منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 06 - 2013, 04:13 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,056

داود وضعفاته المحزنة
داود ومدارسه الكبرى
لست أدري لم حرص الكتاب المقدس على أن يبرز ضعفات داود، ومنها ما لا يسقط فيه أبسط المؤمنين وأضعفهم؟!! أغلب الظن أن الكتاب أراد أن يحذرنا جميعاً (أقوياء وضعفاء) بأن قتلى الخطية أقوياء، وأنه لم ينتصر عليها في الأرض سوى شخص واحد، قال: “من منكم يبكتني على خطية” وأننا ينبغي أن نجاهد حتى الدم ضد مكرها، وختلها، وكذبها، وغدرها، وسلطانها،.. على أنه في الوقت نفسه أعطانا أنشودة الرجاء، لأنه ليس المهم –كما قال أحدهم- أن يسقط المرء كما سقط داود سقطته الشنيعة، التي لم يعرف شاول بن قيس مثيلاً لها، لكن الأهم أن شاول بن قيس لم يعرف في حياته المزمور الحادي والخمسين مزمور التوبة أمام الله… وعندما نتحدث عن خطايا لنكن مشبعين بالحذر، وبالرجاء أيضاً!!.. ولنعلم أننا ضعفاء مثله، وأقوياء بالرب أيضاً عندما نلوذ برحمته وإحسانه وجوده!!..
ضعف الإيمان
وهل رأيت العملاق، وهو يواجه الدب والأسد، وجليات، والقائل إن نزل على جيش لا أخاف؟؟ هذا العملاق، عندما يطارد شاول ويصيبه الإعياء، يضعف ويصبح واحداً منا، ويقول ليوناثان بن داود "كخطوة بيني وبين الموت"، وعندما يذهب إلى أخيش ملك جت، ويسمع الملك من عبيده: "أليس هذا داود ملك الأرض، أليس لهذا كن يغنين في الرقص قائلاً ضرب شاول ألوفه وداود ربواته، فوضع داود هذا الكلام في قلبه وخاف جداً من أخيش ملك جت فغير عقله في أعنيهم وتظاهر بالجنون بين أيديهم وأخذ يخربش على مصاريع الباب ويسيل ريقه على لحيته فقال لعبيده هوذا ترون الرجل مجنوناً فلماذا تأتون به إلى العلي محتاج إلى مجانين حتى أتيتم بهذا ليتجنن علي، أهذا يدخل بيتي"..
وأكثر من هذا أن الرجل بعد فترة من الزمن عاد إلى أخيش، وأعطاه أخيش صقلغ، وكاد يحارب مع أخيش ضد شعبه وقومه،.. وهي فترات قاسية مظلمة ليس من السهل تصورها،.. ولكنها الصورة المحزنة عندما يضعف الإيمان في حياة الإنسان حتى ينقذه الله مرات أخرى ليعود إلى إيمانه الأول القديم!!..
