَفَسٍ أتنفسه أبارك اسمك القدوس". ومَن يتمعن في الكلمتين لا يحتاج إلى شرح. والآن بعد أن اتضح كم وكيف أركان عبادتنا هل يقتنع العقل أننا من أكثر الديانات اهتمامًا وانشغالًا بعبادة الله؛ صلاةً وصومًا وسجودًا وتسبيحًا وترتيلًا وتأملًا في كلمة الله؟ |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
أنتم لا تسجدون في الكنيسة وتدخلونها بأحذيتكم؟ المجتمع: أنتم لا تسجدون في الكنيسة وتدخلونها بأحذيتكم؟ المسيحي: إن عادة خلع الأحذية كانت موجودة عند المصريين وبعض الشعوب القديمة حيث كانوا يخلعون أحذيتهم عند دخولهم الهياكل أو قصور الملوك. ثم صارت عادة مقدسة عند اليهود استجابة لنداء الله لموسى النبي من وسط العليقة قائلًا "لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة" (خر3: 5). وهكذا نحن أيضًا نخلع أحذيتنا عند اقترابنا إلى الهيكل لدخولنا إليه باعتباره المكان الذي نحظى منه بأعظم عطايا خلاصنا لحياتنا الأبدية وموضع حلول مجد الله وعمل روحه القدوس في تقديس الأسرار. ولشعورنا بعدم استحقاقنا للوقوف أمامه في هيكله المقدس الذي يُحسب وقوفنا فيه كأننا واقفون في السماء. وليذكرنا بضرورة أن نخلع عنا أمور العالم الزمنية لكي نتمتع بالعطايا الروحية السماوية التي يقدمها لنا بيت الله. ومن جهة سجودنا في صلاتنا بالكنيسة فعبادتنا تتضمن نداءات متكررة من الشماس للشعب في لحظات خاصة أثناء القداس الإلهي للسجود أمام الله ويصرخ قائلًا "اسجدوا لله بخوف ورعدة" ويسجد الشعب كله أمام الله مرددين "أمامك يا رب خاضعين وساجدين" بل إنه عند دخولنا إلى الكنيسة لا ينتظم العابد في مكانه للصلاة إلا بعد أن يكون قد تقدم نحو الهيكل وسجد إلى الأرض أمام الله مرددًا "وأنا بكثرة رحمتك أدخل بيتك وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك" (مز5: 7). ولربما وجود المقاعد في صحن الكنيسة يعيق البعض عن السجود ولكن الجميع يسجدون كاملًا بقلوبهم وأرواحهم وجزئيًا بأجسادهم. والبعض ينعطف نحو الطرقات ليسجد سجودًا كاملًا. وإن كان السجود عادة قديمة جدًا في العبادة لدى الوثنيين. فكم بالحري يكون واجبًا عند من يعبدون الله الروح إله السماء! بعد هذا التوضيح لأركان العبادة في المسيحية من صلاة وصوم وسجود وتقديس لبيت الله يتأكد لهؤلاء الذين يشوهون صورة المسيحية ويوحون للناس أن المسيحيين كفرة لا يعرفون الله ولا يصلون ولا يصومون ولا يسجدون يتأكد لهم أن المسيحية ديانة عابدة بكل معاني الكلمة. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الباب الخامس: قضايا الدين العامة يضم هذا الباب فصلين. الأول يخص نظرة المسيحية إلى الدين ورسالته نحو الفرد والمجتمع، وواجب رجال الدين على مختلف عقائدهم للتعاون لتحقيق رسالة الدين لاستتباب السلام وانتشار المحبة ولماذا يتمسك المسيحيون بالمسيحية. والفصل الثاني يتناول بعض البراهين والأدلة على صدق الإيمان المسيحي. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الفصل الأول: قضايا عامة
|
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
هل تؤمنون بديانات أو أنبياء بعد المسيح؟ المجتمع: هل تؤمنون بديانات أو أنبياء بعد المسيح؟ المسيحي: إن إيماننا هو أن الله أرسل أنبياء العهد القديم ليعدوا العالم ويهيئوه لاستقبال المسيح لعمل الخلاص. ومجيء المسيح كان ختمًا على جميع أقوال الأنبياء حسب ما تنبأ به دانيال النبي عن زمن مجيء المسيح "سبعون أسبوعًا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية ولتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة، ولمسح قدوس القدوسين" (دا9: 24). وواضح من النبوة أن المسيح سيأتي لختم رؤى الأنبياء ونبواتهم. وقد أوضح المسيح له المجد هذا عندما قرأ في مجمع اليهود ما تنبأ به عنه إشعياء النبي ثم قال لهم "إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم" (لو4: 21). ولما جاء يهوذا ومعه جمع لكي يقبضوا عليه، قال لهم "كل يوم كنت معكم في الهيكل أعلِّم ولم تمسكوني. ولكن لكي تكمل الكتب" (مر14: 49). وقبل أن يُسلِّم الروح وهو على الصليب "قال قد أُكمِل ونكس رأسه وأسلم الروح" (يو19: 30). وعندما ظهر لتلاميذه بعد قيامته "قال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم. أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (يو24: 44). ونحن من وقت صعود المسيح إلى الآن لا ننتظر أحدًا غيره حتى يأتي في مجيئه الثاني للدينونة. ولكن هذا لا يمنع أن نقر بالواقع أنه توجد ديانات في العالم، وينطوي تحت لوائها ملايين من البشر، وهذه كلها بسماح من الله. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
