عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 04 - 2017, 08:23 AM
الصورة الرمزية walaa farouk
 
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  walaa farouk غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 348,972

مريم العذراء كوكب مضيء في ليلة مظلمة


مريم العذراء كوكب مضيء في ليلة مظلمة
كانت تسير في خُطوات هادئة من شدَّة التعب، تُغطي وجهها الذابل من الحزن، وكانت تتفرّس في ابنها وهى متوجِّعة القلب، لقد بلغها سيف الألم كما قال لها سمعان الشيخ يوم ميلاد يسوع: " وَأَنْتِ أَيْضا يَجُوزُ في نَفْسِكِ سَيْفٌ " (لو2: 35).
عَبَرَ الحزن في نفس الأُم الطاهرة على وحيدها، ولم تقدر أن تتقدّم إليه عندما كانوا يستهزئون به، فصرخت في قلبها ولم تفتح فاها لئلا يسمع أحد رعد ألمها.. لقد عجزت الأم أن تُخفف آلام ابنها، فما وصل إليه من الإنكار يؤلمها كما يؤلمه، وما احتمله من عذابات حملته في قلبها! لقد كانت عيناها عالقتين به لا تتحوَّلان عنه، وعيناه الداميتان لا تتحوَّلان عنها، لم يتكلَّما معاً! ولكن كم من أشياء تخاطب بها قلباهما الحزين في ذلك اللقاء؟! ويبقى السؤال: كيف احتملت الحمامة الوديعة أن ترى ابنها الوحيد متألِّماً؟! لابد أنَّها كانت تعرف أنَّ في عذابه وموته حياة للبشر‍‍‍‍‍!
إنني أرى مريم وقد تضخّم قلبها بدماء الألم، لقد كان حُزنها على ابنها شديداً، فكانت تُحدِّق فيه طويلاً ثم ترفع وجهها إلى أعلى، فتتأمّل السماء البعيدة وهى مُنذهلة، وكأنّها ترى رؤى سماويّة، وقد كان بينها وبين صالبيه، بين قلبها وقلبهم أودية عميقة، أو قل صحراء واسعة من الحزن والألم، لكنّها لم تكن تخشى ظلام الأشرار، لأنَّها كانت تؤمن أنَّ الليل وأشباحه لن تطول إقامتهما معها لأنَّ صباح القيامة قريب، ولهذا مشت مريم وراء ابنها برأس مرفوع، وعندما وصل الجمع إلى الجُلجُثة ورفعوا يسوع على الصليب، كان وجهها أشبه بمنظر الأرض المُثمرة، الَّتي تفرح بولادة البنين بغير انقطاع وتُقبرهم بلا ملل، طالما أنَّ في موتهم حياة لآخرين، فمريم الَّتي كانت في ربيع حياتها تراءت لي شيخة طاعنة في السن، لأنني رأيت حصاداً كثيراً في أشجارها وأزهاراً يانعة في ربيعها!
يُخيّل إلىَّ أنَّ مريم كانت تُناجي روحها فخراً بابنها الحبيب، فكانت تقول: أيها الرجل البار، الشُجاع الكامل، الَّذي زار بطني مرّة لم ولن تتكرر في بطون النساء، أؤمن أنَّ كل نقطة من دمك الطاهر المتساقط ستكون ينبوعاً، لأنَّ منها ستتكوّن أنهار الحياة الروحيّة لأُممٍ وشعوب، أنت الآن تموت في هذه العاصفة، ولكنِّي لن أحزن عليك أكثر من هذا لأنَّ في موتك حياة لكثيرين..
إنَّها مثال للأُم الَّتي تموت لتعطي الحياة لغيرها، تحيك من الخيوط ثوباً لن تلبسه، تلقي الشبكة لتمسك السمك الَّذي لن تأكله! لقد بكت ورنَّمت، سكبت دموع الحزن ولآليء الفرح، لأنَّها كانت هى الأُخرى في حاجة إلى الخلاص.. فهل رأيتم عُصفورة تُرنِّم وعِشَّها في الهواء
رد مع اقتباس