ضعف التسامح
ومع أن هذا الرجل كان صارم العدالة مع العماليقي الذي ادعى أنه قتل شاول وحمل إليه سلاحه، ومع الاثنين اللذين قتلا ابن شاول غدرا وغيلة تقرباً منه، إلا أن عواطفه تذبذبت مع ابنه أبشالوم صعوداً ونزولاً، فالولد إذ يقتل أخاه ويهرب، يعاوده الحنين من ناحيته، وإذ يعود بوساطة يوآب يسامحه داود بشرط ألا يرى وجهه، وإذ يثور عليه، ويعلن الفتنة ضده، لا يستطيع تنفيذ العدالة كاملة، كما فعلها يوآب، بل يبكي على ابنه ويتمنى لو ذهب هو مكانه في الموت،.. ومع أنه حلف لشمعي بين جيرة الذي لعنه قاسية ألا يموت، إلا أنه لم ينس إلى الموت هذه اللعنة، وطلب من سليمان أن يتعامل معه بالحكم التي تحدر شيبته إلى الهاوية، ومع أن يوآب خدمه خدمات لا يمكن أن تنسى، إلا أنه لم يستطع نسيان ما عاناه منه، وضم هذا إلى دم أبنير بن نير وعماسا بن يثر، وطلب من ابنه أن يتعامل معه بالصورة التي تحدر شيبته إلى الهاوية أيضاً!!.. ومع أن الكثيرين من الشراح يلفتون أنظارنا إلى أنه من الخطأ أن نحكم على داود وتصرفاته، بما علمنا إياه ابنه العظيم سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول..." .. وأن داود في الكثير من هذه الأوضاع كان يتكلم بصفته الحاكم العادل الذي ينبغي أن يقتص عدالة الله من المذنب والمجرم ، وأنه وإن كان قد سمح لشمعي بن جير أن يعود إلى بيته بقسم لا يستطيع تجاوزه، لكن شمعي كان ظالماً ينبغي أن ينال عقابه ولو بعد زمن لا لأنه أهان إنساناً، بل لأنه افترى على مسيح الرب بكل افتراء وتضليل، وأنه وإن كان قد أخذته الشفقة على ابنه فإنه كان يمثل صراع العدالة والحب في قلب ملك وأب في نفس الوقت!!.. أياً كان هذا كله، فإن الرجل كان أضعف من أن يصل إلى رحمة ذاك الذي قال عن صالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون!!.. وأن المسيحية في شوطها الطويل نحو الغفران، كان لابد أن تصل إلى نور الظهيرة إذا قورنت بالشفق الجميل يظهر ساعة الشروق!!.. وأن داود مهما وصل في سمو نفسه، فهو واحد منا نحن الضعفاء الذين تتذبذب عواطفنا، بين السمو والانحدار،.. وأنه واجبنا الدائم أن ننتصر على الإنسان الضعيف فينا، لئلا نصل في ضعفنا إلى طلب القضاء على خصومنا ونحن على أبواب الموت والنهاية الأرضية..
السقطة الكبرى
على أن هذه كلها، مهما كانت محزنة ومؤلمة، لا شيء على الإطلاق إلى جانب سقطته، بل وصمته الكبرى التي هوى فيها من القمة إلى القاع، في لحظة واحدة، وقد حرص الكتاب على تدوين القصة بكل بشاعتها ولوثتها وخستها، لكي تبقى مدى الأجيال عظة للأقوياء قبل الضعفاء، وللجبابرة قبل العاديين وللذين يأخذون المراكز في الصفوف قبل الذين هم في آخر الصفوف، أنه لا توجد في الإنسان مناعة ضد ميكروب الخطية، .. وأن جراثيمها يمكن أن تتكاثر وتسقط أعظم الأبطال، لولا رحمة الله ونعمته،.. ولقد عرف الشيطان كيف يأتي إلى الرجل، لقد جاءه في وقت الفراغ، وربما إهمال الواجب،.. كانت هناك معركة، ولو قاد داود الجيش، وقاتل في المعركة، لنجا،.. لكنه ترك غيره يؤدي الواجب، وصعد هو إلى أعلى السطح، ليرى امرأة تستحم، ومهما يكن جمال هذه المرأة، فإنها نعجة، لا يمكن