كيف يمكن النظر للديانات في عمومها؟ المجتمع: كيف يمكن النظر للديانات في عمومها؟ المسيحي: إن علماءنا يعرفون جيدًا أن هناك بعض المسلَّمات الخاصة بالأديان تعتبر أرضية مشتركة لها جميعًا، ومن هذه المسلَّمات:
هذه المسلَّمات السبعة إن أخذنا بصحتها وجب أن نأخذ بالاعتبارات التالية: أ- التوجُّه بالاهتمام كلٌّ بدينه فقط:إن كانت وظيفة الدين هي البلوغ إلى الله فمن ثم عوضًا عن أن ينصبَّ اهتمام كل شعب على نقد الآخرين ولهدم دينهم فالأفضل له أن يلتفت لإصلاح عيوبه وبناء نفسه، وينصرف إلى الاجتهاد بأن يعيش خاضعًا لله بما أتاه في دينه ابتغاء رضائه تعالى أولًا وبلوغا لما وعد به من مكافأة لكل من يؤمن ويعمل ويعبد بما تضمنه دينه ثانيًا. وحينئذٍ تصير وجهة كل شعب إلى الله وحده، ويبطل تطاحن الناس بعضهم مع بعض بسبب اختلاف دياناتهم أو مذاهبهم. ويعيش الجميع متحابين متعاونين ويساعدون بعضهم البعض على الانصراف إلى عمل البر وإرضاء الله حسب ما أُمِرَ به كلٌ في دينه. وفي هذا السياق نذكر ما قاله الكاتب الصحفي سامي خشبة: "لا تشغلنا الاختلافات بين الديانات السماوية فيما يتعلق بجوهر أو أساس الإيمان الديني أي التصور الخاص لدى كل منها عن الخالق عز وجل. وإنما يشغلنا الاتفاق الكامل تقريبًا فيما بينها في الموقف عن الكيان الثقافي / الحياتي القائم. ودعوتها إلى المساواة الكاملة بين جميع البشر وإلى العدالة والتراحم... الخ"(1). ب- ترك الدينونة لله: بما أن الدين أمر يخص الله وحده بكل ما يتضمنه من عقائد وعبادات وأحكام معاملات بين الناس، فالله وحده هو الذي له حق إدانة البشر الذين آمنوا منهم والذين لم يؤمنوا،الأمر الذي نبَّه الله إليه أصحاب كل دين حتى لا يسلبوه هذا الحق كإله. فإنجيلنا يُعلِّمنا "اسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج" (كو4: 5). ويعلمنا أيضًا "ماذا لي أن أدين الذين من خارج. ألستم أنتم تدينون الذين من داخل. أما الذين من خارج فالله يدينهم" (1 كو 5: 12، 13). أما مجتمعنا فنذكر له بعض الأقوال المشابهة مع الاعتذار إذا ورد فيها نقص أو خطأ. فيقول "تلك أمة قد خَلَتْ. لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. ولا تُسْأَلون عما كانوا يعملون" (سورة البقرة 134) ويقول أيضًا "وما أنت عليهم بوكيل" (سورة الأنام) ويقول كذلك "لا إكراه في الدين" (سورة البقرة 256) ويقول أيضًا "لكم دينكم ولى دين" ويقول كذلك "لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة". ألا تكفى كل هذه الأقوال لأن يكفَّ كل واحد عن إدانة الآخر ومحاربته في دينه وعقائده. ويقول كل واحد لأخيه "ما بالى أنا بدينك. وما بالك أنت بديني"؟ ج- التنبه لعدم الانحراف برسالة الدين:أما إذا استغل بعض الناس الدين من أجل أطماع أرضية ومكاسب سياسية أو اقتصادية، فإنهم يكونون قد تحولوا برسالة الدين عن هدفها الأصلي وانحدروا بها من غاياتها الروحية السامية إلى مهاوي المادية الترابية بحيث يحاربون ويقتتلون بِاسم الدين من أجل حطام الدنيا الزائل، ونسوا ما يعلمهم به الدين أن الدنيا ستفنى بكل ما فيها. وأن مصير البشرية جميعها إلى عالم آخر، لابد أن يستعدوا له ويتطلعوا إلى بلوغه. وعليهم أن يتنبهوا إلى أن التكالب على الامتلاك والتسيد والتسلط إنما هو إلى سراب. وما هي فقط إلا نزوات يستغلها إبليس في إغراء الناس لكي يلهيهم بها عن التوجه لآخرتهم وأبديتهم. ويا ليت أمثال هؤلاء يصغون لصوت الكاتب والأديب أحمد رجب في حديث إذاعي له في برنامج حصاد السنين يوجههم إلى القول الكريم "إنما الحياة الدنيا متاع غرور". |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
ما قولكم في صراع الحضارات؟ المجتمع: ما قولكم في صراع الحضارات؟ المسيحي: إن عنوان "صراع الحضارات" تعبير راقٍ ومتحضر لأنه بديل عن عنوان صراع الأديان. كما أنه تعبير حكيم لأنه ينأى عن استخدام كلمة الأديان لحساسيتها وصوَّب هدفه نحو السلوكيات التي اختارها أصحاب هذا الدين أو ذاك يترجمون فيها عمليًا عن مبادئ دينهم وتعاليمه. والحقيقة أن السلوك هو الذي ينعت بصفة الحضارية وليس الدين. أما الصراع فهو سمة من سمات الوجود، وله أنواع وصور كثيرة بين الشعوب. فإما للاقتتال وإفناء الواحد للآخر من أجل الانفراد بالبقاء. وأصحاب هذا النوع من الصراع ذوو سلوك بربري وحشي بدائي فطرى غير متحضر. وإما صراع للتنافس من أجل التطور والنمو والتقدم. ويبدو فيه التعاون وتبادل الخبرات والإسهام في توفير الاحتياجات والمساندة. وتغلب عليه النزعة الإنسانية البحتة بعيدًا عن أي اعتبارات عرقية أو دينية أو تتعلق باللون أو اللغة أو الجنس. وهذا هو الصراع القائم على السلوك الحضاري الذي انتهجته كل الدول المتحضرة في العالم وهو سر تقدمها ورخائها. وإن كان الدين عندما يتتلمذ عليه الإنسان يكون عاملًا قويا في تشكيل سلوكياته فتصبح سلوكيات الشعوب المتدينة صورة ونموذجًا لما تدعو إليه تعاليم دينها. لذلك لا يكفى لتقديم صورة طيبة عن دين بعينه مجرد الدعوة والفكر أو الدعاية النظرية، وإنما السلوك العملي وواقع التعامل. على رأى قول الكتاب "يقول قائل أنت لك إيمان وأنا لي أعمال. أرني إيمانك بدون أعمالك وأنا أريك بأعمالي إيماني" (يع2: 18). أي أنه لا يمكن البرهنة على الإيمان الحق إلا بالأعمال الصالحة. وإن كان سلوك بعض الشعوب تعوزه الروح الحضارية فإن تقارب الشعوب لبعضها البعض في العصر الحاضر وتشابك مصالحها وانفتاحها بعضها على بعض بالإعلام ووسائل الاتصال والتبادل التجاري والثقافي والحضاري، والسعي نحو جعل العالم أسرة واحدة، سينحو بهذه الشعوب لتعديل مسار سلوكياتها وتنقية عقائدها مما تحتويه من اتجاهات وأنماط للحياة والمعاملات لا تتفق وحقوق الإنسان،والتوجه إلى المساواة بين البشر والتخلي عن العنف والاضطهاد. لأن تيار التغيير يسير بقوة. لأن الله ناظر من السماء ومتطلع إلى الأقليات المضطهدة والعرقيات المقهورة والأجناس المنبوذة. ولربما قيض الله لها هذه الظروف لكي يرفع عن كاهلها جزءًا من آلام الحياة. إلا أن تغيير النزعات العدوانية في سلوكيات بعض الشعوب ليس هو الملاذ الأخير لحصول الفرد على حريته وسلامه الحقيقي. بل ينبغي على الفرد الذي ينشد الأمان أن يجاهد مستعينا بمؤازرة الله له للتحرر من سلطان الخطايا والشهوات والأطماع والأحقاد وبلوغ نقاوة القلب لأن هذا هو سبيل الحرية الحقيقية والأمان والسلام القلبي في داخل الإنسان ومن هنا تكمل سعادته. وعلى المجتمع مع المسئولين فيه عن الدين أن يهيئ لكل أفراده المناخ الصالح لتحقيق حريته الحقيقية هذه. وخصوصًا أن التيارات العالمية الزاحفة مع ما تحمله من قيم حضارية إلا أنها تحمل سمومًا من التحلل والتحرر الزائد والانحراف. ومن هنا وجب أن يتكاتف ولاة الدين في كل مجتمع لحماية النشء من هذه الاتجاهات المسمومة والانحرافات الأخلاقية، وينبذوا التربية السلبية القائمة على الأنانية والعدوان وعدم قبول الآخر عالمين أن الفضيلة لا تتجزأ. فإن نزعات الشر متى فُتِحَتْ أمامها ثغرة للانطلاق فإنها ستندفع بكل قوة لتنتهي إلى تحطيم الفرد والمجتمع أيضًا. وهذا ما يُلاحَظ كظاهرة اجتماعية في الدول التي تشجع على اضطهاد الأقليات. فإنه عندما توجد عناصر في المجتمع تنزع إلى الاعتداء على فئة معينة من فئاته فإن توجهها بعد ذلك يكون لمحاربة المجتمع كله. وذلك من خلال مقاومة السلطة الحاكمة وتدمير المنشآت الحيوية التي تخدم مصالح المجتمع. لذلك يجب أن نستيقظ في وقت مبكر. لأن خطر التيارات العالمية قادم لا محالة، وتناحر الأديان وأتباعها في داخل المجتمع الواحد سيضيع عليهم جميعًا الفرصة في احتواء الشرور والمفاسد الناجمة عن تلك التيارات. وحينئذٍ سيفلت الزمام من تحت يد رجال الدين هؤلاء أو أولئك. وسيصبح الدين سلعة بالية وسيواجه رجال الدين بصفة عامة مصاعب جمة في التأثير على العقول والقلوب. وسيصابون بالإحباط والاكتئاب لانحسار رسالتهم وقصور وسائلها لتحقيق غاياتها. بعد أن يكون قد استفحل الأمر وخرج عن حدود إمكانيات السيطرة عليه. وإذا أريد التنافس بين أصحاب الديانات المختلفة. فليتنافسوا:
|
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
لماذا تتمسكون بالمسيحية ولا تدينون بالإسلام الذي أتى بعدكم في حين أنكم تتوقعون من اليهود أن يؤمنوا بالمسيحية لأنها أتت بعد اليهودية لماذا التمسك بالمسيحية المجتمع: لماذا تتمسكون بالمسيحية ولا تدينون بالإسلام الذي أتى بعدكم في حين أنكم تتوقعون من اليهود أن يؤمنوا بالمسيحية لأنها أتت بعد اليهودية. المسيحي: نحن نتوقع من اليهود أن يؤمنوا بالمسيحية لأن المسيح الذي كانوا ينتظرونه قد جاء فعلًا إلى العالم وإلا لما قامت المسيحية وانتشرت. ثم إن المسيحية كانت تحقيقًا لكل ما تنبأت به اليهودية عنها ورمزت إليه فيها.. الإجابة: نحن نتوقع من اليهود أن يؤمنوا بالمسيحية لأن المسيح Christ الذي كانوا ينتظرونه قد جاء فعلًا إلى العالم وإلا