أن تكون أجمل وأندر من النعاج الأخرى التي تملأ بيته،.. ولكنها الغريزة القبيحة في الإنسان التي تجعله يرى الممنوع -مرغوباً فيه، منذ ذلك اليوم الذي فيه أكل آدم من الشجرة الوحيدة المحرمة، دون أشجار الجنة العديدة الحلوة الشهية الثمر،... إلى أي حد كان بيت أوريا قريباً من بيت داود، لست أعلم!!؟.. لكنه يبدو أن التجربة كانت أقرب إليه بالكيفية التي خدرته، ولم يستطع معها محاولة الهروب،.. لكن لكن الأمر كان أفظع وأشد أو كما يقول توماس جودين في دراسته العميقة عن "تعدي الخطية": أنه أمر أوريا أكثر من "بثشبع" الذي أوقد غضب الله ضد داود،.. فإذا كانت الخطية قد فاجأته مع بثشبع، وأنه غلب منها بعنصر المباغتة والمفاجأة، فإن الأمر لم يكن هكذا بالنسبة لأوريا، ورفض الذهاب إلى بيته، فإذا لم يفلح التمويه، فلتكن القسوة الشديدة التي تترك البطل في مواجهة الحرب، مع التوصية بالتخلي عنه وتركه ليواجه الموت!!.. إن الخطية، تجر في ذيلها دائماً خطايا كثيرة متعددة، أشنع وأرهب وطريقها دائماً منزلق يسقط القديس الجالس على القمة إلى المنحدر الرهيب،.. والتستر على الخطية، يضيف إليها، خطايا أخرى متعددة، الكذب والغدر والنفاق والقسوة والكبرياء، والرياء،.. وأشر ما في الأمر أن داود استمر على هذا الحال ما يقرب من سنة حتى ولد الولد، وجاءه ناثان النبي،.. هل ذهب إلى بيت الله، هل رنم مع المرنمين؟؟ هل صلى مع المصلين؟؟ إننا نحمد الله كثيراً لأنه لم يترك مزموراً من مزاميره الخالدة في فترة الإثم،.. لقد تحطم تماماً، وعندما غنى مزمور التوبة العظيم كانت طلبته إلى الله "رد لي بهجة خلاصك" لأن الرجل لم تعد تحلو له القيثارة المغنية، ولم يعد له الصوت الطروب، ولم تعد له نقاوة القداسة، لقد أضحى صورة مخدوعة مخادعة للكثيرين والكثيرات!!..
كانت خطيته شنيعة هيهات أن تقتصر عليه، بل تجاوزت الظلام، لأنه ليس خفي لا يعرف ولا مكتوم لا يعلن أو يكشف، وكانت عثرة رهيبة للكثيرين من ذوي الإيمان النقي، وكانت شماتة وسخرية من أعداء الله والحق، وعلى قدر ما يأخذ الإنسان من امتياز ويتحمل من مسئولية على قدر ما تكون خطيته، لقد كانت خطية بيلاطس البنطي عظيمة جداً، لكن المسيح مع ذلك قال له: "لذلك أسلم إليه له خطية أعظم" لأن الذي يودعونه كثيراً يطالبونه بأكثر!!..
لماذا لم ينهض من تلقاء نفسه، ولما انتظر سنة بأكملها حتى جاءه ناثان النبي، أغلب الظن أنه كان أشبه بالوعل في الشبكة، أو العصفور في القفص، أو السمكة في السنارة،.. عندما ثار عليه الضمير، تصوره البعض يحاول مستميتاً أن يثبت أنه لم يفعل شيئاً،.. إنه ملك، وحقه على الرعايا لا ينازع فيه أحد، سواء كانت بثشبع أو أوريا، وله أن يتصرف فيهما كما يشاء أو يريد،.. ثم إنه لم يقتل أوريا، ولم تمتد عليه يد إسرائيل، بل قتل في الحرب، وحتى لو ذهب إلى أقسى مكان، فإن الله لو أراد له أن يحيا لأبقاه، والأرواح كلها بيد الله،.. وعندما مات لم يتنكر لزوجته فقد ضمها إليه، ورفعها إلى مركز الملكات، والوليد الذي جاء منها اعترف به، وأحبه، وتمنى أن يعيش!!... كل هذه وغيرها كانت بعض خياله حتى جاءه الحق أبلج كالنور ليقول: أنت هو الرجل!!..
إن السؤال الآخر الذي يمكن أن تلقيه علينا هذه القصة. كيف تاب داود، وما عناصر توبته الصحيحة؟!!.. من الغريب جداً أن داود يعتبر الشخص الثالث في هذه التوبة، وليس الأول أو الثاني،.. إن الأول هو الله الذي مد يده إلى الأسير في الخطية والله دائماً هو المحرك الأول لكل توبة في حياة الإنسان، ألم يقل إفرايم في لغة إرميا: "توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي" وألم يقل الرسول بولس: "لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون".. والله دائماً هو الأعظم ألما، والأكثر رغبة، في أن ننهض من آثامنا، ونقوم من خطايانا،.. وكان الشخص الثاني ناثان النبي، ولم يتحرك ناثان من تلقاء نفسه بل حركة الله: "فأرسل الرب ناثان إلى داود".. وكان ناثان من أبرع الناس وأحكمهم وأشجعهم، والمثل الذي ينبغي أن يحتذى عندما يحمل المرء رسالة الله للناس، أن الشجاعة لابد أن تكون مقرونة بالحكمة والحكمة لابد أن تكون متسمة بالشجاعة، ونحن نعظهم أو نوبخهم، والله لا يطالبنا أن نكون مندفعين بدعوى الشجاعة أو الصراحة، ونحن نكلم الناس عن خطاياهم لأن رابح النفوس،.. وقد قال سقراط في بعض حكمه إذا وجدت ثوراً هائجاً، فليس من الشجاعة أن تقف في طريقه معرضاً صدرك لقرونه، بل إن الشجاعة أن تعرف كيف تقيده بالحرص والحكمة!!.. وكم يخطي بعض الوعاظ أو الخدام، أنه ما دامت هناك خطية ليقذفها الإنسان بكل حجر ممكن،.. لقد قتل داود جليات بحجر أملس، وقد جاءه هنا الحجر الأملس القاتل للخطية، من فم ناثان،.. لقد جهزه بالقصة المثيرة عن العدالة، وإذ رفع فيه روح العدالة، لم يفزع بعد ذلك، حتى ولو وضع رأسه على كفه أن يقول له: أنت هو الرجل!!.. كان دادو محظوظاً بإلهه، وكان داود محظوظاً بالواعظ الشجاع الحكيم الذي أيقظ إحساسه بالتوبة، ليكتب مزموره العظيم المزمور الحادي والخمسين، ولعلنا نلاحظ أن هذا المزمور قد سلم لإمام المغنيين، ليكون اعترافاً علنياً أمام الله والناس بالتوبة الصادقة!!..
ولعله من الغريب أن تلاحظ أن داود قال في المزمور: "إليك وحدك أخطأت" مع أنه أخطأ إلى بثشبع، وإلى أوريا، وإلى الأمة، ولكنه لم ير واحداً منها جميعاً، لأنها ابتلعت جميعها في الخطية أمام الله، وهو لم يعد يرى في الوجود كله، إلا الخطية، والخاطيء، والله، وخطيته أمام الله تجب كما يقولون رجال القانون كل خطية، وتحتويها، وتتضمنها،.. ومن الغريب أن هذا هو إحساس بولس عندما ركز النظر في خطيته بكيفية لم يعد يرى خاطئاً آخر أثقل منه وأرهب، وصاح: "صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا..".
لم يكن داود في مزموره يبالي بما يصنعه الله به، أو أي عقوبة يوقعها عليه، إنما كان يعينه شيء واحد لا غير أن لا يطرح من أمام الله، أو يبعد عن وجهه: "لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني"...
لم تكن الخطية منفردة، بل مست الأمة كلها، وحتى لا يتصور الناس أن الله لا يبالي بالخطية، حفظ الله روحه، وكشف في الوقت نفسه عن عدالته الصحيحة، فإذا كان قد قتل أوريا بسيف بني عمون، فسيلحق السيف بيته إلى الأبد، وإذا كان قد ارتكب الخطية في جنح الظلام، فسيأتي أقرب الناس إليه ليضطجع مع نسائه في وضح النهار، وتحت عين الشمس!!..
كان الله صادقاً، وكان عادلاً، وكان محباً،.. ومات الولد، لكن من العجيب، أن أخاه سليمان سيكون هو المختار للملكة من بين أبناء داود، والذي من نسله يأتي المسيح مخلص العالم!!..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
داود والسقطة الكبرى
أبانا الذي ف السموات داوى الذين كسرتهم الحياة داوى المجروحين
من رموز مريم العذراء في العهد القديم برج داود الحصين ومقلاع داود
سقطة داود الكبرى
داود ومدارسه الكبرى


الساعة الآن 11:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024