لما قامت المسيحية وانتشرت. ثم إن المسيحية كانت تحقيقًا لما تنبأت به اليهودية ورمزت إليه فيها. فحياة المسيح كلها من ميلاده ونشأته في الناصرة وخدمته وتعليمه ومعجزاته وآلامه وصلبه وقيامته وصعوده إلى السماء وحلول الروح القدس، كلها قائمة في توراة موسى والأنبياء والمزامير، وكامِنة في تراجِم شخصيات العهد القديم وأحداثه ورموزه وأقوال أنبيائه، ولكنها تحققت بحذافيرها بكل دقة كما سجلتها رواية العهد الجديد. كذلك عقائد المسيحية الأساسية التي تقوم في ألوهية السيد المسيح، وعمل الفداء والخلاص بالصليب، وفي الله الواحد الثالوث كانت كامنة أيضًا ومستترة في الديانة اليهودية، وقد أعلنتها المسيحية وأظهرتها وأكدتها. كما أن طقوس وعبادات وذبائح العهد القديم كلها تمت رموزها في ذبيحة الصليب وفي عبادة وطقوس العهد الجديد. وكذلك تعاليم ووصايا وأحكام وفرائض العهد القديم أمَّن عليها السيد المسيح وارتقى بها إلى مستوى أسمى وأكثر روحانية. لذلك من المفروض أن يتقبل اليهود الإيمان المسيحي بكل رضى واقتناع. هذا من جهة توقع إيمان اليهود بالمسيحية.أما من جهة إيماننا نحن بالإسلام و القرآن فإننا نُصادق عليه فيما اتفق عليه معنا في عقائدنا حيث يبدو فيها أشد تقارُبًا إلينا. أما تمسُّكنا بإيماننا المسيحي فينبع من أننا في المسيحية تلامَسنا مع الله وانكشف لنا كثير من أسرار السماء وأسرار الأبدية، واختبرنا أسمى المبادئ الروحية وتذوّقنا حلاوة التجرُّد من العالم والجسد بالالتصاق بالله والانطلاق بالروح نحو عير المحدود، مما يؤجِّج فينا مشاعر الحب نحوه بفاعلية روحه القدوس في نفوسنا وقلوبنا.. وترافقنا آياته ومعجزاته مما يقوي إحساسنا بوجوده الدائم معنا. وإذ نشبع ونرتوي من إيماننا فلا نحِس باحتياج لإيمان آخر. الدعوة للانتماء إلى دين بعينه: أما بالنسبة لتوجيه الدعوة للانتماء لدين عن دين آخر، فإن كل أصحاب دين يعتبرون دينهم أرقى ديانات العالم وأكثر ديانات العالم مناسبة للإنسان وللأجيال، وأتى بأسمى المبادئ وأعظم الحكم وأغزر المعلومات وأقوى المعارف. وبطبيعة الحال كلٌّ له الحق في الاعتزاز بدينه والافتخار بإيمانه والتمسك به. لذلك فعبارة الدين الأفضل لا تخص دينًا معينًا. لأن أصحاب كل دين دينهم عندهم هو الأفضل. وإلا لِمَا تمسكوا به ودافعوا عنه ورفضوا ما عداه من عقائد أخرى. وجيدٌ أن يختلج في نفس كل مؤمن رغبة عارمة لأن يغير جميع الناس إلى معتقداته. ولكن لا يغير النفوس ولا يحول الفكر سوى الله وحده. وبقدر بسيط من التأمل في الشيوعية التي رسخت سبعين عامًا على حياة شعوب الاتحاد السوفيتي ومحت الدين من قاموس حياتهم وانتشرت كالإخطبوط في كثير من دول العالم كيف سقطت في يوم وليلة. إنها معجزة بكل المقاييس. لأنه من كان يستطيع أن يفعل هذا في ثاني أكبر قوة ضاربة في العالم. لكن الله عندما يريد يفعل إلا أنه يقول "لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت" (جا 3: 1). وهو ينهي كل شيء بحكمته. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الفصل الثاني: أدلة على صحة الإيمان المسيحي
|
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
الأدلة على صحة الإيمان المسيحي | هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين سؤال: ما هي الأدلة على صحة الإيمان المسيحي؟! هاتوا براهينكم إن كنتم صادقين، أو كما يقول القرآن في سورة البقرة 111: هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ! الإجابة: أولًا: اعتراف القرآن! في عرضنا هذا لما يقوله كتاب القرآن، فليس هذا عن إيمان بالطبع -وإلا فلماذا بقينا في المسيحية!- ولكن إن حاولت أن أثبت لك إيماني فقط من كتبي -التي تنادي بتحريفها- فما الفائدة.. ولكني فقط أحدثك بلغتك! فكتاب الله واحد، ولا يتناقض عبر العصور فيأتي بما هو ضد ما قاله الله سابقًا، فالله واحد، هو هو، أمسًا، واليوم، وإلى الأبد. واضح أن المطلوب هو إيراد أدلة على صدق الإيمان المسيحي. وللإجابة نذكر: البرهان الأول: اعتراف القرآن: 1 لقد اعترف القرآن بكتابنا المقدس وأنه موحى به من الله وأنه هدى ونور للناس في قوله عن التوراة "قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس. قل الله" (سورة الأنعام). وفي قوله عن الإنجيل "وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل" (سورة الحديد). وفي قوله عن التوراة والإنجيل معًا " وأنزلنا التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس" (سورة آل عمران). وعن سلامة كتابنا من التحريف في قوله "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقًا لما معكم" (سورة النساء). بل والإحالة إليه للتأييد والتدليل في قوله: "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك" (سورة يونس). وعن حماية القرآن لكتابنا وحفظه من التحريف بقوله "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقًا لِمَا بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه" (سورة المائدة).وهذا هو إيماننا بالمسيح أنه به خُلِق كل شيء وأنه شفى المرضى وأقام الموتى وأنبأ بالغيب، وليس لإبليس سلطان عليه. بقية البراهين: وتقوم في ظهور قوة عمل الله في الإيمان المسيحي فأعمال الله المحسوسة في وسط كنيسته أي جماعة المؤمنين به ليست مجرد برهان بل إنها منطلق لكثير من البراهين،وذلك لتعددها وتجددها كل يوم وكل ساعة، وتعلن بقوة اليقين صدق الإيمان المسيحي كما قال السيد المسيح لليهود الذين لم يؤمنوا به "إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيَّ وأنا فيه" (يو10: 37، 38). ومرة أخرى قال لهم "الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني" (يو 5: 36). وقول المسيح هذا يشير إلى أن الذي يشهد له أن الآب أرسله من السماء هو أعماله. وذلك لأن الأعمال برهان حسي ظاهر منظور وملموس من الناس لكي يصدقوا ويؤمنوا، لأن "كل ما أظهر فهو نور" (أف 5: 13). ومن ثم لا يمكن إنكاره أو الشك فيه أو تكذيبه. هذا بطبيعة الحال عكس الكلام النظري الذي ليس له ضابط وليس له حدود في إلقاء المواعظ وصياغة العقائد والقيم. ومن الممكن أن يبنى صروحًا عالية على مسلَّمات كاذبة. فينبهر الناس بالصرح ويغيب عنهم البحث عن الأساس ليكتشفوا أو يتحققوا إن كان هذا الصرح قد بنى على حق أو على باطل. لذلك ليس كلامنا عن إيماننا هو الذي يؤيده ويعطيه اليقين. وإنما قوة أعمال الله المحسوسة والمنظورة فيه هي التي تظهر يقينه كالشمس. ويمكننا استكمال براهيننا بتوضيح هذه الأعمال: البرهان الثاني: رعاية أقباط مصر: إن أقرب برهان إلى إدراكنا في مصر، وهو دليل ملموس لنا جميعًا على صحة الإيمان المسيحي وأنه ديانة إلهية هو حسب ما يقول به دارسو تاريخ مصر من عصر الرومان إلى يومنا هذا إنه معجزة بقائنا نحن ملايين الأقباط أحياء إلى اليوم ورعاية الله لنا بالرغم من عوامل الإبادة التي مررنا بها عبر العصور المتتالية سواء بالاستشهاد أو بالاضطهاد والإذلال أو بالنفي والسبى أو بالهجرة. كما يقول الدكتور مكرم سويحة في تحليله لكتاب (أقباط مصر) للدكتورة / بربارة واترسون ترجمة إبراهيم سلامة "عصورٌ مرت على مصر كانت سنواتها مليئة بالاضطهادات الدينية، قاسى فيها الأقباط أهوالًا عظيمة، تقشعر لها الأبدان ويشيب لها الولدان" (وطنى 30/3/2003 ص15). فكيف لم نفن في وسط أجيال متعاقبة من سُلطات لا تطيق وجودنا بل تريد فناءنا؟ حقًا إنه أقوى دليل على حماية الله لنا وحفظه للإيمان المسيحي في مصر. كما يقول المزمور "لولا أن الرب كان معنا عندما قام الناس علينا لابتلعونا ونحن أحياء عند سخط غضبهم علينا. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. عوننا بِاسم الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز 123). والمعجزة أننا لسنا فقط باقين أحياء ولكننا نعيش في كنف القدير محمولين على الأذرع الأبدية. ونستمتع بحنان الأحضان الأبوية. ملقين كل همنا عليه لأنه هو يعتني بنا. ويعظم انتصارنا به لأنه أحبنا. وعند كثرة همومنا في داخلنا تعزياته تلذذ نفوسنا. ويندهش الكثيرون لصمود الإيمان المسيحي في مصر لعشرات القرون من السنين بالرغم من المقاومات المتواصلة التي عاناها عبر تلك القرون، ومن الهجوم المتواصل عليه بكافة الوسائل. وقد تنبه بعض الأذكياء إلى هذه الحقيقة فعكفوا على دراسة سر بقاء المسيحية في مصر إلى هذا الوقت رغم ارتداد عشرات الألوف منهم في عصور القهر والاستبداد وزادت همتهم ونشاطهم في الدراسة، وبدأوا يجتهدون في التعرف على الأنشطة الدينية التي يمارسها المسيحيون في كنائسهم وفي جمعياتهم وأدوات ثقافتهم وفي العادات والوسائل التي تربطهم بإيمانهم وخصوصًا في مراحل السن المبكرة. مما نتج عنه نهضة روحية ودينية. إلا أنه من جهة أولى من المفروض أن النهضة الروحية والدينية ينبغي أن يتمخض عنها سمو في الروح وفي الأخلاق فتزداد الفضيلة والحب والإخاء ونشر السلام بين البشر وبين أفراد المجتمع. وهذا هو التدين الصادق. ولا يصح أن تسفر النهضة عن زرع كراهية وقتل أو سفك دماء. لأنها تكون بذلك بعيدة عن روح الله الوديع والمحب حتى للخطاة الذين يريد توبتهم وليس هلاكهم. ومن جهة ثانية إن الوسائل الحسية والأنشطة الظاهرية في المسيحية كما في أي دين ما هي إلا مجرد عامل مساعد على الاندماج في ممارسة الحياة الدينية وشعائرها وطقوسها. أما الوشائج الأكثر فاعلية في الإيمان بالمسيح فتقوم في عاملين مستترين، أولهما: هو عمل الروح القدس في الإنسان بدءًا من قبوله الإيمان إلى تثبيته في الإيمان إلى فعالية وسائط النعمة في حياته. وثانيهما هو محبة الإنسان للمسيح القائمة على محبة المسيح السابقة له في بذل ذاته عنه لنجاته من الموت وإعطائه حياة أبدية. هذا هو سر قوة الإيمان بالمسيح وعدم التفريط فيه بل والشهادة من أجله حتى الدم. البرهان الثالث: ظهور النور من قبر السيد المسيح: إنه برهان عملي محسوس ومنظور على مستوى كل العالم على صحة الإيمان المسيحي ذلك هو شهادة الله له بظهور نور من قبر السيد المسيح في سبت النور لعيد القيامة كل عام، وإشعال الشموع منه وتوزيعها على كل الموجودين من مندوبي كنائس العالم. وهذا أمر ليس مخفيًا على أحد ومكشوف لكل العالم. وظهور النور من قبر بعينه دونًا عن سائر قبور البشر يدل على أن صاحب هذا القبر كائن سماوي. ولكن من البديهي أنه ليس هناك كائن سماوي يدفن في قبر إلا إذا كان قد لبس جسدًا ومات ثم دفن. ومَنْ هذا يا تُرى غير كلمة الله الذي نزل من السماء وتجسد من العذراء وذاق الموت على الصليب ودُفِنَ ثم قام من الموت وترك القبر فارغًا، وجعل بزوغ النور منه في تذكار قيامته كل عام برهانًا على قيامته حقًا من الموت؟ وبرهانًا على صدق رسالته! البرهان الرابع: وجود الكفن المقدس: إن الكفن الذي كان ملفوفًا فيه جسد المسيح. أجرى عليه فريق من الباحثين وهم نخبة من علماء العالم دراسة علمية بأحدث الأجهزة التكنولوجية، أثبتوا فيها أن هذا هو كفن المسيح الذي يحمل كل علامات آلامه وصلبه. والكفن حقيقة قائمة وموجودة ويعتبر شهادة محسوسة ومنظورة. البرهان الخامس: ظهور السيدة العذراء: لا أحد ينكر حقيقة ظهور السيدة العذراء في مصر وفي أماكن متفرقة في أرجاء العالم المسيحي على مدى الأجيال المتعاقبة، ثم تكثيف ظهورها بجسمها النورانى على قباب الكنائس بجوار الصليب مرات عديدة في أماكن متفرقة من مصر في الفترة من أبريل 1968 إلى بداية عام 2001، واستمرار ظهورها يوميًا عدة ساعات من الليل مصحوبًا بظواهر سماوية من أنوار وسحب من البخور وحمام من نور. وكانت موضع رؤيةٍ ومشاهدةٍ من كل من يأتى ليراها من كل بقاع الأرض وخصوصًا من المصريين جميعًا الذين يقوم المشهد على أرضهم وفي سمائهم. ثم تجدد ظهورها عام 2002 في أسيوط. ومن بين الأجانب الذين عاينوها كاتب أمريكى معاصر يُدعى بول بيرى يُعِدُّ كتابًا عن "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر". كتبت عنه جريدة وطنى الأحد 18/8/2002 تحت عنوان "شهادة زائر أمريكى" قال "لقد أتيت إلى مصر. وفي يوم 4/4/2002 ذهبت إلى كنيسة القديس مرقس الرسول بأسيوط بمرافقة رجال الشرطة ووضعت الكاميرا فوق سيارة الشرطة المرافقة والتقطت صورة توضح سيلًا من أمواج برتقالية لنور غامض يغطى إحدى منارات الكنيسة. إن مصدر هذا النور بلا شك سماوي. وأريت الصورة لمرافقىَّ الذين قالوا إنهم شاهدوا العذراء في هذه الكنيسة. لقد التقطتها بعد غروب الشمس بزمن طويل. فليس هناك احتمال أن تكون هذه الموجات النورانية قادمة من الشمس. فهل تود العذراء أن تخبرنى بشيءٍ ما تجاه هذه الظواهر الروحية وعلاقتها بدير العذراء وبرحلة العائلة المقدسة؟". إن هذا الظهور للعذراء وغيره من الظهورات يحمل تعزية وتشجيعًا وتثبيتًا للإيمان باعتباره انكشافًا على العالم غير المنظور ورؤية للسماء بمن فيها. لأن ظهور العذراء في عالمنا هذا يشبه ظهور كائن لنا من كوكب آخر، حاملًا معه دليلًا على وجود حياة وكائنات مماثلة فوق ذلك الكوكب. فهل هناك أكثر من انكشاف السماء على الأرض بظهور العذراء يقينًا على صحة الإيمان المسيحي؟ فماذا يعمل المسيح مع شعب مصر بالذات لكي يعلن لهم ذاته ويقوى إيمانهم به أكثر من أنه يفتقدهم بين حين وآخر بإرسال أمه العذراء رسولًا عنه من السماء، تظهر على قباب الكنائس وتنحنى أمام الصليب وتصنع كل خير مع جميع المصريين الذين يطلبونها بلجاجة دون تفرقة بينهم؟. البرهان السادس: المعجزات الكبرى على مر التاريخ: يذكر التاريخ معجزات كبرى تمت على مشهد من ولاة مصر على مر العصور نذكر منها على سبيل المثال: نقل الجبل المقطم في حكم المعز لدين الله الفاطمى، وفيضان النيل في عهد محمد على باشا، والتأكد من ظهور النور من قبر المسيح في القدس أمام إبراهيم باشا بن محمد على باشا. ولربما رأى الله أن أسلوب مثل هذه المعجزات الكبرى التي كان يجريها في العصور السابقة لا ينفع للجيل المعاصر، إذ يمكن إنكاره كما يمكن التفنن في تفسيره بمختلف الأساليب التي تبعد عنه صفة المعجزة. لذلك استخدم الله أسلوب ظهور السيدة العذراء التي لو صوبوا إليها دانات أعظم مدافع العالم فسوف لا تصيبها بأذى وتظل تبهر بأنوارها عيون القلوب الجاحدة والعقول الرافضة. ولعل واحدًا لا يستريح لهذه البراهين الدامغة لأنه لا يريد أن يصدق يقين إيماننا. فيسرح في غياهب الفكر ويشحذ أقوى الهمم وأشد العزائم ويظهر ذاته كأحكم فيلسوف وأنضج عالم لكي ينتهى أخيرًا إلى أتفه الكلمات لكي يهدم بها أدلة تنير عينى الأعمى. وذلك مثل الشخص الذي انبرى يتحدى العالم كله بكتاب يباع بأكشاك باعة الصحف وعلى أرصفة الشوارع يصف ظهور العذراء في الزيتون بأنه خرافة، هذا الظهور الذي شاهده ألوف البشر من جميع أنحاء العالم. ويا تُرى ما هو موقف هذا الشخص عندما أرادت السماء تكذيب ادعاءاته بظهورات للعذراء متتالية وفي أماكن متفرقة في مصر بعد ظهور الزيتون؟ وبالمناسبة نذكر ما جاء في جريدة وطنى الأحد 28/7/2002 في مقال عن وضع الأقباط قبل وبعد ثورة 23 يوليو تحت جزئية إيجابيات يتذكرها الأقباط لعبد الناصر: بند رقم 8- زيارة عبد الناصر لمشاهدة ظهور العذراء بالزيتون وبعد التأكد من رؤيتها أصدر الاتحاد الاشتراكى بيانًا يؤكد هذا الظهور. ونذكر أيضًا ما جاء بنفس الجريدة الأحد 16/6/2002 بقلم لواء متقاعد / وجيه توفيق في ركن "بريد وطنى" تحت عنوان "ادعاء سفير سابق" وهذا نصه (جاء في برنامج الحلقات السرية للثورة المصرية الذي يعده ويقدمه الأستاذ طارق حبيب في قناة "دريم" مساء السبت 18/5/2002 على لسان السفير السابق حسين أحمد أمين بأن ظهورات السيدة العذراء القديسة مريم عام 1968 كانت بمعرفة أفراد متخصصين في الليزر. ولم تكن ظهورات حقيقية وذلك لإلهاء الشعب عن هزيمة يونيو 1967 وإن كان الأستاذ طارق للأسف لم يعلق على هذا الادعاء فإنى أبادر بتوضيح الآتى: بظهور السيدة القديسة العذراء مريم بكنيستها في الزيتون اعتبارًا من 2 أبريل 1968 حدثت معجزات كثيرة مع الإخوة المسلمين والمسيحيين مدونة ومسجلة بمعرفتهم. شاهد هذه الظهورات كما هو معروف الرئيس الراحل عبد الناصر وكثير من أعضاء مجلس الوزراء وقتئذ. بعد زيارة الرئيس جمال عبد الناصر صَدَّق على تخصيص الأرض المواجهة لكنيسة القديسة العذراء مريم بالزيتون والتي كانت جراجًا لهيئة النقل العام لتقام عليها كاتدرائية للقديسة العذراء. وهذا ما تم فعلًا. شاهد هذه الظهورات أعداد غفيرة من الشعب بجميع فئاته ومراسلو الصحف والإذاعة والتليفزيون من جميع أنحاء العالم. ولا يعقل أنه تم تضليل كل هؤلاء. ولم يحدث أن زعم أحدهم أن هذا الظهور غير حقيقى. لم يكن في ذلك الوقت من عام 1968 قد ظهر استخدام الليزر في مصر. وبالمناسبة نريد شاكرين للسيد السفير حسين أحمد أمين تكليف شقيقه المتخصص في علوم الليزر بعد 35 عامًا من التقدم في استخدامه أن يُظهر لنا السيدة العذراء في المكان والزمان الذي يحددهما). انتهى. ألا تكفى كل هذه البراهين لتكذيب الذين يكذبون حقيقة ظهور العذراء؟ إنه أمر يدعو إلى العجب أن يُكَذِّب إنسان ما سجلته الصحف والمجلات القومية وما اعترفت به الهيئات الرسمية عن ظهورات السيدة العذراء. إن ظهورات العذراء لو لم تكن حقيقية لقامت وسائل الإعلام بتكذيبها. بل ولَمَا سكتت الحكومة عن توجيه الاتهام إلى أقباط مصر بالتضليل والادعاء الكاذب. فهل هؤلاء المنكرون لا يخافون الله. وهل تعصبهم يدفعهم إلى تحدى الله وطمس شهادته للإيمان المسيحي؟ إن من يعرف أكثر يُدان أكثر. وقد أظهر المسيح معرفته للمصريين أكثر من أي شعب آخر وأعلن لهم ذاته رؤيا العين بنزول أمه العذراء من السماء وظهورها على مرأى من الجميع. لذلك فإن الله شاهد عليهم على هذه المعرفة. وإن كُممت أفواه جميع أقباط مصر فإن السماء لا تفتأ أن تتكلم. والمسيح لا يتوانى عن أن يعلن ذاته. والله لا يتأخر عن أن يشهد لأقباطه بأن إلههم حى، وإن كان ساكنًا في السماء ولكنه يرعاهم بعين عنايته على الأرض. إننا لا نطالب أحدًا بالإيمان بعقيدتنا لأننا نعلم الحكمة من هذه الظهورات وهذه الأدلة المحسوسة لإيماننا وأنها تخصنا نحن أكثر من غيرنا. ولأن الذين لا يريدون أن يؤمنوا سوف لا يؤمنون حسب قول المسيح له المجد إنه حتى لو قام واحد من الأموات فإنهم لا يصدقون (لو16: 31). ولكن ما نريده فقط هو أن نؤكد للعالم أننا نثق في إيماننا أكثر من ثقتنا بأنفسنا قائلين مع القديس بولس "إنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رو 8: 37 39). البرهان السابع: تطلع الكثيرين للنهج على درب المسيحية: من البراهين القوية على صدق المسيحية تطلع كثير من الشعوب وأصحاب الديانات إلى اقتفاء أثر روحانياتها وفضائلها وأساليب عباداتها وتشريعات أحوالها الشخصية وأنشطتها الاجتماعية وطقوس أفراحها وأحزانها وحياتها الجمالية من رسم ونحت وتصوير وموسيقى وألحان وعمارة وزخرفة وبهذا التطلع بدأت بعض الديانات تلبس ثوب المسيحية الكاملة وهذا كله تمهيدٌ لانضمامهم لحظيرة الإيمان بالمسيح تحقيقًا لما تنبأ به في قوله "لى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغى أن آتى بتلك أيضًا فتسمع صوتى وتكون رعية واحدة وراع واحد" (يو10: 16). وليس غريبًا تحقيق هذه النبوة لأن المسيح أكدها في قوله "إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات" (مت8: 11). وبرجوع كثيرين للإيمان بالمسيح يحل السلام في العالم كما رنمت الملائكة يوم ميلاده "وعلى الأرض السلام" (لو2: 14). وهكذا أيضًا عند مجيئه الثاني للدينونة. وسيتم هذا بعد أن تنتهى كل قوى الشر المعادية للسلام ولابد أن تنتهى. وإن كان من المسلمات الإيمانية أن من الله البداية وإليه تكون النهاية. فإن كان قد بدأ العالم بكلمته فلابد أن ينهيه بكلمته أيضًا. وإن كان المسيح هو كلمة الله الذي بُدِئَ به العالم فلابد أن ينتهى به العالم أيضًا كما قال له المجد "أنا هو الألف والياء البداية والنهاية الأول والآخر" (رؤ22: 13). أي أن ينتهى العالم بسيادة الإيمان به على الأرض. ولعل الله يوجه دفة تاريخ العالم لكي يؤول إلى هذه النهاية. |
رد: كتاب سؤال وجواب - القمص صليب حكيم
خاتمة إن الردود التي عرضناها في هذا الكتيب ما هي إلا تعريف موجز ومقتضب، ويعتبر قطرة من بحر من معارف إيماننا وعقائدنا وروحانياتنا بخلاف أسرارنا المقدسة. ولعلها تفتح أمامك طريقا لطلب الاستزادة. فالمعرفة الروحية هي نافذة على عالم الأبدية. وكلما زادت كلما اتسعت فتحة النافذة وزادت الرؤية على ما هو غير منظور. إلا أن المعرفة ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لبلوغ سعادتك باستثمارها في حياتك. وذلك بأن تكون منهجًا لك. فتصبح أعمالك وسلوكياتك كتابًا مفتوحًا أمام الجميع يقرأون فيه ما تكنزه في داخلك من معرفة. فتصير كارزًا بعملك أكثر مما بكلمتك. أما من جهة مجتمعنا فما نتطلع إليه هو التعاون بين أصحاب الديانات على دعم الأخلاق والعمل الصالح لأنه أنفع لمجتمعنا لسلامه ورخائه. أما العقائد كإيمان بمسلمات إلهية معينة فهي شيء خاص بين الإنسان وإلهه. وبصفته الشخصية في ذاته إن كان يؤمن بها أو يتشكك فيها. وعليه أن يحتفظ بها لذاته ويحترم عقيدة الآخر ولا داعي لمحاورات بقصد هدم دين الآخر أو تغيير هذا الآخر عن دينه وما تتصف به هذه المحاورات من عنف وعصبية تؤدى إلى شحن النفوس بالعداوة والحقد والكراهية مما ينعكس سلبيًا على سلام المجتمع. ويقول فضيلة الدكتور محمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر "الحوار إنما هو حوار بين أهل الأديان بمعنى أن نتعايش جميعًا بأن نكون عباد الله إخوانًا، والأديان مختلفة والعقائد متباينة ولا يمكن التنازل عنها بحالٍ من الأحوال. فنحن نتحاور من أجل أن نعيش مُتسالمين أو مُسالمين"(1). وما يجب أن ننتبه إليه هو أننا كلنا نجابه عاملًا مشتركًا له تأثيره الفعال على سلوكيات مجتمعنا في القريب والبعيد، وهو خطورة التيارات الواردة بما تحمله من قيم الحرية واستغلال إبليس لها لتوظيفها مع ميول الإنسان الطبيعية والغريزية، وما يمكن أن تجلبه من متاعب لمجتمعنا ككل. والكل يلاحظ أن تصدير الجريمة والإباحية عبر وسائل الاتصالات المختلفة هي سبب قوى في انتشار الجريمة ونموها في مجتمعنا،ولا نريد أن يعانى هذا المجتمع من زيادة في نسبة الجريمة أو تنوعها بين الكبار والصغار وبين المتعلمين والأميين على السواء. أو تتردد الشكوى من سلوكيات النشء في مختلف مراحل العمر. كما لا يصح أن نزكى دافع التعصب وخصوصًا أن تاريخ الشعوب يرينا الأثر السلبي والسيئ لظاهرة التعصب الديني في خلق المناوشات والعداوات والأحقاد والكراهيات. وكم ينتج عنها من مصادمات دامية وانهيار اقتصادي وقلاقل سياسية وتخلف اجتماعي! |
الساعة الآن 07:56 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025